|
الجماعات الإرهابية فى ليبيا .. الواقع والمآلات
رياض حسن محرم
الحوار المتمدن-العدد: 4723 - 2015 / 2 / 17 - 13:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جاء مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا "كريستوفر ستيفنز" و 3 دوبلماسيين أمريكان على وقع الفيلم المسيئ للرسول فى الهجوم على القنصلية الأمريكية ببنغازى ليؤكد إشارة لها مدلولاتها بوجود وتغلغل الجماعات الإرهابية فى ليبيا بعد الثورة وطى صفحة القذافى، وأعادت الى ذاكرتنا ما عرف ب"الجماعة الليبية المقاتلة" التى ضربها القذافى فى مقتل ووضع أغلبهم فى السجون لسنوات طويلة ثم أطلق سراحهم بعد قيامهم بمراجعاتهم وإعلان إدانتهم لأفكار السلفية الجهادية والقاعدة، ولكن بعضهم رجع عن ذلك الموقف وإنضم مجددا لتنظيم القاعدة فى مناطق حروبها بالعراق ثم سوريا فيما بعد، وبعد إندلاع الثورة الليبية قررت تلك الجماعة الإنضمام اليها بعد تغيير إسمها الى "الحركة الإسلامية الليبية للتغيير" برئاسة أحد قادتها "عبد الكريم بلحاج" الذى صار رئيسا للمجلس العسكرى بطرابلس وبعد سقوط القذافى إنشقت الجماعة الى تنظيمين متنافسين أولهما بقيادة بلحاج وهو حزب الوطن والآخر هو حزب الأمة الوسط الأكثر تشددا بقيادة سامى الساعدى، بعد ذلك نشأت أكبر الجماعات الجهادية فى منطقة بنغازى "أنصار الشريعة" فى فبراير 2012 وتركز أنشط فروعها فى درنة بقيادة قاعدى وسجين سابق بجوانتانمو هو "أبو سفيان بنقومو" السائق السابق لأسامة بن لادن وأنشأت لها فروع فى درنة وأجدابيا وطرابلس وسرت، وتقوم تلك الجماعة بتقديم خدمات إجتماعية ومساعدات للفقراء وتتصدى بشدة للجماعات الصوفية المنتشرة وتهدم الأضرحة ومقامات الأولياء. كل تنظيمات السلفية الجهادية فى ليبيا بما فيهم الإخوان المسلمين بتنظيمهم السياسى "حزب العدالة والبناء" ليس لديهم شعبية تذكر وهذا ما أظهرته الإنتخابات البرلمانية لمرتين حيث فازت القوى الليبرالية بالنصيب الأعظم من الأصوات ولم تحقق تيارات الإسلام السياسى الاّ أقلية ، وقد بايعت أنصار الشريعة تنظيم القاعدة، بينما شكلت جماعات أخرى أكثر تشددا تنظيم مليشياوى هو "قوات درع ليبيا" التى شكلت جيش موازى مكون من تحالف قبائلى نتج عنه ماعرف لاحقا بقوات فجر ليبيا ولعب فيها القيادى القاعدى "أبو أنس الليبى" دورا قياديا وتنسيقيا بين هذه التنظيمات وأيمن الظواهرى فى مكمنه بحكم علاقاتهم السابقة " إختطفته القوات الأمريكية وقتلته"، وتعود جذور جميع التنظيمات الجهادية الى أفكار سيد قطب وأدبيات التنظيمات الجهادية المصرية وتسترشد فى تثقيف المنتمين اليها بكتابات الدكتور فضل "سيد إمام الشريف" مؤسس تنظيم الجهاد المصرى وفيلسوف القاعدة وأفكار "محمد عبد السلام فرج" قائد المجموعة التى إغتالت السادات، وفى الثمانينات بدأ الخروج الكبير للجهاديين الى أفغانستان بدعم من السعودية ونظامى السادات وضياء الحق لمحاربة السوفييت بدعم وتسليح وتدريب من الولايات المتحدة، بعدها عاد الجزء الأكبر منهم الى بلدانهم لمحاربة ما أسموه بالحكام الطواغيت بينما إنطلقت أعداد أخرى للقتال فى البوسنة والشيشان وغيرها ولكن أشرس معاركهم كانت فيما عرف بالعشرية السوداء بالجزائر. أدت تفجيرات برجى التجارة بنيويورك فى 2001 الى الهجوم الامريكى على نظام طالبان فى أفغانستان وضرب القاعدة وتشتيتها فى مختلف البقاع مشكلة أفرع محلية للقاعدة لتقوم بعمليات متعددة فى عدد من البلدان منها تفجيرات بالى بأندونيسيا وفى الدار البيضاء بالمغرب وفى مدريد ولندن والسعودية وغيرها، ولكن جاء الإحتلال الأمريكى للعراق مشكلا فرصة ذهبية للقاعدة وظهور "أبو مصعب الزرقاوى" وتنظيم التوحيد والجهاد الذى تحول فيما بعد الى الدولة الإسلامية فى بلاد الرافدين ثم الى دولة الخلافة فى العراق والشام، وكان ذلك إيذانا بظهورعمليات الخطف والذبح والعمليات الإنتحارية والسيارات المفخخة ونشر صورذبح الضحايا على أشرطة فيديو تلك السنة التى بدأها الزرقاوى بالعراق، وإنتشر مبايعة تنظيم القاعدة من منظمات جهادية محلية فى اليمن والسعودية والجزائر والصومال وغيرها. وبعيدا عن حالة الهوس العامة التى تشمل معظم الاعلاميين والمحسوبين كخبراء إستراتيجيين بأن داعش صنيعة أمريكية تظل داعش منتوجا محليا يستقى مرجعيته مما يسمى بكتب التراث وأحكام الفقهاء والأئمة، ولكن لا يوجد ما يمنع أن تحاول الأجهزة المخابراتية إستخدامها لتنفيذ أغراض خاصة بها وتوظيفها فى صراعاتها، وبالنسبة للوضع فى ليبيا فإن المؤكد أن فرع أنصار الشريعة الذى يفرض سيطرته على مدينة درنة هو من بايع وأعلن ولاؤه لتنظيم داعش (دولة الخلافة) بقيادة أبوبكر البغدادى ثم تلته مبايعات أخرى من فروع طرابلس وسرت وتعتبر "داعش ليبيا" من أغنى فروع داعش الآن بعد إستيلائها على أكثر من 60 مليون من العملات بين يورو ودولار ودينار ليبى من 4 مصارف فى طرابلس، وهؤلاء أقوى بكثير من قوات اللواء خليفة حفتر قائد عملية الكرامة وقائد الجيش الوطنى الليبى الممثل لحكومة "عبد الله الثنى" والبرلمان المنتخب بعد عدد من الهزائم التى منى بها من مسلحى "فجر ليبيا" المعارضة والممثلة للمؤتمر الوطنى المنتهى ولايته ومتحالفة مع جميع الفصائل المتشددة ومن بينها داعش، ويحاول حفتر جاهدا خطب ود القيادة الجديدة فى مصر للدخول معه فى المعركة بينما تتنامى قوة داعش بعد سماح البغدادى لأتباعه فى العراق وسوريا للعودة الى ليبيا للمشاركة فى الصراع الداخلى وتدفق الالاف من الجهاديين من موريتانيا والنيجر وتشاد وجنوب الجزائر ومصر للإشتراك فى المعارك الى جانب داعش ليبيا، كما يعد مئات الالاف من المصريين غير المتعلمين والفقراء القادمين من صعيد مصر "حيث تترعرع الأفكار السلفية المتشددة" والذين يذهبون الى ليبيا بغرض العمل واكتساب قوتهم تربة خصبة لتجنيدهم فى التنظيمات المتشددة، ويتلاعب الإخوان المسلمين بالأوضاع السياسية فبعد أن كانوا ضد استمرار المؤتمر الوطنى واعلانهم أنه فاقد للمشروعية إذ بهم بعد خسارتهم الإنتخابية يعيدونه مرة أخرى لتولى السلطة ويرفضون المجلس المنتخب مستندين فى ذلك الى القوة وفرض سيطرتهم على ميناء ومطار طرابلس وولايات غرب ليبيا. الوضع فى ليبيا مرشح لتناحر داخلى بين القوى التكفيرية بعضها البعض بين من يؤيد القاعدة والذين بايعوا داعش من جهه بالإضافة للصدام الحتمى بينهم وبين مجموعة فجر ليبيا والإخوان المسلمين على خلفية الخلافات الإديولوجية والعقدية، فمن المرشح بعد إعلان دولة الخلافة فى درنة أن تتمكن من التوسع الى سرت وطرابلس والكفرة ومناطق أخرى مستفيدة من الدعم الداخلى والخارجى .. كل ذلك يعتمد بشكل رئيسى على قدرتهم فى مواجهة الجيش المصرى الذى أعلن عن قيام سلاحه الجوى بتوجيه ضربة لهم فى درنة مما قد يؤدى لإختلاف موازين القوى. سؤال مازال مفتوحا لكل الإحتمالات..
#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليمن على شفير الصوملة
-
الراسمالية المتوحشة.. وما بعد العولمة
-
دولة الرفاه الإجتماعى
-
حول 18 شهرا من حكم المجلس العسكرى
-
تجاهل إضراب الحديد والصلب..جريمة
-
الحركات اليسارية فى الخليج العربى
-
ذكر ما جرى ل-ألان جريش- فى القاهرة
-
هل تكون حلب بوابة الخروج من الأزمة فى سوريا
-
صفقة -أوراسكوم- تكشف عمق علاقة النظام برجال الأعمال
-
الحراك الثورى وإنسداد الأفق
-
كوبانى وحزب العمال الكردستانى pkk--
-
الصين..الإنتقال السلمى للرأسمالية
-
ذكريات الهزيمة وعبد الناصر
-
اليسار المصرى ..الجذور..الواقع..الآفاق (الأخيرة)
-
اليسار المصرى..الجذور..الواقع..الآفاق (4)
-
اليسار المصرى ..الجذور..الواقع الآفاق (3)
-
اليسار المصرى..الجذور..الواقع..الآفاق (2)
-
جذور اليسار المصرى وواقعه وآفاقه (1)
-
ملاحظات سريعة حول مسودة مشروع قانون العمل الجديد
-
الحوثيون ..المزج بين الزيدية والإثنى عشرية
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|