|
مجتمعاتنا بين الثقافه و الخرافه ج 1
سامح سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 08:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن المجتمعات الاستغلاليه هى أكثر المجتمعات استخداماً وتجنيداً لجميع مؤسساتها، لغرس ونشر وتلقين المبادئ والأفكار والمعتقدات الخرافيه الأسطوريه التى تؤدى لتزايد عدد الجهله والمغيبين ورافضى الحياه ومنتظرى الخوارق والأعاجيب والحلول الفجائيه السحريه وسهولة أستغلالهم وأفتراسهم، كما انها أكثرها تكريس وتقديس لقيم الطاعه والخضوع والخنوع والليونه والأعتماديه والزهد والأستكانه ( كله مقدر ومكتوب، أجرى جرى الوحوش غير رزقك لن تحوش، من شاف بلوة غيرة هانت عليه بلوته، من رضا بقليله عاش ) لأن كلما أزداد عدد البلهاء و الجهلاء و السذج معدومى الطموح والأراده و الكبرياء، أصحاب الفكر والطبيعه الغيبيه السلبيه المازوشيه، كلما تمكن أكثر البشر دهاء وخسه ودناءه و وضاعه وأنحطاط ، وأضئلهم موهبه ومعرفه ومقدرة و كفاءه من السيطرة التامه والكامله على أفراد المجتمع و مؤسساته المختلفه ـ خاصه المؤسسات الحيويه ـ والوصول الى المناصب ذات ألأهميه والفاعليه بسهوله ويسر، مما يزيد من ثرائهم وسطوتهم وتمكنهم من إذلال و أستعباد و مص دماء كل من لهم عليهم سلطان حتى أخر قطره وتسخيرهم على كافه المستويات ولأقصى الحدود دون أدنى أعتراض أو مقاومه أو تذمر ، من أجل تحقيق أهدافهم الخاصه و مصالحهم الشخصيه اللاأنسانيه . " أتمنى وجود خطاب دينى ينتقد أنتشار الرشوة والأختلاس والمحسوبيه فى كثير من المؤسسات، بدلاً من تفرغ العديد من رجال الدين للتحدث فى أدق الأمور الجنسيه، ونقد ملابس النساء والتحذير من خطرهم الرهيب، وغرس أشتهاء الموت وكراهيه الحياة فى النفوس " إن اكثر من يدعون انهم مفكرين ومثقفين وتربويين واعلاميين وعقلانيين وتنويريين ولا يتحدثون الا من منطلق ودافع وطنى مخلص لا يهدف او يسعى الا للمصلحه العامه،هم فى حقيقة الامر لا يسعون إلا لأستبعاد وتغييب والتعتيم على كل فكر ومفكر عقلانى ناضج صادق حر تنويرى، وتدجين وتلويث وطمس العقول وأخصائها لأحداث عقم فكرى وخلق حاله من الجمود والنكوص الفكرى والنفسى والتعلق بأهداب انتصارات وامجاد الماضى الغابر والسعى الدؤب لبعثه وأستحضاره بكافة مفرداته من قيم وأفكار ومنهج وطريقه للحياه، واحداث حاله من التفاهه العقليه والتشتيت الفكري والضعف والاضطراب النفسي والأميه الثقافيه العامه والتوحد والتماهى والمحاكاه والهوس الجماعى الحاد بأيدلوجيه أو عقيده أو معتقد أو تيار او توجه فكرى او منهج ومرجعيه للتقييم والتصنيف أو رؤيه معينه تتوازى وتتوافق مع مصالحهم وتؤدى الى سهوله تنفيذ وتحقيق اهدافهم ومخططاتهم بدون أى معوقات وإلهاء العقول بالصغائر والتوافه من قضايا تم حسمها منذ زمن طويل فى بلدان اخرى اكثر تقدم وتحضر و رقى بمراحل شتى وأختزال أهتمامات وطموحات وتمنيات ورغبات وأحلام وقضايا مجتمعاتنا ـ ذات القابليه العاليه والأستعداد الفطرى الوراثى للشحن والحشد والتجييش والقطعنه ـ فى تحقيق أنتصارات أفتراضيه هلاميه فى ميادين ألخرافه والجهل والوهم والجنون،وبطولات ونجاحات ومكاسب ليس لها أى تأثير أو ناتج أو عائد أو مردود إيجابى على المواطن سواء على الجانب السياسى أو الأقتصادى أو الأجتماعى أو الثقافى ـ مثل مباريات كرة القدم ـ لتفريغ وأمتصاص وأستنفاذ ما بداخل الجماهير من طاقة رفض وغضب وسعى نحو حياة أفضل ورغبه فى أقتناص وانتزاع وأسترداد والمطالبه بالحصول على حقوقهم المسلوبه وكرامتهم المهدره المسحوقه وإنسانيتهم المفقوده والمستلبه. والالهاء المتعمد بأختلاق أحداث وظواهر معجزيه أعجازيه غيبيه غير ملموسه ، وحشد وتجنيد كافة مأجورى ومرتزقة وسائل الأعلام المرئى والمكتوب والمسموع وبالطبع بعض رجال المؤسسه الدينيه للتحدث فى تلك الوسائل ـ بمقابل مادى مجزى ـ عن هذه الظواهر ليل ونهار لينغمس المواطن أكثر فأكثر فى عالم الميتافيزيقيا والماورائيات ويطلب ويستجدى النصره والمعونه والخلاص من واقعه المظلم القمئ الكئيب من أرواح الموتى من الاولياء والأباء والأجداد والأسلاف بصفه عامه وتزايد أرتياد المقابر والأضرحه مما يعود بالنفع المادى والمعنوى طويل المدى على القائمين على أدارة المؤسسه الدينيه وأيضاً القائمين على أدراة تلك الأضرحه والمقامات ومكان حدوث الحدث والظاهره الاعجازيه الخارقه المزعومه . ( وتحضرنى قصه حقيقيه ذكرها الفيلسوف الكبير برتراند رسل فى أحد كتبه وهى تدور عن بلده سرت بها أشاعه عن وجود جزء من قدم قديسه شهيره يبارك كل من يلمسه ويشفيه من كافة الأمراض وأكثرها أستعصاء على الشفاء ، بخلاف حدوث كثير من المعجزات والأحداث العجيبه والظهورات المتكرره لتلك القديسه فى هذا المكان المبارك " أفتراضاً "،ولكن كانت المفاجاه المذهله والمحزنه فى ذات الوقت عند قيام بعض العلماء بأخذ هذا الجزء المفترض انه لتلك القديسه واجراء التجارب عليه ليتضح انه جزء من قدم " معزه " !! ) د . مصطفى حجازى : ـ تنتشر اضرحة الاولياء ومقاماتهم فى كل ارجاء المجتمع المتخلف،ولا تكاد تخلو منه قريه او حى،وتقام حولها اماكن العباده ثم تحيط بها المساكن والمنازل والفنادق،وتنتشر الاسواق التجاريه . فهى محج وملجا واماكن للتبرك واستجلاب للخير ، ويقوم على هذه المقامات خدام وعلماء ـ يدعون انفسهم علماء ـ يلعبون دور الوساطه بين صاحب الحاجه وبين الولى،ويقودون خطاه فى التقرب منه والدخول عليه، من خلال مجموعه من الطقوس والادعيه والابتهالات وهم ينسجون الاساطير حول الخوارق والكرامات التى يأتيها هذا الولى،ويروجون لزيارته وتقديم النذور الى مقامه،مستفيدين من ذلك اكبر فائده ممكنه،ومستغلين صاحب الحاجه المتشبث بأمال الخلاص بعد أن حلت به كارثه لا يستطيع لها دفعاً ولم يجد له فيها عوناً،أبشع أستغلال .وأبرز دليل على ذلك وجود مقامات اولياء يدعى خدامها تخصصها بحل مشكلات النساء على اختلافها ( زواج،انجاب، مساعده على ضره،رد الحبيب او الزوج الى المنزل،الخ ...) بالاضافه الى النذور والقرابين،تحتل الادعيه والابتهالات مكانه خاصه فى التقرب من الاولياء والتماس قضاء الحاجات على ايديهم ، وتتنوع الادعيه لتشمل مختلف الاغراض وتصلح لقضاء الحاجات المتنوعه للفئات المغبونه ( فهناك ادعيه للشفاء من المرض واخرى لتفريج الغم،وثالثه لازالة الكرب،ورابعه لتوسيع الرزق،وهكذا...،).بالطبع يعمل شيوخ الطرق وخدام المقامات على تعقيد الادعيه وادخال التكلف والتحذلق اللغوى عليها،واسباغ طابع الغرابه التى توهم الانسان المغبون الجاهل بعلم وفير يقوم ورائها،وسر دفين يكمن فيها ، ويجعلها مفتاحا للوصول الى بركة الولى . ومن خلال ترك هذا الاثر فى نفوس الجماهير واشعارها بالعجز امام قوة علم شيوخ الطرق ، يرشح هؤلاء مكانتهم كوسطاء لدى الاولياء واسترضائهم،ويدفعون الجماهير الى الاستسلام والرضوخ لاستغلالهم. الادعيه فى اساسها تقوم على امل سحرى فى الخلاص من خلال الاعتقاد بجبروت الافكار والكلمات وما تتضمنه من رغبات، وبمقدار أنتشارها ينتشر العجز عن التصدى للواقع بالموضوعيه والعقلانيه المطلوبين،ويمكن اعتبارها كمراه تعكس اعماق المجتمع من حيث شعور افراده المقهورين بالضياع والوحده وبحثهم عن معجزه للخلاص...،ان الادعيه تشيع نفسيا نوعا من الاطمئنان الى القدر والمصير وتبث هدوءا فى وجود الانسان المتازم،من خلال القناعه بان هناك جهه ما ستتولى حل الازمه وتخليصه منها،ثم هى تمتص اذا كانت مطوله جزءا من القلق والتوتر النفسى .من خلال هذه الصوره الخيره للاولياء وكراماتهم والادعيه وغيرها من وسائل التقرب منهم يملاء الانسان المقهور خواء عالمه العاجز المحدد، بأمل القدره على التصدى لواقعه والتحكم بمصيره،بمقدار ما يتخذ من هذه الرموز حلفاء له.جبروت الرجاء يحل محل قوة الفعل التغييرى ، روحية الاستجداء والاحتماء تحل محل المطالبه بالحق والتصدى لانتزاعه . " التخلف الاجتماعى "
#سامح_سليمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أقتباسات هامه عن المجتمع ج 1
-
خواطر عن الصراع بين المرأه و المجتمع ج 2
-
من أقوال الفلاسفه ج 1
-
خواطر حول الصراع بين رجل الفكر و رجل الدين ج 1
-
خواطر حول المثقف و الحريه ج 1
-
عن المرأه و المجتمع و الزواج ج 1
-
من أقوال سامح سليمان ج 4
-
أسئله و ردود حول الثقافه و القضيه الكرديه ج 2
-
هكذا تحدث المثقفين عن الثقافه العربيه ج 1
-
أسئله و ردود حول الثقافه و القضيه الكرديه ج 1
-
مقتطفات من حوارات هامه ج 1
-
المرأه و قضاياها فى عيون المفكرين العرب ج 2
-
سؤال و أجابه حول مفهوم العهر
-
المرأه و قضاياها فى عيون المفكرين العرب ج 1
-
الثورات العربيه فى عيون الأدباء و المفكرين العرب 3
-
الثورات العربيه فى عيون الأدباء و المفكرين العرب 2
-
الثورات العربيه كما يراها الأدباء و المفكرون ج 1
-
سامح سليمان يحاور الشاعر لقمان محمود ج 1
-
سامح سليمان يحاور الشاعر لقمان محمود ج 2
-
سامح سليمان يحاور الشاعر لقمان محمود
المزيد.....
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|