فؤاد علي منصور
الحوار المتمدن-العدد: 1312 - 2005 / 9 / 9 - 07:26
المحور:
الادب والفن
حين أرى قطاراً سريعاً، تنطلق في مخيلتي صور شتى وتخيلات شتى.
لكن الصورة النابضة الدائمة لمرور القطار... هي حياتي
حياتي التي تمر بسرعة ضوئية تخترق الزمان والمكان، ويتلاشى خلفها الوميض، وتقصر بشكل أو بآخر المسافة الفاصلة بين اللحظة.... وبين المحطة النهائية.
أقول هذا إذ رأيت بالأمس نفسي ـ قطاراً ـ يتهادى في صحراء وأفياء لا أملك لها تفسيراً، وليس بيدي أو بمقدوري التحكم في محطات الوقوف أو تخفيف سرعة القطار، والأسوأ من هذا.. أني وجدت نفسي في مكان ليس مكاني ـ كأني أنا من وجّه القطار ـ ومحطة ليست محطتي ـ وكأني أنا من يسير القطار، أو يوقفه ـ
لماذا بعد كثير من المنعطفات والتوقفات.. نصحوا لنجد أنفسنا في مكان لم نختره ولم نفكر فيه ولا قررنا شيئاً عنه؟؟
تذكرت أحلامي البعيدة الموغلة في الذاكرة، ورأيت القطار.... فأحسست بأني غريب، غريب عن ذاك الطفل اللاهي المستمتع بالحياة، غريب عن ذاك الشاب الطموح، كأني لست أنا
إذاً من يقف في مكاني الآن؟ من يلعب دوري؟ هل هذا المخلوق القزمي..... هو أنا؟؟؟
هل هذا القطار امتداد لحياتي؟؟
ما أعلمه الآن ـ أو أدعي أني أعلمه ـ أني لست أنا!!
وصلت إلى هنا لا أعرف كيف! وتكونت على ما أنا.. ولا أعرف كيف!
أدري أن القطار سريع، وأن المحطات كثيرة ومتنوعة، ولكن لماذا لم أختر هذه المحطة أو تلك؟
لماذا لم أضغط على المكابح ساعة شئت أو ساعة قررت؟ أو هل قررت أصلاً؟
لعلي لم أنتبه للمحطات إلا بعد فواتها، لعلي أنظر للوراء بعين الحب فقط، أم النظر إلى الماضي مغر أكثر من النظر إلى المستقبل، لأننا نعتقد أننا (فعلنا) فيه أشياء بإرادتنا، بينما المستقبل محطات تلوح في الأفق..
لا ندري هل بإمكاننا (فعل) شيء عندها أو فيها.
أنا لست أنا، ما جنيته غير ما زرعته، كنت أريد حالاً وأصبحت في حال آخر، كنت أريد عالماً, فإذا بي في عالم آخر.
ثم طالما أني أنا لست أنا فلماذا صحوت الآن؟ وما الفائدة من الصحوة إذا ابتعدت عن المفرق الذي أريده, وعن المنعطف الذي أوده؟
وإذا طالت هذه الصحوة فيجب أن أصرخ:
(أوقفوا هذا العالم، أريد أن أنزل).
فؤاد علي منصور
[email protected]
#فؤاد_علي_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟