نجية جنة
الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 14:49
المحور:
الادب والفن
لقد شدني وأنا أقرأه نبض حرفه المنبعث من عمق إنساني ،أصيل ومن تجربة شخصية صادقة ، من عاطفة نبيلة يلفها الشوق نحو معبر آخر تحقق فيه ذاتها ، إن النص يجسد ذلك الصراع الأبدي الذي يقض مضجع الإنسان منذ ان وجد في علاقته بالطبيعة والإنسان ، الإنسان في مختلف مراتبه او مناصبه ، إنه صراع بين الضرورة واكراهات الحياة من جهة وبين الحرية والاختيار من جهة أخرى ، تقول :" نظراتك تسألني - دعي الكلام للقدر - ولا أحكي لك عن الضجر ، ضاقت مدينتي - ولكني أملك من الهم أكثر" . صراع بين الإرادة والعزيمة ومثبطات الحياة التي تكرسها ثقافة المجتمع والخوف من العقوق والتي تشرب بها وعيه ولا يملك لها دفعا .إنها تعكس جانبا من حياة الإنسان : من حيرة وعيه بوجوده وبمصيره ، إنه صراعه مع الذات ومع الآخر في سعيه المستمر للتخلص من رتابة الأيام ،ليستشرف آفاقا أرحب بتجارب أخرى علها تحرره من ما يعطل مسعاه ويرتهنه : لتقول ؛ " فلا أملك سوى ان ابحر ". وتزداد حيرتها أمام إصرار الأم ، فتقول"أنت وحدك المعبر -ولكني أملك من الهم أكثر ". وهكذا دواليك ، إنها الرغبة في الانعتاق من الشعور بالاختناق .
تلك هي الروح الشاعرية لدى الشاعرة التي لا يخطئها إدراك فنان ، إنه نبض الحرف بإيقاع شجي ، يؤثر في النفس وتنفعل به ، يحرك الوجدان ويطرب الآذان ، تنتقي من الكلام لما يليق به من مقام الأم لتقول : "مساؤك زعفران وعسل وعنبر-بدعائك يكابر نبضي ويصبر - دعي الكلام للقدر - أضناني الشوق وطرقات السفر" إلخ وهكذا تنتقل الشاعرة من البوح بما يليق بمقام الأم لتفجر معاناتها بكلام منضد كالنشيد موقع بلحن فريد ، في صور ناطقة بالحياة ترفل في حلل البلاغة والبيان باستعارات تستجيب لمقتضى الحال . إنها فلتة من فلتات الإبداع لا يتذوقها إلا من رام أن يستوعب مخزونها الذي يتسلل منسابا في الوجدان ، بقاموس عربي فصيح يعجز التعبير عنه اللسان ، طوبى لك بهذا النظم الفتان ،الذي ليخطئه عقل ولا جنان .
وإليك النص كاملا:
أمي
مساؤك زعفران وعسل وعنبر
بدعائك يكابر نبضي ويصبر
نظراتك تسألني
فلا أملك سوى أن أبحر
ولاأحكي لك عن الضجر
أمي....
دعي الكلام للقدر
ضاقت مدينتي
أضناني الشوق وطرقات السفر
أعود لنلتقي
ثم تلفني خيوط الشمس
لمغيب آخر
أمي....
أنت وحدك المعبر
ولكني أملك من الهم أكثر
ن.جنة 13-03-2015
#نجية_جنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟