|
صديق من هناك(2)/ قصة قصيرة
حيدر مساد
الحوار المتمدن-العدد: 4753 - 2015 / 3 / 19 - 21:57
المحور:
الادب والفن
صديق من هناك(2) تجرأت وسألت صديقي الفضائي من المجرة الأخرى: - لماذا اخترتني جاسوسا لمجرتكم . وصلني شعوره بالامتعاض؛ وجهه جامد؛ لا تظهر عليه علامات الإنفعال التي تظهر على وجوهنا نحن الآدميين ، انما يستطيع نقل شعوره الي بطريقة لا أعرف ماهيتها: - يبدو أن لديكم أنتم الآدمييون مشكلة في الدقة، "جاسوس" تقال في من يقدم معلومات لعدو، يضمر الشر.. أما من يقدمها لأصدقاء مثلنا يريدون الخير لكم، فلا يسمى جاسوسا، انما يسمى دليلا. أعجبني منطقه؛ هذا سيخدر ضميري إلى أجل، ويزيل الشعور لدي باحتقار نفسي أني أقدم معلومات عن الآدميين لمخلوق غريب، بل تبدل شعوري إلى الفخر بنفسي : - حسنا لما اخترتموني دليلا. - نحن لم نخترك؛ أنت تطوعت بذلك. - كيف؟! فتح نافذة في الفراغ بيني وبينه بطريقة مدهشة، شاهدت فيها كوكب الأرض وينتشر عليها توزيعة من الألوان، تنبض كنبضات قلب؛ أشار إلى مكان قريب من منطقة تنبض باللون الأحمر القاني، عرفتها من دروس الجغرافيا في المدرسة، قال: -أنا نزلت هنا، في أخفض بقعة عندكم، وأكثر البحيرات نتانة، لأكون قريبا من المنطقة الحمراء . قلت باندفاع وسذاجة من يريد أن يستعرض معرفته ، وإثبات إخلاصه كدليل : - أعرفها؛ هذه منطقة البحر الميت، نعم أكثر بقاع الأرض انخفاضا ، وأكثر البحيرات ملوحة، كانت تسمى قديما البحيرة النتنة،ويقال أن قوم لوط كانوا هنا، وهي منطقة دافئة سياحية، و..... قطع استعراضي لمعلوماتي باشارة من يده: - أنت تواجدت هنا بالصدفة؛ امتلكتَ الشجاعة للاقتراب مني، وأنت مخلوق طيب، و... لا اعرف لماذا وصلني شعور أنه يقصد أني إنسان ساذج وأحمق .. واصل حديثه: - أنت دليلي الآن ومصدري لتفسير بعض الظواهر التي وصلت إشاراتها هناك في مجرتنا. سألته بصيغة المدقق المتوجس خيفة من نواياه: -ماذا تريدون من كوكبنا؟ - نريد له كل خير؛ فقد أظهرت مؤشراتنا إضافة لازدياد الرائحة التي يصدرها كوكبكم، أن اللون الأحمر ازداد كثيرا خاصة هنا-واشار الى مكان على الصورة- وازدادت كثيرا موجات الآلام الصادرة من كوكبكم، ووصلت مؤشرات الظلم حدا كبيرا؛ وصلنا كم هائل من الصراخ والعويل والبكاء لم نسجله منذ ملايين السنين. تلفت حولي كمن يخشى من وجود ثالث معنا، وقلت مستنكرا بصوت عال، تعمدت أن يكون مسموعا حتى للبعيد: - ظلم؟!.. عن أي ظلم تتحدث؟..أنا ليس لدي تظلمات. - ليس أنت بالذات، أنا أتحدث بشكل عام عن كوكبكم. أعجبني شعوري بالسيطرة على الحوار؛ سألته وقد تقمصت دور المحقق: - وماذا تعني لكم هذه المؤشرات؟ - قرر حكمائنا أن ندرس أسباب هذه الزيادات في مؤشرات الشر، ونجد طريقة لمساعدة المخلوقات على هذا الكوكب؛ نحن في كون واحد، و.... قاطعته مستفسرا: - حكماءكم؟!.. أوتتلقون أوامر من الحكماء عندكم؟!. - نعم، ما الغريب في الأمر؟ أعجبني أنه يسألني، وينتظر إجابة مني؛ أطرقت قليلا كمن يتأمل، ثم نظرت إلى البحر وقلت ما أعتقدت أنه حكمة: - الغريب أننا نتلقى أوامرنا من الحكام هنا، وهم غالبا أبعد ما يكونون عن الحكمة. وصلني هذه المرة شعوره بالحيرة عندما سأل: - وحكمائكم، ما دورهم؟!. راق لي أن آخذ دور الحكيم الذي لا يتفوه بالنوافل من الكلام، أجهدت ذهني كي يكون كلامي عميقا وفلسفيا، وواصلت النظر بعيدا باتجاه البحر متقمصا دور الحكيم: - حكمائنا!، لا أحد يسمع لهم ، معزولون منبذون، لا يفعلون شيئا سوى كتابة فكرهم الذي لا يقرأه أحد؛ السيطرة في كوكبنا تدين بمنطق القوة، أما منطق الحكمة فيعتبرونه ترف يليق بالضعفاء فقط، وربما تعلم أن القوة عمياء بدون حكمة، والحكمة بلا قوة كمخلوق بلا أطراف ؛لا يقوى على الحركة والتقدم. لم اصدق أني تفوهت بهذه الكلمات التي اعتقدت أنها تكاد تكون حِكَما، لدرجة أني قررت أن أخصص جزءا من وقتي في المستقبل للخلوات والتأمل وتأليف الكتب. لم يأبه المخلوق الغريب لكلامي الذي أجهدت ذهني في توليده، وإن وصلني شعوره بالرضا عن منطقي... عاد يكمل إجابته عن سؤالي حول هدف مجيئه إلى كوكبنا، وعما تعني لهم المؤشرات التي وصلت من الأرض: - قلت لك أنني تلقيت أوامر من حكمائنا هناك، لجمع المعلومات عن كوكبكم، ودراسة الأمر؛ لذلك جئت في محاولة من جنسنا لإصلاح مسار جنسكم الآدمين قبل أن ينتهي من الوجود، فأرسلوني في مهمة الخير هذه، وجئت أيضا لنقل خبراتنا وتجاربنا في ... لا أدري كيف قفز على لساني هذا السؤال الأبله: - أنت نبي إذن؟ صدر منه نفس الصوت الذي سمعته في الحوار السابق، صوت يشبه كلمة "صَهْ"، وأشار بيده إشارةً وهو يدير وجهه إلى الجهة الاخرى، وصلني معناها؛ كأنه يقول لي : "إخرس". .............................................. حيدر مساد 19-3-2015
#حيدر_مساد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صديق من هناك(1)/قصة قصيرة جدا
-
وجهة نظر/ قصة قصيرة جدا
-
اللعبة / قصة قصيرة جدا
-
عجز / قصة قصيرة جدا
-
عابرة / قصيدة نثر
-
ومضات: مخدوع/ أثر/ تطرف/ إحسان
-
ومضات: عشق/انعتاق/تحسس/انطواء
-
حواجز/ قصة قصيرة جدا
-
ومضات: صغيري/ثائر/جرعة زائدة/إخراج
-
ومضات: تلازم/محارب/وازع/شاعر/دائرة
-
ومضات قصصية: تهافُت/ مستبد/ تاثير
-
ومضات قصصية/ قلم للايجار، إعلام، تنظير
-
عناق/ قصة قصيرة جدا
-
ثلاث قصص قصيرة جدا
-
قصتان قصيرتان جدا
-
قصة قصيرة جدا (اجتياح)
المزيد.....
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|