|
سياسة الانفتاح وليس سياسة الانبطاح
عماد عبد الكاظم العسكري
الحوار المتمدن-العدد: 4691 - 2015 / 1 / 14 - 21:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سياسة الانفتاح وليس سياسة الانبطاح مرت على الدولة العراقية في ظل حكومة السيد نوري كامل المالكي رئيس الوزراء السابق سنوات عصيبة ، اخذت من امكانيات العراق ما اخذت ولسنواتٍ طوال ،ولكنها لم تعطي للشعب بالقدر الذي اخذته منه ، فلقد ذاق الشعب مرارة العيش ، وضنك المعيشة وتساقطت دموع الابرياء طلباً للعدل والمساواة ، إلا ان حرارة الدموع لم تمنع الظالمين من الايغال في ظلمهم ولم تردع المتملقين ليكفوا عن تملقهم ، لأنهم عاشوا على ما خلفوه من مآسي وجراحات في قلوب افراد المجتمع ، وكانت تلك السنوات تحمل في ايامها الخير والشر والظلم والجور والقهر والعوز والحرمان للملايين من ابناء الشعب العراقي بينما كانت تحمل الثراء والرفاه والحياة الرغيدة للآخرين ، وكانوا كقوم فرعون يسوقون العبيد بالسياط ويقتلعون كل غصن اخضر ويحرقون كل ارض انبتت لتعطي ثمارها للآخرين واستكثروا على هذه الامة حتى انفاسها ، وكان سعر برميل النفط في تلك الفترة يقارب 94 دولار في حساب الموازنات العامة للدولة ، إلا ان المواطن لم يرى من ذلك الغيض فيضاً ،وبعد اللتيا والتي اصبحت المناصب مغانم للنهب والسرقة والتسلط على الرقاب ، ولم يرى الشعب سوى الحرمان ، ونهب الثروات ، والمقدرات ، والفساد ، والمشاريع المتلكئة ، والوهمية ، وقد اقر السيد نوري كامل المالكي في عدة مرات من خلال اطلالته على القنوات الفضائية قائلاً ان بعض الوزراء قاموا بخداعه وكذبوا عليه ، ولكن كان يجب منه ان لا يكون لقمة سائغة في افوه المخادعين والكاذبين وكان من واجبه الوطني ان يتعامل معهم بمنطق القانون لتسقيم موازين العدل والحق لان ما بين الحق والباطل خيط رفيع فأن اختلط على الانسان اضاع اخرته بدنياه ، وكان يجب ان يتعامل معهم بحزم في تلك الفترة ، لكي ينتبه الفاسد ويخشى المهمل ويتحذر السارق ، ولكنه لم يقوم بأي اجراء تجاههم مما سهل تماديهم وتطاولهم على المال العام ، وانتهاكهم لحقوق الانسان ومبادئ ألديمقراطية التي جاؤا ليجسدوا مبادئها ويزرعوا بوادرها وتعاليمها رغبة منهم في العمل الديمقراطي بعد ان عانوا من الديكتاتورية لسنوا طويلة إلا ان بعض الشخصيات التي اسأت لهيبة المؤسسات الوطنية كانت تخرج علينا وتتحدث بلغة يتعجب منها المجنون فكيف يتقبلها العاقل ، وكل هذا كان نتيجة عدم محاسبة المسؤول لطاقمه ولمن هم بمعيته ، وكانت تلك الحكومات التي مرت في تاريخ العراق ما هي إلا حكومات ترقيعية لا جدوى من وجودها لكنها حكومات اوجدتها الظروف العصيبة الي غلبت فيها روح الطائفية على الروح الوطنية ، واختزل المسؤول فيها تمثيله الرسمي في رقعة صغيرة اختارها لنفسه وأصبح اسيراً لها وتناسى وطنيته التي تسمو على الحزب والطائفة والعرق واللون ، فالأديان والأعراق والأحزاب والمذاهب في دول العالم تكون روافد متنوعة لخدمة الانسانية والأمم التي يعيشون فيها ونحن نختزل هذا التنوع في الحرب والمشادات الكلامية والصراعات والجشع والتخوين وإهانة الانسانية ، ولا نعلم هل نحن خلقت طباعنا هكذا ام اننا نتكيف بالتطبع على هذه الامور ؟ وقد يختلف كل منا في الاجابة ، إلا اننا لما نقدم لأنفسنا قيمة في هذا التنوع الذي يجب ان يكون محط ثقة وتلاقح معرفي وتاريخي وارث نعتز به في الوطن الواحد منذ آلاف السنين ، كما اننا لم نعد نفكر بالمستقبل لأننا غير مطمئنين على حاضرنا لما شهدناه من الالام ومآسي وجراح عميقة لا تداويها الايام ، لأنها اوغلت في اجسادنا وأرواحنا جراحات عميقة ، فلماذا يستكثر علينا البعض فرحة الشعور بالانتصار بالمواطنة والشعور بالوطنية والوطن والأمل في بزوغ فجر صبحٍ جديد في افق العراق بعد سنوات مظلمة سادها الظلم والفساد والقهر والقتل والتهجير وهذا الفجر نعتقده اطلالة صبح بهي بقيادة حكومة وطنية عراقية تمثل كافة الطيف العراقي ليس فيها تشنجاً في المواقف وليس فيها طعناً وتخويناً للأخر حكومة تعامل شعبها بقيمة وجودها وتعتز بأفراد مجتمعها ولا تتعالى على افرادها ولا يُظلم فيها الفقير والضعيف ويؤخذ الحق له ممن ظلمه ، حكومة يشعر الفرد فيها بقيمته في المجتمع ، كونه يستمع فيها لخطاب العقل بعيداً عن المناكفات السياسية والأزمات والمشادات الكلامية والألسن الجارحة التي لم يجني منها البلد سوى الخراب والدمار واستنزاف المقدرات ، حكومة ترى في افقها ان الجميع اخوة في الانسانية والدين سواء كانوا هولاء من مواطنيها ام من الوافدين او من خلال تعاملها مع محيطها العربي والإقليمي والدولي ، لا تعادي ابنائها لمطالبتهم بالحقوق المشروعة لكل فرد في هذا المجتمع ومن هنا نجد ان هذه الحكومة التي يرأسها الدكتور حيدر العبادي هي خير مثال لحكومة المواطنة التي شرعت بسياسة الانفتاح على جميع ابناء المجتمع وليس الانبطاح لأبناء المجتمع مع العلم اذا انبطح المسؤول للمجتمع فهذا ليس فيه عيباً ابداً انما هو قمة الخلق عندما يتواضع المسؤول لأبناء جلدته وأبناء وطنه ليقدم لهم كل ما هو فيه الخير والصلاح لهم ولا يمانع ابناء المجتمع من ان يكونوا انبطاحيين للمسؤول الخلوق فقد رفعَت الامم عظمائها على اكتافهم وخلدوهم في سجل الخلود ، لأنهم انتشلوهم من قعر الظلمات الى قمم الجبال الشاهقات ولهذا لا اجد مانعاً في ان اكون منبطحاً لحكومة تنبطح تواضعاً لمجتمعها وتسعى لخدمة ابنائها لا يهمها الترف والحياة السعيدة وأبنائها يعيشون العوز والحرمان حكومة تحاول بقدر ما تستطيع وهي في اشهرها الاولى اسعاد شعبها والتواضع لهم وتسعى لتقديم الافضل لهم ، وتسعى لترسيخ مبادئ المساواة والعدل والإنصاف على نقيض الاهداف الاخرى ، واني لأجد ان حكومة الدكتور العبادي تمثل اول حكومة متوازنة في تاريخ العراق الحديث ومنفتحة بساستها الداخلية والخارجية كند قوي مع محيطها الاقليمي والدولي ويكفينا فخراً انها حكومة عراقية تمثل كافة ابناء الشعب العراقي حققت في ايامها الاولى قفزات كبيرة في السياسة الخارجية والانفتاح على دول العالم ومنها الدول العربية والإقليمية بعد ان كانت سياسة القطب المنغلق وما جناه العراق من عزلته العربية والإقليمية والدولية بسبب الانغلاق الذي عاشته الحكومات المعاقبة طوال السنوات الماضية والسياسة المنفردة التي لا تقوم على النضج السياسي والحكم بعقلية المؤامرة والجميع اعداء إلا من اثبت ولاءه وطاعته تقرباً من السلطة لذا ما نتمناه على الجميع ان يفكروا بعقلية المصلحة الوطنية بعيداً عن التجاذبات والمواقف المتبناة سلفاً ، نتيجة موقف اخطى البعض في تقديره او فهمه او نتيجة صلابة الموقف وهذه الصلابة في المواقف بعض الاحيان لا تقدم خدمة للشخص الذي يتبناها وللمجتمع ولابد للمرونة والصلابة في السياسة لأنهما من المطالب المهمة للنجاح السياسي ولكل انسان رأي .
#عماد_عبد_الكاظم_العسكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحقيق في حادثة سقوط الموصل
-
شلونك ياعراق ( شعر شعبي )
-
توجيه الموارد يخرج العراق من ازمته الاقتصادية
-
الحشد الوطني مؤسسة وطنية تدافع عن شرف العراق
-
• نقطة ضوء زرقاء الفضائيون يغزون المؤسسات الحكومية والاصلاحي
...
-
اصلاح المؤسسة العسكرية جزء من حكمة العبادي في ادارة الدولة
-
• نقطة ضوء زرقاء فشل البرلمان ونجاح العبادي
-
بين قوسين ( حكومة العبادي وترقب المواطن )
-
المصلحة الوطنية مع مايراه اتحاد القوى الوطنية وعلاوي
-
الاطاحة بالمالكي بالضربة القاضية
-
النجاح الديمقراطي في جلسة مجلس النواب الثالثة
-
الدكتور مهدي الحافظ رئيس السن ناجح في ادارته رغم الإخفاق
-
نقطة ضوء زرقاء ( الاستبداد والتسلط ومظالم الشعوب من الحكومات
...
-
الثلاثاء الاخير والمصلحة الوطنية والمصالحة الحقيقية
-
جرائم داعش تحاول العربية الحدث الصاقها بالجيش العراقي البطل
-
خلاصة القول حكومة انقاذ يرفضها المالكي ؟
-
ما حصل في الموصل وما سيحصل في بغداد استنتاج عسكري
-
فرضية تشكيل الحكومة العراقية
-
وراء كل رأي حر سكاكين قاتلة
-
الولاية الثالثة ... ضرب من ضروب الخيال
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|