حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4753 - 2015 / 3 / 19 - 17:10
المحور:
الادب والفن
من ذكريات الطفولة
قول الحـــــق
عبارة تعلمتها في المدرسة الابتدائية ، واستوعبت معناها وأبعادها من معلم التربية الذي حرص بكل حنكته وتجربته وكفاءته على الإيضاح ، في إظهار إيجابياتها على الفرد والمجتمع .. ولازلت أذكر أني خرجت يوما وزملائي من درس التربية معجبين بمقولة " قل الحق ولو على نفسك " نرددها مزهوين بما تعلمناه أمام تلاميذ الفصول الأخرى ، وفي ذات اليوم وأنا في طريق العودة صحبة بعض الرفاق ، دفع بنا شغب حب إثبات الذات ، وكان تلك المرة في إظهار مهارة التصويب نحو بعض الأهداف الخيالية ، حيث كنا نلقي ببعض الحصى الصغيرة نحو اشياء من يصبها يحقق نصرا خياليا ، والذي تحول مع بعضنا إلى رشق لأبواب المنازل المرصوصة في طريقنا ، ومرة سمع دوي قوي لكسر زجاجي ، وتعالى صوت إحدى ربات منزل متوعدة شاتمة الفاعل ، قبل أن تفتح الباب ، فما كان من رفاقي إلا أن فروا من أمامها ، ووقفت في مكاني لا أتحرك فأنا لم أقصد الإيذاء وإن كانت مشاركتي خطأ وتورطا ، فإني لم أتجاوز حدود اللهو البريء ولم أطوح بحجر يمكن أن يكسر أي شيء، صرخت صاحبة السيدة في وجهي : "أنت الي رميتي الحجرة وهرستي الشرجم "، أي على النافذة ، يا ولد لحرام ..... ؟ وحيث أن السؤال كان من شقين ، ولأني تعلمت من معلمي درسا لازال حاضرا في ذاكرتي صمدت وأجبتها بصراحة ووثوق " نعم" عن الشق الأول من سؤالها ، لم يكن باقي كلامي مقبولا لديها ولا حتى مسموعا، فقد اكتفت بكلمة "نعم" وذاك ما كانت تريد ، فأمسكت بأذني ، وجرتني لبيتنا بعنف وغلظة ، لتشتكيني لأمي ، مدعية أنها رأتني بأم عينيها أرمي بابها بالحجارة وأكسر زجاج نافذتها ، وطالبت بتعويض ما لحقها من خسارة !! فما كان من أمي التي لم يحدث أن اشتكاني لها أحد من سوء تصرف ، إلا أن وسعتني ، هي الأخرى ، ضربا وتوبيخا .
كان درسا قاسيا أفقدني الثقة فيما يقوله المعلمون وما يفعله الناس على أرض الواقع ، ما يجعل الصغار يفقدون المصداقية فيما يتعلمون عندما لا يجدون تطابقا بين ما تعلموه وما هو معمول به على أرض الواقع من قبل الكبار ..
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟