بشير الحامدي
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 24 - 23:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المستقبل للتنظيمات الطبقية المستقلة
نصف القرن الذي مضى مكّن فئات البرجوازية التابعة في تونس من أن تكوّن لنفسها تعبيرات سياسية وتحكم وكان هذا على رقبة الأغلبية المستغلة ـ خدامة ومزارعين ـ الذين منعوا من الانتظام باستقلال على قاعدة مصالحهم الطبقية بل لقد وكلت عليهم تنظيمات بيروقراطية من قبل وكلاء المتربول لحراستهم و الإبقاء عليهم عبيدا.
من هنا يجب فهم واقع عدم قدرة الأغلبية على فرض استقلالها الذاتي وعجزها إلى حد اليوم عن إفراز تنظيمات قاعدية مستقلة من داخلها على قاعدة سياسات طبقية جذرية.
عكس هذه الحالة كان الوضع في أمريكا الجنوبية حيث ولتقاليد عريقة في الدفاع الذاتي فرضت الأغلبية هناك تنظيمات طبقية جذرية مستقلة كان لعملها ونضالها النتائج التي نعرف في المكسيك وفي الاورغواي وفي البرازيل وفي فنزويلا و بلدان أخرى عديدة. النتيجة بالمحصلة التاريخية لا هنا ولا هناك كانت الجماهير قادرة على النجاح في فرض تغيير جذري ولاشك أن لعامل الانحصار وعوامل ذاتية وموضوعية أخرى كثيرة دور كبير في بقاء عملية التغيير تراوح ولا تتقدم لكن الأهم في كل هذا هو استنتاج أن التنظيم القائم على فئوية ايديولوجية ستالينية كانت أو قومية شوفينية أو دينية هجانة تنظيمية منتهية تاريخيا هنا وهناك ولا يمكن أن تكسب أي انتصارات ...
فليس القوميو ن الشوفينيون أكثر من نسخ من التنظيمات العنصرية على شاكلة لوبان في فرنسا وليس الستالينيون إلا نسخا ليست أقل رداءة وفسادا من حزب تشاوسيسكو. وليس الاسلاميون أولا و أخيرا إلا تنظيمات عصبوية رجعية استئصالية تكفيرية تسيرها بيروقراطيات وطغم مالية ومخابارتية خائنة تحركها القوى الاستعمارية وتوظفها لحراسة مصالحها وتمرير مشاريعها.
الذي لا جدال فيه في ظل هذا الواقع التاريخي هو أن الناس ستدفعهم مصالحهم وواقع الصراع المرير ضد النظام و أجهزة الضبط والتوجيه الأحزاب والنقابات والجمعيات أن ينتظموا ذاتيا في تنظيمات قاعدية طبقية باستقلال عن كل هؤلاء.
فقد بينت التجربة الملموسة وستعي الأغلبية ذلك وهي تقاوم أن التنظيمات الفئوية القائمة على قاعدة أيديولوجية أو عرقية أو دينية تنظيمات منتهية تاريخيا والمستقبل سيفسح المجال لتنظيمات القاعدة الطبقية المستقلة ذاتيا كما سيفسح المجال للأغلبية لتقرر لنفسها لا أن تقرر من سيأخذ القرار بدلا عنها.
#بشير_الحامدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟