|
جنى الحسن : أجيال التصالح والحب في - طابق - 99!!
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 18:04
المحور:
الادب والفن
جنى الحسن : أجيال التصالح والحب في " طابق " 99!! محمود شاهين في 264 صفحة تنقلنا جنى الحسن في روايتها " طابق 99 " - التي وصلت إلى القائمة القصيرة في جائزة البوكر العربية – بين سنوات من الألم والحب .. سنوات الحرب اللبنانية بكل مصائبها وآلامها .. من القتل على الهوية والقصف العشوائي وحتى مجزرة صبرا وشاتيلا ، إلى ليالي الحب والعشق في نيويورك بين جيل ما بعد الحرب ، يمثله شاب فلسطيني " مجد " وشابة لبنانية " مسيحية " هيلدا " مجد الذي قتلت أمه الحامل في مجزرة صبرا وشاتيلا وأصيب هو بجرحين في وجهه ورجله ، تركا أثرهماعليه طوال حياته ، ليظل الندب باديا على وجهه والعرج ماثلا في مشيته جراء الجرح . وهيلدا طالبة الرقص الجميلة التي تنتمي إلى أسرة حزبية معادية للفلسطينيين ، فقدت عمها الذي انتحر بعد أن قال أنه قتل ثلاثة من الفدائيين الفلسطينيين . أبوها قائد في حزب لبناني مسيحي توحي الوقائع بأنه حزب كبير . مجد وهيلدا كانا طفلين إبان الحرب التي لم يكن لهما فيها أي شأن .. أب مجد وبمعرفة بعض أقاربه قرر أن يهاجر إلى أمريكا ليتابع ابنه دراسته فيها بعيدا عن أرض الحروب والويلات ، دون أن ينسى وطنه السليب " فلسطين " وهيلدا قررت متابعة دراستها للرقص في أميركا بعيدا عن الأمر نفسه . تعارفا صدفة في نيويورك بعد أن أصبح مجد رجل اعمال ناجحا في صناعة تكنولوجيا لعب الأطفال وأصبحت هيلدا راقصة محترفة . لم يشكل عرج مجد حاجزا أمام هيلدا ،ولا كذلك الندبة في وجهه، بل أحبته بكل جوارحها .. وهو أحبها من أعماق قلبه : " كلما فكرت في هيلدا ، شعرت كما لو أن خلايا الجلد التي تآكلت من وجهي ورسمت فيه تلك الندبة ، صارت تلد خلايا أخرى نضرة وطازجة ،وأن جلدا ينبعث من تحت اللحم ،وأن الدم بات أخضر يزهر كريات بيض وحمر وصفر لأصبح فجأة جميلا " ( ص12) يبدأ القلق حين تقرر هيلدا الذهاب إلى لبنان للزيارة . فمجد يتخوف من أن تتخلى عنه ولا تعود إلى أمريكا ، وإن عادت فقد لا تعود إلا من أجل الرقص الذي تعشقه وليس من أجله . ورغم أنها ظلت تكالمه وتراسله إلا أنه لم يجب على رسائلها . " كان قد مضى على رحيل هيلدا أكثر من ستة أشهر .انقطعت رسائلها ومكالماتها منذ اكثر من ثلاثة أشهر ولم أحاول أن أتصل بها . بدا لي أنها لن تعود وأنه يجدر بي أن أنساها إلى الأبد " ( ص 183) " في لحظات ، كنت متأكدا من أنها ستعود ولكن ليس من أجلي . كانت ستعود لكي ترقص " ( ص 183) لم تتأقلم هيلدا طوال ستة أشهر مع حياة أهلها .. فأختها ماتيلد التي كانت مدمنة مخدرات ووضعت في مصح لتركها، ما تزال مخلصة لوالدها وترى أنه رجل عظيم ولم يظلمها كما ترى هيلدا ، وتأمل أن يسامحها : " أريد أن أتطهر من أخطائي عساه يسامحني يوما ما " ( ص 253) وكلما حاولت هيلداأن تقاطعها " لأذكرها أن أبي نفسه كان يزود المقاتلين بالمخدرات أثناء الحرب ، كان لونها يمتقع وتستغرق في الدفاع عنه " ( ص 254) لم تستطع هيلدا التأقلم مع حياة أهلها وباتت تشعر أنها امرأة مختلفة ،وأن " هوة كبيرة بيني وبينهم ، كأنني لم أعرفهم يوما ،وكأن هذه الفتاة التي كانوا جميعا يحبونها ويلاعبونها لم تكن يوما أنا " ( ص 257) وراحت تحن إلى مجد " كنت أحتاج أن أكلمك لأشعر أن هيلدا أخرى ما زالت في مكان ما " " لقد حاولت أن أتصل بك منذ قليل ولكنك كنت قاسيا جدا معي " " اليوم تحديدا بدا لي غيابي عنك قاسيا ، كما لو أن هناك ثقبا في رحمي لا يمكن أن يملأه سواك " ( ص 257) لم تجد هيلدا ضالتها في لبنان إلا في شاب يتيم ( جورجيو ) جننته الظروف الإجتماعية غير الإنسانية ؟ لمحته من الشرفة يركض هربا من الأولاد ، أسرعت لنجدته . وجدت رجله مجروحة بعد أن وقع . اصطحبته إلى البيت وأسعفته . هذا الأمر أغضب الأب كثيرا . لا يريد أن يرى مجنونا في المنزل وبصحبة ابنته المحبوبة . وحين تشير هيلدا أن هذا من حقها ، يصرخ الأب قائلا : " هذا منزلي وقواعدي تسري هنا " ترد هيلدا : " أتركه لك من غير عودة ، أقسم لك " وهذا ماكان ، وخاصة بعد أن نفد صبر الأب من تصرفات هيلدا التي اعتبرها صبيانية وطائشة .( ص 261) قبل رحيلها . راحت تحكي لهم على مائدة الطعام عن الشاب اللطيف الناجح في عمله الذي أحبته في نيويورك وأحبها بدوره كثيرا.. كانوا جميعا صامتين .. وحين سألتها أختها لماذا لم تخبرهم من قبل ولماذا لم يأت معها ؟ فجرت هيلدا قنبلتها : " آه نسيت أن أخبركم أن أصله فلسطيني ،وأن هذه هي آثار شظية أصيب بها في مخيم صبرا وشاتيلا " "ولم تكد تنهي جملتها وتضع الشوكة من يدها استعدادا للرحيل وسط ذهولهم جميعا ، حتى سمعنا طرقا على الباب . كان وفد من أهل القرية . زغاريد نساء في الخارج .. رجال يطلقون النار في الهواء .. رجل يبشر الأب بأن اسمه وارد في التشكيلة الوزارية .. " " أمسكت هيلدا حقائبها بهدوء وانسحبت من الضوضاء .. " ( ص 264) **** وهكذا تعود هيلدا إلى نيويورك لا لترقص فحسب ، بل لتجدد الحب مع مجد وليبدآ معا فصلا جديدا وزمنا جديدا لأجيال جديدة أبقت الماضي في مهده . لم نتطرق إلا إلى البناء الدرامي الأساس الذي أقامت عليه جنى الحسن خطابها الروائي الجميل حقا . فهناك خطوط درامية أخرى رافدة ومساعدة هامة جدا . هناك محسن الفلسطيني المغرم بالنساء وايفا المكسيكية ،وهناك ماريان الأمريكية التي مات زوجها في حرب الخليج الأولى ولم يعثر على جثته . تاركا خلفه زوجة وطفلين . وحين أقيمت له جنازة رمزية رثته بكلمات مؤثرة جدا . وهناك خطوط درامية رافدة أخرى . كما أننا لم نتطرق إلى الشكل الفني في الرواية وإلى الرواة أنفسهم . فالرواية تروى على لسان مجد وهيلدا . وثمة فصول قليلة جدا تروى على لسان راو . ولكن كان لمجد الدور الأكبر والأهم في السرد. فقد روى قرابة عشرين فصلا من ثلاثين . أتوقع أن تفوز الرواية بجائزة البوكر لهذه الدورة . وأتمنى ذلك ! م.ش . 29/2/015
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاهينيات (92) داود من نسل مشترك مؤابي اسرائيلي !*(1027) سفر
...
-
شاهينيات(91) في الخالق والخلق ! * ( 1026) تكامل الخلق بين ال
...
-
عشاء قط متسول !!
-
ملل. قرف . ضجر . جنون .
-
شاهينيات الفصل (90) اعثر على الله في قلبك فقد تكون إلها وأنت
...
-
شاهينيات (89) (1024) حروب طاحنة بين بني اسرائيل ومقتل عشرات
...
-
شاهينيات (88) دليلة الغزاوية تقص شعر شمشون !(1023) شمشون يهد
...
-
شاهينيات (87) (1022 ) حروب طاحنة وأهوال وحرق مدن !
-
شاهينيات (86) (1021) بنو اسرائيل يحرقون القدس ويرتدون كثيرا
...
-
شاهينيات . الفصل : (85) *في الخلق والطاقة الخالقة ( الخالق )
...
-
شاهينيات (84) (1008) موت يشوع بن نون وتقسيم بلاد الشام على ب
...
-
شاهينيات (83) (1007) يشوع يبيد (31) مملكة بمعونة يهوة . * يه
...
-
شاهينيات (82) (1006) يهوة ويشوع يبيدون سكان أريحا عن بكرة أب
...
-
شاهينيات (81) (1005) يهوة يأمر موسى بالصعود إلى جبل نبو والم
...
-
شاهينيات (80) (1004) يهوة (إله) لا يثق بنفسه ولا بشعبه ! * ق
...
-
شاهينيات (79) (1003) قتل بنو اسرائيل كل من شكوا في نبوته حتى
...
-
شاهينيات (78) (1002) يهوة يعترف بأن الشعوب التي سيبيدها أمام
...
-
شاهينيات .الفصل (77) (1001) يهوة يغضب على موسى ويقرر أن لا ي
...
-
شاهينيات . الفصل (76) ختام المقولات الألف. 982- في الخلق وال
...
-
شاهينيات (75) (981) حقا إنها مسألة تجنن . * الحوارات مع المؤ
...
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|