أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - المرأة العربية وعقبات الدين والمجتمع















المزيد.....

المرأة العربية وعقبات الدين والمجتمع


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 4728 - 2015 / 2 / 22 - 13:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تظلم المرأة العربية في حياتها، سواء القديمة أو الحديثة، إلا حين يتم الحديث بأنها أخذت حقوقها وفقا للأديان، ليكون المنطلق وقياس درجة تمتعها بإنسانيتها وحريتها وكيانها هو الدين وليس ما توصل إليه الإنسان من مبادئ وقوانين ومواثيق حقوق الإنسان والحريات، وهو ما يعتبر أعلى درجة من المساواة والعدالة بين الجنسين دون أي مرجعية دينية أو فكرية تنتقص من حقوقها. وفي الواقع لم يكن وضع المرأة في العالم العربي اليوم مختلف عن ما كان عليه في مناطق أخرى من العالم المتخلف، حيث مر هذا الوضع عبر التاريخ بمراحل من التمييز، مما أدى لخضوع المرأة لقيود على حقوقها وحرياتها، كثير من هذه القيود تأسست على المعتقدات الدينية، ويخضع البعض الآخر من هذه القيود إلى الثقافة المجتمعية، كما تنبع من العادات والتقاليد البالية. وتمثل هذه القيود جميعها عقبة نحو حقوق وحريات المرأة، مما ينعكس بالتالي على القوانين والتشريعات المتعلقة بالعدالة القانونية والاقتصاد والتعليم وكذا الرعاية الصحية والمسكن. وفي نظرة سريعة الي مكانة المرأة في الديانات المختلفة نرى أنها تراوحت بين نظرات الإستهزاء والإحتقار، وبين محاولات جادة لرفع شأنها ومساواتها مع الرجل، ولكن جميعها ظلت محاولات لم ترى النور أو تم ترقيعها بحسب تطور المجتمع أو بحسب نضال وكفاح المرأة لنيل مطالبها، ونحن هنا لا نود الدخول في تفاصيل المقارنات بين أوضاع المرأة في الدول الغربية والدول العربية، فهذه المقارنة واضحة جدا ولا يغفل عنها أي مطلع على دراسة وضع المرأة عموما، فكل ما يهمنا في هذا المقال هو التركيز على المرأة العربية وسبل مساعدتها في التقدم وإزالة العوائق الدينية والاجتماعية الجاثمة فوق كينونتها. لا شك أن المرأة العربية اليوم قد أصبحت تعيش بين نارين، بين الدين وتشريعاته وبين المجتمع العربي وعاداته وتقاليده المستمرة منذ التاريخ، حيث لم تشهد المجتمعات العربية أي طفرة اجتماعية أو سياسية ذات أثر في تغيير النظرة الي المرأة، ما عدا محاولات بعض الكتاب والنساء الثائرات. فما زالت المرأة هي الأم والأخت والزوجة والبنت، وغاب عن هذه التعاريف المرأة ككائن حر لا يتبع أي سلطة أو يخشي من المجتمع وردة فعله والتى غالبا ما تأخذ شتى صنوف الإحتقار والإتهام بالدعارة والزني والشذوذ حين تطالب بحقوقها أو تعمل على انتزاعها، وتصل ردة الفعل في بعض الدول الخليجية والعربية الي جرائم قتل تمارس ضدها باسم المحافظة على الشرف والعادات والتقاليد والدين، وعادة ما يخرج القاتل في مثل هذه الجرائم بأخف الأضرار، بل وينظر له اجتماعيا بأنه بطل لانه حافظ على عرضه وشرفه التى لوثته المرأة ولم يلوثه تخلفه وعاداته وتقاليده.
لقد عاشت المجتمعات العربية، منذ قرون، وهي هنا مارست نفس الدور التقليدي في المجتمعات المتطورة الأخرى ولكنها أي المجتمعات المتطورة استطاعت تغيير النمط التقليدي الي نمط آخر أكثر اسهاما في استغلال قدرات المرأة في المجتمع والدولة، فيما بقت المجتمعات العربية تمارس استخدام المعادلة المقدسة وهي: المرأة في البيت، غالبا أو يفضل، والرجل في الحياة العامة، ولكن متطلبات الحياة الاقتصادية ورفاه العائلة من جهة، وتعلم المرأة ووعيها لأدوارها الجديدة من جهة أخرى جاءا ليغيرا المعادلة دون أن يستطيع المجتمع العربي تعديـل مواقفـه التقليديّة خوفا من الدين والعادات والتقاليد التى تمنع أي حقوق للمرأة إلا إذا كانت تنازلا من الرجل. وفي جانب آخر فإن المرأة ّ العربية في معظم الحالات لم تتحرر بشكل عام من رواسب التربية التقلـيديّة بعد، وهذا إنعكس على نظرتها الى نفسها، الى دورها، الى امكانياتها ومجالاتها ومساحات حركتها ومـدى طموحاتهـا فـي الحـياة العامة، كما إنعكس على مقاربتها لعملها. فكثيرا ما نرى النساء المتعلمات يخرجـن الى العمل بنظرة مؤقتة وكأنه مرحلة بين مرحلتين: مرحلة الدراسة ومرحلة الزواج، وهذا يبعدها عـن المهنـيّة الحقّـة والجديّة والاستمرارية والالتزام، ويفقد المرأة صورة الشريك الرئيسي الفاعل المؤثر المساوي للرجل في الحقوق والواجبات، وبالتالي يلقي ظلا مظلما على عملها كقيادية في مرتبة صنع القرار، وعلى كيانها كذات مستقلة لها حقوقها وآمالها وارادتها . إن وضــع المـرأة في العلاقات الاقتصادية السائدة في المجتمعات العربية محكـومـة بطريقــة أو بأخرى بدرجة التأهـيل المهني وكمية المعارف التي تحصلها المرأة سواء من خلال النظام التعليمي أو المعرفي المتاح. ومما لا شك فيه أن العبء الأكبر في هذا السياق يقع على النظام التعليمـي والمعرفي الذي يتولـى منذ البدء إما تكريس قيم الدين والعادات والتقاليد والحفـاظ على سيادتهـا، أو العمل على تغييرها من خـلال عملية تراكميـة واسعة تبـدأ من المـراحـل التعلمـية الأولى وتنتهـي بانتهـاء المراحـل التعلمية، وصولا لبرامج التعليم المستمر وبرامـج التأهـيـل وتطويـــر المهــارات المهنية، بالإضافـة إلى المنظومـة القانونية التي تشكـل البنية الفوقيـة الأهـم التي تنتـج عن وتؤثـر في مجمل العلاقات الاقتصادية الاجتماعية القائمة وموقـع المــرأة فيهــا وهو ما لم تنجح فيه المجتمعات العربية لبقاء المنظومة الدينية والعادات والتقاليد تعيد انتاج القمع على أسس دينية حتى تمنع التغييرات وبالتالي تم البقاء على نفس النظم التقليدية المتوارثة مما أدي الي استمرار بقاء المرأة رهينة في سجن الدين والعادات والتقاليد.
هنا لا ننكر أيضا ما على الساحة العربية من محاولات جادة ونساء متحررات أستطعن خوض غمار الصراع والتحدي ومقاومة البنى التقليدية للمجتمعات العربية، ولكن يظل دورهم محصورا في تجارب استثنائية، بينما الأصح أن تكون تجارب عامة وغالبة، إذ لا تـزال المـرأة العربـية تعانـي إشكال عدم التوافق بين إمكانياتها الحقيقية والحقوق المعترف لها بها، قانونيا واجتماعيا. فإن كانت المرأة العربية تناضل منذ سنين لتحقيق ذاتها وتواجدها باعتبارها مواطنا كامل الحقوق، إلاّ أن ما اكتسبته لا يعبّر عن الدور الحقيقي الذي من المفروض أن تلعبه داخل المجتمع، هذا من جهة. أما من جهة أخرى فقد أصبحت هذه المكتسبات مهدّدة اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، بالزوال، وذلك نتيجة صعود الحركات الدينية وتأثير هذه الحركات لا على المجتمع فقط بل على المشرع أيضا. وهو ما ينقلنا الي آليات وحلول للوضع المزري الذي تعيشه المرأة العربية والذي تعتبر فيه ظاهرة العنف ضد النساء من أعقد الظواهر وأكثرها صعوبـة في الحصـر والتحليل والمعالجة، لاتساع تعـريفها مـن جهة، فالعنف أي عمل أو تصرف عدائي أو مؤذ أو مهين ، يرتكب بأية وسيلة وبحق أية امرأة لكونهـا امـرأة، ويخلف لها معانـاة جسديـة أو جنسية، أو نفسية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومن خلال الخداع أو التهديد أو الاستغلال الجنسي أو التحرش، أو الإكـراه أو العقاب، أو إجبارها على البغاء، أو أية وسيلة أخـرى، أو إنكـار وإهانة كرامتها الإنسانية أو سلامتها الأخلاقية، أو التقليل من شخصها ومن احترامها لذاتها وشخصـها أو الانتقاص من إمكانياتها الذهنية والجسديـة، ويتراوح ما بين الإهانة بالكلام حتى القتل، وإضافة لذلك هناك القوانين والنظرة الذكورية والحكومات التى تعمل بالإتفاق مع رجال الدين والفقهاء على إبقاء المرأة سجينة للأبد، فهذا هو التحدي، وهذا هو الأمل المطلوب من المرأة لكي تستطيع أن تنهض وتتحرر من الأفكار الرجعية والنظرة الذكورية الإستعلائية. وعلى الرغم من أن غالبية الدساتير العربية أكدا على حق المساواة بين الرجل والمرأة في مواقع كثـيرة، إلا أن قراءة متأنية للمنظومة القانونية تبرز أشكالا متعددة من التمييز ضد المرأة، منها التمييز الواضح في كثير من النصوص القانونية لجهة حقوق المرأة المترتبة عن قوانين التقاعد والضمان الاجتماعي والجنسية والعقوبات، والأحوال الشخصية وغير، .وتتفاوت هنا طبعا في مختلف الدول العربية.
إن تحويل المرأة العربية من كائن تابع مستلب لمنظومة دينية ومؤسسة ذكورية تحاصرها بقيم مزدوجة المعايير وضبابية، إلـى إنسـان مسـتقل، لـن يـتم دون إعادة النظر في المفاهيم والوقوف عند العراقيل الدينية والمنهجية والتعليمية التـي تحول دون ذلك في المجتمعات العربية قاطبة . وأيضا تنطلق مبادئ تحرير المرأة بالتركـيز علـى الوسائل التي تستعمل لترسيخ استلاب المرأة وأبرزها النظام المعرفي الديني الذي يعيد إنتاج نفس القيم والأنماط السلوكية عبر نتاجاته المختلفة، وسواء ذلك من خلال النظام التعليمي والتربوي في كافة مراحله، أو من خلال إعادة إنتاج صورة المرأة في وسائل الإعلام والأدب والفن وغيرها من أشكال الإنتاج الثقافي، أو من خلال تكريس الدور الثانوي للمرأة في مؤسسات المجتمع المدني من تيارات سياسية وإسلامية وجمعيات نفع عام والتي يتجاهل خطابهـا العام صلب قضية المرأة والآليات الناجعة لمعالجتها، ويستمر باحتكامه إلى النظرة النفعية لدور المرأة والتي انسحبت أيضا على خطاب وآليات الحركة النسائية ذاتها التي حصرت أهدافها بالحصول على جملة من الحقوق المدنـية دون الدخـول فـي تحلـيل عميق لجوهر قضية المرأة وطبيعة المفاهيم التي تحاصرها بآلياتها المختلفة، والتعامل مع المرأة ككل مطلق دون تحديد مجموعات هدفية تمكن مخاطبتها وبالتالي تحقيق نتائج ملموسة لها.
هنا، ومن الإيمان بقضية المرأة ودورها كإنسان أولا، هو المسار الذي يجب التعامل معه والإنطلاق إليه، فمعظم المقترحات التي عرضناها، أو التى تم كتابتها سابقا وخرجت من خلال الندوات والمؤتمرات والتوصيات العربية لن تأخذ طريقها إلى التطبيق إلا في حال التوصل لوضع قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، وهذا القانون المدني يجب أن يكون علمانيا فقط، لأن في ذلك تكمن الإمكانية الوحـيدة لتغيـير فعلـي في العلاقة (اجتماعيا وذاتيا) بين المرأة والرجل في اتجاه المساواة الفعلية، وكذلك فهو لا يساوي بين المرأة والرجل فقط بل يساوي أيضا بين النساء أنفسهن، كما يساوي بين المواطنين في البلد الواحد.



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المعارضة الكويتية وإخفاق الحكومة
- رسالة كويتية الي الرئيس الفرنسي


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - المرأة العربية وعقبات الدين والمجتمع