|
اغتيال الرفيق شكري بلعيد-الدوافع و الدلالات-(الجزء الأول)
غيث وطد
الحوار المتمدن-العدد: 4722 - 2015 / 2 / 16 - 08:47
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
"كلما قام في البلاد خطيب موقظ شعبه يريد صلاحه أخمدوا صوته الإلاهي بالعسف أماتوا صداحه و نواحه هكذا هم المخلصون في كل صوب رشاقات الردى إليهم متاحه" {أبو القاسم الشابي} في معرض حديثه عن اغتيال المفكر اللبناني الكبير حسين مروة يذهب الدكتور هشام غصيب الى أبعد من الاجابة الأكثر شيوعا لتفسير هذا الحدث و المتمثلة في اعتباره أقرب الى"الحادث الطائفي" والذي بموجبه قام أحد الفصائل الطائفية اللبنانية باغتيال هذا المفكر الكبير لاعتبارات دينية بحتة يغلب عليها الطابع التأسفي على فقدان صاحب كتاب"النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية" ذو الأهمية الفكرية الكبيرة نظرا لما امتاز به حسين مروة من قراءة علمية دقيقة للتراث العربي الاسلامي و ما عرف عنه من قدرات بحثية دقيقة ليتعمق د.هشام غصيب أكثر في الحادثة منطلقا من وجهة النظر العلمية القائلة بأن الحدث هو تمظهر و تكثيف لمسار تاريخي معين خاضع للقوانين الاجتماعية و دينامياتها وحركتها و يرى عملية الاغتيال انطلاقا من حاضرنا المقرون بسيطرة الكهنوت و التسطيح على العقل العربي نتيجة انفصال النخب عن الشارع مستعيرا بتوصيف ياسين الحافظ "الوعي المفوت" وهو نقيض ما كان يسعى اليه الشهيد حسين مروة عبر قراءة دقيقة للتراث العربي الاسلامي ستمكن حتما من اختراق هذا الوعي وارساء النهضة الحضارية للوطن العربي وهو ما طرحه الحزب الشيوعي اللبناني الذي كان يريد تملك الماضي الفعلي والحاضر الفعلي-على حد تعبير الكاتب-وهي مهمة عسيرة احتاجت مفكرا بحجم حسين مروة لتحرير العقل العربي من ذاته التي تكبله والتي بقيت أسيرة الماضي الهزيل بما يحقق الكشف عن أبعاد..لذلك يستخلص د.هشام غصيب أن اغتيال حسين مروة كان عملية وأد لمشروع عظيم تبناه الحزب الشيوعي اللبناني وهو اختراق للوعي المفوت عبر النفاذ الى الواقع الفعلي الذي ليس الا واقع الماضي الفعلي والحاضر الفعلي وهي المهمة التي القيت على عاتق حسين مروة التي ستمثل مفتاح بلشفة الحزب الشيوعي اللبناني و بناء حركة ماركسية عربية تستنهض الجماهير العربية بعد تخليصها من الوعي المفوت الذي يحجب يمنعها من قراءة الواقع....اجهاض هته المهمة كان باغتيال حسين مروة بيد الغدر اللاهوتية التي اراد ان يقضي عليها.. ومن الصدف فان شكري بلعيد..المناضل الماركسي التونسي كان قد كتب قصيدة رثاء للشهيد حسين مروة ابان اغتياله و لابد من استذكار مقولة كارل ماركس"التاريخ لا يعيد نفسه الا في شكل مأساة او مهزلة".. فبعد اغتيال حسين مروة و تراجع حركة التحرر الوطني العربية لتصل الى حالة غير مسبوقة من الانحسار والذي يعني انتشار ضدّها التاريخي ممثلا برجال اللاهوت و حاملي الثقافة الحداثوية و الليبرالية الضحلة التي تروجا الامبريالية الامريكية والتي اخمدت حركة الصراع الطبقي و الوطني و استطاعت فرض نظام يمكن من تركيز الهيمنة واعادة تركيزها في صورة انتفاضة الجماهير المضطهدة التي ترفض سياسات الامبريالية ووكلائها المحليين خاصة و أنها ضمنت غياب طليعة الجماهير..ومن هذا المنطلق كانت انتفاضة الجماهير العربية التي فتحت مسارا تاريخيا كان الرهان الامبريالي على وأدها و اعادة الجماهير الى المربع الاول وعلينا الانطلاق من الفهم الماركسي للتاريخ حيث يقول فريديريك أنجلس:"يصنع التاريخ بنحو تحصل معه النتيجة النهائية دائما لتصادم كثرة من الارادات الفردية,مع العلم أن كلا من هذه الارادات تصبح ماهي عليه بالفعل وذلك من جديد بفضل طائفة من الأحوال الحياتية الخاصة.وهكذا يوجد عدد لا يحصى من القوى المتشابكة.مجموعة لا نهاية لها من متوازنات الأضلاع.ومن هذا التشابك تنجم قوة محصلة واحدة هي الحدث التاريخي (فريديريك انجلس-رسائل حول المادية التاريخية ص 7 طبعة دار التقدم موسكو).
انطلاقا من هته المقولة فان الحدث التاريخي لا تصنعه ارادة فرد ما بقدر ما يكون نتاجا لتشابك ارادة جملة من الأفراد وفقا لقدرتهم الجسدية وللظروف الخارجية واساسا الظروف الاقتصادية وهو ما يعني أن الأفراد ليسوا الا تعبيرا عن تشابك ارادة جملة من الأفراد وهم يمثلون عنوانها خلافا للنظرة البرجوازية و المثالية عموما و التي تقدس الأشخاص وتجعلهم الفاعلين الوحيدين في التاريخ مع التأكيد على أن هذا لا ينفي دور الأفراد في التاريخ و ما يمكن أن يفعلوه في اتجاه الدفع بحركة التاريخ الى الأمام..وهذا ما يدعونا الى قراءة أفكار شكري بلعيد فهو يستحق بامتياز أن يلقب بعنوان مقاومة الجماهير الشعبية بالقطر التونسي للثورة المضادة و قائدا طليعيا فذا دفع بالجماهير الى الأمام وهو ما يؤكد الحاحية قراءة أفكاره ليكون قدوة للنضال و العمل الثوري رغم المدة الزمنية القصيرة التي قضاها معنا ليصله الخنجر المسموم للامبريالية في صدر حركة التحرر الوطني-الاسلاميون-كما كان يوصّفهم . و ستكون مراجعنا ممثلة في مواقف الرفيق الشهيد شكري بلعيد السياسية و قرائته للواقع و كتاب-الهوية و البرنامج-للحزب الذي أسسه و الذي يعكس خطه الاديولوجي و السياسي لنحاول ابراز الأتي: 1/شكري بلعيد وعيا وممارسة 2/قراءة في الواقع السياسي بالقطر التونسي و المهام المطروحة على حركة التحرر الوطني 3/التكتك و الاستراتيجيا 4/أزمة اليسار التونسي و الحلول المطروحة 5/دوافع الاغتيال و دلالاته
#غيث_وطد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وهْم البورقيبية
-
رضا بلحاج وحزب التحرير..
-
لم علينا دعم السبسي؟
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|