|
الماركسية هي ماركسية ماركس وانجلز
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 12:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الماركسية هي ماركسية ماركس وانجلز في مقال سابق لي كتبت ان الماركسية الوحيدة هي ماركسية ماركس وانجلز وكل ما يخالفها هو لا ماركسية. وهذا القول يمكن ان يكون موضع نقاش شديد. هل الماركسية عقيدة جامدة غير قابلة للتطور؟ اذا كان كل ما يخالف ماركسية ماركس انجلز لا ماركسية فما شان اللينينية؟ والعبارة يمكن ان تكون موضع نقاش شديد لا يمكن تحديد عدد الاسئلة والاراء المتعلقة بصددها. ان الجواب على هذه الاسئلة يختلف باختلاف وجهة نظر الكاتب حول الموضوع. فان فهم الماركسية يعتمد على كيفية فهم الدماغ البشري الفرد لها او كيفية انعكاسها فيه. فمن حق كل شخص فرد ان يحدد وجهة نظره في ماهية الماركسية حسب فهمه. ثمة من يعتبر الماركسية علما وثمة من يعتبر الماركسية مجرد نظرية وثمة من يعتبر الماركسية فكرة او مجرد اسلوب فكري في دماغ الانسان وثمة من يعتبر الماركسية او احد اركانها على الاقل خرافة. وهذا حق يتمتع به كل انسان وهو وحده يتحمل تبعات رايه ومسؤول عن صحته او خطئه. انا من اولئك الذين يعتبرون الماركسية علما. لذلك فمن الطبيعي ان تكون كتابتي عن الماركسية مرتبطة بهذا الاعتبار. وعلى مقدار فهمي للموضوع فان الماركسية قانون طبيعي او مجموعة قوانين طبيعية تجري في الطبيعة اكتشفها كارل ماركس شانها شان اكتشاف جميع القوانين الطبيعية الاخرى. والقانون الطبيعي، كل قانون طبيعي، ثابت يجري في الطبيعة بالاستقلال عن الانسان وبصرف النظر عن وجود الانسان او عدم وجوده عدا القوانين الطبيعية المرتبطة بالانسان مباشرة. فاذا اخذنا قانون ارخيميدس بان الجسم المنغمر في السائل يفقد من وزنه مقدار وزن السائل المزاح فانه قانون كان يجري قبل وجود الانسان على الكرة الارضية واستطاع الانسان عند وجوده ان يستخدم تأثير قانون ارخيميدس قبل ان يكتشفه ارخيميدس بصورة غير واعية له كقانون طبيعي اذ نجح في بناء القوارب الصغيرة والسفن المدنية والحربية الكبيرة اخذا في الحسبان مفعول قانون ارخيميدس وكيف يضمن عدم غرق القارب او المركب قبل ان يكتشف القانون. وعند اكتشاف ارخيميدس قانونه بقي القانون جاريا في الطبيعة كما كان يجري قبل اكتشافه سوى ان القانون اصبح ثروة علمية يستفيد منها الانسان بصورة واعية بدل الاستفادة منها بصورة غير واعية فاصبح دليلا للعمل. بعد اكتشاف نيوتن لقانون الجاذبية اصبح واضحا ان قانون ارخيميدس هو احد مظاهر قانون الجاذبية. لكن معرفة ذلك لم تحول قانون ارخيميدس الى قانون الجاذبية بل بقي قانون ارخيميدس قانونا طبيعيا يعرفه الانسان ويتخذه في حساب هندسة الاجسام الطائفة على الماء سواء اكانت اجساما صغيرة كالقوارب او الطوافات اواجساما كبيرة كالبوارج المدنية والحربية وحتى حاملات الطائرات. كل ذلك لان قانون ارخيميدس ككل قانون طبيعي اخر قانون يجري في الطبيعة بالاستقلال عن الانسان وعن ارادة الانسان. يصح نفس الشيء على قانون الجاذبية. فالعلم يبحث اليوم عن ماهية الجاذبية، هل هي اجسام مادية ام هي اشعة ام موجات او غير ذلك؟ وعلمت من التعليقات على مقالاتي ان اينشتاين اكتشف مظاهر جديدة اخرى لقانون الجاذبية في نظريته النسبية التي اجهلها جهلا تاما. ولكن كل ذلك لم يغير شيئا وبقي قانون الجاذبية قانونا طبيعيا ينبغي اخذه بنظر الاعتبار حتى في هندسة صناعة الاقمار الصناعية وتدريب رواد الفضاء على جو خال من الجاذبية حين تصبح الجاذبية صفرا اثناء دوران القمر الاصطناعي حول كوكب الارض. من يعتبر ان قانوني ارخيميدس والجاذبية قانونين طبيعيين يجريان في الطبيعة لابد ان يعتبر قوانين الماركسية ايضا كذلك. يصح على القوانين الماركسية نفس الشيء الذي يصح على سائر القوانين الطبيعية التي تجري في الكون. ان ما يجري بعد اكتشاف الماركسية لا يغير من كونها هي نفس القوانين التي كانت تجري في الطبيعة قبل ان اكتشفها كارل ماركس وما زالت تجري كذلك بعد اكتشافها. وعلى هذا الاساس تبقى الماركسية نفس القوانين كما بقي قانون ارخيميدس وقانون الجاذبية بعد اكتشافهما. وكل ما في الامر هو ان الماركسية اصبحت ثروة علمية في الدماغ البشري يستطيع الانسان الاستفادة منها. وتسمى عملية الاستفادة من الماركسية عادة دليلا للعمل. ومعروف المصطلح بان الماركسية ليست عقيدة جامدة وانما هي دليل للعمل. ان من يعتبرون الماركسية علما وكتبوا عنها يقسمون الماركسية الى ثلاثة اقسام اعتادوا ان يسموها اركانا. فالماركسية في كتاباتهم تتالف من ثلاثة اركان هي المادية الديالكتيكية والاقتصاد السياسي والاشتراكية. ومن يعتبر الماركسية علما لابد ان يعتبرها مجموعة قوانين طبيعية مترابطة ببعضها ومكملة احدها للاخر وينبغي تعلم وتتبع كل قانون طبيعي منها كعلم ومعرفة او كانعكاس له في الدماغ البشري. علم المادية الديالكتيكية هو علم قوانين الحركة في الطبيعة ومنها المجتمع البشري وحركة الافكار في الدماغ البشري. وعلم الاقتصاد السياسي هو علم حركة تطور المجتمع البشري منذ انفصاله عن المجتمع الحيواني حتى النظام الراسمالي. وعلم الاشتراكية هو علم حركة المجتمع البشري ما بعد الراسمالية، علم حركة النظام الاشتراكي نحو التحول الى النظام الشيوعي والمجتمع الشيوعي. سلك الانسان سلوكا ديالكتيكيا، بطريقة ديالكتيكية، كما سماها كارل ماركس، قبل اكتشاف المادية الديالكتيكية، بصورة غير واعية وليس عن طريق معرفة حقيقة السلوك المادي الديالكتيكي. من اهم الامثلة البارزة لهذا السلوك كانت الداروينية. فداروين تتبع حركة نشوء الحياة على كوكب الارض منذ نشوء الاحياء المرئية كالاميبا بتحولاتها الكمية والنوعية لملايين السنين حتى نشوء الانسان وهو لا يعلم شيئا عن الطريقة الديالكتيكية. ولذلك قال كارل ماركس ما يعني ان داروين فعل في علم الحياة ما فعلته انا في علم المجتمع. (ربما يستطيع السيد الزيرجاوي ايجاد نص العبارة باللغات الالمانية او الانجليزية او الفرنسية). وسلك عالم اخر ربما اسمه مندل تطور الحياة النباتية بجميع تغيراتها الكمية وتحولاتها النوعية بنفس الطريقة الديالكتيكية بدون ان يعلم شيئا عن المادية الديالكتيكية. ويمكن تتبع حركات نشوء كافة العلوم والفلسفة وتطورها خلال الاف السنين في الدماغ البشري بتغيراتها الكمية وتحولاتها النوعية الى ان بلغت مستواها الحالي. فكل العلوم حركات لها تاريخها المتواصل والمعروف والمكتوب بكل تفاصيله. وكل هذه الحركات العلمية والفلسفية جرت بطريقة ديالكتيكية وتتبعها الانسان بصورة غير واعية قبل ان يكتشف كارل ماركس قوانين المادية الديالكتيكية. وكل ما حصل بعد اكتشاف المادية الديالكتيكة هو ان الطريقة الديالكتيكية في دراسة تطور جميع الحركات في الطبيعة وفي الدماغ البشري اصبحت واعية بعد ان كانت غير واعية. اصبح بامكان كل من يريد ان يسلك الطريقة الديالكتيكية بصورة واعية ان يدرس ويتعلم المادية الديالكتيكية. وكان كارل ماركس اول انسان سلك الطريقة الديالكتيكية بصورة واعية في كل دراساته العلمية والاجتماعية والاقتصادية واصبح من واجب الانسان الماركسي ان يتعلم المادية الديالكتيكية ويسلك سلوكا ديالكتيكيا في كل بحوثه العلمية والاجتماعية والادبية والسياسية فاصبحت المادية الديالكتيكية ركنا من اركان الماركسية كدليل للعمل. العلم اليوم يستعمل قانون الجاذبية كدليل للعمل في هندسة بناء الاجسام الطائرة او الدائرة حول كوكب الارض او المنطلقة في الفضاء الخارجي او حتى في تنظيم نزهة على سطح القمر او نزهة على سطح المريخ والفرق بين جاذبيتهما. قام كارل ماركس باتخاذ المادية الديالكتيكية دليلا للعمل حين درس حركة تطور المجتمع البشري بتغيراتها الكمية وتحولاتها الى تغيرات نوعية وبالعكس منذ البداية حتى تحول المجتمع الى الراسمالية. وهذا هو علم الاقتصاد السياسي الماركسي. فالمادية الديالكتيكية مثل قانون ارخيميدس وقانون الجاذبية قانون ثابت لا يتغير ولكن الانسان يستطيع استخدامها دليلا للعمل ككل القوانين الطبيعية الاخرى التي يكتشفها. كل القوانين الطبيعية التي يكتشفها الانسان تصبح ثروة علمية يستطيع الانسان فقط ان يتخذها دليلا للعمل في بحوثه العلمية ولا يستطيع تغيير القانون او الغاءه او التاثير عليه باي شكل من الاشكال. الاقتصاد السياسي، الركن الثاني من اركان الماركسية، هو عبارة عن اتخاذ المادية الديالكتيكية دليلا للعمل في دراسة وتتبع حركة المجتمع البشري، وهذا هو ما يسمى المادية التاريخية. المادية التاريخية هي تطبيق المادية الديالكتيكية على حركة المجتمع، الاقتصاد السياسي الماركسي. الاشتراكية هي الركن الثالث للماركسية. وهي تبحث مستخدمة المادية الديالكتيكية كدليل للعمل في تحديد تطور المجتمع بعد التخلص من النظام الراسمالي. وقد تصور ماركس مجتمع ما بعد الراسمالية بانه النظام الشيوعي بشقيه الاشتراكي والشيوعي. الماركسية استنادا الى كل ذلك هي القوانين الطبيعية التي تبحث جميع تطورات المجتمع وهي لذلك لا تتغير وان اية دراسة لتطور المجتمع تجري بخلاف النظرية الماركسية هي لا ماركسية.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفهوم الاشتراكية ومفهوم الاشتراكية العلمية والفرق بينهما
...
-
مفهوم الاشتراكية ومفهوم الاشتراكية العلمية والفرق بينهما
...
-
مفهوم الاشتراكية ومفهوم الاشتراكية العلمية والفرق بينهما2
-
يعقوب ابراهامي والرقم 1 الخيالي 2
-
يعقوب ابراهامي والرقم 1 الخيالي
-
يعقوب ابراهامي والرقم 1
-
لاشتراكية ومفهوم الاشتراكية العلمية والفرق بينهما1
-
علاقات الانتاج في المجتمع الشيوعي
-
الماركسية ليست عقيدة جامدة بل دليل للعمل
-
يعقوب ابراهامي وماركسية الفول والشعير3
-
الروبوت لا يخلق قيمة
-
يعقوب ابراهامي وماركسية الفول والشعير2
-
ملحق الزيرجاوي ووقت العمل الضروري
-
يعقوب ابراهامي وماركسية الفول والشعير1
-
الزيرجاوي ووقت العمل الضروري
-
يعقوب ابراهامي والفول والماركسية 2
-
تتمة ملحق يعقوب ابراهامي والفول والماركسية1
-
ملحق يعقوب ابراهامي والفول والماركسية1
-
يعقوب ابراهامي والفول والماركسية1
-
الزيرجاوي ومأساة الديالكتيك3
المزيد.....
-
بالأرقام.. العجز التجاري الأمريكي أمام الصين وكم من الوقت يح
...
-
قبيل زيارة بن غفير.. شاهد كيف احتج متظاهرون بجامعة ييل وهتاف
...
-
كييف تتعرض لأحد أعنف الهجمات الصاروخية وتصادم بين ترامب زيلي
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: فشل السياسة الأمريكية حول العالم
-
الملك سلمان يكرم 102 سعودي ومقيم تبرعوا بالدم 50 مرة
-
المغرب.. استقالات جماعية في شركة -ميرسك- بسبب إسرائيل
-
مدفيديف: كان على -الجنائية الدولية- حلّ نفسها بعد قضية نتنيا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف مجمع قيادة لـ-حماس- و-الجهاد ا
...
-
باشينيان يدين حرق أعلام تركيا وأذربيجان في يريفان
-
ترامب يحيي مرور أول 100 يوم من ولايته بتجمع جماهيري في ميشيغ
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|