عقيل الواجدي
الحوار المتمدن-العدد: 4755 - 2015 / 3 / 21 - 08:04
المحور:
الادب والفن
شرايين ( حامد المسفر ) الرمادية
( نحن في عزلة مغطاة بأعظم الانكسارات عند حافات المدى ننتظر النطق في صدى النزف بالشرايين ونحاول رسم خارطة الجسد المهمل بالطباشير على اقصى غيمة بالشعور .. كل ذلك وارواحنا كالحمائم تنام في عش الغياب ) ص 5
من مراسم الاهداء وضع لنا القاص والروائي العراقي ( حامد ثامر المسفر ) اطاراً عاما لمحور روايته ( شرايين رمادية بالذاكرة المرة ) محوراً انسانيا متنقلاً عبر أزمنة وامكنة وشخوص كان فيها مراهناً واثقاً من قدراته الفنية في السرد الروائي لروايته البكر عبر ترجمة سلوكية لانفعالاته الانسانية المقترنة بانسجام المعاني مع الكلمات في مرونة تأخذ بك الى جماليات تكتشفها تباعا مع مرور الاحداث فقد كان رائياً في امتلاك اطراف القص بكيفية مبهرة ، انها الرؤية الواعية (( كما وصفها تزفتان تودوروف : بالكيفية التي يتم بها ادراك القصة من طرف السارد )).
رغم امتلاكه للمباني الاساسية في الفن الروائي من ( حدث ، شخصيات ، الزمان ، المكان ، السرد ، الحوار واللغة ) فانه كذلك لم يتخل عن ريشته كرسام فقد كان جلياً اثر الرسم في بنائه السردي مبتعداً عن الحشو حيث ينقلنا ضمن اطار اللوحة دون ان نحس بفوارق اللون وكأنه يدرج بنا على سلّم من الالون بواقعية ظلّت ملازمة له عبر خطوط الرواية دون احداث ضجيج وهو يكسر الحلقات تباعاً متنقلاً بنا الى مشاهد تدفعك بشغف لمعرفة ما بعدها .. كان جميلا رغم حروفه النازفة وجعاً وهو يرى دولة الصحراء تهش قطيعها ساعية لقتل الجمال في بلد حباه الله كل شيء الاّ وفاء الاخرين تجاهه ، انور بطل الرواية هو كلنا كعراقيين ، بأمانيه وطموحاته وخيباته وآلامه ، تجسّد ليكون كلنا في صراع مع الازمنة والامكنة التي دائما نترنح امامها مهما اختلف عدد الجولات ، جولة مميتة كانت لبطلنا وهو يعد ما تبقى من ايامه عبر رحلة لاهثة لم تمنحه فرصة التقاط الانفاس ... وهكذا فعل كاتبنا ( المسفر ) حين جعلنا نتبعه لاهثين لتقصي النهاية ..
شرايين رمادية بالذاكرة المرة الصادرة عن دار نوفابلس للنشر والتوزيع في الكويت 2014 ، رواية بكر لكنها اضاءت عن كثير من قدرات كاتبنا الذي لانشك ان القادم سيكون اكثر ابهاراً ..
#عقيل_الواجدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟