أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ‎مراد الخشناوي - الذّنب مقاربة علميّة : علم النفس نموذجا














المزيد.....

الذّنب مقاربة علميّة : علم النفس نموذجا


‎مراد الخشناوي

الحوار المتمدن-العدد: 4750 - 2015 / 3 / 16 - 20:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الذّنب مقاربة علميّة : علم النفس نموذجا
الذّنب موضوع شائك قد ساءلنا كلّ أنواع المعرفة والدّين والأسطورة والفلسفة والعلم واللّغة وقد لا نشفى غليلنا أردنا أن نلقي نظرة ولو خاطفة على رأي العلم في هذا المبحث لا سيّما علم النّفس فالتّحديد الفرويدي للذّنب مثلا يفهم أوّلا من جهة كونه إحساسا بالذّنب أي شعور داخلي يستبطنه الإنسان أو بلغة أدق المريض نتيجة فعل ما قد يكون اقترفه أو نتيجة مجرّد تخيّلات بأنّه قام بفعل لم يقترفه.
نتيجة للحضر والكبت والمنع الّذي يسلّط على الطّفل الصغير تتراكم لديه مشاعر الإحساس بالذّنب لتتحوّل فيما بعد إلى ذنب مسلّط إلى الخارج أي إلى الآخر عنفا وعدوانيّة.فتصبح الذّات بهذا المعنى واقعة تحت تأثير جدليّة الشعور بالذّنب غير المبرّر ومعاقبة الذّات La culpabiltè crée par l’interdiction chez les tout petit enfant et à l’aube de la vie social chez les primitifs
إذا كان للشعور بالذّنب تأثيرات سلبيّة على الذّات والمجتمع تؤدّي لمعاقبة الذّات أو سلوكات عدوانيّة على الآخر فإنّه أيضا يعدّ فرصة لإفراز أشكال إبداعيّة تتجلّى أساسا في الفنّ بمختلف تمظهراته L’extrême Fréquance de motifs de culpa dans le poésie,le roman …
يرى التحليل النفسي أنّ تعابير مثل الخطأ و الإتّهام والعقاب مجرّد أمور شكليّة يعتمدها المجتمع كآلية لتحقيق الرغبة في الإنتقام ونزوع واضح نحو العدوانيّة.إنّه لا يمكننا البتّة أن نميّز في ذهن العامّي أو العقل العمومي بين فعلين فعل العدل Justice وفعل الإنتقام Vengeance.الرّغبة في الإنتقام ليست مجرّد فعل مسلّط من الخارج بل إنّه قد يصبح شعورا ملازما للشعور بالذّنب يصل إلى حد الرّغبة في تعذيب الذّات ومعاقبتها بأبشع الأساليب، وهو ما يطلق عليه في علم النفس المازوشيّة الّذي أكّده فرويد في المقال الّذي نشره سنة 1923 حول الذّات والهو Le sujet et le ça .
إنّ الشعور العميق بالمحدوديّة والعجز والنقص والحرمان كفيلة بتوليد شعور عميق لدى الفرد بالذّنب قد يترجم إلى أفعال عدوانيّة على المجتمع إذ يرى Lacan أنّ الذّنب شعور بالحرمانLa cupabilité et l’expression du manque .
إنّ العجز والحرمان واللاّقدرة على فعل شيء ما والشعور بالعجز قد يفرز لدى الفرد شعورا بالذّنب وقد ضرب لاكان علاقة بين اللاّقدرة والذّنب قوامها Pas capable – coupable. الشعور بالذّنب حمل ثقيل يحملة الإنسان في داخله منذ زمن الطفولة وهو ملازم له حتّى سن متقدّمة يترجم إلى أشكال مختلفة ويمكن أيضا أن ينتصب محكمة داخليّة تحاكم فيها الذّات ذاتها وتعاقبها في نفس الوقت وقد يصل العقاب حد الإنتحار أو يصبح إحساسا عميقا بالقلق L’angoise doit partir de l’atmospher de la culpabilité.
يرى فرويد أنّ الإحساس بالذّنب أو بالخطأ هو نتاج صراع داخلي بين الأنا والأنا الأعلى، وهو ما يمكن أن يولّد محكمة داخليّة تحاكم فيها النّفس نفسهاLa conscience fautive se presente comme la consequence d’une tension entre le surmoi et le moi .
فالأنا الأعلى في نظر فرويد قوّة ضاغطة مسلّطة على الأنا "المسكين" فهو تجسيم لصورة الأب القائمة على الحضر والمعاقبة. وهي نفسها صورة أوديب المستلهمة من الأساطير الإغريقيّة.الشعور بالذّنب من شأنه أن يحدث في الذّات شعورا مزدوجا يتمثّل في حضور الأنا من جهة ومعاقبة الأنا الأعلى من جهة أخرى هذا الشعور يطلق عليه السادو – مازوشيّة أي أن الأنا تظهر بدور المازوشيّة المتقبلة طوعا للألم الّذي يسبّبه الأنا الأعلى والأنا الأعلى القوّة الساديّة الّتي لا ترأف بالأنا.
يمكن أن نفرّق بين الذّنب والإحساس بالذّنب رغم أن التسمية في الفرنسيّة نفسها Culpabilité، بإعتبار أنّ الأوّل فعل موضوعي أي فعل مقترف وخاضع لقانون بينما الإحساس بالذّنب فعل ذاتي وقد تكون نتيجة فعل مقترف أو نتيجة لمجّرد فعل متخيّل أنتجته المخيّلة زيفا وهو ما يسمّى بالذّنب الزّائف.
قد يتحول الإحساس بالذّنب إلى فعل إبداعي ويمكن من تجاوز الخطأ المعترف إصلاحا لكنّه قد يصير إحساسا عميقا بالألم والقلق المرضي، وهو لا يتعلّق بالمذنبين فقط بل بالأبرياء أيضا، وهو لا يتعلق بحالات الألم والحزن فقط بل أيضا بحالات السرور والمتعة، وهذا ما جعل منه فعلا مفارقاتيّا.
إذا كنّا قد تساءلنا في المقاربة التحليليّة النفسيّة عن الأبعاد الذاتيّة والموضوعيّة لموضوع الذّنب، فإنّه في علم الإجتماع يمكن أن نتساءل عن الفردي والجماعي بالنّسبة لهذا الموضوع أي ما مدى نسبة الذّنب إلى الفرد وما مدى تحمّله مسؤوليّة ما اقترف.يمكن القول أن الشعور بالذّنب ناتج عن تأثير مجموعة من المعطيات الإجتماعيّة الّتي يتراكم على الفرد وتضرر شعورا قويّا بالذّنب، ويمكن أيضا للمعطيات الإقتصاديّة بدورها أن تكون سبب مباشرا في الإحساس بالذّنب لا سيّما في موضوع العمل والفاقة والفقر المرتبطون عضويّا بما هو إقتصادي.
إن المقاربة السيكو ــــــ سوسيولوجيّة تقرّ أن كلّ أشكال الذّنب الّتي تحتفي بها الإنسان مثل العدوانيّة، الجريمة، الإبادات الجماعيّة، الميز العنصري، الإثنيّة الخ... إنّما تعبّر على خلل قد ألمّ بعلاقاتنا الإجتماعيّة بإندماجنا وتفاعلنا وتواصلنا فيما بيننا، وقد تتجلّى هذه العدوانيّة من خلال التعدّي على حقوق الأقليّات من خلال إجبارها على تغيير هويّاتها وخصوصيّتها وإخضاعها والسيطرة عليها وسلب كل حقوقها الماديّة والمعنويّة، أما التعيير الأكثر عدوانيّة فهو إبادة تلك الجماعات أي محوها وطمس كلّ آثارها.



#‎مراد_الخشناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدل بين الإنصاف والتشفي


المزيد.....




- رئيس وزراء هولندا: المعاناة الإنسانية في غزة فظيعة والصور ين ...
- مجلس الدوما الروسي يدرس التصديق على اتفاقية الشراكة مع إيران ...
- الهلال الأحمر الفلسطيني يطالب بتحقيقٍ دولي مستقل في مقتل 15 ...
- جمال كريمي بنشقرون : الشباب والسياسة ويدعوا إلى استعادة الثق ...
- رسوم ترامب تدخل حيز التنفيذ... سلاح قليل الإثمار
- الرسوم الجمركية.. الاتحاد الأوروبي يعرض على أمريكا اتفاق تجا ...
- قمة القاهرة الثلاثية تحذر: الحرب تهدد المنطقة والسلام يبدأ م ...
- تقرير سوري عن هدف إسرائيل من مواصلة تحليق طائرات تجسسها الإل ...
- كندا تقدم شكوى لمنظمة التجارة العالمية بشأن رسوم ترامب
- رفع الراية ورحل.. وفاة طالب تونسي إثر سقوطه من بناية عالية أ ...


المزيد.....

- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ‎مراد الخشناوي - الذّنب مقاربة علميّة : علم النفس نموذجا