سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1323 - 2005 / 9 / 20 - 11:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أخيرًا.. وبعد صمت مطبق من جانب الحكومة، وجدل صاخب - وصل إلي حد الانقسام - في معسكر المثقفين.. استقبل رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف وزير الثقافة فاروق حسني في »القرية الذكية« وطلب منه -بناء علي تعليمات الرئيس- الاستمرار في عمله بوزارة الثقافة.
وبذلك تم اسدال الستار علي الاستقالة التي تقدم بها الوزير علي خلفية كارثة حريق قصر ثقافة بني سويف التي اعترف فاروق حسني بمسئولية الوزارة عنها، رغم هجومه علي منتقديه واتهامهم بـ »السادية« واستغلال الحادث لأسباب سياسية انتقاما من نظام الحكم - حسب زعمه - بعد نتائج انتخابات الرئاسة.
وقد انقسم المثقفون في ردود أفعالهم علي هذه الاستقالة، فوصفها البعض بأنها »استعراضية« و»مناورة« بينما هب فريق آخر من أنصار الوزير للمطالبة برفض الاستقالة ومناشدة رئيس الجمهورية بعدم قبولها مع الاشادة بإنجازات فاروق حسني والتباكي علي الطاقات »الفذة« التي يمتلك المزيد منها والتي سيحرمنا منها قرار استقالته!
وكان الأسوأ من تناقض موقف الوزير الذي سحب بالشمال ما قدمه باليمين، هو موقف هذا الفريق من المثقفين الذين تباروا لتحريض الدولة علي التمسك به رغم كارثة بني سويف رافعين شعار »بالروح.. بالدم.. نفديك يا فاروق« وضاربين عرض الحائط بمبدأ »المسئولية السياسية« الذي لا يجبه الاصرار علي »المسئولية الجنائية« وبأن الاستقالة السياسية - أو علي الأقل الاجازة المفتوحة - تستوجبها ضرورات عدالة التحقيق الجنائي وعدم عرقلته، ومتناسين أن الزج بأسطوانة »الانجازات« إقحام مفتعل، وأن الزعم بأن الوزير بدأ مشروعات ثقافية لابد أن يكملها هو تدليس واضح لأن هذه المشروعات ليست »شخصية« مرتبطة به، بل هي مشروعات قومية سيتم إنجازها بصرف النظر عن شخص الوزير، أما القول بأنه ليس هناك بديل عن الوزير فهو إهانة للشعب المصري، وهي بالمناسبة إهانة متكررة، لأنه حتي لو كان الدكتور طه حسين شخصيًا هو وزير الثقافة فإن بقاءه علي كرسي الوزارة لمدة اربع سنوات يكفي وزيادة.. أما المطالبة باستمرار وزير احتل منصبه الوزاري ثمانية عشر عاما متصلة فانما ينم عن نزعة استبدادية مناهضة لروح التغيير.. ناهيك عن مبدأ المحاسبة.
ولعل الدكتور رئيس الوزراء يتفهم مشاعر ضحايا محرقة بني سويف الذين سيتلقون نبأ »تثبيت« الوزير علي أنه »مكافأة« له، واستهانة بأحزانهم وتجاهل للأسباب التي أدت إلي وقوع هذه المصيبة الكفيلة بأن تطيح بحكومة بأسرها، وليس بوزير تقدم باستقالة استعراضية أو رئيس هيئة قصور الثقافة الذي رفض أن يتحمل أي قدر من المسئولية أصلاً.
والبقية في حياتكم!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟