يعقوب زامل الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 22:48
المحور:
الادب والفن
الرواية أشارت في مستهلها: " ..لم يمنحها، سوى بضعة ضوء من سرادق خلفية من عينيه. الكل ألتفت لمكان آخر إلا هو.
الرجل المخبول بالدخان والشفتين لم يترك مضيقها الوردي يتشهى بعيدا عن دوار حواراته.. المضيق الذي كان يتجشأ بالضباب الأزرق تناثر كبصيلات الوجع عبر الهواء. ومثل قطة كانت تندس تحت فراءها الدافئ. يموء نصفها الطيني المغبر يغرق بنصفها المليء بالدخان. ودخان يخاطر بلونه بين شفتيها.
الرجل المخبول حد الشبهة، الذي غرق بنصفه الطيني وبنصفه المائي، أغترب طويلا في توهج الشفتين والسيجارة. نصفه الهلامي مثله تماما، ظل يعاقر نصفه الآخر في هواية الأمتحان.
غالبا ما يقع سمك الشبوط في فخاخ تورطه. ثنائية الماء والطين مأزقه الواحد. ولحروبه الطويلة دكنة ما تزال تعاني من مناسك الحيّرة. لم يكن سوى فطنة في مشجب أسلحة دائمة. وحروب طويلة. يقول: عندما تتحول البطولة إلى أسطورة والأسطورة إلى عينين .. إلى نذير أطلقه لحظة لفظتني حكمة المشمية، يتساءل أيكون فمها الوردي المدخن مشيمة خطوتي الأخيرة؟. تلك هي سمة تدهوره.. نزوته التي تعكر مزاج ذاكرته.
الأمر أكثر من أنفعال شخصي. والأغتراب في الطين ليس إلحادا في إله الماء. وها هي المرة الثالثة أو الرابعة أو السابعة المجنونة وهي تحرك دميتها العصرية الرشيقة المتآكلة بين شفتيها. وليس أول مرة يوغل في الحاضر.. في وعي اللحظة وفي عناد أغتلامه لمنولوج الفتح والاحتلال.. أول مرة يشعر بحصار. أول حصار في تاريخ الجنس البشري.. ترسبه الأول.
المرأة التي لوّنت أضافرها بالمناكير الشفاف، ثم أشعلت سيجارتها الثانية قبل قليل، كانت تصنع احتمالية مستقبلها فيه. داخل مباهجه. وكان هو متأثرا بمسحوق ملامحها، لم يتأثر بالزمن. كانت مستفزة نهارا بكل الأسماء أما في الليل فليس سوى أسمه يستفز جسدها. أما هو فكان فقط يتابع أصابعها وهي تضاجع سيجارتها. وكان يتابعها بمرونة جسده.
تقول الرواية: كل القوارب الطينية التي حاولت إعادته للوطن، ذابت جميعها. لم يدرك أي قارب ان وطنه بين الجروف يسيل.
#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟