أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المشماش - هوس اللاشعور















المزيد.....

هوس اللاشعور


محمد المشماش

الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 21 - 18:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الذات تحمل متناقضات بداخلها(اللاشعور,الشعور,و الضمير الأخلاقي) ماذا تعني هذه الخرافة المشؤومة,التي أربكت حساباتي؟تصوروا معي أن الإنسان تتجاذبه ثلاث اطراف إحداها لا تشبه الأخرى,الشبه هنا ليس بالمهم و لا هو بيت القصيد,بل الصراع,ما هذه الفكرة المجنونة التي تجثم على صدري؟إحساسي يقول لي أنا هو أنا و لم أتغير,قد تتغير ملامحي البرانية,ربما نظراتي,عبراتي,لون شعري قامتي,وزني... مع ذلك لابد و أن ابقى أنا هو هو,أنا الذي اعيش اليوم,انا الذي عشت الماضي أتذكره,أستحضره متى شئت ليس بجزئياته لكن أتذكر أن الشخص الذي يعيش حاليا هو الذي كان موجودا في السابق,كلمات لطالما رددها زميلي عبد البار في صمت أتذكره جيدا,أعرفه تمام المعرفة,لا بل افكاري هذه تعرفه أكثر مني,تابعوا معي ستكشف لكم,ولي ايضا عن جوانب لا تعرفوها,عفوا لا اعرفها أنا الذي لازمته فترات الدراسة في الأقسام الإعدادية و الثانوية,أجلس بجانبه أترقبه عن قرب ينظر إلى أستاذ الفلسفة يقول لي:أنظر معي جيدا عندما يشرح الأستاذ الدرس تارة يبدو لي كأنه شيطان و تارة أخرى يلبس فيها ثوبا أبيض اللون و يظهر كملاك,لكن ما هو متأكد أن هذا الأستاذ واثق مما يقول كأنه كان صديقا "لفرو يد",هل اقتنعت بهذا؟هل فهمت ما يقول؟يقول إن الذات يسكنها شيطان ماكر,هل أحسست يوما بقوة خارجة عن إرادتك توهمك على أنك تعيش حياة غير التي تحبذها؟غير معقول بل هذا جنون الإنسان السوي هو من يتبع الهدي يجتنب المحرمات و الموبقات الإنسان السوي هو من يعرف ما له و ما عليه
!أجبته بصوت خافت:أنظر الأستاذ يرمقنا

قال:أنت لم تفهم ما يقوله الأستاذ يا صديقي,لكن أنا أشعرني بشيء نعم أكثر من شيء إنه اخر يوجد بداخلي يحركني و يشعرني بأني لست أنا اه!لو تدرك ما خطورة ذلك؟
قلت:أنت دائما تعقد الأمور هذا درس الفلسفة و الفلسفة هي درس معقد انتبه الأستاذ ينظر إلينا
أتذكر هذه الحصة و كأنها الحصة الوحيدة التي حضرتها في سنواتي الدراسية ساعة واحدة كانت كافية لقلب معادلة الحياة التي كان يعيشها عبد البار,الذي غالبا ما كان يريد تطبيق الدروس التي يتلقاها لكي يعرف ما مدى مصداقيتها هل هي محايثة للواقع ام مفارقة له؟,لحسن حظي أن الجرس دق إيذانا بنهاية حصة الفلسفة فعلا الحصة المشؤومة,لكن عبد البار توجه مباشرة للأستاذ و تحدث معه لمدة دقيقة أو دقيقتين لم أعرف ما دار بينهما من حوار,لكن هذه عادة عبد البار دائما في نهاية كل حصة يتحدث مع الأستاذ لكن هذه المرة ليست كباقي المرات السابقة لأنه خرج و عليه علامات القلق و الخوف و كأنه لم يقتنع بما قاله الأستاذ,و مضينا نتجاذب اطراف الحديث,إلى أن وصلنا إلى الفصل كانت الحصة الأخيرة في الفترة الصباحية حصة مادة الرياضيات حصة مهمة لأننا ملزمون باجتيازها في الامتحان الجهوي لآخر السنة,بينما أنا أخذت دفتر التمارين لكي أشهرها للأستاذ,فعبد البار لازال يتأمل في نظرية فرويد,و يستحضر الأحلام التي راودته والتي لم يكن يعرها أي اعتبار و لا يحسب لها حساب في السابق.
ذات صباح و كعادتنا نذهب إلى المسجد من أجل أداء صلاة الفجر قال لي: أريد أن أطلعك على حلم راودني هذه الليلة,لكن بعد الصلاة.
قلت:و لمالا الآن لقد كنت تحكي حلمك و نحن في طريقنا إلى المسجد,امتنع في صمت,وواصلنا السير كنت اعلم ان حلم اليوم ليس كباقي الاحلام التي راودت عبد البار في السابق أو بالأحرى التي حكاها في السابق,بعد الصلاة خرجت قبل عبد البار اضطررت لانتظاره كعادتي,لما خرج قال:أتدري الحلم الذي كنت أود حكيه؟! حلمت بأنني أراود حنان عن نفسها,وابتسم ابتسامة عريضة!!
من حنان؟جارتي؟ا!!!
قال:نعم و قبلتها أيضا و ........!!!!!!
قبلتها؟!و ماذا بعد أ ..........؟
ماذا سيكون؟لا أدري أعود بالله من الشيطان الرجيم,سكت لبرهة و تابع الحديث لأني لم أعلق على كلامه كأنني ربما أردت أن يحكي لي عن تفاصيل كل ما رآه في الحلم
وتابع لكن أتدري يا أحمد لما استيقظت أحسست براحة كما لو أن هذا الحلم خفف من بعض الأوجاع التي كانت تعتريني بين الفينة و الأخرى,و في الصلاة تذكرت قول الأستاذ أننا غالبا ما نحلم بالأشياء التي لا نستطيع القيام بها في النهار نظرا للرقابة التي يفرضها ضميرنا الأخلاقي و كذا الرقابة الاجتماعية,لكن ألا ترى أننا فعلا تمادينا في كبت غرائزنا إلى درجة أننا لا نجرؤ حتى على الحديث مع بنات الفصل.
ضحكت و قلت: تتحدث كفيلسوف حتى أنني لم أعد أستوعب ما تقول يا صديقي أنسيت الحلال و الحرام,هل تريد أن تتناس قول الإمام حذار يا أخي ان تستهويك الملذات و تتبع إبليس نعله الله,أنسيت قوله تعالى: "الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ"
ما عاد الله يا صديقي أنا لم اقصد هذا,لم أحلل ما حرم الله أنا لم اتحدث عن الزنى هذا مجرد حلم لم أصنعه أنا لا دخل لي به,و لا يدخل ضمن إرادتي,لكن هناك إحساس يقول لي أن هذا الحلم أيقظني من سباتي العميق,ألا تحس أنك ترغب في التقرب من فتاة محددة تروقك لكنك عاجز عن البوح لها بمكنوناتك و شعورك و تحاول دائما تجاهل هذا الشعور؟.في بعض الأحيان حينما أرمق تلميذا يتجاذب أطراف الحديث مع زميلته ينتابني شعور الحسد اتجاههما أتنكر هذه المسألة يا أحمد ألا تتمنى أنك لو كنت مكانه؟أجبني بصدق فصداقتنا لم تقم على الكذب و إنما الصراحة؟
حديثك محير يا يا صديقي ما أريد قوله هو:أن تربيتنا هي من جعلتنا هكذا,هيا يا صديقي ألا ترى لقد وصلنا أستودعك الله نلتقي في وقتنا المعهود انصحك بألا تعود للنوم لكي لا تحلم بحنان مرة أخرى! تذكرت وقت حنان اليوم يناسب وقتنا إذن سنلتقي بها هذا الصباح ما رأيك أن أطلعها على حلمك؟!!!!!
ابتسم عبد البار و قال:لن تقدر على ذلك أعرف أنك جبان.......وانصرف
على الساعة السابعة أربعين دقيقة رن هاتفي ارتديت حذائي و حملت محفظتي التي قمت بإعدادها قبل رنة الهاتف أعرف أن عبد البار لا يحتمل الانتظار بينما كنت نازلا سمعت حنان تتحدث إلى والدتها قبل أن تخرج لم أبالي بما يقولانه و نزلت مسرع الخطوات,وجدت عبد البار ينتظر على الباب يرتدي لباسا لم اعده به من قبل:قميصا أبيض اللون و وسروالا من نوع "جينز" ربما سروال أخيه حمزة الذي يصغره بسنة واحدة,لم أعهده بهذه الحلة الجديدة
قلت له: أين القميص الأسود الطويل يا صديقي؟
رد بشكل سريع كما لو لم يرقه تعليقي و قال بلهجة حادة:و ما شأنك؟.
هذه المرة الاولى الذي يرفض النقاش لم أتحدث معه و مضينا في طريقنا إلى المدرسة,فجأة و جدت نفسي أسير و حيدا إنها المرة الأولى التي اجد فيها نفسي وحيدا,يا إلهي ماذا فعلت؟ما كان ينبغي علي التعقيب على ملابسه فصداقتنا لم تقم على المظهر و الشكل التفت لكي اعتذر له عما بدا مني من غلاسة مفرطة,فإذا بي أجد عبد البار يذهب جنبا إلى جنب مع حنان,لم أكن اتصور يوما ان عبد البار سيتركني من أجل فتاة,و هو الذي كان يرتعش عندما تحدثه زميلته حتى بخصوص الدروس.
عند وصولي إلى مدخل المؤسسة التفت مختلسا النظر إلى الوراء حينها رآني عبد البار أنظر إليهما و افترق بحنان متبادلين الإبتسامة و لحق بي عانقني و كأنه نجح في امتحان الباكالوريا و قال لي: ماذا بك يا صديقي لماذا تمشي مطأطأ الرأس و متسرع الخطوات !!!كنت أود اللحاق بك لما لم تنتظرني؟
قلت: هكذا كنا نمشي يا زميلي هل خطواتي التي تغيرت,أم أنك من غير خطواته؟بدا لي أن عبد البار ينتابه إحساس جديد أحسست به نعم إنه إحساس جميل,لا اكثر من جميل ربما إحساس يرقى إلى درجة القداسة,قداسته بإمكانها أن تتجاوز معتقدا موروثا,إحساس لا يؤمن بالمحلي,إنه الحب هل تابعتم معي؟ نعم الحب أعظم الخيرات التي تنتمي إلى البشر لا بل حتى الحيوان,لم أحس به تلك اللحظة لكن أحسست به فيما بعد,أرأيتم الحب حركته حصة الفلسفة,ثم حلم غالبا ما يداريه الإنسان حتى عن نفسه,هكذا أدركت أنني سأفارق أعز الاصدقاء,رغم أن عبد البار لم يفارقني إلا أني أدركت أنه أصبح ملكا لغيري رغم أني لم أكن أتملكه,جمعتنا فقط الصداقة البريئة الصداقة القائمة على الاحترام,استمرت علاقة عبد البار و حنان إلى سنة البكالوريا و ما بعد البكالوريا حتى سنوات الجامعة و تزوجا في السنة الأخيرة من سنوات الجامعة برغبة من عبد البار الذي كان يضع جميع الاحتمالات بعد التخرج,لكن ما شجعه على هذا القرار هو دكان البقالة الذي تركه له والده,و كان قد ادخر بعض المال احتاجه في الصداق و أمور الزفاف كان يعرف أن الوظيفة صعبة المنال في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعرفها المغرب في هذه المرحلة و لو ربط الزواج بالوظيفة لضاع الحلم الجميل و استمرت المعاناة,كان يدرك أن أجمل هبات الدنيا أنها وهبته حب حنان التي أحبته بجنون لدرجة انها لم تفكر في حياتها بغيره لم تفكر في المال او الذهب أو السيارة كانت فتاة قنوعة ترى في حبها لعبد البار كل شيء المال,الجاه,الحنان,النسب... كل شيء لذلك كانت احلى و أجمل لحظات حياتها هي لحظة الزفاف,لقد حضرت زفافهما و رأيت في عينيها دموع الفرح إنها جارتي و تربينا جميعا أما عبد البار كان ينظر إلي و يبتسم اعرف من خلال ابتسامته انه يسترجع شريط الذكريات,حصة الفلسفة في السنة الثانية من سلك البكالوريا "الشعور و اللاشعور" و ربما كان يردد في دخيلته قصيدة "درويش"التي كان يعشقها:
"أيها الماضى لا تغيرنا كلما ابتعدنا عنك, أيها الحاضر تحملنا قليلا،فلسنا سوى عابري سبيل ثقلاء الظل. أيها المستقبل: لا تسألنا مَنْ أنتم؟وماذا تريدون مني؟فنحن أيضاً لا نعرف."

تمت



#محمد_المشماش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في التسامح و الدوغما
- شعوب السكيزوفرينيا لا علاقة لها بالتسامح
- جحيم -داعش-,من المتضرر أكثر الشرق أم الغرب؟
- الحب بين الميثولوجيا الإغريقية و النهضة الأوروبية
- العنف و السلطة في فكر أرندت


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المشماش - هوس اللاشعور