أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد شكري - ذلك المجهول














المزيد.....

ذلك المجهول


رشيد شكري

الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 22 - 20:52
المحور: الادب والفن
    




رشيد شكري

إلى عاشق القصيدة الدرويشيّة

على هامش اليوم العالمي للسعادة، لا يسعني إلاّ أن أقول: كل عام و أنت تعيس يا صديقي فلا فرار من المجهول، هو يراقبك، يوشك أن يمسح على رأسك إذ منك يدنوا، ساديته تأبى إلا أن تزيد من حرقة الفضول عندك،" فلا تنظر إلى نفسك في ما يكتب عنك. ولا تبحث عن الكنعانيّ فيك لتثبت أنك موجود. بل اقبض على واقعك هذا، واسمك هذا، وتعلّم كيف تكتب برهانك. فأنت أنت، لا شبحك، هو المطرود في هذا الليل" 1
اليوم لا فرار، فهو يهاجم كالجراد على بقايا ذاكرة، على بقايا إنسان، على بقايا رفات...، فما أسعد الغافلين لم ينتبهوا إلى هامش المجهول أبداً، يتسكع بينهم ويرقص دون أي زي تنكر، لكنه سيرقص على كيانك أنت، على صوت الأذان الذي داعب أدنك، وتأوهات المخَاض لم تسكن بعد، على إيقاع حركات أول صلاة أديتها في مسجد الحي وأنت تحاول إضحاك رفاقك، على همس أول كتاب حملته بين يديك لتبحث عن جدليات معنى ولامعنا وجودك، على همهماتك الحزينة، وأنت تحمل نعش أبيك نحو مثواه الأخير.
"المجهول" لا يرحم، أو ربما يشفق علينا من مكان هنا أو هناك، قالوا بأن لا مسكن له،فله كلية الوجود، أو كلية العدم، بحثوا عنه في نسيج اللغة واتهموا الفكر،سفهوا الأديان، تهافت الفلاسفة على قصره المهيب فلم يقتحموا حتى طلاء جدرانه، استسلموا بعد عجز، وانصرفوا يقنعون أنفسهم مختلفين، كلهم ظنوا أنهم قد امتلكوا زمام الحقيقة، كلهم يمتلكون يقينيات وهمية لكن لا أحد يمسك بتلابيب المجهول.
أما الرُعاع فقد انتشروا في الأرض يبحثون عنه في أنغام أغنية، في قصيدة شعر منمقة ،في كتاب أسر كاتبه، أو ربما في مداد قلم مأجور، أو في فكرة مبتورة المعنى والسياق، لا يهم أين، ما دامت الحقائق مُؤدلجة و عزائمنا مدجنة.
أعرف أنك تدرك كل هذا، و أنك تعرف و تعاند، كما أعرف أنك قد طرحت كل الأجوبة الجاهزة في مزبلة تاريخك، بدأت تبحث عن الأجوبة بنفسك وانك تعيد صياغة الأسئلة فيا له من مخاض، وهو سيد الألم ، وما أقساها من محنة تلك التي تغتالك عندما تدرك أنك لن تنفد أقطار سماء الحقيقة بدون سلطان العلم، وانك تملك رأيا لكنك لا تملك سلطة الحديث. ويا لها من خيبة تلك التي ستغزو هواك عندما ستدرك أن "المجهول لم يولد الآن"، فهو ليس ابن هده الأزمنة الرديئة بل دوخ البشر على امتداد الأزمنة السحيقة.
لا يكفي ما توصل إليه بنو الإنسان في بحته عن أسرار كونه هذا،في القرون الغابرة، أنهك سقراط هده الإشكالية بحتاً، لكنه في الأخير، وضع ترسانته الفكرية كاملتاً ولسان حاله يقول "كل ما أعرفه هو أنني لا أعرف شيئا" وحاول "محمود درويش" ذات صباح أن ينفي المجهولية عن مفهوم الموت في "جداريته"،نجح في أن يسخر منه بسلاح الذاكرة الحية2 لكن، ماذا عن كل تخوم الميتافيزيقا؟ عن كل الجوانب المظلمة للحقائق الظاهرة؟ عن كل القناعات التي لا يمكنها أن تكون إلاّ نسبية؟ ماذا عن تلك القوة الكونية العصية على فهمنا وإدراكنا لأبعادها؟
ماذا عن صولجان المجهول الذي يعري ضعفنا ويؤجج أزماتنا؟ فكيف يبحثون عن السعادة يا صاحبي وأنت الذي قلت: "إذا أردت أن تعيش سعيداَ، يكفي أن تعيش بدون قضية". وكيف الخلاص لمن يملك نصف الحقيقة بينما النصف الآخر رهيــن الغياب؟

الهوامش:
1المقطع مأخوذ من ديوان "في حضرة الغياب" 2007 للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وهو عبارة عن محكيٌّ شعري عن لحظة مضاعفة كان الشاعر خلالها في الحياة وفي غيبته في الآن نفسه.
2 قصيدة "الجدارية" لنفس الشاعر.



#رشيد_شكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش و درس التاريخ


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد شكري - ذلك المجهول