طوني سماحة
الحوار المتمدن-العدد: 4696 - 2015 / 1 / 21 - 04:20
المحور:
الادب والفن
ومن قال أن الجنون حكر على فئة من الناس دون أخرى؟
"بيلا ميا" أو (( Bella Mia، الكلب المالطي ذو الاعوام الثلاثة سوف ترث بيتا في فلوريدا الاميريكية قيمته مليونا ونصف الدولار... طبعا بعد وفاة سيدتها.
مصروف بيلا ميا السنوي مائة ألف دورلارا...
تمتلك بيلا ميا ما يقارب الألف ثوبا... ولا تلبس بيلا ميا إلا أشهر الماركات العالمية...
تزور بيلا ميا الحلاّق أسبوعيا لقص الشعر وطلاء اظافرها بالمانيكور (manicure)...
تزور بيلا ميا العيادة اسبوعيا كيما تحافظ على صحتها ورشاقتها...
تأكل بيلا أجود المآكل، فاللحوم التي تأكلها بيلا خالية من المواد التي تضر بالإنسان... عفوا بالحيوان.
ولن يقاسم أحد بيلا ميا الإرث التي تركته لها مالكتها ولا حتى الابنان اللذان يبلغان من العمر اثنين وثلاثين وثمان وثلاثين من العمر. فمستقبل بيلا أهم من مستقبل ابني صاحبتها.
تقول "روز آن بولساني" صاحبة الكلب المالطي ان بيلا هي ابنتها التي لم تنجبها، ويوافقها زوجها الرأي. ويجمع الاثنان انه على بيلا ان تعيش حياتها مكرّمة فيما لو حصل لهما أي مكروه.
ما أكثرك حظا يا بيلا...
هل تعلمين كم عليّ أن أعمل حتى أدّخر ألف دولارا؟
هل تعلمين أن سراويلي لا تتعدى عدد الأصابع على اليدين؟
هل تعلمين أنني نادرا ما أزور الحلاّق إذ أن زوجتي تقص لي شعري بالماكنة الكهربائية؟
هل تعلمين أنني أدفع أقساط بيتي منذ خمسة عشر عاما ولا أظن أنني سوف أفي ثمنه قبل خمسة عشر عاما أخرى؟ ومن يدري إن كنت عندها سوف أكون على قيد الحياة أم لا؟
هل تعلمين أن الطبابة كانت سوف تكسر كاهلي لو لم تكن نفقة العلاج في بلدي على حساب الدولة؟
هل تعلمين أني لا آكل في المطاعم إلا نادرا؟
هل تعلمين أنه عليّ أن أوازن بين أجري في العمل ومصروفي الشهري كي لا تزداد ديوني وأصبح لقمة سائغة في فم المصارف؟
لكن وعلى كل حال، يا بيلا، فأنا بألف خير مقارنة بالكثيرين غيري. فهناك، يا بيلا، من لا منزل لهم سوى الطريق والجسر.
هناك من ينامون دون أن يتذوق لسانهم لقمة خبز يابسة.
هناك من يلبسون الثوب رثا باليا.
هناك من لا عائلة لهم.
هناك من لا يعرفون للنقود شكلا ولا لونا.
هناك من لا يزوروهم الطبيب إلا حين إعلان وفاتهم.
هنيئا لك يا بيلا. لكن لا أريد لك أن تتخيلي أننا نحن البشر نعامل بعضنا البعض كما يعامل بعضهم الكلاب.
لا أريدك أن تظني أن النعمة التي أنت فيها تحصيل حاصل.
لا أريدك أن تظني أن جميع أطفال الارض يحصلون على ما حصلت عليه كونهم بشرا.
هينئا لك يا بيلا، فلو لم يكن في العالم مجانين، لما كان لك أن ترثي بيوتا وملايينا.
#طوني_سماحة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟