|
- نصف السماء- من اجل -كل السماء-
محمد البكوري
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 24 - 08:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على ايقاع استرجاعي و عميق للذاكرة انطلقت يوم السبت21فبراير2015 ، فعاليات المهرجان الوطني للفيلم لطنجة في دورته ال16بعرض فيلم من الافلام التي تم انتقائها لدخول غمار المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو الفيلم المعنون ب "نصف السماء " لمخرجه عبد القادر لقطع و المتحور حول سيرة ذاتية لحياة الشاعر و المسرحي المغربي عبد اللطيف اللعبي ،خاصة في مرحلة مهمة من مساراته الحياتية ،وهي مرحلة الاعتقال في بداية السبيعنات . يجسد فيلم "نصف السماء " رصدا دقيقا وتحليلا عميقا لمعاناة جيل سياسي باكمله من قهر سنوات الجمر ،حيث تمكنت سياسة الحديد و النار من بسط امتداداتها على مجمل الحياة السياسية المغربية، ابان فترة حالكة من تاريخ المغرب المعاصر. "نصف السماء"، ابداع سينمائي ، يعري عن سنوات الرصاص وما اتسمت به من قمع وتنكيل وعنف في حق حاملي المواقف و الاراء السياسية المؤمنة بالاختلاف وبناء مغرب اخر، مغرب الحريات ، مغرب الديمقراطية ، وما خلفته على مستوى عائلاتهم وذويهم من معاناة و الم ومرارة . "نصف السماء"، فيلم اخرمن الافلام ذات اللمسة الابداعية ،والتي وان كانت تتغيى عن طريق الحكي و السرد السينمائيين ، من جهة "تقليب المواجع "،فانها من جهة اخرى تهدف الى اعادة الاعتبار لكل ضحايا الماضي البائد وجعل الذاكرة حية و متقدة . ومن ابرز الاعمال السينمائية التي سعت الى تحقيق هاته الغاية و هذا الهدف نجد ":عبروا في صمت" 1997لحكيم النوري ،"قصة وردة" 2000 لعبد المجيد رشيش ، " علي وربيعة و اخرون"2000 لاحمد بولان "،منى صابر2001"لعبد الحي العراقي، "طيف نزار"2002 لكمال كمال "،الف شهر"" 2003 لفوزي بنسعيد ، "وجها لوجه2003"لعبد القادر لقطع "،جوهرة بنت الحبس"2003 لسعد الشرايبي ، "درب مولاي علي الشريف 2004" لحسن بنجلون ،"ذاكرة معتقلة 2004" لجيلالي فرحتي " ،"اماكننا الممنوعة 2008" لليلى الكيلاني ...وغيرها من الاعمال السينمائية التي حاولت ان تمتح رؤيتها الابداعية الفنية من موضوعة الاعتقال السياسي و ما ارتبط بها من تيمات: الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ،الاختفاء القسري ، الاعتقال التعسفي ، التعذيب ،الاستنطاق ، غياب المحاكمات العادلة . كما انها تمثل اعمالا احيائية لذاكرة امكنة و فضاءات الاعتقال :تازمامارت ،قلعة مكونة ،اكدز، درب مولاي علي الشريف ... وكذا للمعتقلين السابقين : ادريس بنزكري ، لطيفة الجبابدي ، سعيدة المنبهي ، عبد اللطيف اللعبي ... "نصف السماء"، احتفاء بحرية الراي السياسي ، التي ظلت محصورة و مقيدة الى حدود بزوغ فجر العهد الجديد و طي صفحة الماضي البائد ،عبر الاعلان عن مسلسل الانصاف و المصالحة و التاكيد على العدالة الانتقالية و جبر الضرر و قراءة ماضي انتهاكات حقوق الانسان ، قراءة نوعية ،تمت على ضوء معايير و قيم المنظومة الحقوقية ومبادئ الديمقراطية و دولة الحق و القانون . هكذا يتماهى "نصف السماء" كعمل فني تبنى نقل تجربة الاعتقال المريرة نقلا سينمائيا/ سيميائيا مع الفعل الحقوقي الذي يتوخى بالدرجة الاولى تسليط الضوء على دهاليز الماضي وسبر اغوار الحقيقة المؤلمة. انه ابداع تتلاقى فيه ابعاد التعبير و الدراما بابعاد التوثيق و الارشفة . ومن ثم ،فهو من طينة الافلام التي تحفزنا على القراءة المتمعنة لما جرى و الوقوف المتفحص امام ما حدث بغية التصالح مع الذات ، الذات الفردية -المواطن -و الذات الجمعية -الدولة - هذه الاخيرة ، وسعيا منها لفتح ملفات الماضي ومن اجل معرفة رهانات الحاضر و استشراف افاق المستقبل ، اصرت على خلق هيئة للانصاف و المصالحة سنة2004-وكما ينص نظامها الاساسي - "توخت اساسا خدمة المجتمع بادواته و الياته و تطلعت الى مستقبل بخياراته المتعددة و بديمقراطيته الموحدة ، انطلاقا من العقيدة السائدة و القائمة على اساس الايمان بان المغرب لا يتهرب من ماضيه و لا يمكنه ان يظل سجينا للانتهاكات الجسيمة و بعيدا عن العدالة الانتقالية ، بل ينبغي عليه ان يعمل على تحويلها الى مصدر قوة و دينامية لتشييد مجتمع ديمقراطي ". ومن ثم يمكن القول، بان هذا الفيلم يتجاوز بعده الابداعي ليمس في العمق البعد الحقوقي ،مع مايرتبط به من حفظ الذاكرة و جبر الضرر و رد الاعتبار على النطاق الجماعي و الفردي و تقديم الضمانات بعدم التكرار . عموما ان "نصف السماء" ،ابداع متميز جاء لاغناء الخزانة السينمائية بقصة مكثفة بالابعاد الانسانية -تجربة جوسلين زوجة عبد اللطيف اللعبي- ومليئة بالدروس التي عملت الدولة المغربية الحديثة على استخلاصها و الاخذ بها في بناء اللبنات الوطيدة لصرحها الديمقراطي ،كما انه ابداع من اجل الظفر بكل السماء ، سماء الحرية و الانعتاق من ربقة غيوم سماء الماضي الملبدة وجعلها بكل تاكيد سحابة صيف عابرة في سماء المغرب الفسيحة.
#محمد_البكوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الراب
...
-
تنغير -الافرانية-
-
اثداء مقدسة و اخواتها المدنسة
-
القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الثال
...
-
نقطة الفراغ
-
-القامرة -التي في خاطري و -القاهرة -التي في خاطرك -المحطة ال
...
-
سيدي المخفي
-
-القامرة -التي في خاطري و -القاهرة- التي في خاطرك -المحطة ال
...
-
انسكلوبيديا المرح السياسي بالمغرب
-
كفاك سيدي الرئيس... يكفيك سيدي الرئيس
-
المغرب/ فرنسا :اشتدي يا ازمة تنفرجي
-
ابتسامة البياض الثالث
-
سمفونية المغتربين
-
سلام الله!
-
-الخطاب السياسي لبنكيران .من مأسسة الاختلاف الى شخصنة الخلاف
...
-
انبياء الخلد التافه
-
امتدادات المجتمع المدني اوالغائية الوظيفية
-
افعال -متعدية-
-
-عطيني صاكي- -اعطيني حريتي --الدفاع عن الحريات الاربع المهدو
...
-
عيون مقعرة
المزيد.....
-
أنور قرقاش بعد إطلاق النار في سلطنة عُمان: لا مكان للعنف في
...
-
إدانة السيناتور بوب مينينديز في اتهامات بالفساد تشمل تلقى رش
...
-
غوارديولا وكلوب على رأس المرشحين لقيادة إنجلترا خلفا لساوثغي
...
-
-لا انسحاب من السباق ومن واجبي إنجاز هذه المهمة-.. رسالة باي
...
-
الحرائق في ألبانيا دخلت أسبوعها الثالث.. تستعر وتتمدد
-
بعد ترشيح ترامب له لمنصب نائب الرئيس.. مذكرات جي دي فانس تتص
...
-
إسبانيا.. إصابات في حادث انقلاب حافلة ركاب في برشلونة
-
-وجبة قاتلة- تكشف بعض أسرار عبادة التماسيح في مصر القديمة
-
-حزب الله- يعلن قصف كريات شمونة بعشرات صواريخ -الكاتيوشا- (ف
...
-
سيارتو: العالم يتابع باحترام مهمة أوربان بشأن السلام في أوكر
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|