|
نجم والي ( دخان المارلبورو وكوفية عرفات وكرايسكي )
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 4704 - 2015 / 1 / 29 - 10:23
المحور:
الادب والفن
نجم والي ( دخان المارلبورو وكوفية عرفات وكرايسكي )
فاز صديقي الروائي ( الآتي من أزقة عماريا في الجنوب القصي ــ ميزوبوتاميا ــ ) نجم والي بجائزة برنو كرايسكي للكتاب السياسي لعام 2014 عن روايته ( بغداد مارلبورو ) ، وكنت اعرف أنه يفوز في هذه الجائزة حالما اخبرني أن الرواية قد رُشحت في القائمة الطويلة والقصيرة للاعمال المرشحة. ولأنني ارتدي قميص النبؤات بسبب عطر الاساطير والتعاويذ والطين ( الحري ) على ضاف الأنهر وضفاف الأهوار السومرية والتي تصبغ جسدي منذ مسلات والدي الذي كان يعمل عامل الطين في مسطر البنائيين في في مدينة أور ، قلت له : أن الرواية ستفوز لأني قرأت في فتنتها أسطرة ووسرد الرؤيا الهائلة لما بعد مجيء الدبابات في نزهة ساحة الفردوس ووضع الحبل الحديدي حول رقبة ( الرئيس ) وسحبها بدبابة. الرواية في تقديري رؤيا الرواي للسياسة بشكلها الروحي في قراءة واقعية وذهنية للمتغير في صورتيه ( السعادة والفجيعة ) وهي خلق جاد لبانورما من الاحداث والتواريخ والاحاسيس وما يطلق عليها الالمان ( الانتكراسيون ) أي الاندماج بين رائيتين مختلفتين للمشهد الحضاري ، بغداد ــ تكساس ــ نادي العلوية ــ نيوأورنيلز. لقد تحدث عنها كثيرا في كتابي الجديد الذي سيصدر في نشر مشترك بين داري نشر نينوى وميزوبوتاميا والموسوم ( نجم والي ..حرب المعدان والألمان ). ولكني هنا سأتحدثت عن نجم والي الذي تحرر من مناخات صباحات الدهشة الفطرية في جنوب بائعات القيمر وموسيقى اعراس الكيف الذكوري ( المثيلي ) والطور المجراوي ، ليذهب الى اقصى الرؤيا ويسجل بمغامرة تشبه الى حد ما مغامرة ( آدابا ) مع الآلهة وينتج لنا كما مدهشا من حكايات يقصها شهريار على شهرزاد جرمانية يتخيلها الجرمانية الجميلة ( آنستاسيا كانيسكي ) أو الأسبانية الجميلة ماريا دون كيشوت أو أخرى اندلسية سرقها من حانات غرناطة وذهب بها الى فنادق طنجة يمارس معها فحولة غرام المعدان بعون من آلهة سومرية جلست تحت خصلات شعره المجعد تثير فيه حافز الحكي والتدوين وأرشفة تأريخ غريب من مقابر الحروب وموسيقى الغجر في حي الطرب وملاهي الشارع الوطني في عشار البصرة ومقاهي ليل هامبورغ وفيينا وكاتلونيا والشوارع الخلفية في هارلم وكازبلانكا وكميت وقضاء المجر الكبير. فاز نجم والي بما يستحقه منذ زمن بعيد ـ وأعتقد أن رُفات المستشار النمساوي برنو كرايسكي بخواطرها الاشتراكية وتعاطفه مع خطابات عرفات وامنيات عراب ( فتح ) سيسره كثيرا فوز نجم والي لأن الرجل بروايته الجريئة والتي اثارة الاعجاب لدى البعض والكره لدى البعض الاخر كما فعلت روايته المثيرة للجدل ( ملائكة الجنوب ) سيسجل تأريخا ازرقا لحزن صباحات بلدته الجنوبية في سماء العاصمة النمساوية وهي تعلن فوزه بالجائزة. صورة الرواية هي التوثيق الشجاع لتواريخنا الروحية عبر قدرية البؤس والحرب التي ظلت تلاحق مدينة الاطياف الشهرزادية ( بغداد ) وعبر مشفرات الخلق الروائي لدى نجم والي وهو يتحدث الى ايتاليو كافينو ليرثي معه متغيرات المدينة وتحولاتها بين ازمنة ( سلمان راضي ) الى زمن الكومييسارة فيرينا ورجل المارينيز السابق دانييل بروكس . هذه المسافة بجغرافيتها هي أسطرة الواقع الذي ابدع فيه نجم ليؤرشف حقيقة ما جرى وكأنه يسجل بهذه المسلة الممتلئة غراما وشعرا ودبابات نبؤة ما ابتدأها هولاكو وانتهى مع خطوات رفاق السيد دونالد رامسفيلد. الرجل ( نجم والي ) صانع ماهر لسيرة المكان ولكن بخصوصية نادرة من السرد حين يتعقب بالتفاصيل اليوم العراقي وكوالسيه في ظل متغير هز اركان الخبر الصحفي في كل جرائد العالم حين سقطت العاصمة العراقية بأربعة ايام تحت سنابك خيول المدرعات وبساطيل الجند ، وخلف اجفان هؤلاء الجدد يسجل ( نجم والي) مراثيه ورؤاه وارشفته وتسجيله لوقائع الخفي والمعلن في حياة هذه الحرب وهذا الاحتلال عبر ذكرياته وخيال موهبته الروائية وصنعتها المتميزة. نجم والي يسجل نبؤة لقاء كان مقدرا له أن يكون بين الراوي ( نجم ) وجندي المارنيز (بروكس )، ومن خلال تلك القدرية المصنوعة بهاجس غيبي يسجل الراوي كل التفاصيل الخفية والعلنية لاناس صادفهم في ذكرى سابقة أو لم يصادفهم ، أصدقاء وغرباء سجلوا تواريخ المكان في متغيراته أبعد من مدافع عبادان والبطاقة التموينية الى اليوم الذي تم فيه نهب موجودات المتحف الوطني. وربما صداقته مع سلمان راضي ، افتراضية كانت أم حقيقية هي من جعلت الرواية تشتغل على باطن المكان وسريته التي رافقت الحدث في ما وراء القصد الذي تم فيه دكْ اسوار بغداد حين تجاوز الروائي هذا وابتعد عن الصورة بسطحيتها ليذهب الى عمق الشخصية ويجعل القارئ مهيئا ليفهم كواليس وخلفية كل ماجرى ولكن بفنتازيا شعرية ومثيرة وساحرة. انتقال ارواح الشخوص بين نيوأورلينز ونيويورك وبغداد وخطوط الوثوب على الحدود السعودية والكويتية وحارات بغداد الاثرية والعتيقة وأنديتها الأجتماعية صنعت جغرافيا عولمة المكان وروحه عبر فوضى الحرب وهدوء قصيدة نسجها نجم بين طيات روايته عبر دخان المارلبورو وحصان رجل الكابوي الذي كان يظهر في اعلانات السجائر والذي مات قبل ايام عن عمر ناهز 85. تذكرت وجه رجل اعلان سجائر مارلبورو وقارنته بوجه نجم في تخيلي لمدى ما تحمله من ليالٍ وقوارير الجعة وفناجين القهوة وهو يحاول أن يسجل الوقائع السرية لنبؤات الآلهة وهي تسجل انهيار المكان وقصوره الرئاسية. وبين وجه رجل الكابوي والقادم من دشاديش ازقة مدينة العمارة ( 1958 ) تتشكل في ذاكرتي طقوس كتابة الرواية ، وفي زاوية بغرفة الكتابة في شقته انتخب لي مكانا تلامسه ألوان الأضوية الهادئة التي يختارها نجم حين يهم في كتابة التفاصيل المدهشة لروايته ( بغداد مارلبورو) ويشاركني عرفات وكرايسكي تأمل نجم لحظة كتابة ( المارلبورو ) وكأنهما ينتظران اتمامها ليعلنا فوزه بالجائزة.
دوسلدورف 19 يناير 2015
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ناصر خزعل ... الناصرية ظل قمرٍ في وجه أم..!
-
موناليزا وسحابةُ شِعرْ....!
-
( تعريف لمدينة أسمها الناصرية )
-
( الناصرية ) طينٌ وحنينٌ وآلهة وأيطاليون
-
آرب آيدول ( القومية العربية والكردي عمار الكوفي )
-
أمير دوشي ...هاملت في أور
-
كاظم عريبي ( فاكهة الفكاهة في الناصرية )
-
الفولتارين و ( واحد يسأل واحد )...!
-
أسرار مدينة الناصرية
-
حسن داخل حسين ( شهيدا )
-
قبر أخي والثقافة السومرية
-
الناصرية مدينة عباءتها حنجرة ( أبو كاظم )
-
للناصرية ، تعطش والماءُ مَطر
-
الماوردية في الشعر......!
-
عاشوريات
-
رفات احمد الجاسم ..يهبط سعيدا في الناصرية
-
ماركس والميتافيزيقيا
-
إشراقات مندائية
-
الديانة المندائية ..أعشاش النور والنجم المسحور
-
سماء المندائيون
المزيد.....
-
من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي
...
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
-
إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
-
مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي
...
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|