أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أبو معيشي ذاكرة النخل والماء والقصيدة














المزيد.....

أبو معيشي ذاكرة النخل والماء والقصيدة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1324 - 2005 / 9 / 21 - 11:03
المحور: الادب والفن
    


على أديم المكان والزمان تعيش المدن وتصنع مع أحلام ساكنيها ذاكرة وحلم ، فيما تبقى هواجس الحلم متعلقة برغبة صناعة الكلمة تهيم الذاكرة بمشاغل حفظ هذه الأحلام من طغيان النسيان وقدرته على تهديم خواطرنا وإتلافها ، لهذا نسعى دائما لجعل ذاكرتنا مكانا هادئا لنخيل ماكان يعاش وتدوين هذا التخيل بأسفار يطلق عليها ( أسفار التاريخ ) .
ومدينة سوق الشيوخ هي واحدة من مدن الذاكرة والأبد ، وهي قبل تمدينها بهذا الموقع الواقع على ضفتي الفرات الخالد كانت وجدا لبطائح متسعة من الماء والنخل والرقم التي دونت شجن ذاكرتها على ألواح طين سومر وعبرت أسوار الزمن وهي محتفظة بكل ذلك الوجود البهي الذي كان الشعر والعلم والفن غذاؤه .
أجيالا وأجيال عاشت على الثرى الرطب وهي تقرأ في روح المكان مشاعر الحياة وشجون محبة الأشياء ( الماء ، القصب ، الجوع ، الطير ، الحرب ، الشعر ، السمك ، الموسيقى ) كل هاجس وكل شجن وكل خليقة . وسط هذه الكرنفالات الروحية ولد أبو معيشي الشاعر الأسطورة ( أبو معيشي ) في سبعينيات القرن التاسع عشر وليموت وهو ماسك أكثر من مائة عام من عمره .
ولكنها مائة مثمرة ، عاشت على فطرة الموهبة وشجنها كما فحول المعلقات في زمن ماقبل الأسلام .
كانت حبكته حكمة ، وكان بيت الشعر لديه رؤية لما قد يكون وكان وكان يصور في الأبوذية وهو نمط ذو قالب مسجع ويمتاز بالقصر والدالة العميقة المشاعر بصدقها وبعمقها حتى انك تشعر انك أمام فيلسوف وليس شاعر لهذا مثلت روحه جزءا من إدراك ما يعاش في بصيرة محجوبة عن الشئ ولكنها تراه في قلبها لتصفه كأبدع وصف ، هذا الوصف المحير الذي يسيل على سفوح المسمع برقة وشهوة وإدراك ، وهو آت نتاج بديهية أسرع من البرق . فمرة سأل من الوفي في هذا الوجود ؟
فأجاب حتى دون أن يدخل السؤال كاملا إلى مسامعه / ( اخوي إلي دفن كبره بكبراي )..
يعني الأخ يشاركني بوفاءه حتى وأنا متوسدا لحد أبديتي .
عاش أبو معيشي دهرا طويلا . لا يحسن القراءة والكتابة ولكنه يحسن ما يعجز عنه فطاحل المتعلمين وهي الصناعة الشعرية المتقنة والجميلة والحكيمة وهي صناعة لا تدرك إلا مع الخبرة والموهبة وذلك الالهام الذي يسكنه الله فينا .
ظلت هذه الأسطورة السومرية والتي لم تبرح سوق الشيوخ إلا لشجن القصيدة تعيش أبدية الكلام وتصنع روحه الجميلة بموسيقى القلب . وظل أبو معيشي في سفره الحياتي الطويل يمثل ذاكرة لحياة مدينة عاشت دهورها تناغم رغبة الوجود والحرية والسلام . مدينة عرفها الشعر وعرفه وهو رغم فطرته وعزلته لكنه شارك وبمهارة بصناعة التاريخ الأدبي والحضاري لمدينة سوق الشيوخ ليقف جنبا إلى جنب مع أدباءها وشعراها كالشيخ المرحوم جميل حيدر وحمدي الحمدي وسالم الحسون وغيرهم من صناع الكلمة المتألقة في سموات رغبة القول وزخرفته .
تبقى ذاكرة أبو معيشي هي من بعض ذاكرة الجنوب العراقي وهي مبدعة في تأليف رغبة الوجود ليكون ويبقى يستظل بسرمديته السومرية وروحه العراقية التي عشقت هذا الفن وتمسكت به لأنه جزء من ذاكرة دونت خطواتها بأمسيات البهجة ورفرفة سعف النخيل وغناء موج الفرات الدافئ..



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة بومضة.ومضة برمش عين.رمش عين بنور كلمة
- أيها الناس هذا وطن وليس بطيخة
- الكوري عندما ينوح كأمراة من أجل الحياة
- لوركا يشرب القهوة في أور
- نسمة طاردة ..نسمة جاذبة ..تلك هي قصيدتي
- بين الجواهري والجعفري
- الأحتفاء بالشعر على الطريقة البوذية..(خدك جرح وقصيدتي خنجر ) ...
- الموسيقى بين روح الأنثى ومنى الرجل .. قراءة فلسفية
- فلسفة لولادة حصان
- حوار مع الشاعر العراقي كمال سبتي..قصيدتي قصيدة معنى ..والأنا ...
- المندائية :المقدس وهو يتدفئ بمعطف النور
- الثقافة العراقية العربية بين عولمة الدستور وحلم المتنبي
- قصائد لحلمة النهد فقط
- حوار مع الشاعرة اللبنانية جمانة حداد...أنا أتحدى أي سلطة ولي ...
- كائنات حية تعمل وتفكر وتشتغل بالسياسة
- الجوع عندما يكون قاسياً كالنساء ..(.........)
- رؤية للزمن المفترض بصورته الفيثاغورسية
- ميثولوجيا الأهوار ..مستوطنات الحلم السومري والطوفان المندثر
- قلوب معلقة تحت أهداب الشعر
- غادر مبتهجاً وعاد مع سلة تمر


المزيد.....




- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - أبو معيشي ذاكرة النخل والماء والقصيدة