|
لقاء داود أوغلوا ببشار الأسد
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 18 - 11:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سذاجة، طلب الإنصاف من الأعداء، وتوقع العدالة، والمعاملة الإنسانية، أو نقد أفعالهم بالمقاييس الكردية، وحثهم على مساواة الذات الكردية بشعوبهم. من الحكمة توقع كل الموبقات سلفا، مادام يقال عنه (العدو) أو الأنظمة الشمولية، أو المستبد، أو كما قاله الناقد والكاتب (إبراهيم محمود) في مقاله (كرداقيات) " إذ كيف يمكن تسمية العدو عدواً، وتوقع المختلف؟ " . أعداء وأصدقاء، حسب الفترات الزمنية والمصالح المتضاربة، نفاق السياسة، وخباثة الدبلوماسية، وانعكاس حقيقي لمعاني العداوة. على أعتاب الصراعات المتصاعدة في المنطقة، تلقفوا الرسائل حول القضية الكردية، وهي القضية الوحيدة التي تجمعهم في كل المحن والظروف، والعقدة المشتركة الجامعة بينهم، مثلما تربطهم القوى الإسلامية التكفيرية ومنظماتها الإرهابية حاضراً، كمرحلة لها ظروفها. لم تكن هناك غرابة في ظهور داود أغلو، على الإعلام، ليؤيد معارضة بشار الأسد للفيدرالية الكردية، الشذوذ هو في عدم الموافقة والتأييد. ومن البديهيات، أن تتفق الحكومة التركية ومعظم القوى العربية السورية المعارضة، مع نظام بشار الأسد، على معارضة المطلب الفيدرالي للمنطقة الكردية ولسوريا عامة، ورفض تكوينها بنظام لا مركزي، تجمعهم ثقافة واحدة، حيث منطق العداوة. ألغيت الحواجز عند مواجهة مطالب الشارع الكردي في فيدرالية سوريا، فبينهم اتفاقية على مجابهتها، كل بمنطقه، يعملون على تقويضها، منذ ظهور البنود الرئيسة التي تبناها المجلس الوطني الكردستاني-سوريا، والتي وثقت واتفق عليها الأغلبية الحاضرة في مؤتمر بلجيكا عام 2006. ومع تزايد وتيرة المطالبة بها، ضمن المحافل الدولية، وبشكل خاص في أمريكا، وإثارتها في أروقة دبلوماسية لعرضها في مجالس الدول المستعمرة لكردستان، كتركيا، وتبني معظم الحركات الكردية الشبابية الثورية لها، بعد الثورة السورية، ومتأخرا بعض الأحزاب المشكلة للمجلس الوطني الكردي، لا يتوانى الأعداء من تذكير العالم بمعارضتهم لها، عند كل سانحة. ليس من الحكمة، معاتبة الحكومة التركية وسلطة بشار الأسد، على حرصهم على جغرافية المنطقة الحاضرة، فهي تقسيمات تعكس مصالحهم القومية مثلما تضمر مصالح الشعب الكردي. ولا تظهر الغرابة في سكوتهم على إزالة الحدود بين الدول المجاورة أمام تحركات داعش وغيرها من المنظمات التكفيرية، وتنقلاتهم التي لا تقيدها الحدود الدولية، ولا غرابة في تقبلهم ألغاء الحدود الكلية بين سوريا والعراق، فهذه المنظمات رغم شرورها وجرائمها، تعكس أبعادهم القومية وتدعم مصالحهم. لكل قوة دولية، تركيا وسوريا على رأس القائمة، مصلحة ما في تحركات داعش، بعكس المطالب القومية الكردية، التي ستقضي على استبدادهم القومي، وظهور كردستان ستكون على حساب جغرافية يحتلونها منذ قرون، ورغم غرابة الأجندات التي تمررها هذه المنظمة-الدولة، والقدرات التي ملكوها لهم قوى متعددة، أو سمحوا لها بامتلاكها، لكنها تظهر عادية وواضحة عند دراستها ضمن مصالح كل دولة. فهي تتمكن من خدمتهم وذاتها، فتتلقى كل أنواع الدعم أو السكوت على عبثهم بجغرافية المنطقة، وتركيا من الدول التي سهلت لها الكثير على طول حدودها الدولية ومطاراتها، وأمدتها بالكثير على أرضها، وبطرق متنوعة، والغاية: 1) في بعضه الأني كان موجها إلى تزايد القوة الكردية، وتصاعد المطلب الكردستاني، والتي أدت إلى تصريح بشار الأسد وداود أوغلو. 2) لكن وفي مجالاتها الأبعد والأوسع كانت مواجهة إلى الوحدة الأوروبية، لمنطلقين: 1- كورقة ضغط حديثة تلوحها تركيا في وجهها، لقبولها في الوحدة مقابل الحد من تحركات الإرهابيين خلال حدودها وضمن أراضيها، والمشاركة في محاربتهم. 2- إلى جانب استخدامهم كورقة ضغط عليهم بعدم دعم المطلب الكردي بشكل عام والفيدرالية في سوريا القادمة. ولتقوية دورها كدولة مهيمنة على المنطقة وعلى تحركات الإرهابيين، تغاضت عن تجنيد مجموعات من داخلها تجاوزت مجالات الخلايا المتغلغلة ضمن أوروبا أو المارة من خلال جغرافيتها، وساهمت في تجميع الناس القادمين من الأصقاع ضمن أراضيها، وخاصة من العالم الإسلامي التي لها نفوذ داخلها، كالدول الإسلامية المشتركة معها بخلفيات ثقافية ديموغرافية. لا شك سلطة بشار الأسد الشمولية وقادة الهلال الشيعي، كانوا على طرفي التعامل مع قادة السنة كتركيا والسعودية، في قضايا ثورات الربيع العربي، لكنهم متفقون على طمر القضية الكردستانية، وبالمقابل دعم المجموعات الإرهابية كل من جهته ولمصالحه القومية والمذهبية، والطرفان متفقان على توجيه هذه المنظمات إلى ضرب الكرد، كمؤامرة اشتركوا في حبك مخططاتها قبل عقود، وجددوا في بنودها قبل سنة، وبوجود المتضاربين على المحك، تزايد الدعم والإسناد لمنظمة داعش بشكل خاص، فبلغت مجالاتها الحالية بفترة زمنية قصيرة غريبة، وهي الحالة الوحيدة التي ربما لم تحسب لها حسابا القوى الكبرى كأوروبا وأمريكا. وبقدر توسع داعش وتزايد تأثيرها على المنطقة، تستخدمها تركيا لمآربها في الوحدة الأوروبية، وتحييد أمريكا في القضية الكردية، وتستخدمها سلطة بشار الأسد أمام الدول الكبرى لتقبلها بديلا عن هذا الإرهاب، وتستخدمها إيران كورقة ضغط في مباحثاتها حول مفاعلها النووية وتبرير مسانداتها لمنظماتها الشيعية في العالم الإسلامي، وبالمقابل وهي الأغرب تستخدمها الدول الكبرى لتشويه الإسلام السياسي، والتكفيري، وفي الفترة الأخيرة الإسلام كنص أو واقعها خارج جدران المساجد. فلم يكن تصريح بشار الأسد حول الفيدرالية الكردية في سوريا المسنودة من أمريكا (كما قيل) إثارة لحكومة داود أوغلوا قبل المعارضة السورية، بل تذكيرا ببنود مؤامرة (اسميها اتفاقية بينهم ومؤامرة بالنسبة للرؤية الكردية) سابقة، متفقون عليها رغم الصراع الجاري حاليا. أنتظر داود أوغلوا أسابيع قليلة، قبل أن يبين موافقته على تصريح بشار الأسد، وتأكيده على أن المطلب الكردي خط أحمر. فرده بتلك اللهجة التهديدية للكرد مشابهة، لتصريح بشار الأسد، حملت نفس المعاني والغايات، وبما أن القوة هي التي تثير القضايا، تلغيها وتنهضها، فالحكومة التركية، بمنطقها ورؤيتها، ترى الحريات من خلالهما، وعليه فالفيدرالية الكردية التي أثارها بشار الأسد، جمعتهم رغم الصراع على سوريا، وبها سيوسعون الخلافات بين الكرد والمعارضة العربية، وهي مهمة للطرفين. ضرب القوى الكردية التي ترفع شعار الفيدرالية، يتفق عليه الدول المستعمرة لكردستان، دون نقاش ومحاورة، ويجدونه واجب قومي، وعمل وطني للحفاظ على مصالح شعوبهم، ويراها الكردي مؤامرة، والتوصيف لا يعكس المطلوب من الكرد، بل المطلوب هو أن يكونوا على قدر تحمل مسؤولية المواجهة، وحبك (مؤامرة) كردستانية مشابهة للحد من طغيانهم، والتحرر من إملاءات فروعهم الأمنية، واتخاذ القرار كرديا، وتحويل واقع الاستجداء والعتب من الأخر إلى فرض الذات وجعل الآخر يطلب المحاورة مع الكرد، والتحرك معا للولوج إلى الأوساط الدبلوماسية العالمية لإقناعهم بالحقوق القومية الكردية، ومن السهل بلوغ هذه السوية في حال الغاء الغاية الحزبية والتحزب وإزالة عبادة أنصاف الألهة، وإزالة الخلافات الحزبية ووضع كردستان الوطن هدفا، لا السيطرة الحزبية وتغطيتها بالشعارات المبهرة للذات الحزبية دون الشعب. لا يذم العدو في أجنداته، أو تهجيره للشعب الكردي، وطمر اسم كردستان، بل من الجهالة أن يتوقع الكرد من سلطة بشار الأسد وحكومة داود أوغلو غير الجاري، فهما يقدمان أفضل الخدمات لشعوبهم وسلطاتهم وأحزابهم، فماذا قدمت جميع الأحزاب الكردية المسيطرة والمهجرة لشعبهم بالمقابل؟ غير الخلافات وتزايد نسبة التهجير، وتراكم المعاناة، وتنشيط الإعلام الحزبي على التشهير والتخوين للبعض. لا أمل في كردستان الحلم، بوجود هذه الخلافات وتزايد الهوة، واقتتال أطراف الحركة الكردية والمثقفين والعامة بين بعضهم، أمام أعداء يخططون بخبث. د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية [email protected]
#محمود_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من حول كردستان الوطن إلى حلم؟ الجزء الثالث
-
القاصرات والقاصرون بين السلاح الكردي والسياسة
-
من حول كردستان الوطن إلى حلم؟ الجزء الثاني
-
ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء الرابع
-
فيدرالية بشار الأسد
-
من حول كردستان الوطن إلى حلم؟ الجزء الأول
-
ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء الثاني
-
الإرهابي مخلص لإسلامه
-
ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء الأول
-
المؤامرات السرية في الشرق الأوسط
-
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود- الجزء الثالث
-
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود الجزء الثاني
-
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود -الجزء الأول
-
عدمية الاتفاقية الكردية في قامشلو الجزء الثاني
-
عدمية الاتفاقية الكردية في قامشلو - الجزء الأول
-
الكرد في إعلام المعارضة العربية
-
لقائي بجكرخوين
-
ثقل الكرد السياسي إقليميا
-
الحركة الثقافية الكردية والبوصلة المرنة
-
كوباني مدينة أمريكية
المزيد.....
-
ردًا على ترامب.. المكسيك في طريقها لفرض رسوم جمركية انتقامية
...
-
رئيسة المكسيك تحذر من عواقب وخيمة للرسوم الجمركية التي فرضته
...
-
شولتس يستبعد أي تعاون مع اليمينيين المتطرفين
-
تديره شركة إماراتية.. حقل غاز شمالي العراق يتعرض لهجوم دون إ
...
-
كندا والمكسيك.. ردة فعل انتقامية
-
عودة 300 -مرتزق روماني- من الكونغو بعد مشاركتهم في دعم الجيش
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تفجير مبان ومقتل عشرات المسلحين في الض
...
-
الخارجية الأمريكية: روبيو أبلغ الرئيس البنمي بأن ترامب لا ين
...
-
سيدة تلتقي بأطفالها لأول مرة منذ 6 أشهر بعد تحرير قريتها في
...
-
مينسك لا ترى أي مؤشرات لنشوب عدوان عليها
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|