أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - ثوبها الأخضر رَفّت الشمس ثقوبه















المزيد.....


ثوبها الأخضر رَفّت الشمس ثقوبه


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 4752 - 2015 / 3 / 18 - 07:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى الفكر والسياسة:
ثوبها الأخضر رَفّت الشمس ثقوبه



كلّما تقدّمت العلوم، كلّما فكّكت الإنسانيّة تصوّراتها السابقة عن الكون والناس والحياة، لتبني غيرها أخرى تتناسق أكثر مع معارفها الجديدة. لكنّه في كلّ مرحلة، هناك مجالٌ وحيد يقاوم تقدّم الأفكار ويراكم بالتالي تأخّراً كبيراً: إنّه علم الاقتصاد، حيث يخضع لرهانات السلطة وتوجهاتها، وحقبتنا الحالية ليست استثناءً في ذلك. بمثل هذا تحدث المفكر الفرنسى "رينيه باسيه" فى مقاله الرائع فى دورية "لوموند ديبلوماتيك" عن حركة العلوم والأفكار والاقتصاد، ولعله بوصفه هذا اقترب من الحقيقة أكثر مما بعد عنها غيره، فقد أصبح الاقتصاد السياسى واحداً من فروع هذا العلم، وهو مايفسر لماذا بات الاقتصاد فى عالمنا أداةً فاعلة بين يدى السياسة تحركه أنما شاءت وكيفما رأت. ولئن رأينا فى ذلك ظلم من السلطة ومن السياسة للإقتصاد، إلا أنها طبائع الأمور التى لها أحياناً جانبها المضئ إذا ماسخرت الدول إمكاناتها لخدمة الاقتصاد ووظفته لصالح الشعوب وتحقيق مجتمع الكفاية والعدل، لا للهيمنة والمناورة والضغوط والإملاء والاستغلال من جانب الدول الكبرى على حساب مثيلاتها النامية والضعيفة. خلاصة القول أنه مع اتساع نطاق ومباحث العلوم وتخصصاتها باتت تؤثر إحداها فى الاخرى، إن سلباً أو إيجاباً. وربما بدا ذلك جلياً فى مؤتمر مصر الاقتصادى المنعقد مؤخراً فى شرم الشيخ، إذ يمكننا القول بأن النجاح السياسى لهذا المؤتمر جاء مواكباً وداعماً وربما سابقاً لنجاحه فى جانبه الاستثمارى والاقتصادى. ولقد تابعنا ذلك من وقائع المؤتمر وفعالياته ونتائجه، ومن كثافة الحضور الدولى ورفيع التمثيل السياسى فى مشاركة الملوك والرؤساء والأمراء والوزراء وممثلى الهيئات الدولية والشركات العالمية والمستثمرين والحكوميين والشخصيات المرموقة، حتى بدا المؤتمر كما احتفالية عربية إفريقية أوروبية آسيوية بعودة مصر واستعادة مكانتها، مصر تستيقظ من سبات وتنفض عنها غبار العطالة والتهميش والهرم، تعود كما شابة فتية معجبانية وبهية.
كان المؤتمر بهذا الزخم كما دورة انعقاد للجمعية العامة فى شرم الشيخ، يمهرها هذا الحضور الدولى الرفيع بخاتم الاعتماد علامة أصيلة على العراقة والقبول والتفوق، وجاءت كلمات المشاركين عرفاناً وتقديراً لدور مصر إقليمياً وعالمياً، وإقراراً بقدرتها على قيادة حركة نشطة وقادرة على التعاون الاقتصادى والسياسى ومشاركة العالم ومحاربة الإرهاب والتصدى لهمجية من يحاولون رد عقارب الساعة لعصور التخلف والانحدار. وكأنه استفتاء على عراقة وقدرة الدور الإقليمى والدولى لمصر، وشهادة إبراء ذمة أمام التاريخ من كل ماحاولت إلقاءه قوى الشر والكيد والمؤامرة من سخائم ونواقص وافتراء لتلطيخ ثوبها النقى وانكار ثورتها وشرعية نظامها كما ادعت آلة الإعلام المتواطئ مع التنظيم الدولى للإخوان وتوابعه فى قطر وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل.
لقد كان المشهد غنياً برسائله وإشاراته، وكما أبهر المصريون العالم بثورتى يناير ويونيو وخروجهم غير المسبوق فى التاريخ يرفضون الفاشية الدينية والتطرف باسم الديمقراطية والإرهاب باسم الدين الذى هو منهم ومن أفعالهم براء، خرج المصريون بحسن تنظيمهم وتخطيطهم وإعدادهم ونجاحهم فى هذا المؤتمر ليصححوا مفاهيماً استقرت طويلاً بين دفتى كتاب الإقتصاد، وراحوا يعلنوا لأول مرة"أن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة" على خلاف ماهو معروف ومستقر ولايزال يدرس فى الجامعات ومراكز البحث والتحليل من أن العملة الرديئة هى التى تطرد العملة الجيدة، حسب قانون "السير توماس كريشام"، فقد كان حضور مصر ونجاحها طارداً لمن لم يدعوا لهذا المؤتمر، إذ طردت تركيا وقطر بما فعلوه ضد مصر ودعمهم للإرهاب، وكادت أميريكا تطرد ذاتها بحضورها الهزيل وسوء مقولات وزير خارجيتها وعدم لياقة ملاحظاته. وهكذا كان الدرس قاسياً، فالمثل العربى يقول: "من يخلط روحه مع النخالة ينقبه الدجاج" وهم غرقوا حتى آذانهم مع نخالة الأفعال والبشر، فهانوا حتى على أبسط المخلوقات وتمرغوا فى الوحل والفشل.
عودة لمقولات البروفسيور "رينيه باسيه" عن الاقتصاد إذ يخضع لرهانات السلطة وتوجهاتها، والذى بسببها راكم فى بلادنا والعالم تأخراً كبيراً، وبدا مع بارونات زواج الثروة والسلطة متوحشاً سنوات طويلة، كان فيها تابعاً هزيلاً لسياسات داخلية انتهازيةعملت على تهميش الناس وإفقارهم، وإملاءات أمريكية غربية كرست التخلف وقيم الاستهلاك والطفيلية المعادية للإنتاج والعاملة على تخليق وكلاء تجاريين "كومبرادور" تابعين للسياسات الأمريكية بأكثر مما تحتمل قيم العدالة الإجتماعية. عاشوا على أمل أن تتساقط عوائد النمو على الشرائح الدنيا التى لم يصلها من نمو قارب 8% إلا العوز والحاجة. هذا الاقتصاد الريعى التجارى الهامشى يتحول الآن بعد 30 يونيو من تبعية إقتصادية فككت القطاع العام وباعت أيقونات انتاجه الحقيقى وعطلت آلياته وسرحت عماله وأغلقت أبوابه، إلى شراكة مصرية مع كبرى الدول والشركات العالمية المتخصصة فى اقتصاديات المعرفة وتكنولوجيات العصر المتقدم، أو هكذا هو فى الطريق، ولعله "الاقتصاد" يراكم هذه المرة تقدماً يحافظ على مصالح الشعب ويلبى احتياجاته ويحقق عدالة اجتماعية لايمكن نجاح السيسى ونظامه دون تثبيت دعائمها وتمتع الشعب بعوائدها. ولعل البعض ممن أثاروا فى المؤتمر بغباء وضيق أفق رغبتهم فى بيع ماتبقى من القطاع العام وشركاته أن يراجعوا عبرة يناير ويتعلموا الدرس ويعرفوا أننا انتصرنا فى أكتوبر بفضل القطاع العام الذى لولاه لما وقفوا فى الصفوف الأولى بمؤخراتهم الغليظة يتشدقون بالهراء.
لقد جاءت بشارات النجاح المتوقع للتعاقدات والتعهدات التمويلية والاستثمارية فى هذا المؤتمر علامة على تسخير آليات السياسة للاقتصاد، وتأملوا مشهد "الفينالة" فى ختام المؤتمر ومستقبل مصر ودعائمه من الشبان والبنات يلتفون حول رئيسهم يحدوهم الأمل ويملأهم التطلع إلى قادم أفضل وأرحب مماهم فيه. لقد كانت صورة موحية ملهمة والرئيس يختتم المؤتمر والشبان يتقافزون حوله فرحاً، وعليه أن ينبه حكومته ورجاله ويعلمهم كيف يحافظون على إلتفاف الشباب حوله ومشروعه الوطنى للتحديث والنهضة والتقدم، وليدرسهم أن هذا الوطن نحن نملكه ونحن شركاء فيه، وعلينا جميعاً أن نستفيد من عوائده بعدل، وألا يقع على الفقراء والبسطاء وحدهم عبء التنمية والإصلاح الاقتصادى، وهكذا تكون مصر التى خلقت لتعيش بحرية وعدالة وكرامة.
بينما أتابع مصر ترنو فرحاً، تفكك تصوراتها السابقة وتعاود بالعزم والعمل ترميم الصورة، هتفت من أعماقى كلمات أبوالنجوم رحمه الله: آدى مصر، ياللى شككتم فى مصر، خارجة تعلن ع الملأ كلمتها مصر. مصر التى بلى ثوبها الأخضر جراء سنوات عجاف، فإذا بشرم الشيخ رفت الشمس ثقوبه.
___________________________________________ دكتور محمد السعدنى



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعدقاء الأمريكان وسياسات الأقل كفاءة
- بريسترويكا جديدة من برج القاهرة
- إكشفوا الذئاب قبل محاربة الإرهاب
- ست شخصيات تبحث عن مؤلف
- أن تكتب عن جمال عبد الناصر
- لا مانع لدى الملا أوباما أن يضرب فرنسا فى طريقه إلينا
- مصر بين سياسات الاحتواء وتجسيد الفكرة
- هل تعيين خالد فوزى عنواناً لمرحلة جديدة؟
- إتجاه مصر نحو الشرق ضرورة استراتيجية
- رؤية المفكر وحيرة النخبة: لويس عوض دراسة حالة
- لئلا يرقص البيض مع الحجارة
- حكومة محلب والعقل المؤسسى المفقود
- المسئولية الوطنية للجامعة من محمد عبداللاه إلى خالد الطوخى
- بيت الأسماك فى التراث والإرهاب والسياسة
- الأزهر ينعى ويشجب ويغط فى سبات عميق
- سياسات الجرى فى الشوارع والأفق البليد
- هانى سرى الدين ومصطفى الفقى وجيل الوسط
- وليام روجرز والثعلب فى مصيدة جمال عبدالناصر
- داعش: حصان طروادة الأمريكى الجديد
- أخبار اليوم.. من المؤسسة إلى فضاء الدولة


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - ثوبها الأخضر رَفّت الشمس ثقوبه