|
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 09:45
المحور:
كتابات ساخرة
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
أولا: خصائص سوق العمل العراقي :- أن أبرز خصائص سوق العمل العراقي ارتفاع معدل نمو العرض من العمل نتيجة ارتفاع نمو السكان والقوة العاملة (ارتفاع نسبة السكان بعمر 15 سنة فأكثر من 54.6% عام 1985 إلى 60.5% عام 2011) في ظل تباطؤ نمو الطلب على العمل الناجم عن عدة عوامل أهمها ما يلي:- 1- نمط الإنتاج السائد:- من المعروف أن الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل كبير على قطاع النفط الخام، إذ يشكل هذا القطاع نسبة 54.4% من الناتج المحلي الإجمالي و97% من تمويل الموازنة عام 2011( ). ومن ثم فإن نمط الإنتاج السائد هو استهداف الريع النفطي ويترتب على ذلك زيادة مشكلة تباطؤ نمو الطلب على العمل. فهو من ناحية سيؤدي إلى إهمال البنى الإنتاجية للاقتصاد العراقي وقلة وتائر توسعها، ومن ناحية أخرى تقل فرص العمل التي يوفرها القطاع النفطي عن 1% من العمالة المتوافرة، إذ يعتمد أسلوب الإنتاج كثيف رأس المال.
2- انخفاض كفاءة الاستثمار:- إن التدمير الذي أصاب البنية التحتية للاقتصاد العراقي نتيجة الحروب التي خاضتها الدولة طيلة العقود الماضية، وتزايد الأنفاق العسكري على حساب الإنفاق الاستثماري، وغياب الاستثمار الأجنبي المعزز لمبدأ تشغيل قوة العمل الوطنية، وعجز مشاريع إعادة الأعمار عن توليد فرص عمل، وتزايد الديون الخارجية، وعدم فاعلية المنح والقروض الخارجية باتجاه توليد فرص العمل. فضلا عن ضعف الترابطات الخلفية والأمامية بين القطاعات الاقتصادية المحلية . كل ذلك ينعكس في انخفاض الكفاءة الاستثمارية في العراق وقدرتها على استيعاب قوة العمل المتنامية. فعلى سبيل المثال يلاحظ انخفاض الإنفاق الاستثماري كنسبة إلى النفقات العامة من 47% عام 1980 إلى 28% عام 2010. فضلا عن أن نسبة التنفيذ خلال المدتين (1980-2002) و(2004-2010) كانت في حدود 68% وتؤدي هذه التوليفة من العوامل إلى ضيق سوق العمل العراقي وقلة معدلات توسعه من خلال خلق فرص العمل الجديدة، مما يؤثر في معدلات البطالة. إذ بلغ معدل البطالة في العراق عام 1987 نسبة 3.6%، بسبب انخراط معظم قوة العمل في الجهاز العسكري نتيجة الحرب العراقية الإيرانية. إلا إن معدل البطالة ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف ونصف تقريبا عام 1997 إلى 13.6% .ووصل معدل البطالة إلى أعلى نسبة له عام 2003 إذ بلغ 28.1% عاطلاً عن العمل. وكان ذلك نتيجة للتغيرات التي طرأت عام 2003 على مستوى الدولة والاقتصاد، التي تمثلت بتوجه الحكومة نحو تفعيل دور القطاع الخاص في مجال الاستثمار وتهيئة فرص العمل مقابل تقليص دور الدولة في هذا المجال. وبدأ معدل البطالة العام بالانخفاض بعد عام 2005 إذ بلغ 18%، نتيجة لسياسة التشغيل التي تبنتها الدولة والهادفة إلى زيادة أعداد المشتغلين في الدولة والجهاز الأمني. واستمر بالانخفاض ليصل إلى 8.3% عام 2011، أي اقل بحوالي 20% مقارنة بعام 2003. نظرا للتدني الكبير الذي حصل في معدل بطالة الذكور، إذ انخفض من 30.2% عام 2003 إلى 7.4% عام 2011. ويضاعف من أثر هذه العوامل في معدلات البطالة انخفاض الإنتاجية للعامل، إذ يؤثر التعليم والتدريب في مستوى إنتاجية أفراد قوة العمل طرديا. ولكن بسبب عدم ربط التعليم باحتياجات سوق العمل، وضعف التدريب المستمر لزيادة كفاءة الباحثين عن العمل نتج عن ذلك استفحال مشكلة البطالة بين فئة الشباب 15-24 سنة ، فقد بلغت 18% عام 2011 .فضلا عن ذلك فإن المشكلة لا تكمن في انعدام فرص العمل وإنما في انتشار فرص العمل غير المنتجة بما يكفي لتوليد دخل لائق وفرص عمل جديدة لائقة. من خصائص سوق العمل العراقي أيضا هو تدني نسبة العاملين من السكان بعمر (15 سنة فأكثر) بشكل كبير، إذ يعمل نحو 38.9% فقط عام 2011 من العراقيين البالغين وتأتي هذه النسبة في المرتبة الثانية من الأسفل لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا( ). ويعزا سبب ذلك بدرجة أساسية إلى انخفاض مستوى مشاركة الإناث في قوة العمل-;---;--، إذ لا تتجاوز 11.6% مقابل نسبة 66.3% للذكور. ويلاحظ أن 57.6% من العراقيين هم خارج قوة العمل، نظرا لكون أكثر من نصف السكان فوق سن 15 هم من الإناث 51%، في حين نسبة 87% منهن خارج قوة العمل مقابل نسبة 28% من الذكور عام 2011 .
ثانيا: مؤشرات مساهمة المرأة العراقية في سوق العمل :- 1- مشاركة المرأة في سوق العمل:- يمثل السكان في سن العمل الطاقة الكامنة في المجتمع والقوى العاملة المتاحة في الاقتصاد التي تمثل أهم العوامل اللازمة لنمو الإنتاجية. ولنمو الإنتاجية لابد من تطوير المهارات في رأس المال البشري، إذ يؤدي العجز عن تعلم مهارات جديدة بسبب نقص التعليم أو انعدام الفرص إلى إبطاء نقل جميع عوامل الإنتاج من أنشطة ذات قيمة مضافة أدنى إلى أنشطة ذات قيمة مضافة أعلى . وفي العراق لا يتم الاستثمار الكامل للطاقات البشرية للسكان البالغين، إذ استنادا إلى مؤشرات الأيدي العاملة والحماية الاجتماعية الصادرة عن البنك الدولي، فإن هناك فجوة نوعية كبيرة في معدلات المشاركة الاقتصادية-;---;-- العراقية خلال المدة الزمنية (1990-2011) كما هو موضح في الجدول (1). إذ يلاحظ أن معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة قد ازداد خلال المدة المذكورة ولكن بتدرج بطيء. ففي عام 1990 بلغ معدل مشاركتها الاقتصادي 11% وخلال 21 عاما ازداد بنسبة 4% فقط، إذ بلغ 15% عام 2011 مقابل انخفاض بنسبة 2% في معدل المشاركة الاقتصادي للرجل للمدة نفسها من 71% عام 1990 إلى 69% عام 2011.
جدول(1) السكان بعمر (15سنة فأكثر) داخل قوة العمل في العراق للمدة الزمنية (1990-2011) (%) السنة ذكور إناث إجمالي السنة ذكور إناث إجمالي 1990 71 11 40 2001 69 13 40 1991 71 11 40 2002 69 13 40 1992 71 11 40 2003 69 13 40 1993 70 11 40 2004 68 13 40 1994 70 12 40 2005 69 14 41 1995 70 12 40 2006 69 14 41 1996 70 12 40 2007 69 14 41 1997 70 12 40 2008 69 14 41 1998 70 12 40 2009 69 14 41 1999 70 12 40 2010 69 14 41 2000 69 13 40 2011 69 15 42 المصدر:- البنك الدولي، مؤشرات المساواة بين الجنسين، متوافر على الموقع الالكتروني التالي:- http://data.albankaldawli.org
أما بيانات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية، فقد بينت أن هناك فجوة نوعية كبيرة في معدلات المشاركة للقوى العاملة العراقية أيضا خلال المدة الزمنية (2003-2011). إلا أن معدلات المشاركة الاقتصادية للمرأة اتصفت بالتذبذب خلال تلك المدة. إذ ارتفعت إلى أقصاها عام 2006 بواقع 20.6%، ثم عادت وانخفضت بشكل كبير إلى 12.8% عام 2007 وتمثل أدنى نسبة مشاركة اقتصادية للمرأة، ولم ترتفع إلا قليلا عام 2011 بنسبة 13.3%، وبلغت نسبتها من القوى العاملة-;---;-- 15.8% مقابل 84.2% للرجل للعام نفسه ، مما يعكس عدم توافر سياسة واضحة لمعالجة مشكلة انخفاض نسبة الإناث من إجمالي القوى العاملة خلال المدة (2003 – 2011)، وأن ارتفاع أو انخفاض معدلات مشاركتهن الاقتصادية يرجع لعوامل غير مباشرة مثل ارتفاع أجور القطاع الحكومي، توافر فرص عمل في القطاع الخاص وغيرها من العوامل ذات الأثر قصير المدى في رفع معدلات مشاركة الإناث الاقتصادية. ونتيجة لهذا التفاوت الكبير بين الجنسين في معدلات المشاركة في القوى العاملة، ظهر عدد من الآراء لتفسير انخفاض المشاركة الاقتصادية للمرأة العراقية داخل سوق العمل وهي :- أ- الثروة النفطية:- أوضحت الباحثة Michael L.Ross من جامعة كاليفورنيا، إنه عندما يكون للدول منخفضة ومتوسطة الدخل ثروة طبيعية مثل النفط أو أي من المعادن الأخرى، فإن ذلك يزيد من أعداد المصانع والمزارع غير المؤهلة. إذ تقلص النسب العالية من المداخيل التي لا تعتمد على الإنتاج (كعائدات النفط) من الحاجة إلى الدخل المعتمد على الإنتاج، مما يقلل من الاهتمام بتنوع الاقتصادات القائمة على النفط. أي إنه سيحد من فرص العمل المتاحة للمرأة في الزراعة والصناعة. فعلى سبيل المثال كانت نسبة النساء العراقيات العاملات في قطاع الصناعة عام 1987 هي 27%، إلا إنه بسبب الحروب و أعمال التخريب التي مرت بالعراق أصبحت غالبية المنشآت الصناعية غير مؤهلة. وبسبب تزايد اعتماد الاقتصاد العراقي على قطاع النفط، فقد أهملت السياسات والخطط الاقتصادية إعادة اعمار المنشآت التي دمرت. وأدى ذلك إلى انخفاض فرص العمل التي كان يوفرها القطاع الصناعي للمرأة، إذ بلغت نسبة العاملات في الصناعة 4% عام 2008 . فضلا عن ذلك فإن الصناعات النفطية تشغل عدداً قليلاً من الأيدي العاملة وتكون متحيزة ضد النساء بحكم طبيعة الأنشطة التي تتطلبها. إذ تتركز الصناعات النفطية عادة في المناطق النائية، ويتعرض العاملون فيها ولاسيما في مجال الاستكشاف وحفر الآبار إلى ظروف عمل قاسية، ومن ثم تكون فرص عمل النساء ضئيلة مقارنة بالرجال. فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة الموظفات في شركة نفط الجنوب حوالي 34% ، وفي شركة الحفر العراقية بلغت نسبة 3% فقط عام 2013 . وبسبب تفاعل الثروة النفطية مع النموذج التقليدي (الاعتراف بدور الرجل كمعيل وحيد للأسرة وأن عمل المرأة ثانوي وأقل أهمية) انبثقت بيئة لا تشجع النساء على العمل خارج المنزل. أي إنه عندما يكون دافع خروج المرأة للعمل هو تحقيق دخل إضافي للأسرة أو بوصفها العائل الوحيد، فلا تكون هناك ضرورة لعملها عند توافر المستوى المعيشي اللائق للأسرة. أن الارتفاع في المداخيل الناتج عن الثروة النفطية يسمح لعدد قليل من العمال بإعالة مجموعة كبيرة من الأفراد غير المنتجين، وبهذا تصبح الأسرة لا تحتاج إلى دخلين حتى تتمكن من رفع مستوى معيشتها. ولقد بينت نتائج الدراسة الاستطلاعية أن 58.7% من الموظفات المبحوثات كان سبب خروجهن للعمل هو أما لتحسين الوضع الاقتصادي للأسرة أو بسبب فقدان المعيل. وهذا يعني من ناحية أن عدم عمل المرأة خارج المنزل يرتبط بانخفاض المسؤولية التي تقع على عاتقها تجاه تحسين الإنتاجية وتحقيق التقدم الاقتصادي من أجل الصالح العام للمجتمع. وقد أشارت نتائج المسح المتكامل للأوضاع الاجتماعية والصحية للمرأة العراقية 2011 أن نسبة 57.8% من النساء اللواتي لا يعملن بأجر أرجعن عدم عملهن لمجموعة من الأسباب تتمثل بعدم الرغبة أو الانشغال بتربية الأطفال . ومن الناحية الأخرى أن المشاركة الاقتصادية للمرأة في سوق العمل هي حالة اضطرارية سوف تنتهي بزوال السبب، أو أن مشاركتها الاقتصادية هي عبارة عن ترجمة للاختلالات الهيكلية في سياسات التنمية. ومن ثم فهي لا تمثل التمكين الاقتصادي للمرأة.
ب- التمييز في أسواق العمل:- أن انخفاض المشاركة الاقتصادية للمرأة هو نتيجة لأنواع متعددة من التمييز داخل سوق العمل، تؤدي إلى خلق بيئة عمل مرهقة وغير ملبية لحاجات المرأة طوال مراحل حياتها المختلفة. مما لا يشجعها على العمل خارج المنزل. وفي سوق العمل العراقي يمكن ملاحظة نوعين من التمييز يتمثلان بالتمييز غير المباشر والتمييز المباشر. ويكون النوع الأول من التمييز هو الأكثر تأثيرا في عمل المرأة. وهو أما ينتج عن ظروف داخل العمل، مثل عدم توافر دار لرعاية الأطفال داخل موقع العمل في بعض الأحيان أو توافرها دون مراعاة الشروط المناسبة للعناية الكاملة بالطفل في أثناء مدة العمل. أو يكون التمييز غير المباشر ناتجاً عن ظروف خارج العمل ولكن تؤثر في صحة المرأة وقدرتها على الاستمرار بالعمل كالعنف الأسري والمسؤوليات العائلية التي تتحمل المرأة الأعباء الأكثر منها. أما التمييز المباشر فهو التمييز التي تتضمنه القوانين العراقية التي تعرقل مشاركة المرأة الاقتصادية، من خلال عدها معالة اقتصاديا وتشجيعها على اتخاذ هذا الدور وعدم التقدم في العمل. إذ تضمن قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 في المادة 12 السماح للأم لثلاث أطفال بالتقاعد المبكر من وظيفتها على شرط أن تنصرف لرعاية أطفالها، ومثل هذا القانون يؤكد على أن عمل المرأة بأجر مسؤولية ثانوية وأن مسؤوليتها الأولية هي إنجاب الأطفال ورعايتهم، ومن ثم ليس من الضروري أن تتطور في العمل وتحتل الوظائف المرتفعة الأجر وتتمكن اقتصادياً.
ح- تعليم المرأة:- يتعلق تدني مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية وزيادة البطالة بين صفوفها بعرض اليد العاملة الأنثوية، نتيجة لنقص المهارات والخبرة اللازمة لإيجاد فرص عمل. وذلك بسبب ارتفاع نسب ترك الإناث للتعليم عنها للذكور في كل المراحل الدراسية في العراق. فضلا عن ذلك ذكرت خطة التنمية الوطنية للسنوات 2010-2014، أن المرأة العراقية غالبا ما تنخرط في مجالات أو موضوعات الفنون والآداب، في حين ينخرط الرجل في مجالات العلوم والتكنولوجيا. وهذا يجعل الإناث في وضع لا يمكنهن من منافسة أقرانهن من الذكور في سوق العمل العراقي . إلا إنه حسب بيانات عام 2006 لنسب العاملين المتخرجين من مراكز التعليم التقني والمهني في العراق، وجد أن التخصصات التي ترتفع فيها نسبة الإناث هي العلوم والعلوم الصرفة 15.9% والإدارة والاقتصاد 13.4% مقابل 8.9% و10.2% على التوالي للذكور. أما المجال الذي تزداد فيه نسبة الذكور عن الإناث فهو الهندسة 20.6% والعلوم العسكرية 3.4% مقابل 5.7% و 0% على التوالي للإناث. وترتفع نسبة الإناث اللواتي يتخصصن في الحاسبات عن نسبة الذكور بواقع 2.5% للإناث و 1.4% للذكور أن معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة منخفضة لجميع مستويات التحصيل العلمي مقارنة بالرجل، إلا أن التفاوت يقل بين الجنسين عند مستوى التعليم دبلوم فأعلى بواقع معدل مشاركة في القوى العاملة 67.8% للمرأة و 89.3% للرجل. وذلك يشير إلى أن فرص عمل المرأة تزداد بعد إكمال مرحلة ابتدائية-إعدادية. كذلك يبين الجدول أن نسبة العاملات قد ازدادت للحاصلات على شهادة دبلوم فأعلى عن الحاصلات على شهادة ابتدائية أو إعدادية من 81.1% إلى 83%، في حين انخفض معدل البطالة من 14.9% لمستوى التعليم الابتدائي و إعدادية إلى 14.2% مستوى دبلوم فأعلى للمرأة. وهذا يثبت عدم تأثر سوق العمل العراقي بالمهارات التي تكتسبها الإناث أو المجالات التي يتخصصن بها من التعليم.
2- البنية الوظيفية في المجتمع العراقي:- تزداد نسبة عمل المرأة العراقية في القطاع الحكومي عن ما هو عليه في القطاع الخاص، إذ تبلغ 59.6% للأول و39.3% للثاني عام 2011. على عكس ما هو عليه الحال للرجل فقد بلغت 36.3% للقطاع العام مقابل 62.2% للقطاع الخاص للعام نفسه. ويمكن إرجاع السبب إلى جانبين الأول تفضيل المرأة للقطاع الحكومي، كون ظروف العمل في هذا القطاع عادة ما تكون أكثر مناسبة لظروف المرأة العراقية و خاصة من حيث مواعيد العمل والإجازات التي تمنح للنساء، فضلا عن ما يوفره القطاع الحكومي من الآمان الوظيفي و الضمان الاجتماعي. وذلك خلافا لما يتطلبه العمل في القطاع الخاص من التزامات زمنية قد تتعارض مع الالتزامات الأسرية للمرأة، وعدم توافر الاستقرار الوظيفي أو الراتب التقاعدي الذي يؤمن مستقبلها المادي عند التقدم في السن. إذ يلاحظ من بيانات تقسيم العاملين بأجر حسب الامتيازات المتوافرة في العمل مثل تمويل التقاعد أو منح إجازات سنوية مدفوعة، أن أعلى معدل سجل للمرأة هو في القطاع الحكومي ضمن امتياز تمويل التقاعد بلغ 94% ويأتي بعده امتياز منح إجازة أمومة مدفوعة الأجر 92% مقابل نسبة 14% تقريبا لكل من الامتيازين في القطاع الخاص . أما الجانب الثاني فيتعلق بصاحب العمل في القطاع الخاص الذي قد يفضل تشغيل الذكور لاعتبارات تتعلق بالتكلفة الإضافية لتوظيف الإناث، مثل إجازة الأمومة و رعاية الأطفال واحتمال انسحابهن من سوق العمل( ). إذ أن نسبة 96% من الإناث اللواتي ضمن الفئة العمرية (35-44) سنة هن خارج قوة العمل عام 2011 لأسباب تتعلق بتدبير المنزل. وبهذا غالبا ما يعتقد صاحب العمل في القطاع الخاص بأن تأهيل وتدريب النساء للقيام بالعمل هو إهدار للأموال والجهود، لأنهن لا يعملن لمدة طويلة على عكس الرجل. إذ تبلغ نسبة الذكور خارج قوة العمل أقصاها 82.1% للفئة العمرية (15-24) سنة لأسباب تتعلق بالتعليم. ونتيجة لذلك يلاحظ أن أعلى نسبة للموظفات في القطاع الخاص هي للواتي أعمارهن تتراوح ما بين (15-24) سنة 76.6%، مقارنة بنسبة 22.2% فقط من الموظفات في القطاع الحكومي للفئة العمرية نفسها . وبهذا الصدد أظهرت نتائج الدراسة الاستطلاعية للموظفات في القطاع الحكومي والخاص ما يلي:- أ- إن هناك فرقاً كبيراً بين الفئات العمرية للموظفات العاملات في القطاع الخاص والقطاع العام. فقد بلغت أعلى نسبة للموظفات في القطاع الخاص هي للواتي تتراوح أعمارهن ما بين (20-29) سنة بنسبة 51.3%، في حين لم تتجاوز هذه النسبة 6.3% في القطاع الحكومي. مقارنة مع أعلى نسبة موظفات في القطاع الحكومي هي للواتي تتراوح أعمارهن ما بين (40-49) سنة إذ بلغت 35.7% مقابل نسبة 8.7% في القطاع الخاص. وتعكس هذه النسب تفضيل المرأة للقطاع الحكومي لما يوفر لها من أمن وظيفي. ب- تركز الموظفات العاملات في القطاع الخاص عند الفئة العمرية (20-29) سنة، ويختلف ذلك في القطاع الحكومي إذ يلاحظ تقارب نسب الموظفات للفئة العمرية (30-39) سنة و (40-49) سنة. فقد بلغت نسبة الموظفات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين (30-39) سنة العاملات في القطاع الحكومي 34.9%. ويمكن أن يستدل من ذلك على رغبة صاحب العمل في القطاع الخاص، بتلافي التكاليف التي من الممكن أن يتحملها نتيجة انخفاض إنتاجية المرأة التي يقع على عاتقها عبء المسؤوليات العائلية المتزايدة خلال مراحل الحياة، فمن الممكن أن يجعلها ذلك تعمل ساعات إضافية أقل وبقدرات منخفضة مقارنة بالرجل. إذ يلاحظ من نتائج الاستطلاع أن نسبة الموظفات غير المتزوجات في القطاع الخاص هي ضعف نسبتها تقريبا في القطاع الحكومي بواقع 46.3% موظفة في القطاع الخاص و27% موظفة في القطاع الحكومي. ت- ما يؤكد النقطة أ و ب هو وجود نسبة من الموظفات في القطاع الخاص تتراوح أعمارهن ما بين (15-19) سنة، في حين لا توجد هناك موظفات أعمارهن فوق 60 سنة. وعلى العكس من ذلك إذ يلاحظ في القطاع العام موظفات من الفئة العمرية (60 سنة فأكثر)، ولا يوجد في المقابل موظفة يقل عمرها عن 20 سنة.
و يتضح أيضا مما سبق أن مشكلة معدلات البطالة للشابات (15-24) سنة تكون أعلى مما هي عليه للشباب بواقع 27% للشابات و17% للشباب عام 2011( ). إذ أن مدة انتظار المرأة للحصول على فرص عمل تطول بكثير عن مدة انتظار الرجل. ترتفع نسبة النساء العاملات في الأنشطة الخدمية مقارنة مع بقية الأنشطة صناعية كانت أم زراعية. إذ بلغت نسبة النساء اللواتي يعملن في قطاع الخدمات عام 2011 حوالي 66.4% (البناء والتشييد، السكن والغذاء وأنشطة الخدمات، النقل والتخزين وأنشطة المعلومات والاتصالات، الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي، أنشطة خدمية أخرى) أما في قطاع الزراعة فقد بلغت 30.5% وقطاع الصناعة 3.1% . ويلاحظ في قطاع الخدمات تركز النساء في مهن محددة مثل التعليم والصحة، إذ بلغت نسبة العاملات في التعليم إلى مجموع السكان العاملين 25% مقابل 3% للذكور. أما العاملات في الصحة والخدمات الاجتماعية 4% مقابل 2% للذكور عام 2004. في حين ترتفع نسبة الذكور العاملين في التجارة 21% مقابل 4% للإناث وكذلك في الإدارة العامة والدفاع بنسبة 16% للذكور مقابل 14% للإناث للعام نفسه .يعني هذا أن البنية الوظيفية في المجتمع العراقي قد تم تحديدها مسبقا بين الجنسين لتكون امتدادا للأدوار والمسؤوليات التقليدية الموكلة للرجال والنساء. أي أن الوظائف التي تتزايد فيها أعداد النساء هي الوظائف التي تتمحور حول الدور الإنجابي المتمثل بالرعاية. في حين أن الأعمال التي يزاولها الرجال تزداد فيها مجالات كسب المال أو المسؤولية.
3- عائد العمل النسائي وفرص الترقي (السقف الزجاجي):- على الرغم من أن قانون العمل العراقي تضمن في المادة (4) "المساواة في الأجر بالنسبة للعمل المتساوي في النوع والكم، الذي يؤدى في ظروف متماثلة ولكنه ربما يؤدي إلى التحيزات الجنسية غير المقصودة في تحديد الأجر للوظائف. فكما ذكر في الفصل الأول عن اتفاقية المساواة في الأجور بين النساء والرجال عن العمل ذي القيمة المتساوية اتفاقية رقم 100 لعام 1951 والتي صادق عليها العراق عام 1963( ). لقد بينت هذه الاتفاقية أنه لتحديد الأجور في القوانين الوطنية دون أن تكون منحازة لجنس دون أخر، لابد من توافر أسلوبا للمقارنة من أجل معرفة في حال إذا كانت وظيفتان تختلفان من حيث المضمون متساويتين في القيمة. ففي عام 2008، نشرت منظمة العمل الدولية دليلا متدرجا عن إجراء عمليات تقييم الوظائف غير المنحازة إلى الذكور أو الإناث، وهو يشرح الخطوات المتبعة لإجراء تقييم للوظائف يتسم بالموضوعية والإنصاف ويكون خاليا من التحيز، ويشمل التتابع التالي للعمليات : أ- وضع شبكة ترجيحية تكون خالية من التحيز على أساس الجنس. ب- إسناد نقاط للوظائف استنادا إلى مستويات العوامل الفرعية وتحديد الوظائف من القيمة نفسها. ت- احتساب مجموع النقاط المسندة إلى كل وظيفة. ث- تجميع الوظائف إلى نقاط مفصلية. أما قانون العمل العراقي فقد أوضح أن المساواة في الأجر هي لوظيفتين متساويتين في النوع، أي إنهما من الصنف نفسه. وإن ذلك يمكن أن يخترق ويؤدي إلى عدم المساواة في الأجر بين الوظائف التي تتركز فيها أعداد كبيرة من الإناث والوظائف التي تزداد بها أعداد الذكور. فعلى سبيل المثال غالبا ما تعمل المرأة أعمال مكتبية أما الأعمال الميدانية فيزداد فيها العاملون من الرجال، وبسبب كون القانون يتضمن عند تحديد الأجر للوظيفة على أن تكون ظروف العمل متماثلة (ليس استنادا إلى قيمة العمل المنجز) فسوف يكون أجر الأعمال المكتبية يختلف عن ما هو عليه في الأعمال الميدانية، وغالبا ما يكون أجر الأخيرة هو الأعلى. وعلى وفق ذلك يتضمن هذا النوع من تقييم الوظائف تحيزا لصالح الرجال. فضلا عن ذلك يزداد الطلب على النساء في سوق العمل العراقي في الوظائف المتدنية الأجور التي لا تتطلب الكثير من المهارات، مثل أعمال السكرتارية أو موظفات الاستعلامات. ويرجع ذلك عدد من الباحثين إلى ثلاثة أسباب هي : أ- أسباب تندرج تحت عنوان التمييز ضد المرأة. ب- أن المرأة تواجه ضغوطا لتولي عبء الاهتمام بالعائلة، مما يدفعها لاختيار مهن ذات أجور أقل مقابل عدد ساعات عمل ومهمات أقل. ت- إن المرأة لا تنظر إلى المال كأحد الأولويات المهمة كما يفعل الرجل، كون وظيفته الرئيسة هي إعالة الأسرة. كما تبرز ظاهرة السقف الزجاجي في سوق العمل العراقي وهي تسمية تطلق على الحواجز غير المرئية والاصطناعية التي لا يمكن توثيقها على الرغم من وجودها المؤثر، فهي تعمل ضد وصول المرأة إلى أعلى مراكز القرار والإدارة، وتنبثق بشكل أساسي على انحياز ذكوري مستمر في ثقافة المؤسسة. ويشكل وجود السقف الزجاجي مثالا عن التمييز بحق المرأة في العمل من خلال الفصل العمودي بحسب الجنس. وهو قائم للأسباب التالية : أ- مسيرة المرأة المهنية تميل لأن تكون أكثر تعرجا وتقطعا، في حين أن مسيرة الرجل أكثر انبساطا مما يعوق ترقي المرأة إلى مراكز عليا. وذلك بسبب كثرة الإجازات التي تأخذها المرأة دون الرجل (إجازة الأمومة، إجازة تغيب بداعي المرض الذي قد يصيب طفلها دون سن السادسة). إذ يمكن أن يؤدي لجوؤها الكثيف إلى الإجازات إلى ترسيخ قوالب نمطية سلبية تسيء إلى فاعلية المرأة العاملة وإمكانية التعويل عليها. ب- تصل المرأة بدرجة أقل إلى نشاطات التدريب والتقدم المهني. ت- قلة المشاركة في شبكات رسمية وغير رسمية خارج الدوام، التي تكون أساسية للتقدم في العمل. إذ بين المسح المتكامل للأوضاع الاجتماعية والصحية للمرأة العراقية(I-WISH) لسنة 2011 إن نسبة النساء في العراق بعمر (15-54) سنة اللاتي يشاركن في أي منتدى أو نادي اجتماعي أو نقابة مهنية أو مراكز شبابية أو أحزاب أو جمعيات إنسانية هي 3.5%. وقد أرجعت حوالي 31% من غير المشاركات السبب إلى أنه ليس لديهن وقت، وذكرت 23% تقريبا منهن أن السبب هو عدم وجود مركز قريب . ث- يعود تحديد المسؤولية الأولية للمرأة بالأعمال المنزلية دون مشاركة الرجل بالضرر على أدائها داخل العمل، أي ستكون أكثر إجهادا. ومن ثم أدنى كفاءة وأكثر تغيبا عن العمل أو تصبح أقل مسؤولية تجاه عملها مقارنة بالرجل. وبهذا فهي لا تحمل المواصفات المطلوبة لتحتل مراكز إدارية. فعلى سبيل المثال ترتفع نسبة المعلمات في المرحلة الابتدائية عن المعلمين للسنة الدراسية 2009/2010 بنسبة 42.5% بواقع 71.3% معلمة و 28.7% معلماً. في حين يلاحظ انخفاض كبير في نسبة المديرات اللواتي يعملن في المرحلة نفسها و السنة ذاتها مقارنة بنسبة المديرين، إذ بلغت 30% نسبة مديرات المدارس الابتدائية مقابل 70% نسبة المديرين. وعلى الرغم من أن قطاع التعليم تسيطر عليه المرأة إلا إنها لا تصل إلى المراكز الإدارية بالمستوى نفسه . كذلك تبلغ نسبة النساء العاملات في المراكز الإدارية العليا والوسطى في الحكومة المحلية 6.6% مقابل نسبة 93.4% للرجال عام 2010. وبسبب تطبيق نظام الكوتا (نسبة 25% من مقاعد البرلمانات الوطنية تخصص للمرأة) في قانون انتخاب المجلس التشريعي ومجالس المحافظات ازدادت نسبة المقاعد التي تشغلها المرأة في البرلمانات الوطنية من 13.2% عام 1990 إلى 25.2% عام 2010. وبعد عام 2004 شغلت المرأة 6 مناصب وزارية ولكن عام 2006 انخفض العدد إلى خمسة مناصب وزارية وعام 2010 أصبحت وزارة واحدة وهي وزارة الدولة لشؤون المرأة .وهذا يدل على أن زيادة نسبة مشاركة المرأة في البرلمان أو احتلالها مناصب وزارية بعد عام 2003، إنما هو ناجم بالدرجة الأولى عن طبيعة النظام السياسي و طبيعة نظام الانتخابات و اعتماد نظام الكوتا. وأن الانخفاض التدريجي الذي حدث بنسبة الوزيرات في العراق بعد عام 2004، هو إشارة إلى الطابع الشكلي لهذه الإجراءات التي لم تترسخ في الممارسات لكي تصبح جزءا من الثقافة و المؤسسات بحيث يصعب الارتداد عنها . فضلا عن ما تم ذكره سابقا من سقوف زجاجية تعوق ترقي المرأة لمراكز صنع القرار داخل العمل، لقد بينت نتائج الدراسة الاستطلاعية أن نسبة 57% من الموظفات المبحوثات لا يرغبن في ممارسة العمل الإداري. وأرجعن سبب ذلك بالدرجة الأولى إلى زيادة المسؤولية التي تتحملها المرأة بنسبة 57%، أي أن المهمات المضاعفة التي يتطلبها العمل الإداري من الممكن أن تتعارض وتؤثر في المسؤوليات الأسرية الواجبة على المرأة. أما بقية الأسباب فتمثلت بعدم قناعة الموظفة ببقائها في العمل مدة أطول من وقت الدوام المعتاد التي تمثلت بنسبة 24%. وكذلك نسبة 17% من الموظفات يعتقدن أن العمل الإداري يتطلب مهارات وخبرات إدارية لا يمتلكنها، وخاصة عند صعوبة وصولهن إلى الدورات التدريبية اللازمة لذلك. وأن نسبة 2% من الموظفات أرجعن عدم رغبتهن في احتلال المراكز الإدارية هو ممانعة الأسرة، كونها لا تتقبل المهمات الجديدة التي تتطلبها هذه الوظيفة. أما الموظفات اللواتي لا يعترضن على ممارسة العمل الإداري والتي بلغت نسبتهن 43%، فتمثل السبب الرئيس وراء ذلك هو زيادة المكانة الاجتماعية للموظفة بنسبة 40%. وجاءت بعدها نسبة 34% من الموظفات اللواتي رغبن في الوصول إلى المراكز الإدارية من أجل تحسين أوضاع العمل وإجراء التعديلات عليه بما يحسن من مستوى إنتاجية العامل والعاملة. إن تحقيق تمكين المرأة الاقتصادي يتطلب العمل الجماعي لا الفردي، و تحت إدارة مؤمنة وواعية لأهمية هذا التمكين. فضلا عن ذلك في حالة كون دافع الحصول على الترقية والتقدم في العمل وشغل مراكز صنع القرار هو زيادة المكانة الاجتماعية، فربما ذلك يعني عدم الاهتمام بتطوير مهارات وخبرات المرأة نفسها أولا وبقية النساء ثانيا. ويعني ذلك أن وصولها إلى مراكز صنع القرار لا يؤدي إلى تحقيق تمكين اقتصادي للمرأة العراقية على مستوى البلد بشكل عام وعلى مستوى المؤسسة بشكل خاص. وأرجع 19% من الموظفات السبب وراء اتخاذ المراكز الإدارية كوظيفة في المستقبل هو لزيادة الأجور، نظراً لكون 59% منهن كان سبب خروجهن للعمل بالدرجة الأولى هو الحاجة المادية. و7% من الموظفات تمثلت غايتهن الرئيسة في الحصول على ميزة اختيار أوقات العمل المناسبة لهن، في حال كونهن المسؤولات عن العمل. يمكن أن يوضح ذلك الضغط الذي يسببه تحديد وقت العمل بجزء معين من اليوم وفي مكان محدد، دون استغلال التكنولوجيا لتحقيق المرونة المطلوبة لوقت العمل. فعلى سبيل المثال يمكن أن تسهل شبكة الإنترنت إجراء الاجتماعات الإدارية وتوزيع المهمات ومتابعة تنفيذها، دون ضرورة حضور المدير وأعضاء المؤسسة في مكان واحد.
4- ظاهرة تأنيث الفقر:- تعد هذه الظاهرة نتيجة طبيعية لانخفاض مشاركة المرأة الاقتصادية أو لما تواجهه من تمييز يعوق حصولها على مختلف الموارد كالتعليم والتدريب والدخل. فعند تعريف ظاهرة تأنيث الفقر بدلالة الدخل المتاح للتصرف أو بدلالة فقر القدرة على اكتساب المهارات واستغلال الفرص، يظهر أن الفقر البشري يغلب عليه عدد النساء على عدد الرجال على وفق أبعاد مقياس التنمية البشرية الثلاثة (الصحة والتعليم والدخل). وعند تعريف الفقر على إنه ذو صلة بالمسؤولين عن إعالة الأسرة (أي الذكور)، ففي هذه الحالة فقر الرجال والنساء هو مسؤولية أعضاء الأسرة من الذكور. يتصل فقر المرأة في جانب كبير منه بممارستها مهناً غير مدفوعة الأجر مثل الزراعة والتدبير المنزلي. ويلاحظ إنه بعد عام 2003 قد ارتفعت نسبة النساء اللواتي يعملن بأجر في القطاع غير الزراعي إلى مجموع العاملين في العراق من 10.6% عام 1990 إلى 16% عام 2004 . نتيجة دخول شركات جديدة إلى العراق التي وفرت فرص عمل مناسبة للمرأة مثل شركات الاتصالات، فضلا عن الزيادة التي حصلت في رواتب الموظفين مما دفع عدداً كبيراً من النساء إلى العودة للعمل في القطاع الحكومي. إلا إن نسبة العاملات بأجر في القطاع غير الزراعي انخفضت إلى 15% عام 2011، ويلاحظ أن هذه النسبة قليلة جدا مقارنة مع المعدل الدولي 40% عام 2010 . يلاحظ من الجدول (2) أن أغلب الفقيرات-;---;-- وغير الفقيرات فوق سن 15 هن خارج قوة العمل، إذ بلغت نسبة الفقيرات 89 % ونسبة 86.7% غير فقيرات. في حين يلاحظ أن نسبة الفقراء وغير الفقراء الذكور فوق سن 15 ترتفع للذين يعملون، إلى 77.6% للأول و نسبة 73.9% للثاني. و يعني إنه نتيجة لعدم عمل المرأة بأجر، أدى ذلك إلى تبعية وضعها الاقتصادي للرجل. أي أن فقر المرأة في المجتمع العراقي هو مسؤولية الرجل. كذلك يلاحظ من الجدول أن الفجوة النوعية لصالح الذكور بين الفقراء العاملين هي أكبر نسبة لغير الفقراء العاملين، إذ بلغت 85.8% للفقراء و82% لغير الفقراء. وذلك يوضح أن مستوى الحرمان من التعليم واكتساب المهارات والعمل بأجر للإناث المنحدرات من أسر فقيرة أكبر مما هو عليه للإناث من الأسر غير الفقيرة، مما يقلل من فرص عملهن في المستقبل بوظائف تحسن من مستواهن المعاشي. فضلا عن الأثر السلبي لوصف عمل المرأة مقابل أجر على إنه أمر ثانوي لا تقتضيه الضرورة، من خروجها إلى العمل عند فقدان معيل الأسرة ومن ثم تكون مفتقرة إلى المهارات المطلوبة في سوق العمل، فتضطر إلى العمل بوظائف منخفضة الأجر لا تكفي لإخراجها من ظروف الفقر. إذ أن نسبة 78% من الإناث فقيرات يعملن بدون أجر في الزراعة وحوالي 11% في القطاع العام و8% منهن بدون أجر خارج القطاع الزراعي، وأيضا 3% منهن في القطاع الخاص بأجر عام 2007 . جدول (2) مشاركة القوى العاملة في العراق حسب حالة الفقر عام 2007 (%) حالة الفقر داخل قوة العمل خارج قوة العمل المجموع ذكور إناث ذكور إناث ذكور إناث فقراء 77.6 11 22.4 89 100 100 غير فقراء 73.9 13.3 26.1 86.7 100 100 إجمالي 74.6 12.8 25.4 87.2 100 100 المصدر:- اللجنة العليا لسياسة الحد من الفقر والبنك الدولي، مواجهة الفقر في العراق: تقرير تحليلي حول الظروف المعيشية للشعب العراقي (بغداد، الجهاز المركزي للإحصاء، 2010) جدول 5.1 -21، ص270. -;---;--
#نبيل_جعفر_عبد_الرضا_و_مروة_عبد_الرحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|