أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد حمدي أبوزيد - قرحة الوهم














المزيد.....

قرحة الوهم


أحمد حمدي أبوزيد

الحوار المتمدن-العدد: 4707 - 2015 / 2 / 1 - 04:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تختلف الأزمنة و العصور ، و تختلف معها قائمة الأمراض التي تنتشر في كل فترة تاريخية بعينها ، و تضيع أجيال بأكملها نتيجة لتفشي المرض ثم تأتي أجيال جديدة تفك الطلاسم و تخلق المعجزة من رحم البحث ، لتهزم المرض في ساحات العلم ، لكن تبقي قائمة من الأمراض ترافق كل العصور دون ايجاد حلول طبية شافية ، و علي قائمة تلك الأمراض التي عجزت الأقراص المسكنة و المضطات الحيوية عن الفتك بها ، هو مرض " الوهم " الذي يصيب بعض العقول !
فالأمراض تتأتي علي أجسادنا ، بالوهم ! و الثقافات الدخيلة و نظريات المؤامرة تغزو مسام الفكر بالوهم ! و الخوف يتملك من جوانبنا و يطرحنا كمخلفات من الجبن بالوهم ! و الظلم يكتسح الأزقة و يستوطن الميادين و يستعمر المدن بالوهم ! 
الوهم ! هو القضية . الوهم ! هو مرض العصر بل كل العصور .
و لنا في قصة " سقراط " عظة ، لنتفهم منها دور " الوهم " في الفتك بالنفوس ،
فقد استنكر أحد الاطباء اطلاق لقب " الطبيب الاول " علي سقراط ، و أدعى أنه أعلم منه ، فجاء الملك لسقراط و قال له ان هذا الطبيب يدعي أنه أكثر علما منك ، لذا فهو الأحق بلقب الطبيب الأول ، فرد سقراط ، إذا أثبت ذلك ، فليكن اللقب من نصيبه ! فقال الملك للطبيب ، كيف تثبت لنا ذلك ؟ فقال الطبيب ، أنا أسقيه السم الزعاف و هو يسقيني ، فأينا تمكن من دفع السم عن نفسه فهو الأعلم ، أما الذي آصابه المرض و أدركه الموت ، فهو المهزوم . فقبل سقراط التحدي ، و أعطاهما الملك مهلة بعد  ( أربعين ) يوما لتجهيز السم . و ظل الطبيب يعمل علي تجهيز السم ، بينما أحضر سقراط ثلاثة أشخاص و أمرهم بسكب الماء العذب في مدق و يدقوه بقوة ، و قد كان الطبيب يسمع صوت الدق بحكم جيرته لمنزل سقراط ، و في اليوم الأربعين ، جاء الخصمان عند الملك ، فقال الملك ، أيكما يبدأ بشرب السم ، فقال الطبيب ، فليبدأ هو ، فوافق سقراط و شرب السم الزعاف ، و بعدها ابتلع رشفة من شراب آخر ليبطل مفعول السم ، فظهرت علي سقراط علامات الاعياء ، فاصفر لونه و ابتل غرقا ، و لكن بعد سويعات ، شفي تماما من مظاهر الاعياء . ثم قال للطبيب ، أما أنا فلا أسقيك السم ، لأن شفائي دليل علي علمي ، لكن الطبيب صمم أن يشرب السم ، و أيضا جمهور الحاضرين صمموا علي أن يأخذ الطبيب دوره في التحدي ، فرضخ سقراط لارادة الحضور ، و اعطاه رشفة من ( الماء العذب ) الذي كان يدقه طيلة الاربعين يوما ، و بعد أن شرب الطبيب الماء ، سقط ميتا
فتوجه سقراط للملك و قال ، هذا ما كنت أتوقعه ، فلم أسقيه سم زعاف ، و لكنني أسقيته ماء عذب و الدليل علي ذلك أنني سوف أشرب من نفس الزجاجة التي شرب منها و انتم ايضا سوف تشربون !
و عندما سئل سقراط عن سبب موت الطبيب ، قال : أنه صريعا لايحائه النفسي ،  اذ كان يعتقد أن ما يشربه هو سم زعاف و بخاصة بعد أن سمع طيلة أربعين يوما صوت الدق .

و تعتبر قصة سقراط و الطبيب مثال حي علي تأثير الوهم في العقول ، فبعض الناس في أوهامهم سجناء ، و أكم من قاتل أفترس ضحيته بالوهم .

لذا إن أردت أن تسيطر علي قوم ، و تمحي فعل العقل من رؤوسهم ، فسرب الوهم الي نفوسهم . !
أطعمهم وجبات الوهم " المحشوة "   بالأمن و الأمان . يجعلون منك ( إله ) للوطنية و الانتماء .
أسقيهم وهم يسقونك طاعة . !

سلط أبواقا من الغربان لتسحر أذنيهم بوهم الاستقرار .! و لا تعبأ جرذان الطريق التي تنادي بالحرية ، فأنت السلطان ؛ طالما أستوطنت عقولهم بالوهم .

وهم إلصاق تهم العمالة و الشذوذ الفكري و الارهاب ! لمجرد أن تقال كلمة ( لا ) !
وهم الوطنية التي احتكرتموها بالوهم !
وهم الموهومين بأنهم قادة و صناع قرار .
وهم العروبة الذي اكتسحتم به أفق الكذب و التضليل .
وهم الرسالة و الهدف الأسمى .
وهم  نموت نموت ، و يحيا الوطن .
وهم التضحية و النبل و الشجاعة وبالكاد إن كان صوت البارود يمر بجواركم تتحسسون رؤوسكم من الخوف !
وهم المؤامرة التي أصبحت أناشيد صباح في مؤسسات الوهم !
وهم العدالة و الانسانية و الحريات " الزائفة "
وهم العدل في كسوة الظلم .
وهم الثورة في عباءة القمع .

دمتم واهمين و دمنا موهومين و دام الوطن يئن بقرح الوهم !



#أحمد_حمدي_أبوزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحيادية بين الوسطية و الموضوعية
- ميكافيلية الهوى


المزيد.....




- هزة أرضية بقوة 5.1 درجة في تكساس
- مادورو يدعو ترامب إلى التحقيق بنفسه في محاولة اغتياله
- الكشف عن الرسالة الأخيرة لطاقم -تيتان- وأول صورة لها من قاع ...
- مصدر: 250 عسكريا أوكرانيا في إدلب يدربون الإرهابيين على تصني ...
- عقيلة صالح يتحدث عن أثر التقارب المصري التركي على تواجد القو ...
- نيجيريا.. الفيضانات تساعد281 سجينا على الفرار (فيديو)
- ضربة مزدوجة للأمراض.. طبيب ينصح بخلط عشبتين
- صحيفة: شكاوي سابقة عديدة حول سلوك المتهم بمحاولة اغتيال ترام ...
- OpenAI تعلن عن نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي
- توجيه تهمتين للمشتبه به في محاولة -اغتيال- ترامب


المزيد.....

- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد حمدي أبوزيد - قرحة الوهم