|
عرس الفرسان***تاريخ وطن
ميلاد المكصوصي
الحوار المتمدن-العدد: 4747 - 2015 / 3 / 13 - 22:11
المحور:
الادب والفن
عرس الفرسان ***تاريخ وطن
وقتذاك كنت في مقتبل العمر...أعيش بين عائله كبيره... سعداء جدا...في قريه صغيره.. حلوة تشبه الجنه...أبي وأعمامي ورثوا بستان نخل...تركه لهم ابوهم ولم يشأ العم الاكبر ان يقسمه على من ورثه معه .... لقد تزوج ابوهم ثلاثه نساء .. جداتي الثلاثة .....و أنجبن له ثمانية عشر من الاولاد ...اما الأحفاد فلا تسأل.... حدث ولا حرج . لا يحصي عددهم ألا العم الأكبرفقد كان الكل يتبرك به ويلجأون اليه في أختيار أسم للمولود الجديد...لقد كان حقاً موسوعه أسماء ، أسماء من تاريخ هذا الوطن الحافل بالأبطال من ...عائلتنا مليئه باسماء الابطال .... حاول البعض الانسلاخ من واقعنا الجميل والالتحاق بالمدينه وخصوصا بعد ما دخل أولادهم الجامعات.... لكن العم الاكبر قال كلمه الفصل...
أذهبوا أنى شئتم .. ساعدوني في بستان النخل او لا تساعدوني ، كل وريث تأتيه حصته من المحصول بأخر العام....لكن لن ابيع ولن أقسم أرث أبي وأجدادي وهذه وصيتي لكم حتى وأن مت....أستسلم الكل بعد سماع تلك الكلمات لأنهم يعرفون ان كلمته واحده وأنه أذا قال فعل لم يجرئ احد علی-;- فتح هذا الموضوع...ورضوا بالأمر الواقع.. نحن الصغار كنا نحبه جدا...كان رجلا مميزا في كل شيء ، كنت أحسبه ملكا على جميع الرجال....حين يجتمع أعمامي الكل يطأطئ رأسه أمامه...لا أضن أن أحدا يشبهه...كان كالاسد في الغابه...كم انتشيت بالفخر حين اذهب الی-;- المدرسه لأن المدير يشيد بفضل عمي في خدمة قريتنا التي تشبه الجنة .. في البيت اتحين الفرص كي اكون قريبا من عمي اتقرب اليه انفذ اوامره بدقه متناهيه.. انتظر ان يمتدحني بفارغ الصبر...بعض الاحيان اقف بعيدا اتامل ما يفعله وما يقوله بكل اهتمام ، وفي مرة تنبه إليَّ فناداني -- علي .. يا ولدي ... وقف قلبي من الفرح .. صرتُ ارفف بجناحي حتی-;- وصلت قريبا منه .. ياه كم كنت اعشق القرب منه رغم اني كنت اهاب الاقتراب منه .... -- اقترب اقترب يا علي.. اقتربت منه بحذر ، وصوته ذو القدرة والعمق الكبير لا يزال يتردد في أذني ، الصوت الذي يسمى ( التينور ) اعلى طبقات الصوت عند الرجال ، امسك بي وقال.. -- ما الذي يقعدك هنا ؟! لِمٓ-;- تجلس وحيداً ؟! ... فرحت لهذا السؤال كم كنت انتظر هذه اللحضه .. كادت ان تقفز من فمي : عمي اني احب مرافقتك لانك مثلي الاعلی-;- لانك كل شيئ في حياتي....لكن الكلمات لم تشأ ان تخرج .. او ربما لم تجرؤ .. خجلت لانني لم استطع ان أجيبه ...ضربني علی-;- خدي مرتين ومسح علی-;- راسي ومشى .. كنت مستمتعا جدا ، كان اجمل ايام حياتي...ثم قال وهو يبعد عني قليلاً -- انت تشبهني ... حين كنت في مثل سنك .. اعرف بماذا تفكر ، علي .. هل ترافقني ؟ هل تساعد عمك في بعض الاعمال .... ماذا ؟ لم اصدق ما سمعت وكانه قرأ ما بداخلي احمر وجهي خجلا..وقلت بثبات... -- (عد عيناك عمي اامرني اعيوني الك)... ابتسم العم و ربّت علی-;- كتفي كان يعاملني كرجل...لذلك كنت أمسح دموع الفرح بلقياه وأكسر العبرات داخل صدري كلما رأيت وجهه كل صباح.... تلك كانت اجمل ايام حياتي ...وكم لمت نفسي بعد ذلك لانني لم اتصرف كطفل ، لم استطيع افهامه رغبتي بالحاجه الی-;- حنانه لي كطفل... كنت اتمنی-;- ان اركض نحوه بكل براءة ان اجلس علی-;- ركبتيه ان احتضنه كما يفعل اطفاله الصغار كم كنت احسدهم...وكم كانوا يتضايقون مني ويصفوني بـ (اللزكه) لانني كنت لا افارقه ابدا وخاصه بعد ان طلب مني ذلك... كانت اياما جميله ذهبت ولم تعد... وجاءت ايام شوؤم كالحه السواد...ايام لم نصدق يوما اننا سنقع ضحيتها...
لقد احتل الاشرار قريتنا ، احتلوا الجنة التي كنا فيها نعيش ....لا تزال رائحة الغبار تعبيء انفي ، اشمها كل يوم ، بل كل ساعة ، رائحه غبار ذلك اليوم حين هاجت القريه وماجت علی-;- هذا النبأ السيئ... لم يصلوا الينا بعد... جمع عمي ابناء العشيره...كنا مجموعه كبيره مشهود لها بالفروسيه والبطوله...كانت عيون الرجال تتقد بالحماس وكانت الاصوات مرتفعه وحتی-;- النساء ارسل عمي في طلبهن والصبيان .. تجمع الكل .. كنت صبيا لكنني كنت اعرف ما سيحدث صوت في داخلي يمزق اوصالي .. لن استطيع ان افارق عمي .. تبا لتلك الحرب اللعينه تبا لذلك اليوم المشؤوم .. تبا لكل من سمح لهم بتدنيس ارضنا ، ثم تباً و تباً لي لانني لا زلت طفل... الجميع علی-;- قلب واحد...كانوا يثقون بالعم كثيرا....وينفذون اوامره بحذافيرها... الكل متفاعل وتاخذهم الحماسه حين يهتف الشباب بحياة قريتنا وحياه العشيره ، إلا أنا فقد كنت في دوامه ويعتصرني الالم.... كنت ابتعد عن كل مجموعه حتی-;- لا اتهم بالجبن والخوف... حين حضر العم...راودتني رغبه شديده بالبكاء تداركت نفسي وهربت بعيدا خلف التل بكيت من كل قلبي بكيت كمن فجع بفقدان امه كنت اشعر ان ايام الصفاء لملمت حقائبها لتغادرنا .. وان الفراق بات قريبا منا .. وانا لا احتمل الفراق... سمعت اطلاق النار بدأ بالازدياد ، لم أعد أميز بين صوت إطلاقات النار وضربات قلبي ... انتبهت ان عمي هناك .. خفت كثير عليه .. رجعت اليه راكضاً .. تعثرت .. وقعت .. قمت و ركضت من جديد اقتربت واذا بعمي الفارس البطل .. يطلق رصاصات العز والكرامه من بندقية جده ، تلك البندقية التي حدثنا يوما عنها .. تلك التي دافع بها عن وطنه في ثوره العشرين....
نهايه الجزء الاول
#ميلاد_المكصوصي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شر خلف لخير سلف
-
عرس الفرسان *** قصه مني واحمد
-
عرس الفرسان***قصه مريم
-
**شلالات الحزن**
-
عرس الفرسان
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|