|
..حنين ...
احمد التهامي
الحوار المتمدن-العدد: 4757 - 2015 / 3 / 24 - 16:28
المحور:
الادب والفن
.....حنين .....
وانا عطشان والنيل بعيد .... النيل بعيد يا صديقي ولكن الوطن قريب.. قريب جدا ...هو يسكن قلوبنا يا حسين ... اه يا حسين .... الوطن ايضا صار بعيدا ... ليس ثمة امل يلوح لنا سوي ان ندفن هناك ... الغربة قاسية لم نعد نحتمل .... اوروبا بصقيعها العنيف لم تستطع ان تجمد مشاعرنا نحو الوطن .... اتذكر يا حسين ... اتذكر تلك اللحظات الجميلة التي كنا نقضيها في مساءات الخرطوم الحالمة ..! اتذكر تلك الليلة التي شاهدنا فيها فيلم زوربا اليوناني في نادي السينما ... كان البروفسير علي المك حينها يرأس مؤسسة السينما السودانية .. جلسنا بصحبته في الصف الاول ... الحضور كثيف وهمهمات الترقب تصدر من هنا وهناك ...وحين مر (علي) امامنا سالناه : اين صلاح يا علي ...؟ صلاح في باريس ...فضل الاكتواء بصقيع الغربة بدلا عن نار النميري ...ثمة اعين تدور كاعين الافعي حولنا حين قال (علي) ذلك ... صمتنا وانتظرنا زوربا اليوناني... الخرطوم ظلت تفرغ احزانها في ليالي المساء المفعمة بالروعة ... فالنميري رغم سطوته لم يحارب الثقافة والفن ... فلا زالت دور السينما تبث افلاما جديدة ودون قيود ولازالت المسارح تعج بالمسرحيات وكذا المطربون يلونون سماء الخرطوم بجميل الاغاني ....تعرف يا حسين ...جريدة الصحافة كتبت خبرا عن زيارة للفيتوري للخرطوم وسيقيم ليلة شعرية هناك في المسرح القومي لابد ان نكون حضورا فربما يلقي فيها قصيدة جديدة ... ردد حسين لحن اغنية ليلة السبت بشفتيه ونحن نغادر سينما النيل الازرق صوب داخلية البركس واعلان كبير يزين واجه السينما يكشف عن عرض لفيلم حمي ليلة السبت لجون ترافولتا مساء الجمعة القادمة ...سنين كثيرة مرت منذ تلك اللحظات ... احداث كثيرة سياسية ورياضية وثقافية وفنية ...صدام بين اتحاد (ود المكي) والسلطات ... مطاردات واقتحامات وسجون .....جامعة الخرطوم تقتحمها الدبابات ... ود المكي مطارد ... الجامعة تغلق ..يختفي حسين في ابوروف عابرا اليها بعد ان سبح قرابة الكيلومترين مجتازا الازرق من امام سينما النيل الازرق حتي توتي ومن ثم الي النيل مسلما نفسه للتيار الي ان اختفي تحت احدي المراكب قيد التصنيع حتي حل المساء ومن ثم توجه نحو منزل شقيقته ناديه ..وصل منهكا متعبا ...نام طويلا ... حلم كثيرا ... بالرصاص والمشانق والسحل وبود المكي وهو يعبث براس النميري التي تحولت الي كرة تتقاذفها الارجل يمنة ويسرة .. التقطها ود المكي لمعها وبصق عليها ثم وضعها في رمح وقذف بها نحو المجهول ... هاهي اربعون عاما تمضي .. ود المكي مات بعيدا عن وطنه ..النميري صار راسه جمجمة باليه بعد ان تقاذفته الايادي وصار شئ من الماضي يرقد هناك في احمد شرفي . وبعد تلك السنين الطويلة هاهي الغربة تقضم ايامهم بعيدا عن الوطن ...فاجواء استوكهولم الباردة لن تضاهي حرارة لقاء مع زملاء الدراسة في جامعة الخرطوم او لحظات سقوط المطر في بوادي النيل الازرق ... أحن الان إلى رائحة المطر على تراب وطني.. عشر سنوات ونحن هنا في السويد .. اصبحنا سويديين او مواطنين من الاتحاد الاوربي .. اتذكر اولي خطواتي هنا يا حسين اتذكرها كنت انت قد سبقتني الي هنا .. .. اتيت هاربا من جحيم بلادي .. الحروب والقهر وكثير من الفقر .. اتيت لاجئا الي ستوكهولم .. قابلتني فتاة سمينة ذات شعر كستنائي احبت افريقيتي تزوجتني فصرت سويديا منذ ذاك الزمان ... ولكنني الان هنا وحيدا بعد ان هربت سارا بابني سامي الي هامبورج.. لا زالت تمارس هوايتها في انتقاء الرجال .. صارت تعشق الرجل الاسيوي .. هربت رفقة كوري شمالي فر من بلاده الشيوعية الحمراء الي سفوح استكوهولم المغطاة بالثلوج ... لا احن اليها الان . فقط احن بشدة الي وطني ... اتشعر بذلك الحنين يا حسين ...!! اجبني .. ويزيح حسين يديه عن وجهه الذي ظل مخفيا بيديه وهو يستمع لهرطقتي ... لم ينطق بشي بل ردد بصوته الجميل ... زيدني في هجراني في هواك يا جميل العذاب سراني على عفافك دوم و سيبني في نيراني لمتين تطراني أنظرك في النوم جوز نواعسك رآني طرفي أقصدي يراك و ما قصدت تراني و ما بسيب حبك و الله لو ضراني يا نعيم أزماني يا حياة روحي و يا بهجة أمدرماني في الحياة غيرك مافي زول هماني في بعادك أزاي في وصالك أماني بلبل الأغصان غنى بذكراك و بالنوح أوصاني بالجمال خصاك و بالعذاب خصاني و الدلال أوصاك على الدوام تعصاني زهرة البستان تحكي بسمة فاك و طرفك الفتان حين نسيم الليل يمر برايح أتاني زاد عليا الشوق و دمعي سال هتاني مال فريعك بان فيه و فيه ردفا باني من لحاظك صارم بالهلال انباني بين نعاس عيناك الكحلهن رباني يا درر ألحاني يا أزاي و دواي يا راحي يا ريحاني أنت نايم و أنا ألم البعاد صحاني حن على غرامك و الله كاد يمحاني المنام جافاني من جفاك يا حبيب صبري أصبح فاني لو أشوف شخصك في المنام يلفاني كان طلع سعدي و الزمان صافاني في جمالك تاني يا فريد الحسن الما إتوجد ليك ثاني لو جميع الشعراء يرووا فيك مثاني لم يحضروا ثناك ال فاق لكل حساني وغرقنا جميعا في نوبة بكاء طوييييييلة ... وطويلة جدا ...
TUHAMI MARCH 2015
#احمد_التهامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العاهل والريشة دور النخبة المثقفة في مراحل التحول الديمقراطي
...
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|