دولة ... مع إيقاف التنفيذ

حيدر الخضر

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 18 - 18:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

منذ إن سقط نظام صدام عام 2003 تأمل العراقيون خيراً بالنظام السياسي الجديد بعدما قارعوا أبشع أنواع الظلم والطغيان والاستبداد وكتم الأفواه ، وعاشوا معاناة الحصار والحرمان لكن للأسف أقولها بمرارة إن النظام الذي تأسس بعد 2003 الغى كل مظاهر الدولة والانتماء والمواطنة وأضاع العراق في نفق مظلم من الأزمات والصراعات من أجل المصالح الشخصية والامتيازات الغير مشروعة فأسس النظام الجديد إمبراطوريات فساد ومؤسسات غير دستورية نخرت موازنات الدولة للأحزاب اللاسلامية والتي لا تمت للإسلام بصلة فأكثر من 847 مليار دولار موازنة العراق منذ أن سقط نظام صدام إلى اليوم ولا يوجد شيء ملموس في العراق ، وكلما حاولت أن أحصر إيجابيات النظام الجديد أجد أن السياسيين لم يفعلوا شيء لهذا الشعب المتعب عدى تحسين الوضع المعيشي لبعض شرائح المجتمع وليس للكل وحتى هذا الإنجاز لم يكن للسياسيين العراقيين فضلاً فيه وإنما من فعل هذا الإنجاز الأمريكان نتيجة رفع الحصار بعد 2003 وارتفاع اسعار النفط وتصدير العراق كميات أكبر ربما يجد القارئ إنني أحاول أن أجمل النظام السابق وأقبح هذا النظام لكنني ابن هذا النظام ومع هذا النظام انما احاول أن انقد وأشخص مواطن الخلل بموضوعية وتجرد من اي انتماء فكل شيء اصبح مع ايقاف التنفيذ ولو أخذنا الوزرات العراقية وحصرنا منجزاتها الاستراتيجية لصدمنا بحقيقة هي لا يوجد اي مشروع استراتيجي في وطن كامل فلم يتأسس نظام تعليمي حديث ولا مدرسة عصرية ولا جامعة عالمية تواكب ركب التطور وروح الحداثة وإذا أردنا الخروج من المؤسسات التربوية وتحدثنا عن المشاريع الزراعية ومنجزات وزارة الزراعة العملاقة فسنجد أن النظام الجديد لم يستصلح أي أرض زراعية ولم يزيد من انتاج المحاصيل الزراعية بل أصبحنا نستورد أغلب المحاصيل من دول الجوار كما أن وزارة الري والموارد المائية لم تحاول وضع أو تأسيس مشروع أروائي أو قناة صغيرة لسقي الزراعة بل أصبحت تكاليف الزراعة أغلى من المحاصيل التي تستورد ، أما بالنسبة للوزارات الأمنية فهي وزارات تشغيلية بامتياز وأصبحت ملاذاً للعاطلين والخريجين الذين لم يجدوا فرصة عمل ولم يحاول النظام السياسي أن يؤسس منظومات أمنية وأجهزة استخباراتية تقوم على أساس نظام المعلومات والتقنية الحديثة ، وكذلك الجيش المفقود فالكثير منّا اليوم يشكك أن العراق لديه جيش يدافع عن أراضيه ويحمي اعراضيه وأكبر دليل ما حصل في الموصل والانبار يظهر لنا هشاشة الجيش وخوائه وقواده الفضائيين الذين لم يصلحوا لكي يكونوا منتسبين دون رتب عسكرية . أما بالنسبة لوزارة النقل فلم نجد أي ميناء نبنى وميناء الفاو كذبة كبيرة ولم نرَ محطة قطار ولا مطار جديد عدى مطار النجف الذي هو مشروع استثماري ليس للحكومة دخلاً فيه ، أما وزارة التجارة لم تحاول بناء سايلو واحد جديد ولا تعرف الوزارة أين تخزن المحاصيل ، أما بالنسبة لوزارة الأعمار والاسكان لم نجد مشروع اسكاني واحد قد تم تشيده من قبلها وتوزيعه على الناس أو بيعه ووزارة الصناعة ولله الحمد هي عبارة عن 32 شركة 28شركة في خسارة والدولة تسدد رواتب ومستحقات منتسبيها و4 شركات تسد مستحقات منتسبيها فقط دون تحقيق أي أرباح هذه منجزات وزاراتنا المخضرمة وكل هذه الانجازات في جهة ووزارة النفط في جهة أخرى فلم يتم بناء مصفى واحد وبلدنا يعتمد في ثروته عليه ولا زلنا ننقب ونصفي النفط في إيران . فماذا نذكر من نظام لم يحاول وضع اي معّلم؟! فعندما أسير بأرجاء الوطن عامة وبغداد خاصة أجد نفسي أنني أسير بشوارع وجسور وأنفاق بناها ذلك النظام القمعي ومستشفيات وجامعات ومؤسسات شيدت على يد ذلك النظام ايضاً الخ... ولم أجد أي معّلم لهذا النظام الذي يعتاش على ثقافة الأزمة . خرج العراق بعد عام 2014 أسوأ ممّا خرج عليه عام 2003 وهذا نتيجة سياسات خاطئة وصراع سلطوي ومستشاري جهلاء واستلمت الحكومة الحالية أنقاض دولة وتركة ثقيلة وموازنات منخورة وسلطة أحادية المورد الاقتصادي كل اعتمادها على النفط وتزامن إعلان الحكومة الحالية مع هبوط حاد في أسعار النفط ممّا وضع العراق في منزلق خطير غير معلن وهذا المنزلق هو انهيار الاقتصاد الوطني ، فعلى الحكومة الحالية اليوم أن تتجاوز مخلفات الماضي وتنهض بالواقع من خلال اتخاذ قرارات جريئة وحاسمة وقوة تنفيذ صارمة ومحاربة امبراطوريات الفساد وهذا ما ينتظره العراقيون من رئيس الوزراء د. العبادي وهو قادر إذا عقد النية وتخلص من عباءة الحزب الواحد وانطلق الى الفضاء الوطني لأني عرفته منذ أكثر من أربع سنوات انساناً بسيطاً ونزيهاً عندما كان رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب السابق وتحدثت معه اكثر من مرة لمست فيه شخصاً انسانياً من طراز خاص فعليه اليوم مسؤولية إعادة بناء وطن وتفعيله وتنفيذ مبادئ المواطنة والنهوض بالاقتصاد وقوة التنفيذ .
حيدر الخضر

#حيدر_الخضر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات