أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - عفوية الأداء في بلد تشارلي














المزيد.....

عفوية الأداء في بلد تشارلي


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4703 - 2015 / 1 / 28 - 10:43
المحور: الادب والفن
    


يحتفي مهرجان روتردام السينمائي الدولي كل عام بعرض أفلام نوعية تتوزع على برامج احترافية متعددة من بينها برنامج Limelight الذي يضم هذا العام 28 فيلماً لافتاً للانتباه نذكر منها "الخطيئة المتأصلة" للأميركي بول توماس أندرسون، "السماء فوقنا" لليوناني مارينوس غروثوف، "تمبكتو" للموريتاني عبدالرحمن سيساكو، و "بلد تشارلي" للمخرج الهولندي رولف دي هير الذي انتقل إلى أستراليا منذ عام 1959 ودرس السينما هناك، وأنجز 20 فيلماً نال عن بعضها العديد من الجوائز العالمية المرموقة.
لا شك في أن المخرج دي هير ينتقي ثيمات سينمائية دقيقة وحساسة. وقد استعان في كتابة القصة السينمائية بالمواطن الأصلي ديفيد غولبليل الذي جسّد الدور الرئيس في الفيلم وأصبح مشهوراً خصوصاً بعد أن نال جائزة أحسن ممثل من مهرجان "كان" السينمائي عن أدائه المتقن في فيلم "بلد تشارلي"، مدار بحثنا ودراستنا النقدية.
لقد وضعنا المخرج دي هير منذ البداية أمام مشكلة عويصة وقائمة لم تنجح السلطات الأسترالية لحد الآن في إيجاد الحلول المناسبة لها وهي مشكلة السكّان الأصليين من ذوي البشرة السوداء الذين يعتبرون أستراليا بلدهم ولا يجدون حرجاً في اعتبار البيض محتلين وطارئين عليهم. وإذا كان العِرق الأبيض يسكن المدن والحواضر فإن السكان الأصليين لأستراليا يفضلون العيش في كنف الطبيعة تماماً كما يفعل تشارلي "ديفيد غولبليل" أو صديقه بلاك بيت "بيتر ديغير" وغيرهم من المواطنين الأصليين الذين يعيشون في بلدة آرنهم التابعة للإقليم الشمالي في أستراليا وعاصمته داروين التي دارت فيها وقائع الفيلم وأحداثه.
تُشكّل المشاهد الافتتاحية للفيلم مدخلاً جيداً للرؤية الإخراجية التي تعول كثيراً على اللغة البصرية التي تقول كل شيئ باقتصاد شديد وقد نجح دي هير في هذا الرهان. فعلى الرغم من شحة الحوار إلاّ أن المتلقي قد أدرك منذ البدء أن المواطن الأصلي مقموع ومطارد ويكفي أن نشير هنا إلى أن الضابط الأسترالي لوك "لوك فورد" قد صادر بندقيتي تشارلي وصديقه بلاك وحجز سيارتهما لأنها غير مسجلة، كما صادر رمح تشارلي الخشبي الذي يصيد به سمك القاروص الأمر الذي اضطره لأن يتوغل في الغابة ويعيش في أعماقها بعيداً عن أعين الأستراليين البيض الذين ضيقوا الخناق على المواطنين الأصليين في محاولة يائسة لمحو تراثهم، وطمس عاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية، وتشويه منظومة القيم التي يؤمنون بها. وبما أن هذه الغابات تتعرض للأمطار الشديدة فقد سقط تشارلي مريضاً وتمّ نقله إلى مستشفى في مدينة داروين التي لم ينسجم فيها كثيراً حيث سحب المغذي من ذراعه وغادر المستشفى ليصادف على قارعة الطريق امرأة تشتري الكحول بطريقة غير شرعية وتبيعه للمواطنين الأصليين الذين تطاردهم الشرطة وتحطم أكواخهم الأمر الذي يغيظ تشارلي فيقدم على تحطيم زجاج سيارة الشرطة لينتهي به المطاف في السجن وتبدأ صفحة جديدة من الاستعباد الذي يتعرض له حيث يُحلق شعر رأسه ولحيته وشاربيه بحيث يجد المتابع له صعوبة في التعرف على ملامحة الجديدة وسط عزلته التي لم يألفها من قبل.
ربما تكون رقصة المشهد الأخير من الفيلم هي أنجح خاتمة لهذا الفيلم الذي أراد مخرجه أن يقول بأن عادات وتقاليد المواطنين الأصليين لا يمكن أن يطمسها الأستراليون البيض الذين سلبوا الآخرين حقوقهم، وهيمنوا على كل الوظائف الرسمية في البلد الذي اختصره عنوان هذا الفيلم بأنه "بلد تشارلي" أو بلد المواطنين الأصليين في أستراليا قبل أن يكون بلد المواطنين الجدد الذين انحدروا من أوروبا وغيرها من أصقاع العالم الأوروبي على وجه التحديد.
أثنى العديد من النقاد على أداء غولبليل السلس والمنساب بعفوية كبيرة حيث لم نشعر كمتلقين على مدى 108 دقائق بالرتابة والملل لأن قصة الفيلم البسيطة كانت تهيمن على المشاهدين جميعاً وتحرضهم على التفاعل مع حيثياتها وتفاصيلها الصغيرة التي تناقش موضوعة الحريات الفردية والجماعية، وحق العيش للمواطنين الأصليين بالطريقة التي يرونها مناسبة لهم دون أن تُقوَّض منظومة قيمهم الاجتماعية والأخلاقية والنفسية. وفي هذا السياق لابد من الإشادة بدور المصور إيان جونز الذي قدّم في خاتمة المطاف لقطات ومشاهد ساحرة أثرت الفيلم وعمقت العديد من دلالاته البصرية والجمالية بعد أن شذبتها رؤية المونتيرة البارعة تانيا نيمة التي قدمت لنا فيلماً أقل ما يُقال عنه بأنه عذب في دفقه وسلاسته على الرغم من ثيمته الدرامية المثقلة بالأحزان.
أنجز دي هير 20 فيلماً نذكر منها "ذيل النمر"، "شكراً يا جاك"، "الغرفة الهادئة"، "العجوز الذي يقرأ قصص الحب"، "مشروع ألكساندرا"، "عشرة زوارق"، "بلد تشارلي". كما فاز بعدد من الجوائز المهمة بينها جائزة النقاد الخاصة في مهرجان "كان" عن فيلم "عشرة زوارق"، وجوائز مهرجان الفيلم الأسترالي لأفضل مخرج وأفضل فيلم وأفضل سيناريو. وجدير ذكره بأن المواطن الأصلي ديفيد غولبليل قد نال جائزة أفضل ممثل في مهرجان "كان" عن دوره في فيلم "بلد تشارلي" الأمر الذي أمدّه بالشهرة والذيوع ليس في أستراليا حسب، وإنما في المشهد السينمائي الأوروبي على وجه الخصوص.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان روتردام السينمائي الدولي بافتتاح بريطاني واختتام أمير ...
- يان ديمانج يرصد محنة جندي وحيد وأعزل في متاهة معادية
- الشاعر صلاح نيازي: ليست هناك قاعدة في الترجمة
- الانتحار في السجون البريطانية
- دِببة ألاستير فوذَرغِل وكيث سكولي
- قبل أن أذهب للنوم لروان جوفي والسقوط في فخاخ الرعب والجريمة
- في الثقافة السينمائية: موسوعة سينمائية في النقد التنظيري وال ...
- في الثقافة السينمائية: قراءة نقدية لأكثر من مائة كتاب (1 - 2 ...
- الشخصية المازوخية في رواية -أقاليم الخوف- لفضيلة الفاروق
- اشتراطات اللعبة الفنية بين القاتل المأجور والضحية في رواية - ...
- معرض مشترك لخمسة فنانين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
- لون شيرفيغ تُعرّي الطبقة المخملية البريطانية في نادي الشغب
- السحر والساحرات في المخيال الفني
- فيشال بهاردواج يقتبس مسرحية هاملت ويؤفلمها من جديد
- نزيف . . رواية شخصية أكثر منها رواية أحداث
- قلوب جائعة
- الشخصية الافتراضية ووهم الزمن في -تلة الحرية- لهونغ سان- سو
- تمبكتو تواجه التطرف الديني سينمائياً
- الفنان جلال علوان يُجسِّد الأحلام الشخصية على السطوح التصوير ...
- جائزة صحفي العام في حقوق الإنسان بلندن تُسند إلى جمال حسين ع ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - عفوية الأداء في بلد تشارلي