|
هل ينجح بوتين في مسعاه في الشرق الاوسط
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4719 - 2015 / 2 / 13 - 17:03
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ربما يخطا من يظن بان بوتين لم يقيٌم الواقع العالمي الحالي ولم يقارنه بالماضي ويعتقد بانه يخطوا وفق ما سار عليه الاتحاد السوفيتي سابقا استنادا على الظروف الموضوعية حينئذ، و التي فرضت ارضية و واقعا وفٌر عوامل نجاح الاتحاد السوفيتي في توسيع نفوذه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و اتفاقية يالطا التي قسم مواقع النفوذ للقوات المنتصرة على النازية و الفاشية في اوربا و من ثم العالم بشكل كامل . لازالت الولايات المتحددة تعيش نشوة الانتصار على الاتحاد السوفيتي و شاهدت تفككه، و هي اغترت و اصيبت نتيجتها بامراض شتى، و منها محاولتها السيطرة على مصالح العالم و خضوعهم لهيمنتها . و في المقابل من مصلحة روسيا الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي ان تحس بمسؤليتها و ان تهب واقفا من اجل الاستنهاض بالنفس من اجل مستقبل شعبها على الاقل، و هذا ما يحتاج الى سياسات خارجية ملائمة لما يضمن مصالحها و هو ما يوجهها عفويا الى وضع القيود امام السيطرة المجحفة لامريكا على العالم وهي ما تعمل على توجه واحد فقط و هو ضمان مصالحها على حساب شعوب العالم اجمع فقط . فالتاريخ له افرازات ربما تفيد من يعتبر منها اكثر من القوة و الامكانية. روسيا لديها امكانيات مادية و تاريخية و جغرافية كبيرة و معتبرة، تحتاج لتنظيم واعادة ترتيب الذات للاستعداد في ادارة الصراع، بعد قراءة ما يجري في العالم بدقة من وجهة نظر مصالح العالم وليس ما تهمها نفسها فقط كما تفعل امريكا، عندئذ يمكن ان تنجح في مسعاها في منافسة امريكا من كافة الجوانب و في جميع المجالات . فان احست اية دولة في اية زاوية في العالم، انها بخطوة او سياسة ما تضمن حياة شعوبها و مستقبله بالتنسيق و التحالف مع روسيا سوف تضطر ان تترك امريكا لذلك، و هذا ليس فرض مواضع النفوذ بقدر انبثاق او بناء ارادة ذاتية لتلك الدول من اجل ان تكون مواقع نفوذ روسية و ليست امريكيةفي حال المقارنة و اختيار الافضل . فان مصلحة بلاروسيا و جورجيا و استونيا و حتى يونان و دول اوربية و شرق اوسطية كثيرة يمكن ان تتوائم مع مصالح روسيا . و هم يريدون ذلك منذ و حسب ما يحس به المراقبون، محاولين الخروج من ضيم المفروضات الامريكية التي يمكن ان ترجع بالضرر عليهم و تفيد نفسها فقط بعيدا عن تبادل المنفعة . ما تدعيه امريكا من الناحية الثقافية و السياسية سوف يعود عليها على عكس ما تعتقده من صراع الحضارات و ما تتجه اليه المعمورة نتيجة افرازات العولمة و تقدم التكنولوجيا و ما تدعيه من نهاية التاريخ و اصالة النظام الراسمالي و ثبوته دون اي منافس كما تعتقد هي و ليس غيرها . ان كان احد على اعتقاد بان المرحلة الحالية ربما تفرض توجهات الشعوب نحو الغرب اكثر من روسيا، فانه من المؤكد بعد تقيم ما نمر به الان، فان المآزق الكبرى التي تمر بها المناطق سوف تفرض على الجميع اعادة النظر في سياساتهم، و سيشهد العالم انعطافة كبيرة عندما تصلهم واحدا بعد الاخر شرارة النار المشتعلة الان في هذه المنطقة بشكل او اخر . و حتى من الناحية الاقتصادية اننا نعتقد بان النظام الاشتراكي البعيد عن الخصخصة سوف يفرض نفسه عاجلا كان ام اجلا، و هذا ما يعيد امريكا الى حال تفكر كثيرا في سياساتها الخارجية و يفرض عليها الوضع العالمي الجديد التقوقع او اعادة النظر فيما تسير عليه الان و ما تفرضه من الشروط على الدول التي تقع تحت نفوذها من كافة الجوانب . اذا، لو خطى بوتين وفق ما يتجه اليه العالم نتيجة جشع و اخطاء امريكا من النواحي السياسية الاقتصادية الثقافية، فانه ينجح في اعادة الهيبة الى بلده و ينجح في نشر نفوذ روسيا عفويا و ليس فرضا او قسريا في العالم، لو ابتعد عن بعض الحركات البهلوانية المتهورة الشخصية في سياساته، و تعمق في توجهاته و خطواته العالمية، و لا يمكن قياس ما هو عليه العالم بانه حالة نهائية و ستبقي امريكا على ما هي عليه من السيطرة . صحيح ان الظروف التي ادت الى انبثاق المعسكرين في العالم ليست كما هي الان، و لكن لو تمعنا اكثر ربما نصل الى اعتقاد باننا نتوجه الى نهاية حرب بمثابة حرب مستعرة الان و هي حرب عالمية ثالثة بشكل و اخر و هذا ما تفرض ظروف جديدة و تتطلب قوى ان تؤدي دورها وتحتاج لقيادات جديدة و دول تكون لها ادوار مختلفة عما كانت ابان نشوء المعسكرين، و لكن من المؤكد ان نهاية القطب الواحد قد اقترب دون اي شك بعد الفوضى التي يشهده العالم في كل زواياه، و نحن بانتظار انعطافة كبرى و مسيرة جديدة و انبثاق حالة عالمية جديدة لها السمات ولها التركيبات المختلفة لما كان عليه العالم من قبل او ابان الحرب الباردة . و من هذا المنطلق يمكن ان نعتبر زيارة بويتن الى دولة هي قلب منطقة الشرق الاوسط تاريخية و مؤثرة و قلب منطقة نابض و لها الدور الرئيسي في تحديد وجهة التغييرات في المنطقة، في الوقت الذي تشهد المنطقة الاخطاء المتكررة من امريكا و رئيسها الحالي في تقيم المنطقة و كيفية التعامل معها، و منها قراءة الواقع المصري و اكثرية دول الربيع العربي . فيمكن ان نعتبر زيارة بوتين بداية الانعطافة التي ننتظرها في المسيرة العالمية و تاثيراتها على المنطقة . لا يمكن ان نتوقع عودة ظروف الحرب الباردة في مطقة الشرق الاوسط الا اننا يمكن ان نتاكد بانه قد وصلت سيطرة القطب الواحد على المنطقة الى منحدر لابد من تصحيح مسارها بحيث تنبثق من التغييرات حالات لا يمكن ان تجعل امريكا ان تستمر في سياساتها الحالية .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هي الدولة التي يمكن الكورد ان يعتمد عليها ؟
-
سياسة امريكا على حساب شباب الشرق الاوسط
-
التقى العبادي البرزاني على ارض محايدة
-
تحررت كوباني دفاعا عن اهلها و ليس لتفعيل ضجة
-
الاصولية طاعون العصر اَم ماعون القصر
-
اليسارية بين الفكر و السياسة في الشرق و الغرب
-
اليس بامكان امريكا ان توقف سفك الدماء في كوردستان ولم تفعل ؟
-
معركة داعش اليوم اثبتت للجميع كوردستانية كركوك
-
بدا كسر شوكة داعش من كوباني
-
تحرير كوباني و موقف تركيا
-
اين تكمن الشجاعة للاعتراف بالحقيقة
-
وفيق السامرائي لازال يلعب لعبة البعث
-
هل من منفذ و منقذ ؟
-
العلاقة العراقية التركية و ما يهم اقليم كوردستان
-
سنجار بين الحانة و المانة
-
التستر على الارهاب الناعم يخلق الارهاب المتشدد
-
ماهي العلة الرئيسية للتغيرات الاجتماعية السلبية ؟
-
تركيا تقدر على منع الكورد و ليس داعش ؟!
-
اردوغان و من يشجعه على احلامه
-
ماذا اصاب العالم في هذه المرحلة ؟
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|