سامي الحجاج
الحوار المتمدن-العدد: 4723 - 2015 / 2 / 17 - 01:17
المحور:
الادب والفن
من يتسلل خلف خطانا
في الطرقات المهجورة؟
من ينقر عند هبوط الليل نوافذنا ؟
ويحرّك أطراف ستائرنا
حين تهب الريح ؟
محمود البريكان
اغلب الظن ان الكثيرين في منطقتنا (نقرة حويجم) في قضاء الزبير التابع لمحافظة البصرة ، كانوا يجهلون المساحة الشعرية الشاسعة التي يشغلها أحد عمالقة الشعر وأبرز الشعراء الرواد والمجددين في الشعر العربي الحديث الشاعر محمود البريكان، كنا نتبادل التحية معه كأبناء منطقة واحدة ألى أن أستوقفه ذات يوم أبن عمتي (زغير شنون الحجاج) يسأله عن أمر ما حول المخطوطات الأدبية، فمنذُ ذلك الحين توطدت علاقتنا به الى نوع من الصداقة الحميمة، فأبن عمتي شاعر وأديب أستشهد في أول الثمانينات وأثناء التصفيات الدموية التي سبقت الحرب العراقية الأيرانية، حيث قتلته الأيادي القذرة الأثمة لجلاوزة حزب البعث و لم ينشر قط أي قصيدة أو مقطوعة أدبية لأنه كان يعيش العزلة ذاتها بل أشد مما عاشها الشاعر محمود البريكان بسبب معارضته لعصابة البعث الدموية، ولم يكن سهلاً علينا في بدايات مجيئ البعثيين وقبل أن تستحكم حلقاتهم على الرقاب أن نتكهن بحجم العذاب والتشرد الذي ينتظرنا وإلى أين تمضي بنا الأيام...
فاضت العيون وأمتلئ القلب بالوجع والأنين والحسرة من هول الفاجعة عندما قرأت ذات يوم في أحد الصحف عن مصرع الشاعر العملاق محمود البريكان بعد أنقطاع أخباره عني أكثر من عقد ونصف من الزمن ،حيث وجدوه مقتولًا في داره ولا أحد يدري به وكان مطعوناً بسكين حادة ١-;-٦-;- طعنة ولا أحد يعرف من هو اللص القذر الحقير الذي أرداه قتيلًا،وهذا الشاعر الأخر زغير الحجاج الذي أُعتقلوه من داره لم يجدوا أهله له أي أثر،وأصدق الروايات التي قيلت عنه هو وأقرانه المعتقلين معه، ان المجرم عبد حمود وعصابته حفروا لهم حفرة كبيرة وألقوهم فيها وأهالوا عليهم التراب ودفنوهم وهم أحياء،وهذا أنا مُشرد في ديار الغُربة أمضغ المأساة حيناً وتمضغني أكثر الأحيان وأتجرع على مضض العزلة والمرارة والآسى .
فلماذا عندليب الحب طار
والمرايا صدئت فوق الجدار
ولماذا استرجعوا مني القمر؟
والتعاويذ وقطرات المطر
عندما قلبي على أرصفة الليل انكسر
المجوسي من الشرفة
للجار يقول:يا لها من بنت كلبة
هذه الدنيا التي تشبعنا موتا وغربة
(عبد الوهاب البياتي-حب وموت ونفي )
حقيقة لا نستطيع الهروب منها،كم من السنين يحتاج اليها المرء كي ينسى أو يتناسى ألم الأفتقاد أذا ضاعت منه جوهرة في زمن التصحّر والعقم واليتم والضياع ؟
#سامي_الحجاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟