أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كمال يلدو - كمال يلدو: متى يُنصف الشهيد موفق الياس زوما؟















المزيد.....

كمال يلدو: متى يُنصف الشهيد موفق الياس زوما؟


كمال يلدو

الحوار المتمدن-العدد: 4758 - 2015 / 3 / 25 - 06:49
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


تفخر الشعوب بشهدائها، وتكبّر فيهم تضحياتهم وصبر أهاليهم، فتجعل منهم نبراساً طيباً للبشرية ورفعتها. يحدث هذا في جزء العالم الذي يقيم وزناً وأحتراماً للأنسان وتضحياته. أما في وطننا الغالي، فقد سارت الأمور غالباً حسب مزاج الحاكم ، ولهذا سخّر المؤسسات القمعية للأنتقام من أيّ شخص يحمل فكراً مخالفاً، ناهيك بأن يكون معارضاً، و لم يكتفوا بهذا بل سـحبوا عقابهم على أهله وعائلته وذويه، وأذاقوهم المر في الملاحقة والمضايقة وحرمانهم من الراحة والمساواة في التعامل مع بقية افراد الشعب. كان لهذا الأمر انعكاساته السلبية على الكثير من العوائل المسالمة التي قدمت ابنائها قرابين من اجل حرية الوطن وأستقلاله وسعادة شعبه، لدرجة دفعت البعض منهم (يكفر) بالعمل السياسي، وبالشهادة من أجل الوطن رغم قدسيتها، فيما عاش اغلبهم على هامش الحياة ، لا لذنب او جرم اقترفوه، سوى ان تلك كانت سياسة العقاب الجماعي التي سلطتها الأنظمة الدكتاتورية، وفي المقدمة منهم، نظام البعث الأجرامي ، ولعل حكاية الشهيد ( موفق الياس زوما) تبقى شـــاهداً حياً على تلك الجرائم والسياسات المدمرة .
ولد الراحل موفق في العاصمة بغداد ، وحينما بلغ العاشرة كانت عائلته قد عادت الى مدينتها الأصلية تلكيف، حيث قام والدهُ بأفتتاح مطحنة للحبوب ومعملاً لصناعة الثلج في البلدة، ومع انتشار الأفكار الوطنية التي تزامنت مع انتصار ثورة 14 تموز و ارتفاع وتائر التآمر عليها ، وجد طريقهُ للعمل في الشبيبة الديمقراطية ، والنشاط من اجل العدالة والحرية بحدود العام 1962. هذا الأمر الذي لم يرق للسلطات التي قابلت تلك المطالب بالملاحقة والأعتقال لمن يحملها وينشرها، وتفاديا للوقوع بقبضتهم، اختار الشهيد الألتحاق بصفوف المقاتلين الذين صعدوا للجبل (الأنصار ـ البيشمركة) منذ اواسط الستينات، وعمل في فصيل القائد الوطني الراحل توما توماس (ابو جوزيف). بعد انقلاب عام 1968، عاد البعثيين الى سياستهم الرعناء في محاربة حملة الأفكار الوطنية وسخروا لذلك عملائهم ووكلائهم في القرى والأرياف، اذ قام مدير الناحية وكان لقبه (الخفاجي) بأستدعاء والد الشهيد (السيد الياس زوما) وهدده بالحرف الواحد: اما ان تجلب ابنك ، أو ان ترحل من هذه المدينة! فما كان من الأب إلا ان يستسلم لتهديد السلطات، فتوسط للوصول الى ابنه الذي التقاه (سرا) في مدينة القوش وطلب منه العودة والتوقف عن العمل في صفوف المقاتلين، مقابل وعود (الخفاجي) بعدم الملاحقة. هذه المواجهة وضعت مصلحة الأسرة بين فكي الرحا، فإما الأستقرار أو الحرمان من العمل والحياة الآمنة. كان الخيار صعبا عليه، لكنه في النهاية قرر الذهاب مع والده والتسليم للسلطات، التي غضت الطرف عنه آنذاك، وصادف أن نودي على مواليده فالتحق بالخدمة العسكرية الألزامية.
الا ان حادثا وقع في محافظة البصرة قلب كل الأمور رأسا على عقب، إذ القت سلطات الحدود القبض على السيد ( ف ـ ب )، إبن بلدة الراحل وصديقه منذ الصغر، وهو يقوم بعملية تهريب من و الى ايران عن طريق البصرة. فخضع الى التعذيب بغية سحب الأعتراف منه والكشف عن الأشخاص المتعاونين معه، فما كان من (ف ـ ب ) وللتخفيف عن مصيبته إلا ان يذكر لهم اسم الشهيد موفق، لعلمه بأنه ملتحق بالقوات (في الجبل) وسيكون من الصعوبة على الحكومة القبض عليه، حيث انه كان يجهل قصة (نزول) موفق والتحاقه بالخدمة الألزامية. لم يمض وقت طويل حتى أتوا بالراحل، وأخضعوه لشـتى انواع التعذيب من اجل سحب الأعترافات منه، لكنه كان بريئا من كل ما نسب اليه، على ان انكاره لتلك التهم لم يشفعه، خاصة وإن ملفه الشخصي يحمل تهمة حمله لأفكار مخالفة لفكر حزب البعث، فكان صيدا ثمينا وقع بيدهم.
جرت تلك الأحداث في بدايات حكم البعث (ثانية) والذي كان يسعى لتثبيت اركانه بكل الوسائل، بما فيها الأرهاب والقتل، فأبتدع قصة الشبكات الجاسوسية، ومارس سياسة الخداع والتضليل والمحاكم الصورية ، ثم عمد الى اظهار انيابه السوداء عبر الفتك بخصومه وأنزال اقصى العقوبات بهم لابل وتعليق جثثهم في العلن وبأهم المراكز (بغداد والبصرة) في ممارسة تنبئ بمرحلة خطيرة، اتت على الأخضر واليابس في فترة حكمهم الأسود لاحقا.

وهكذا البست تهمة الجاسوسية بالشهيد موفق الياس زوما، وأُعدم شنقا في آب بسجن الرضوانية1969. وكانت تلك الحادثة من أسوء ما يمكن ان تكون على عائلته بآثارها المدمرة، حيث توفي والده (الياس) أثر انفجار في الدماغ حدث له بعد فترة قصيرة من اعدام ابنه ، وتقوقعت العائلة على نفسها بعد أن حوربت من القريب والبعيد. ولا أظن ان احدا يستطيع قياس فعلها وتأثيرها على الشهيد، إذ كيف يمكن المقارنة بين حمل الأفكار الوطنية وبين الجاسوسية؟
معادلة لا تستوي الا في سجلات البعثيين!
ولعل الوفاء لذكراه هي التي كانت تدفع زميله السيد جميل سلمو، بالحديث عنه كلما جرى استذكار شهداء الحركة الوطنية فيقول : "انعقدت صداقة طيبة بيني وبين الراحل، وعملنا سوية في الشبيبة، ولقد كان محبا وطيبا وشجاعا ومناضلا جسورا، ومؤمنا بالأفكار الوطنية، وأشعر بالألم العميق للثمن الذي دفعه هو وعائلته على يد البعث الفاشست".
اما السيد جوزيف توماس، ابن القائد الراحل توما توماس، فيقول عن الراحل موفق: " نعم اني اتذكره جيدا رغم مرور أكثر من 45 عاما ، حيث تعرفت عليه حينما كنا نذهب لمدينة تلكيف ونشتري الثلج منهم ، وتعمقت العلاقة بعد التحاقه بصفوف المقاتلين. وأتذكر جيدا حينما أتى والده للقائه عندنا، وكان والدي من المعارضين لنزوله وتسليمه للسلطات لعدم ثقته بهم، وحزنت انا وعائلتي ووالدي على نهايته المأساوية. لقد كان ذكيا جدا وماهرا ، ومن المؤكد اننا فقدنا انسانا بطلا وشجاعا".

تمضي السنين، لكن ذكرى الذين رحلوا عنّا بغير اوانهم ظلما، تأبى ان تغيب عن البال وتصر على ان تحضر باستمرار، شاهدا على الأنظمة القمعية والدموية التي ثبتت اركان حكمها بالقتل والدمار والكذب وخداع المواطن.
تبقى في القلب غصـّة عالقة بإنتظار ان يتقدم احداً ممن شاركوا بكرنفالات الموت تلك، ان يأتي للأمام ويعلن للملئ عمّا اقترفته تلك العصابات بحق الأبرياء. نحن لن ننسى شهدائنا، فهل ستستفيق الضمائر يوما.....ومتى؟

**المواساة لمن تبقى من عائلة الشهيد
**الراحة لوالديه، الياس وماري الذين قضوا بالحزن والألم
**المواساة لأهله وأقربائه وأحبابه وكل من عرفه انساناً طيباً
**والذكر الطيب للشهيد موفق الياس زوما، الأنسان الذي يبقى اسمهُ انظف من جلاديه، اولئك الذين انتهى مصيرهم الى مزبلة التأريخ.

آذار 2015



#كمال_يلدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنوار المسرح الأمريكي في رحلة المخرج علاء يحى فائق
- ضجيج يستبيح -مقبرة تلكيف-
- عن صديق شارع المتنبي، الشاعر وبائع الكتب “ بوسوليل”
- مصمم الديكور رياض جمال نوري و دمعة على -شارع 40-
- في عيدهم، مرثية للشهيد -وليم شمعون شعيا-
- وفاءاً لذكرى شهيد الصحافة بديترويت -نابليون بشي-
- رحلة الناشطة -هيريات تبمان- للخلاص من العبودية
- شوق الفن والأنسان لدى د. ليلى وجيه عبد الغني
- إسقاطات الأحداث والوجوه مع التشكيلي “رائد نوري الراوي”
- -فيرغسون- .... وحُقن العلاج الخاطئة
- ألق عراقي في مكوك وكالة -ناسا- الفضائية الأمريكية
- ما أصعب أن تكون - قيثارة اور- غريبة في وطنها!
- لو كنت عراقيا ومت، اين ترغب ان تُدفن!
- مسرحية (البخيل):قريبا على مسارح ديترويت
- التشكيلي اسامة عبد الكريم ختلان: أرى العالم من حولي...... أب ...
- انتخاباتنا.......الجمهور عاوز كدة!
- خواطر على شرف الذكرى 80: من ينقذ أغاني الوطن والناس من الضيا ...
- قليلون هم الذين سيبكوك يا فؤاد
- خيمة -طريق الشعب- في مهرجان اللومانتيه 2013: أريج الآس والذك ...
- الشاعر فوزي كريم ضيف ديترويت: لا أسأل إلا عن وطن يسأل عنّي


المزيد.....




- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كمال يلدو - كمال يلدو: متى يُنصف الشهيد موفق الياس زوما؟