|
صهيل
صفوت فوزى
الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 22 - 02:31
المحور:
الادب والفن
ضــوء بــارد يلقــي بظلال باهتــة علـي جدران كابية تصدعت أجزاء منها وسقطـت وسـرح فيهــا العطــن ... أعقــاب سجائر في قيعان فناجين قهوة منسيــة ... علــب سجائــر ملقــاة علي أرضية الغرفة ... مناديل ورقية ... ستـارة كثيفــة تحجـب الرؤية ولا تفلح في صد همهمات قادمة من الخارج ... تنســرب عبــر فتحــات أبواب وشبابيك مغلقـــة يعلوهــا تراب ناعـم ... هــــواء عـطــــن متـــرب يمـــلأ المكــــان ... يتمـــــدد فـــوق الجـــدران ، فيشيــــع العـطـــــن فـــــي جـوفــــي ... زجــاجــــة خـمــــــــر رخـيـــــص موضوعة علي كومودينو عتيق ... مرآة مشروخة ذات إطار خشبي داكن بهــت لـونـــه ... صـــورة بالأبيـــض والأســــود لـرجـــل بربطـــة عـنـــق يرنو إليَّ بعينين منطفئتين . فكــت ربطـــة شعـرهـــا فانســـدل علــي الظهـــر كثيفــاً شديــد السـواد ... إغتسلـت وتعطــرت ... جــاء عطــرهــا مخلوطــاً برائحـة جلدها الريان ... فخذان مستديران أملسان ينسابان فــي نعومـة ... رمحان كُسيا بلحم طري ... يحتضنــان في حنو قبة كهفها المسحور ... كرتا نهديها بليونة القطيفة وملمــس الـرخــــام المصقـــــول ... حلمتـاهـــــــا فـرخـــــــي يـمـــــــــــام يهمــان بالإنطـلاق ... إنحناءات حميمة لجسد شهي يومئ للوصال فتصهل الرغبــة منفلتـة من عقالها ... تجوب البراري البعيدة ... تصعد ذري جبال ... بـــــدأب وأنــــــــاة ... أتـعـــرف عـلـــــــي جسدهـــا قطعـــة قطعـــة ... أنهــل مـن شهــد الشفتين ... ورأسي الخشنة مسجاة في نعومة نهديها ... قالــت إضغطنــي حتــي تسمع صوت عظامي ... إغسلني حتي الأحشاء ... أضغطهـــا حـتـــي تمـــوء بشبـق بكـــر ... تخمـــش الجلـــد بوحشيـــة ... تلفحنـــــي بأنفـــــــاس حــــــارة آتيـــــــة مـــن قلــب حيــاة مضطربــة ... تتدفـــق الدمـــاء حــــارة طازجــــة ... تنغـــرز فـــي الجلـــــد المشـــــدود وتضــــرب منـابــــــت الشعــــر المنتشـــي ... تنفتح البوابات السحرية ... تتفتــح مســـام الجلــــد ... مــن عتمــة الصالــــة ، عبر فرجة الباب الموارب ... يبرز رأس صغير ... تتسلل عبـــــــر ملاســـة العتمــــة ... لـــم يـنــــد عـنـهــــــــــا صـــــوت ،
كما لــو كانت تمشـي فوق تراب ناعم ... وخطوها المكتوم يستقيم بلا تردد ... عينــان مزرورتــان يطــل مــن محجريهمــا الفـزع والتوجس والعتب ، ورهبــة عالقــة بوجههــا ... تمســح وجهــي البليـد ، وتجــأر بالسؤال ... " تلك النظرة لا تفارقني ... مراراً أحاول طمرها ... تتأبي علي النسيان ... تصعـــد طازجـــة مـــن الأعمـــاق ... تطفـــو فـــوق سـطـــح الذاكــــرة ... تأتينـــــي بأرتــــــال الحــــــــزن ... نفـــــــس رائحـــــــة العـطــــــــــن ... والأخيلــة التــي تراوح علــي الجدران ... ترسم كائنات خرافيــة ، وأنــا – مشدوهــاً – أتلصص مــن تحت الغطاء ... مأخوذاَ ... أحاول إخفاء وجهي ... وهــو ... منتصباً بجذعـه يفح ككلب بري شره ... يلغ في دم فريسة ... تموء تحتــه ... تخمــش الصـــــدر الـخـشـــــــــن الـنـافــــــر الشعـــــر ... رائحة جسديهما الملتصقيــن تغمرنــي ... تلفحنـــي أنفاسهمــا اللاهثـة ... ذبالة المصباح تخبو ... ينطفئ الجسدان المهدودان ... بقايا عطش لم يُرو ... تعتصر الفراش بيدين مضطربتين ... تحملق في سقف الحجــرة شاردة ... وتظل مفتوحة العينين ". تتركز العينان علي الصورة المعلقة فوق الجدار ... أقرأ حشداً من الكلمات في عينيـن إثنتيـن فـي لحظـة واحــــدة ... فيهمـــا معانــي الخوف والروع الذي يريــد أن يستتــر ويتخفــي ... لم تنبـس بكلمـــة ... عينــان تحملقـان وكأنها لا تــري أو لا تفهم وأنفاسها مضطربة ،وأنــا – في دكنة المساء – مصلوباً بالرغبة الحبلي المشتهاة . تراجعـت فجأة ... كما لو كنت مدفوعاً من الصدر ... قطرات من عرق بارد تندي جبينـــي وأنـا أعـــود كجيـش مدحــــور ... ينسحـب في غير نظام ... ألــم الإنطفـــاء المفاجــئ فــي وقــدة التوهــج وحـــرارة الإشتعــــــــال ... إرتعاشة الضوء المتكسر ... القوس المشدود يتفتت تحت آلام الإرتخاء ... نصـال أمـواس حـادة ... زجاج مجـروش ... وآلاف آلاف من نمل متوحش تنهـش فـي مجـري الــــدم . من تحت ركام رماد منطفئ جاءتي صوتها واهنا : - تشرب قهوة ؟
#صفوت_فوزى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقب الابرة
-
السؤال
-
عطش
-
أماكن للعابرين
-
الخوف القديم
-
هروب
-
زحمة
-
مرآة
-
رفع الحصير
-
سمكة -قصة قصيرة
-
الفرحة
-
انسحاق -قصة قصيرة
-
الغائب الحاضر - قصة قصيرة
-
كبرياء -قصة قصيرة
-
جدى
-
انحناء -قصة قصيرة
-
فاصل للحلم - قصة قصيرة
-
سلبية الأقباط بين مسئولية الدولة ودور الكنيسة
المزيد.....
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|