غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4696 - 2015 / 1 / 21 - 21:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عن هــنــا... ومن هــنــاك...
عن فــرنــســا... ومن ســـوريــا
نشرت جريدة الفيغارو الفرنسية Le Figaro هذا الصباح 21 كانون الثاني 2015 إحصائية جديدة عن عدد الجهاديين الإسلاميين الذين رحلوا من فــرنــســا إلى ســوريــا, عبر الحدود التركية, قد وصل إلى 1281 مقاتل, بعد أن كانوا ببداية السنة الماضية 555 مقاتلا... أي أن عددهم ازداد 130%. وهذا العدد محصور بسنة2014 فقط من أولها لآخرها... كما نشرت بعد هذا المقال إحصائية جدية موثوقة فيما إذا كان على السلطات قبول عودة الراغبين منهم إلى فرنسا. فكان جواب من طرح عليهم هذا السؤال كالتالي : 96% لا ــ و 4% نــعــم.
علما أن السلطات الأمنية تقدر أعداد الراغبين للقيام بالالتحاق بالجحافل الجهادية الإسلامية بسوريا أو بالعراق, يفوق عشرات المرات هذا الرقم...
والجدير بالذكر أن جميع وسائل الإعلام الفرنسية دون استثناء, عندما تكتب أو تذيع أنباء عن هؤلاء الذاهبين للالتحاق بعناصر داعش أو جبهة النصرة أو العديد من الفرق المختلفة الي تعلن الجهاد ضد السلطات الرسمية السورية, تكتب أو تعلن أو تذيع بعناوينها وتفاصيلها أنهم رحلوا إلى سوريا. دون ذكر أية تفاصيل عن طريق عبورهم. ولا عن السلطات أو أجهزة الأمن التركي التي تـسـهـل عبورهم... وبهذا يفكر المواطن الفرنسي العادي, والجاهل كليا بتفاصيل التقسيمات الإرهابية وفرقها المختلفة على الأرض السورية.. يفكر ببساطة عادية أنهم دخلوا إلى سوريا, بشكل طبيعي عادي, كسائحين أو زوار أبرياء. لا للقيام بأعمال بربرية, وفظائع لا إنسانية, مع الآلاف من الإرهابيين الذين جاءوا من كافة أقطار العالم للمشاركة بهذه الحرب (الإرهابية الجهادية) على الأرض السورية.. مات بها مئات آلاف السوريين, وهــجــر ثمانية ملايين منهم, داخل سوريا وفي أربعة أقطار المعمورة... حتى أعلنت منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن اللاجئين السورين أصبحوا بنهاية عام 2014 أكبر عدد بالعالم كله... بالإضافة إلى مقتل عدد كبير من هؤلاء الجهاديين الإسلاميين ــ كما بكل حـرب ــ على يد الجيش السوري النظامي وقوات الجيش الشعبي الموالي للسلطة الرسمية.. والتي تنبأ السيد فابيوس في بداياتها, أنها لن تدوم أكثر من أسابيع محدودة.. حتى تسقط ويسقكط بشار الأسد معها. وها هي قائمة متابعة مقاومة منذ أربعة سنين حتى اليوم... ولا يستطيع أي من الخبراء الحربجيين العالميين, تحديد أي موعد لبداية نهاياتها...
وحتى بعد أحداث جريدة شــارلي هيبدو Charlie Hebdo لم تتغير لهجات السلطات الفرنسية ومختلف مسؤوليها من مختلف الدرجات, حول موقفها العدائي من السلطات السورية ومتابعة الأمبارغو " الغبي " على شعبها المتضرر الوحيد من هذه الحرب الآثمة الغبية, والتي تدوم من أربعة سنوات.. ولم تتغير حدتها ولا سياسة فرنسا الرسمية تجاهها... علما وكما نرى أن سياسة حكومة فرنسا السابقة والحالية تعلنا باستمرار أنهما تحاربا " الإرهاب "... والحكومة السورية والجيش السوري يحاربا الإرهاب على الأرض السورية, وغالبه قادم من الخارج.. وحتى من فرنسا وأوروبا.. ومن العالم كله تحت رايات الإسلام السوداء... نفسها التي ترفع ببعض الأحياء الفرنسية المغلقة, كأمارات إسلامية مغلقة كليا بوجه كل ما يمثل الدولة الفرنسية.. سواء أمنية أو إسعافية.
ما من أحد يمكنه أن ينكر أن هناك أحياء, تسمى الزنانير Ceintures تحيط بالمدن الرئيسية الفرنسية الكبيرة أو المتوسطة, غالب سكانها تحت سيطرة مافيات, تهيمن عليها فئات سلفية متطرفة تسيطر على كل التجارات الممنوعة, تعلن ولاءها الكامل لمنظمات إرهابية إسلامية, بلا تردد. مهملة من السلطات المركزية من سنوات عديدة. رغم الإعلانات العنترية من هذه السلطات الفرنسية المختلفة, ومن سنوات عديدة, أنها سوف تنظفها بالكارشر (ساركوزي عندما كان وزيرا للداخلية قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية) ومن حينها لم يتغير أي شــيء من هذه المناطق الممنوعة المهملة.. وعادت الخطابات العنترية الرسمية بعد أحداث شـارلي هيبدو, تهدئة لخواطر الرأي العام المخدر بعناوين الجرائد والإعلام الموجه... ولكن على أرض الواقع لم يتغير أي شــيء من واقع الحياة المعتمة الأمل بهذه الأحياء...
ومن الواضح والجدير بالذكر, أن غالب سكان هذه المناطق مواطنون طيبون آمنون من مختلف الجنسيات والإثنيات والمذاهب المختلفة.. وهم أسرى هذه المافيات بالرغم عنهم.. بـأشـكـال عشوائية مختلفة.. يعمها الفقر والبطالة.. والإهمال.. تتراكم فيها السياسات الخاطئة عن همد أو إهمال وغباء, بتدكديس إثنيات على بعضها البعض, أيام ازدهار الاقتصاد والمصانع والانتاج والعمران بالخمسينات والستينات من القرن الماضي.. لأن فرنسا كانت بحاجة إلى يد عاملة, لإعادة الحياة الاقتصادية لها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية... ولكن عمليات اندماج هذه الإثنيات والقوميات.. وخاصة المعتقدات التي لـم تتوافق مع الشرائع والقوانين العلمانية الفرنسية, والتي كانت متروكة لائمة غرباء, غالبهم مستورد من شمال إفريقيا, لم يساعد كثيرا على اندماج هذه الشعوب على الاستفادة من كل ما وهبته أوروبا لها.. ما عدا قلة نادرة من الجيل الثاني أو الثالث الذي استفاد من التعليم والجامعات.. فظهرت منهم من وقت لآخر نخب شبابية متطورة في عالم الكتابة والسياسة والطب والتجارة والعديد من المجالات المتطورة... ولكنهم قلة نــادرة... بينما الأكثرية بقيت بهذه المناطق المحصورة المحشورة التي لم تتمتع بأي ازدهار أو تطور.. مما ترك المجال لبعض المبشرين الإسلامويين بتجنيد مقاتلين للجهاد.. بالإضافة إلى توسع وازدهار بعض مافيات المخدرات وتجارة الآسلحة , والتي غالب عناصرها من إثنيات تنتمي إلى هذه الأقليات التي خــرج منها الأخان كــواشــي اللذان قاما بمجزرة شارلي هيبدو.. والسيد كوليبالي (الإفريقي الأصل) الذي قام بعملية مخزن تموين الــكــاشــر (اليهودي)......
*********
قامت الأرض ولم تقعد بعد هذا اليوم أيضا بسبب تصريح لرئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس Manuel Valls لأنه استعمل كلمة َأبارتايد Apartheid لبعض الجاليات التي تعيش بفرنسا ولا تتأقلم ولا تشارك ولا تتطور ولا تستفيد من معطيات القوانين والضمانات والحياة في فرنسا...وتعزل نفسها عن الاندماج بمكاسب الحريات العامة فيها... فقامت الاعتراضات بشكل صارخ من عديد من المسؤولين السياسيين من اليسار واليمين الفرنسي, حتى من داخل الحزب الاشتراكي.. مما اضطر السيد فالس لإعطاء بعض التفسيرات المطمئنة المخففة من حدة كلماته.. مراضاة لهذه الجاليات.. نظرا لأنها تــقــيــم كأعداد هامة بالانتخابات القادمة...
***********
عــلــى الــهــامـــش :
ــ آخــر خبر
وقع هذا اليوم انفجار بحي عكرمة بمدينة حــمــص السورية الشهيدة المنكوبة, راح ضحيته عشرات الأطفال وعديد من الجرحى نساء ورجالا.
عملية إرهابية إضافية بهذه المدينة التي خلت منذ أشهر قليلة من كل العناصر الإرهابية الغريبة. وبدأت المدينة تتنفس, رغم الصقيع وانقطاع الكهرباء وندرة الغاز والبترول.. وكافة المواد الغذائية والضرورات العلاجية والطبية.. وبدأت المدينة تتحرك, والناس يعودون لأشغالهم والأطفال لمدارسهم الباردة, بلا أية تدفئة... فــعــاد الإرهاب ليذكرهم أنهم ممنوعون من الأمل والحياة...
يا أهل حــمــص... وخاصة يا أطفالها الأبرياء... قلبي معكم.. أنتم جرحي المفتوح الذي لا يلتئم.. ولن يلتئم ما لم يــعــد كل أطفال ســوريــا بشكل عادي وطبيعي آمــن إلى مدارسهم.. ويستطيعون الغناء بكل حرية وأمــان وأمـل نشيد " مــوطــنــي.. مــوطني " وأن أستطيع غناء نفس النشيد ــ هـــنـــاك ــ معهم...........
وحتى نلتقي........
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحية صادقة عاطرة مهذبة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟