حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية
(Hanan Hikal)
الحوار المتمدن-العدد: 4732 - 2015 / 2 / 26 - 19:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيرا ما شغل تفكيري قضية التعذيب وكانت عصية على فهمي وضميري فأفهم أن تكون في خصومة مع أحد ما .. افهم أن تعتبره خطرا على حياتك ووجودك .. أفهم أن تطمع فيما لديه فتقتله وتستولي على ما لديه .. أن تعتقد في ارتكابه جرم كبير يستحق العقوبة ..فيعاقب بالحبس او القتل الفوري .. لكنني لم ولن أفهم أبداً أن تقوم بتعذيبه وانتزاع حياته وكرامته واستنزاف روحه قطرة قطرة .. أن تتفنن في انتاج أدوات التعذيب والتصفية الجسدية لإنسان لأي سبب كان .. أن تبتكر افكار شيطانية لتحطيمه وهزيمته نفسيا قبل أن تقضي عليه جسديا .. لا أفهم حتى أن يمتد السلوك العدواني المدمر ليشمل كائنات بريئة لم تعرف أبدا الغدر ولم تطمع في اكثر مما يقيم أودها كالحيوانات .. فلا أعتقد بوجود كائن يحمل هذا القدر من الحقد والكراهية وتسيطر عليه نزعات الانتقام والشوفينية غير الإنسان.
وتاريخ التعذيب موغل في القدم .. حتى أنه يكاد لا يخلو عصر او مجتمع من أدواته ورجاله المختصين بالتعذيب .. وبالطبع فإن التعذيب يزدهر ويسيطر في عصور الظلام فكلما تراجع البشر ثقافيا وحضارياً .. كلما كان سجل حقوق الإنسان لديهم في اسفل سافلين ولذلك بلغ التعذيب أوجه في عصر محاكم التفتيش وعرفه العرب ومارسوه وبلغ أوجه في عصر المماليك حيث انتشرت الوشايات والمؤامرات
وبالتأكيد في عصرنا الحديث الذي لم يعرف من الحداثة والمدنية إلا قشور تساقطت على باب سجن أبو غريب وفي معتقل جوانتنامو وبالطبع في ظلمات الزنازين العربية حيث لا عين ترقب غير عين الله
تداعت إليّ هذه الخواطر بعد انتشار فيديو صادم لجماعة تعذب كلب حتى الموت .. لم افهم حقا ما هي جريمته وكيف اتفق اكثر من "انسان" على هذه الجريمة بدون الشعور بالذنب او الخوف .. بدون وازع من ضمير او انسانية .
لماذا هذا الكم من الكراهية والحقد على كائن يعيش بفطرته لا يؤذي عن قصد واصرار .. ولم يكن هذا التساؤل ليمر بدون تذكر ادميين يعانون يوميا من اخوان لهم .. يحملون اسم انسان ولا يحملون من الانسانية شيئا.
يا الهي حتى الحيوانات لم تسلم في عصرنا هذا من جبروت البشر وامراضهم وعاهاتهم النفسية!
#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)
Hanan_Hikal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟