أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - ممانعة الديمقراطية















المزيد.....

ممانعة الديمقراطية


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 1314 - 2005 / 9 / 11 - 10:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتواجه مشروع الدقرطة الأمريكي للنظام السياسي العربي بثلاث ممانعات ذات طابع استراتيجي :
1- صورة الولايات المتحدة الأمريكية الراسخة في الذاكرة الجمعية العربية .
2- الانقطاع الطويل الأمد لقنوات التثاقف بين أنتلجنسيا المنطقة العربية و الغرب تحت ضغط الأيديولوجية النضالية التي هيمنت طيلة نصف القرن المنصرم
3- الاستحضار العارم للماضي ( العربي الإسلامي ) بفعل الطابع الأفقي للتعليم ( لم تتعدى عمودية التعليم مستوى محو الأمية )
تتغذى هذه السيرورة ( الانكفاء إلى مزيد من البربرية ) في العالم العربي , على التقاليد الراسخة لاستخدام الغلبة في إنتاج السلطة ( بالمفهوم الخلد وني لسلطة الغلبة ) . و تغوص جذور هذه السيرورة في الأغوار السحيقة لنمط الإنتاج الخراجي الذي خرج من معطف جدلية ( الراعي الفلاح ) قبل بضعة آلاف من السنين .
لقد انبثقت السلالات الحاكمة في العالم العربي من المؤسسات العسكرية الحديثة التي انبنت في معمعان احتضار المرحلة الكولونيالية , أو من الجماعات البدوية المحاربة في الشطر الصحراوي من العالم العربي .
و لذلك فإن الهياكل الدستورية التي أقامتها السلطات الكولونيالية لم تصمد طويلاً في وجه راديكالية شكلت الجزء المرئي من جبل الممانعة .
لا يعني ذلك أن البنية الاقتصادية – الاجتماعية العربية لم تتعرض لتبدل عميق في القرنين الماضيين. بل على العكس من ذلك : أميل إلى الاعتقاد بأن حرقاً للمراحل قد جرى في المنطقة إذا قورنت وتيرة التبدلات في البنية الاقتصادية – الاجتماعية بالوتيرة إياها في أوروبا .
لقد تحولت علاقات الإنتاج في المنطقة من الخراجية إلى الإقطاعية إلى البرجوازية في غضون قرنين من الزمان.
إلا أن التحول كان يجري بهذه الوتيرة السريعة بفعل المهماز الأوروبي , لا بفعل الديناميكية الداخلية لوحدها .
و أضع بين مزدوجتين (( تثميني )) للدور الإيجابي الذي قامت به رأسمالية غرب أوربا في طورها الإمبريالي على عكس ما هو رائج في الوعي ( العروبي – الإسلامي – السوفييتي )
لم تكن الآلام التي ترافق عادة تحطم بنى الإنتاج القديمة ( و التي تشكل الإكسير للكراهية التي تعيد إنتاجها بشهية الأيديولوجيات الثلاث الأنفة ) شيئاً يمكن تفاديه . إذ لا يمكن صنع عجةً من دون كسر البيض .
أضع هذا المثل تحت أنف أنتلجنسيا تتمتع بعتبة ألم عالية , و لسانها لا يحسن إلا الزعيق بالويل و الثبور .
أعود إلا متن الحديث :
لكي تضعف الولايات المتحدة الأمريكية الممانعات الثلاثة عليها أن تشتغل على :
1- تحسين صورتها , و لعل البوابة إلى هذا هي نفسها التي هبت منها عواصف الكراهية ليس باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها بل الغرب عموماً . أقصد البوابة الفلسطينية .
لقد عشقت القضية الفلسطينية مسنناتها مع مسننات آليتين لتشكيل الإنحيازات الكبرى في المنطقة ( العروبة – الإسلام ) و لم يتم ذلك بمعزل عن تحول موازي في رغبات يهود المنطقة في الحصول على كيان سياسي في السياق العام الذي انخرطت فيه الجماعات الدينية و الإثنية الخارجة من ركام انهيار الإمبراطورية العثمانية مطلع القرن الماضي من مجرد ردة فعل غريزية للجماعات حيال انهيار درامي للكيان السياسي الجامع , الذي أمّن طيلة أربعة قرون مستوى مقبولاً من الأمن الجماعي . و كان يمكن لردة الفعل الغريزية هذه أن تتلاشى بالتدريج عبر انخراطها (( الجماعة اليهودية )) في المجرى العام الذي انخرطت فيه بقية الأقليات ( أكراد .. دروز .. مسيحيون .علويون ... الخ ) في الكيانات السياسية الناشئة عقب انتهاء المرحلة الكولونيالية .
لقد انزلقت ردة الفعل الغريزية هذه لليهود من المستوى المشترك للخوف على المصير الذي تشاطرته مع بقية أقليات المنطقة , إلى مشروع كيان سياسي لليهود لا يمكن أن يقوم إلا على آلية تنظيف الأرض من الآخر المختلف . كانت كل محاولة لإنتاج كيان سياسي صافي الهوية أياً كانت دينية أم أثنية , مشروع لحرب أهلية .
لذلك لقد تلازم على نحو مأساوي انفراط عقد الإمبراطوريات مع حروب التطهير العرقي أو الديني أو الطرفي .
فحيث لا يتم الانتقال السلس من الإمبراطورية إلى دولة العقد الاجتماعي , يصبح السلم الاجتماعي هدنة بين حربين.

***** ********
تستحق الإشكالية الإسرائيلية الفلسطينية مقاربة أخرى غير التي تضع نفسها في مخنق الصراع بين حقين ,
لتستطيع أن تجترح حلولاً مؤقتة تفضي إلى حل دائم في إطار كيان سياسي مشترك يضم الطرفين , و ينهي بالتالي واحدة من أعقد إشكاليات انفراط عقد الإمبراطورية العثمانية .
و لعل الاستدارة الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية باتجاه دعم الديمقراطية في العالم العربي – الإسلامي , هي أفضل الوسائل لوضع القطار على السكة , لجهة تبلور نهائي للدولة الأمة المتعثر حتى الآن قيامها بفضل تحالف الخارج و الاستبداد الذي يغطي نفسه جيداً بالأيديولوجيتين : القومية و الإسلامية ..
إن دعم الولايات المتحدة الأمريكية لتسوية تخفض السقف الأعلى لطلبات الطرفين ( الفلسطيني – الإسرائيلي ) سيمهد الطريق من جهة لإستراتيجية ضخ الدقرطة في الكيانات السياسية القائمة في المنطقة , و من جهة أخرى سيراكم شروطاً إيجابية للإقلاع نحو كيانات سياسية أوسع تسمح بها المشتركات الكبرى لسكان المنطقة .
2- تتغذي الأيديولوجية النضالية من منبعين ثقافيين :
أ?- الماركسية بنسخها في الاستعمال السوفييتي – الصيني
ب?- اللاهوت السني – الشيعي الذي أعاد استحضار تدخل السماء في الشؤون السياسية عبر صيغتين : الحاكمية – ولاية الفقيه
بعد أن نجحت المؤسسات العسكرية في إزاحة الأحزاب الليبرالية و بتجفيف أهم مستنقعاتها و هي ( العلنية , ملأت فراغ المعارضة الأحزاب العقائدية التي أقلمت نفسها مع شروط العمل السري و هي شروط ضابطة على السياسة في الخندقين : خندق السلطة – خندق المعارضة .
إذ يتحول الجدل بين طرفين الأول فوق الأرض و الثاني تحتها إلى جدل هابط : بمعنى أن المعارضة تتماهى و السلطة في أنماط التفكير و السلوك و في البنية السيكولوجية .
يلف علم الأسرار أنشطة كل من السلطة و المعارضة ( 1) فتصبح الو لاءات الخيطية هي المرشد في متاهة المينيتور . و تصبح القناعة هي التسليم المطلق لمن يمسك بالطرف الآخر من الخيط . للتأكد من ذلك يكفي إجراء مقارنة بسيطة بين مستويات الإلهام المتقاربة : عند الدكتاتور في قصره , و الأمين العام لحزب معارض في سجنه أو قبره أو منفاه .
لا أود بهذا الحديث إصدار حكم قيمة واحد على السجين و السجان .. بل ما أطمح إليه إضاءة المنزلق الذي تذهب إليه الحياة السياسية في خندقي السلطة و المعارضة بفضل غياب العلنية . في الصراع الدائر بين السجين و السجان في الشروط الراهنة للعبة , قد يتبادل السجين و السجان الأدوار لا أكثر من ذلك. و تظل الدائرة مغلقة لا خروج منها إلا باستعادة العلنية للعمل السياسي .
إذ لا عمل للسياسة تحت الأرض ... تحت الأرض لا يستطيع أن يعيش إلا العنف نائماً أو مستيقظاً . أما السياسة فهي تختنق تحت الأرض . و إلا ما معنى هذا الضمور المريع لها عند أحزاب المعار ضة السرية ؟
عندما تضطر المعارضة للنزول تحت الأرض فإنها تقبل عملياً بشروط السلطة لإدارة اللعبة . و هي شروط تفضي بالتدريج إلى تما هي السلطة و المعارضة لجهة فسحة الحرية عند الطرفين .
في الثقافتين الإسلامية و الماركسية السوفييتية تسود العقائدية عند الطرفين , كمنظومة خطاب مغلق وتمامي يذهب إلى الأسئلة في عقر دارها ( العقل ) ليعقمها . و بذلك يبدو الخطابان : الإسلامي – السوفييتي رأسين لجسد واحد ( كالميدوزا ) معادي بالمطلق للديمقراطية التي هي معطى برجوازي بامتياز.
في الجسد المشترك للخطابين تتربع الملكية لوسائل الإنتاج الذي يتصرف بها هرم بيروقراطي يقف على رأسه ( الخليفة .. السلطان .. إلخ ) في نمط الإنتاج الخراجي , أو الأمين العام للحزب في نمط الإنتاج الاشتراكي . لا مكان للديمقراطية في الهرمين . لأن الديمقراطية وليدة الصراع بين أحرار . و في البناء الهرمي هناك تراتبية من تحتٍ إلى فوق ترفع إلى رأس الخازوق ( أي إلى الأمين العام أو خليفة رسول الله
لا تستطيع الديمقراطية أن تقيم إلا بين ظهراني نمط الإنتاج الرأسمالي و لذلك فإن الليبرالية كأيديولوجية هي الخطاب الفكري الوحيد الذي تكونت تحت عباءته الديمقراطية و نمت و تطورت مؤسساتها و منطوقها الثقافي و آليات اشتغالها .
لا تستطيع الديمقراطية أن تقيم قبل إعادة ما انقطع من قنوات التثاقف مع الغرب و الرأسمالي . إن القطيعة مع الغرب التي أنجزتها الأيديولوجية النضالية بشقيها السوفييتي – الإسلامي , و التي سمحت بحصولها
هشاشة مكونات الحامل الاجتماعي لليبرالية النصف الأول من القرن العشرين ( برجوازية كومبرادورية -كبار ملّاك عقاريين ) و بالتعاون مع استراتيجية تعبئة الفراغ ( الأمريكية – السوفييتية ) التي أعقبت انتهاء الحرب العظمى الثانية و التي شكلت المؤسسة العسكرية المحلية محورها الرئيسي .
إن هذه القطيعة الطويلة الأمد ( نصف قرن ) خلقت جداراً ثقافياً ممانعاً للديمقراطية حجارته مقتطعة من مقلعين رئيسيين : الإسلام الخراجي ولاشتراكية السوفييتية .
هوامش:
1-مجلة الوحدة العدد ميشيل كيلو ملف عن الياس مرقص

سامي العباس



#سامي_العباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب بلا تاريخ أم مثقل بالتاريخ؟
- ازمة المعارضة اليسارية السورية
- سؤال الديمقراطية
- الانتلجنسيا السورية على المفترق
- ازمة الحداثة -مقاربة للجذور
- مفترق طرق
- قراءة باردة في موضوع ساخن
- محولة للتفكير بصوت عال
- بين نصين مقدسين
- شعر
- التغيير الديمقراطي في سورية
- قراءة في اية
- تحية لفالح عبد الجبار
- الراعي الكذاب..تراجيديا السياسة العربية
- مزاح ثقيل مع الدكتور طيب تيزيني
- دراما استعادة الليبرالية
- العرب والسياسة
- ستاتيكو لغوي
- العرب نظرة الى المستقبل
- الحزب العقائدي


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - ممانعة الديمقراطية