ياسين خضراوي
كاتب وخبير لغوي تونسي
الحوار المتمدن-العدد: 4699 - 2015 / 1 / 24 - 00:30
المحور:
كتابات ساخرة
منذ نعومة أظافرنا لقّنونا و نحن رضّعا في المهد أن ننحاز لجهة اليمين ، أن نختار بيمنانا ، يمّنونا و نحن نطافا و في الأقماط لا حول لنا و لا قوّة .
كان ذلك دأبهم دائما ، لا تأكل بيسراك و كل بيمناك فالشيطان يشاطرك أكلك ، لا تشرب بيسراك فالشيطان يتربص بك ليبلل عروقه و يروي ظمأه ، حتى عندما بدأنا نمشي قدّموا رجلنا اليمنى و قالوا لا تدخل بيسراك فذلك نذير شؤم و ليس من عاداتنا و موروثنا ،
كبرنا و نضجنا و تطوت هذه العقدة معنا و نضجت بل تجذرت فينا حتى أصبحت حالة من اللاوعي ، بل أصبحنا خائفين حتى من النوم على جهة اليسار خوفا من أن لا تشرق علينا شمس مجددا و أصبح من الضروري بل من الحتمي أن تدرس هذه الظاهرة سوسيولوجيا و يتم تحليلها تحليلا دقيقا لبيان أسبابها الحقيقية و كيفية علاجها .
لا شك أن للموروث دور كبير في تشكل هذه المتلازمة عندنا فمالضير إن أكلنا باليسار أو شربنا بها ، مالعيب إن دخلنا بيسرانا و نمنا عليها ؟ لا أظن أن الشمس لن تشرق مجددا إن فعلنا ذلك .
أظن أن السبب الحقيقي يرجع إلى الموروث الديني ؛ فعلا وحده الدّين يستطيع السيطرة على العقول هكذا و يغرس فينا هذه الأشياء ، منذ صغرنا أمطرونا بالحكايات و الأحاديث المحبوكة حول الفوائد الطبية وراء استعمال اليمين لكن الطب و العلم بريء من هذه الترهات .
وحده القلب اختار اليسار و أبى لنفسه أن لا ينصاع للقطيع ، أبى إلا أن يرسم طريقه و حده و يسطر دربه ...
#ياسين_خضراوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟