|
عن المخرج الياباني أكيرا كيراساو واسطورة الجودو 1943 والرجال الذين يخطون على ذيل نمر 1945 ويوم احد رائع 1947
بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 23:01
المحور:
الادب والفن
عن المخرج الياباني أكيرا كيراساو واسطورة الجودو 1943 والرجال الذين يخطون على ذيل نمر 1945 ويوم احد رائع 1947 ولد أكيرا كيراساو عام 1910،وهو ابن لأسرة منحدرة من احدى طوائف الساموراي،وكان كيراساو قد انفتح في وقت واحد على ثقافتين غربيتين:السينما الأمريكية مع جون فورد والفرنسية مع جان رينوار،ومن جهة ثانية الأدب الأوروبي الانساني،وهذا الانفتاح دفع في الكثير من الأحيان بنعته بالمخرج المتغربن اشارة الى تأثره الكبير وانفتاحه على الثقافة الغربية. بدأ كيراساو مسيرته الأخراجية مع فيلم(أسطورة الجودو-سانشيرو سوغاتا 1943) وكثير من أفلامه تحولت بمحتواها الشكلي إلى افلام أمريكية غربية بحتة ولكن على الغالب كانت تفقد الموضوع الروحي والمضموني ،وهنا نتحدث عن أسوأ الاقتباسات عندما يتحول فيلم المخرج الألماني فيم فندر(أجنحة الرغبة)إلى فيلم أمريكي يدعى ب(مدينة الملائكة)وهذا التحول ليس أكثر من حالة شكلية فيلمية منها الى تحول مضموني داخلي على شاكلة انتقالات أفلام كيراساو الى السينما الغربية،وهي انتقالات سوف يؤدي تحويلها الى نجاح كبير على شباك التذاكر الأمريكي،ولكن لعل اشهر الانتقالات التي حافظت على العنصر الشكلي والمضموني والمستوى الفني العالي هو فيلم(من أجل حفنة دولارت) الذي حققه المخرج الايطالي سيرجيو ليوني ويعد من اشهر افلام الويسترن بل افضلها على الاطلاق. هذا عدا عن الاقتباسات الكثيرة الذي تحول منها أيضا الى مسلسلات تلفزيونية على شاكلة،راشمون سيدني لوميت،والحارس الشخصي الذي نقل باسم آخر الرجل الصامدون مع بروس ويلز،كما انه يجب علينا أن لاننسى فيلم الساموراي السبعة... كيراساو وان كان مشهورا في اليابان،ولكن من الممكن اعتبار راشومون هو فيلم كيراساو الحقيقي الأول الذي نقل كيراساو الى شهرة واسعة ليس بالداخل فقط بل الى الخارج محققا عنه الجائزة الكبرى (الاسد الذهبي) للمهرجان الايطالي العريق ولنا وقفة بالتأكيد مع هذا الفيلم. حقق كيراساو ما يدعى بالنموذج المثالي للعولمة الثقافية،فمع حبه لشكسبير ورينوار والسينما الأمريكية،وتأثره بالديستيوفسكي والروايات الاوروبية الكبرى،فهو كان قد عمل على خلط كل ذلك بالثقافة اليابانية الخالصة،ونلاحظ بوضوح في افلامه التي تضمنت معارك ونزاعات كبرى على نمط الساموراي...هذا المزج بين الشكسبيرية والفكر الثقافي التقليدي الشعبي الياباني لاينفي ان افلامه كانت لاتخلو من تحويل رواية كبرى للديستيوفسكي أو حتى مكسيم غوركي الى فيلم. هذا التؤثر الواضح جعل من النقاد اليابانيين يعتبرون كيراساو لاينتمي للتقليد الياباني بالقدر الذي كان ينتمي فيه الى افكار غربية،وان كان هذا الكلام صحيحا على كل علاته،يجب على كل هؤلاء ان لايتناسوا موضوع المزج الفخم والرائع بين ثقافة غربية وثقافة شرقية ان لم تكن بعيدة في معطياتها الحضارية عن بعضها البعض،فهي تجمعبين نقاط التقاء وتقاطعات انسانية تعتبر افلام كيراساو أفضل نموذج لها. وهذا لاينفي على أية حال أن كيراساو حقق أفلاما ذات مواضيع ذات صلة تامة بالغرب،لعل من ابرزها واشهرها على الأطلاق هو فيلم راشمون...فهل من تقاليد البوذي البحث عن الحقيقة وبالتالي جعلها نسبية تماما؟ قلنا سابقا ان راشمون هو الفيلم الذي لم يقد كيراساو فقط الى شهرة عالمية بل عمل على ان يلفت أنظار العالم الى سينما آسيوية يابانية كانت مختفية خلف الستار ولاينظر اليها إلا على مضض،وابرز مثال على ذلك هو افلام مواطنه (ياسجيرو أوزو) ويبقى كيراساو هو المخرج الاكبر والأشهر القادم من أحضان الشرق. الفيلم الأول لكيراساو(اسطورة الجودو-سانشيرو سوغاتا1943) فحواه تمجيد لعبة الكارتيه من خلال ثقافة وحكاية شعبية تدوا أحداثها عام 1882،في فيلم أكشن من الدرجة الثانية بل وحتى الثالثة لايعبر عن اي شيء من سمات هذا المخرج الكبير سوى انه يعتبر ناقوسا دق من دون سابق انذار ليعلن عن حضور مخرج سيتربع على عرش السينما العالمية على شاكلة اقرانه فليني وانتونيوني وبيرغمان... على ان تركيز كيراساو في الفيلم على فنون القتال وعلى البطولة الشخصية المثالية،جعل من الفيلم مقبولا عند جمهور ياباني واسع ينظر الى السينما كوسيلة ترفيه ليس اكثر وهذا يعتبر بذرة شهرة كيراساو الأولى،على ان كيراساو في كثير من افلامه الشهيرة والكبرى كان لايبخل علينا بديكورات فخمة ومعارك عنيفة وفنون سينمائية ذات علاقة بالشكل،جتى لو كان كيراساو في داخله ومضمونه يتحدث عن شيء آخر،وهو ان لم يكن فاشلا من هذه الناحية فهو على الأقل استطاع أن يلفت نظر جمهوره الواسع الى هذه النقاط ويجعلهم يعيدون محاولة فهم الفيلم ومن أكثر من زاوية لأكثر من مرة. عام 1945 حقق كيراساو فيلم(الرجال الذين يخطون على ذيل النمر) وهو فيلم قليل الأهمية مع الفيلم السابق في مسيرة كيراساو وهو فيلم يبدو بأفضل أحواله قصة شعبية ولانلاحظ فيها أي حنكة لمخرج كبير. هذه القصة الشعبية عن مسرحية حققت عام 1840 للكاتب(Kanjincho) من عصر الاقطاع في القرن الثاني عشر. الحاكم الشاب(Yoshitune) الذي يتنكر بلباس زاهد يتبعه ستة من حراسه خوفا من انتقام اخيه الحقود،والعبرة ان هذا الحاكم يجلد من قبل قائد الحراس للحفاظ على حياته كحيلة قصدها التمويه للتنصل من اعدائه. وهذا ان كان يعتبر ثورة في التقليد الياباني الذي يحترم القائد الى درجة كبيرة،إلا ان كيراساو يقول ايضا أن الغاية تبرر الوسيلة وان كان البعض لايتقبل ذلك،ولكن كيراساو قال كل مايريد قوله بوضوح ومن دون اي عاصفة رافقت عرض الفيلم. إذا لانستطيع ان ننكر أن فيلم(الرجال الذين يخطون على ذيل النمر) كان عابرا في مسيرة مخرجنا الكبير ولاينظر اليه بعين كبرى من الأهمية. مع فيلم(يوم الأحد الرائع1947)،تبدأ مرحلة الأفلام الطويلة الروائية،وهو البداية الحقيقية،فحين حصل المخرج على بعض من الحرية لتحقيق شيء خاص ينم عن افكاره ورؤيته السينمائية،ولكن سيبقى غير راض عن الفيلم،جيث ان النقد اتفق على ان البداية الحقيقية لكيراساو ستبدأ مع فيلم الملاك الثمل. الفيلم هو عن شاب يدعى(Yuzo) المجند السابق والذي يعمل كعامل الأن ويعاني من فقر شديد لدرجة انه لايستطيع أن يشتري حذاءا جديدا. منذ البداية نلاحظ مدى تأثر كيراساو بالواقعية الايطالية،فهو فيلم عن الواقع الياباني الصعب بعد الخرب من خلال سيرة هذا الشاب الذي دمرت الحرب احلامه،وهو الآن يبحث عن غرفة للسكن حتى لوكانت سيئة صيفا وشتاءا أو أطلالتها الوحيدة هي حمام المصنع المقابل. هناك لمحات وتحولات جميلة في الفيلم... لعب بيسبول مع اطفال مع موسيقى غربية مقصودها التهكم في موقف يشع بالكوميديا السوداء،حيث يبدو الموضوع أحيانا عن المشردين وعن المسحوقين وهي اشارة جميلة في تحولات كيراساو السينمائية،وكأن الفيلم فيه شيء من واقعية فيتوريو دي سيكا المتقشفة ...فيه شيء من سارق الدراجة وربما يشكل أقرب من (أمبرتو دي). ذلك الصبي المشرد رث الثياب..يبدو أن لااحد يرغب في اعطائه الطعام...يعرض على يوزو 10 ينات مقابل اعطائه كرة من الرز ولكنه يرفض المال،ومن ثم الاحتقار من قبل هذا الصبي المشرد جاء على شكل خطاب ليوزو: أنت مجرد مجند سابق...لايوجد أي قيمة لهذا اللقب(مجند سابق) هذه الكلمة الفناها جيدا في الأفلام الأمريكية ومع اوليفر ستون تحديدا الفيلم هو عن يوم احد اذا سنفعل به...عن شخصيتين مركزيتين نعيشان الواقع نعم،ولكنه واقع محاط بأمل لابد منه للتمكن من استمرار هذه الحياة . يوزو وخطيبته ماساكو الذي يحيطهما كيراساو بقدر ومسار سيئ جدا ....فهما لايستطيعان أن يشاهدا سيمفونية غير منتهية نتيجة تدخل من زعران السوق السوداء وفرضهم شراء التذاكر. تأمل عاطفي شاعري في حياة شاب بائس وخطيبته التي لاتقل بؤسا عنه،وحتى لو اتفق النقاد ان هذا الفيلم متوسط المستوى الفني فنحن متفقين معهم ولكننا نقول ايضا ان هذا الفيلم(يوم احد رائع) فيه شيء خاص...لمسات فنية ابداعية لمخرج سوف يحلق لاحقا نحو عالم خاص...بل خاص جدا بلال سمير الصدّر 13/11/2015
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحب حتى الموت 1984:تأملات في الحياة والموت
-
عمي الأمريكي 1980 الن رينيه:الأنسان في انبوبة اختبار
-
العناية الالهية 1977 الن رينيه:اللغة الأخلاقية
-
ستافينسكي 1975(ألن رينيه):فيلم سينمائي من دون اشكالية سردية
...
-
أحبك أحبك 1968(الن رينيه):الذاكرة الانتقائية
-
الحرب النتهت 1966 الن رينيه: اسبانيا لم تعد سوى حلم للسياح ا
...
-
مورييل 1963(ألن رينيه):الذاكرة المعذبة
-
العام الماضي في مارينباد 1961 الن رينيه:لحظة التكوين
-
هيروشيما يا حبي 1959 الن رينيه:ذكريات الظل والحجر
-
ليل وضباب 1955:عن الن رينيه واستباحة الذاكرة
-
السر الغامض للرغبة(الجاذبية الخفية للرغبة) 1978(لويس بونويل)
...
-
شبح الحرية 1974(لويس بونويل):تحولات ومشكلات العصر
-
الجاذبية الخفية للبرجوازية 1972(لويس بونويل):مسرحية من الدرج
...
-
تريستانا 1970 لويس بونويل:غراميات مضحكة
-
Scopophilia:Peeping Tom1960
-
حسناء النهار 1967(لويس بونويل):عن عاهرة من نوع آخر
-
مفكرة الخادمة 1963(لويس بونويل):قصة عن فساد كامن ولكنه بدأ ي
...
-
الملاك المبيد 1962 (لويس بونويل):مسار غامض
-
فيرديانا 1961(لويس بونويل):عن التفكير الديني ومعطيات الحياة
...
-
علاقة غريبة (El-Starngr Affeir) لويس بونويل 1952(بونويل والح
...
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|