|
الإرهاب ضد المرأة
اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة
(Asmaa M Mustafa)
الحوار المتمدن-العدد: 4752 - 2015 / 3 / 18 - 07:43
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ثمة كم هائل من الموروثات السلبية التي تغلب سلوكيات البعض من الرجال ، او بالأصح الذكور ، تجاه المرأة ، من غير أن يتوقفوا مع ضمائرهم لحظات ، ليفكروا بأنّ المرأة مخلوق له حق الحياة بكرامة وبما يتناسب مع إنسانيتها . المشكلة بالأساس تكمن في الوصاية التي يتعامل بها ذلك البعض مع المرأة ، حتى لو لم تكن فردا من عائلته ، فهو يفرض نفسه وصيا حتى على الأخرى التي لايمت لها بصلة أيضا ، فنراه يحاول فرض سيطرته عليها وهو مالايحق له ، ويتعامل معها ومع أفكارها بسخرية وتهكم أحيانا ، ويحاول التقليل من شأنها وشأن أي عمل تقوم به او تبدع فيه ، ويتحرش بها في الشارع مع إنه لايرضى بأن تتعرض بنات أسرته للتحرش . المفارقة أن بين هذا الكم غير الواعي من الذكور أصحاب شهادات عليا للأسف يتوهمون أن المرأة بلاعقل وأنها وجدت لإرضاء الرجل وإشباع رغباته فقط . هؤلاء يحاولون تقييد المرأة ووضعها في زاوية ضيقة تروق لمخيلاتهم المريضة ، لأنهم وعلى مايبدو ، يخشون المرأة ، فالرجل الحقيقي ، القوي ، المبدأي لايخشى المرأة بل يساندها ويدفعها الى الأمام من خلال دعمه المعنوي لها ، ويعدها شريكا حقيقيا له . نأتي الى مسألة استخدام التكنولوجيا او ماأتاحته من مساحة حرية واسعة جدا ، لها جانبان : إيجابي وسلبي ، ومايهمنا هنا هو الاستخدام السلبي او السيء . هؤلاء الذكور المتخلفون يسمحون لأنفسهم بالتضييق على حرية المرأة وحقها في استخدام الأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ، فنراهم يتجاوزون الحدود معها ويرسلون لها رسائل او صورا خادشة للحياء ، وإذا لم تستجب لأغراضهم الدنيئة قاموا بمضايقتها أكثر من خلال الألفاظ غير اللائقة والإتهامات الجاهزة الموجودة في عقولهم المريضة . ترافق هذه الظاهرة ظاهرة قبيحة أخرى برزت مع دخول الأنترنت الى العراق ، هي محاولة البعض تسقيط الآخر إذا مااختلف معه ، فيقوم بتشويه سمعته عبر المواقع الألكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي ، وهو امر يتعرض له الرجال والنساء ، لكن تأثيره على المرأة أشد بسبب حساسية وضعها في مجتمعاتنا . هذا الإرهاب الألكتروني او الفيس بوكي تصدت له صفحة بعنوان : " معاً لفضح إرهاب فيس بوك ضد النساء " ، اجتذبت مؤيدين ، وتعرضت أيضا لهجوم وتهديدات من معارضين ، وهم ينقسمون الى فئتين باعتقادنا : فئة مسيئة مليئة بالعقد تقف ضد المرأة وتنظر اليها على أنها سلعة وتابع ، وأن وجودها في شبكات التواصل الاجتماعي لابد أن يكون لسبب غير أخلاقي ، من وجهة نظر مريضة ، وأنها بالضرورة تريد إقامة علاقات مع الرجال عبر استخدامها هذه المساحة التكنولوجية ، وهذه هي نظرة الإنسان الفاسد الذي يحكم على الآخرين من خلال سلوكه الشائن ، وهي كذلك نظرة الشخص المتخلف الذي ليس له عقل يميز . الفئة المعارضة الأخرى تضم أشخاصا لايفهمون أهداف تلك الصفحة ، وبالتالي يحكمون عليها من خلال منشوراتها التي تفضح سلوكيات البعض بنشر رسائل يبعثها سيئون الى النساء ، متصورين جهلاً أن تلك المنشورات تحرض على تخريب الأخلاق من خلال مايرونه فيها من عبارات غير لائقة هي بالأصل محتوى الرسائل الموجهة من أشخاص ضالين الى نساء ، جرى نشرها بقصد فضحهم وليس ترويج الألفاظ البذيئة . وقد تعرضت القائمات على الصفحة الى تهديدات بالقتل ، ولربما تكون من مراهقين ومجرد حبر على ورق للترهيب فقط ، وربما لاتكون كذلك . نحن مع أن تأخذ المرأة حقها بنفسها ، لكننا أيضا مع وقوف الأسرة مع المرأة التي تعنيها ، حين تتعرض لإساءة ، بأن تتصدى للمسيء ، لا أن تطلب من المرأة أن تنزوي وتبتعد عن الأنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي حفاظا على سمعتها وراحة بالها . إن الإنسحاب والانزواء وترك الساحة للمسيئين لن يحل المشكلة ، مايتطلب شجاعة ومقدرة على المطاولة الى أن تحصل المرأة على الأمن في العالمين الواقعي والافتراضي . حقيقة ينبغي للضالين والمتخلفين والمسيئين أن يفهموها وهي أن المرأة مخلوق إنساني له قيمته الكبرى في الحياة ، وأن الأرض خلقت لها مثلما خلقت للرجل ، وعليهم إعادة التفكير في وصايتهم المَرَضية التي تحركهم في تعاملهم معها ، إذ إن هذه الوصاية نوع من الإرهاب الذي يمارسونه ضدها ، يحاولون به أن يتحكموا في تفكيرها وكلامها وطريقة لبسها وعملها وخياراتها في الحياة . الأسرة متهمة هي الأخرى بأن لها يداً في الإرهاب ضد المرأة ، فهي مسؤولة عن التربية ، وينبغي للوالدين أن يكفا عن التعامل مع أبنائهما على أساس أفضلية الولد على البنت ، بل عليهما أن يقوما بتوعية الابن الذكر منذ الصغر بأهمية وجود بنت في الأسرة ، ويعلماه أن لايتحرش بالأخريات وإنما يحترمهن ، حتى يعرف كل واحد حدوده . هذا مانطالب به الأب المتعسف مع بناته ، والأم التي تقف ضد ابنتها لمصلحة ابنها ، حقا او باطلا . وهذا النوع من الأمهات الذكوريات ناجم عن الموروثات السلبية والاعتقادات المخطوءة ، نضيف لها التشجيع المستمر من المجتمع للذكر كي يسيء الى الأنثى ، وإن كان تشجيعا غير مباشر ، هذا كله خلق ذكورا بلاضمائر ولاعقول ، وجبناء يستخدمون عضلاتهم ضد المرأة فقط ما أسهموا في نكوص المجتمع الى الوراء . لكننا في الوقت نفسه لاننكر وجود رجال إيجابيين متفتحي الذهن ومتحررين من الرواسب المتخلفة ، يحترمون المرأة ، وهم بالمقابل يستحقون التقدير والاحترام منها ، لاسيما أن منطلقهم في الاحترام أنها هي التي ولدت الرجل .
#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)
Asmaa_M_Mustafa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجربة القراءة .. رحلة حياة
-
سبعة أعوام من رحلة تعزيز الموروث الثقافي
-
من حياتي : درس بحرارة الماء
-
لمناقشة قضايا المرأة وحقوق الإنسان والأقليات .. هناء أدور في
...
-
رحلة الألف ميل من المحبة .. تبدأ بنبضة واحدة / تجربتي .. مع
...
-
أفكار في سطور(2)
-
معرض Sama Asma للإكسسوارات تحت شعار المحبة والجمال والسلام ف
...
-
الموروث الثقافي العراقي وحمايته من الضياع .. في جلسة حوارية
-
أبجديات الصحافة : مواصفات الصحافي الناجح *
-
أطفالُ الحروب .. كثيرٌ من العنف .. كثيرٌ من الحب
-
أفكار في سطور
-
قرار المرأة .. والفضاء الظلامي الخانق
-
الموعد
-
الموروث الثقافي المادي وغير المادي للعراق وأهمية تعزيزه وحما
...
-
اللوحة الأخيرة
-
وكالة أنباء فيس بوك !!
-
الباحث الموسوعي عبد الحميد العلوجي .. مسيرة عطاء وشهادات بعط
...
-
الحمائم لاتعود أحياناً
-
شخصيات بغدادية بارزة
-
القراءة رياضة ذهنية ، تقي من البلاهة والكسل العقلي
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|