محمد شرينة
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 02:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الثورة فعل انهدام لا انبثاق فعندما يصير الوضع القائم متهالك لدرجة لا يمكنه معها الاستمرار ينهدم فجأة كما في الأبنية المتداعية.
هذا الانهدام او الانفجار يولد طاقة كبيرة.
لا ينفي هذا عن الثورة صفتها الثورية بمعنى التغييرية فبانهدام الوضع القائم يبقى أمام المجتمع خيار وحيد هو البحث عن وضع بديل تساعده وتدفعه لذلك الطاقة المتولدة عن الانفجار.
ليس بالضرورة – على الأقل في المرحلة التالية مباشرة – تولد الثورة وضعا أفضل فالثورة انهدام مفاجئ والبناء اللاحق يعتمد على الظروف المواكبة واللاحقة.
أحيانا كما في معظم الثورات العربية بعد الحرب الثانية يكون الوضع الجديد أسوء. لكن هذا لا يعني أن الثورة كان يجب ألا تقع أو أنه كان يمكن تجنبها فهي عملية تحطم فجائية لبنية تداعت وتعاظمت تناقضاتها؛ والثورة بالتالي يصعب ان لم يستحيل توقعها وكذلك تجنبها.
كثير من الدارسين يقولون أن الحرب العالمية الأولى حدثت تقريبا عن غير ما قصد نتيجة لتداعيات اغتيال ولي عهد النمسا لكن اذا أخذنا في الاعتبار أن الوضع الذي كان قائما في النمسا وروسيا ، وهما اللتان اشعلتا الحرب ثم انجرت بقية الأطراف اليها ، كان مأزوما وانفجاريا لَحَقَ لنا أن نتصور أن الساسة وصناع القرار هربوا الى الأمام من أوضاع بلدانهم الانفجارية؛ الى الحرب. من المعروف أن هذا الهروب لم ينقذهم فقد دخلت أنظمة روسيا والنمسا الحرب ولم تخرج منها.
لو لم تحدث الحرب فان الانهدامات كانت ستحدث ولكن بطريقة مختلفة تؤدي الى نتائج مختلفة فنتائج الانفجار او الانهدام الثوري ،كأي انفجار أو انهدام ، لا تتوقف علية بقدر ما تتوقف على ما يواكبه ويتلوه.
فعل الانهدام بالتالي لا يمكن تجنبه ولكن نتائجة يمكن أن تكون متباينة جدا.
#محمد_شرينة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟