أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماريو أنور - كيف نختار شريك الحياة..؟















المزيد.....


كيف نختار شريك الحياة..؟


ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 1311 - 2005 / 9 / 8 - 07:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في بحث أجراه أحد الباحثين على ألفيّ أسرة أمريكية ، طرح الباحثُ على الأزواج والزوجات كل على حده السؤال التالي : لو عُدْتَ عَزَباً ، هل كنت تختار شريك حياتك الحالي ؟

أجاب 60 % من الأزواج ، و 70 % من الزوجات بالنفي !!!

إن هذا الجواب يعطي صورة للاختيار غير المبني على أسس سليمة . لا شك أن مثل هذا الاختيار يؤدي غالباً ، إلى حياة زوجية تعيسة ، إن لم يؤدِّ إلى تفكك الأسرة وانحلال الزواج .

الاختيار في حد ذاته ، فعل إنساني ليس بالسهل . وخاصة ، إذا كان يتعلق باختيار شريك الحياة . ينطوي الاختيار على معنى الحرية ، فالحرية بالتعريف هي القدرة على الاختيار ، ولكن ليس أي اختيار ، إنها القدرة على اختيار الأفضل . في كل مرة نختار علينا أن نتساءل : إلى أي مدى كان اختيارنا بإرادتنا ، إلى أي مدى كان اختيارنا حرّاً . إلى أي مدى كان اختيارنا سليماً .

ثمة معايير لاختيار الأفضل هي : الحرية ، والعقل ، والمحبة . فبقدر ما يكون لاختياري حظ منها يكون سليماً وأكون قد اخترتُ الأفضل .


الدوافع اللاشعورية في الاختيار :

ثمة دوافع خفيّة تقريباً تلعب دوراً في اختيار شريك الحياة دون وعي منّا تقريباً ، فنختار تحت تأثيرها ظانين أن اختيارنا هذا كان بإرادتنا تماماً ، وأننا كنا أحراراً فيه ، في حين أن الواقع غير ذلك . من هذه الدوافع نذكر :

أولا - الاختيار بدافع الهروب :

الهروب من عائلة تعتريها المشاكل أمثال تسلط الأب أو معاملة زوجة الأب القاسية أو... أو بدافع الهروب من الإحساس بالوحدة والخوف من فوات الأوان ( البنت العانس ) أو بدافع الهروب من الفقر ( تبني نظرية العروس أو العريس الجاهز ) .

ثانياً - الاختيار بدافع الصِفة أو الحاجة المُفتَقَدة في صاحب الاختيار :

كأن يختار الواحد شخصاً تتوفر فيه صفات أو إمكانات يتمنى أن تكون لديه ، فإذا ما وجدها عند آخر اندفع نحوه مختاراً إياه تحت تأثيرها . كمن يختار شخصاً يتصف بالجمال أو العلم أو الرزانة أو الحيوية ، أو موهبة ما . إنه اختيار لا شعوري تقريباً يهدف إلى اكتمال صاحب الاختيار وإشباع حاجة لديه تنقصه .

ثالثاً - الاختيار بدافع الشعور بالنقص :

فَمَنْ كان محروماً من حنان الأمومة أو عطف الأبوة والتقى مَن يسدّ لديه هذا النقص يندفع نحوه ويختاره وغالباً يكون هذا المختار أكبر سناً من صاحب الاختيار .

رابعاً - الاختيار بدافع " البديل " :

قد ينجذب شخص نحو آخر ، ربما لا يعرفه ، فيختاره لأنه يحمل صفات جسمانية أو سمات نفسانية وأخلاقية ، تذكّره بأشخاص يحبهم كانت تتوفر فيهم هذه الصفات وتلك السمات أو بعض منها . مثال ذلك ، الرجل الذي يختار زوجة فيها الكثير من صفات أمه التي كان يحبّها ويقدّرها . ومثال الفتاة التي تحب أباها وتعجب به وتتخذه مثلاً أعلى لها فتختار شاباً ترى فيه بعضاً من صفات أبيها كالحكمة أو القدرة على التدبير أو المرح...

خامساً - الاختيار بدافع الضد :

كأن يختار الواحد شخصاً يحمل نقيض القيم التي تحملها أسرة صاحب الاختيار والتي يرفضها أصلاً ليعبّر في اختياره عن رفضه لقيم أسرته ، ومن خلالها عن رفضه لأسرته التي تقسره على تبنّي هذه القيم والسلوك بحسبها . مثال ذلك الفتاة التي تنتمي إلى أسرة محافظة متعصِّبة تعاني فيها من تسلّط الأب أو الأخوة ، تختار شاباً من أسرة متحررة تقدمية .

سادساً - الاختيار بدافع تأكيد الذات :

يعبّر عن الحاجة إلى تقدير الذات ، فيه يستهدف صاحب الاختيار ، شخصاً له مقام اجتماعي أو كنسي أو سياسي أو نَسَبيّ وحَسَبيّ أو غيره ، يربط شخصه به ويؤكد ذاته عن طريق اختياره له وارتباطه به .

سابعاً - الاختيار بدافع الإنقاذ :

كأن تختار إنسانة شاباً ضائعاً بتأثير الشفقة عليه ، وهو يختارها بدوره لتخرجه وتنقذه من حالة البؤس والشقاء والفقر الذي يعيش فيه .

ثامناً - الاختيار بدافع الوسط الاجتماعي :

فيه يختار الإنسان الآخر لا من أجل ذاته ، إنما من أجل عائلته لما تتمتع فيه من حَسَب ونَسَب أو جاه أو ثقافة أو مال ، مما لا يتوفر عند عائلة صاحب الاختيار .

تاسعاً - الاختيار بدافع عشق الذات :

إنه اختيار نرجسي فيه يختار الواحد شخصاً تتوفر فيه الصورة التي يعشقها عن ذاته . إن هذا الاختيار عشقٌ للذات من خلال الآخر .

عاشراً - الاختيار بدافع القانون الجيني ( تطابق الأبراج ) :

حيث يختار الواحد شخصاً ينتمي إلى البرج نفسه . إنها مجرد نظرية لم تثبُت صحتها .




معايير الاختيار الجيد :

ليس المهم أن نختار فقط ، إنما أن نحسن الاختيار . أي أن يكون اختيارنا واعياً ومدروساً ، حرّاً وعقلانياً، ومحباً . أي أن نختار ما يناسبنا حقاً ، ما هو الأفضل حقاً بالنسبة إلينا .

فيما يلي أهم مقاييس هذا الاختيار الجيد :

أولاً - الانجذاب :

الانجذاب الجسدي والعاطفي والروحي شرط ضروري وأساسي ، لكنه لا يكفي وحده . لهذا الانجذاب معنيان : سلبي ويعني عدم وجود موانع في الآخر تنفّره منه . وإيجابي ويعني أن الشخص المختار يستحق أن يكون موضع اهتمام وتفكير ودراسة أعمق .

ثانياً - توفر عناصر ربط بين الاثنين :

عوامل مشتركة في الميول والطباع ، الطموح ، الذوق ، الاتجاهات ، الأهداف المشتركة ، الوسط الاجتماعي والمذهب الواحد 000 الخ .

إن الحب والزواج لا يستطيعان أن يتخطيا كل أشكال التباعد والاختلافات بين الطرفين ، إنما بإمكانهما تخطي بعضها مما ليس هو بجوهري . فالزواج ، على سبيل المثال ، لا يتمكن من تخطي مسألة الإدمان ، أو عدم الإخلاص والوفاء أو البخل في حين يستطيع تخطي مسألة الاختلاف في الهوايات .
إن ما ذكرنا من عناصر الربط المشتركة يمكن اعتبارها مقاييس داخلية تتعلق بالشخصية مباشرة . وهي مطلوبة على الأقل في حدِّها الأدنى . إن المسألة في النهاية نسبية .

يمكن أن نحدد هذه المقاييس الداخلية كما يلي :

حد أدنى من التعاطف والتجاذب النفسي والعاطفي .

حد أدنى من التناسب في الميول والطباع .

حد أدنى من التناسب الروحي .

حد أدنى من الاتفاق على قيم أخلاقية أساسية .

حد أدنى من الاتفاق على أهداف مشتركة في الحياة .

كذلك يمكن أن نحدّد مقابل هذه المقاييس الداخلية ، مقاييس خارجية يُهتدى بها أيضاً كما يلي :

التناسب في العمــر .

التناسب في المستوى الثقافي والتعليمي .

التناسب في المستوى الاجتماعي .

التناسب في المستوى الاقتصادي .

ثالثاً - مراعــاة " السلّــم القيمــي " :

لكل شخص قيم معينة يقدّرها ويعتنقها ويسعى إلى تحقيقها في حياته مثل : العلم ، المال ، الإيمان ، الأمانة ، الصدق... الخ . كلّما اتفق الشريكان على ترتيب الأولويات في هذه القيم ، أدّى ذلك إلى اتفاقهما وسعادتهما وشعورهما بوحدة الهدف . فلو كانت القيمة الأولى عند الزوج الإيمان وكذلك كانت عند الزوجة ، فلا شك أنّ هذه القيمة ستوحدهما . أما لو تصورنا أن القيمة الأولى عند الزوج هي العلم والسعي للحصول على أعلى الشهادات ، بينما كانت عند الزوجة الحصول على المال والتمتع بمباهج الحياة فإننا لا نتوقع لهذا الارتباط ( لزواج ) النجـــاح .

رابعاً - الوضوح مع النفس والصراحة التامة وإتاحة الفرصة للتعارف المتبادل :

ذلك كله لا يتم عن طريق الحوار فقط إنما أيضاً عن طريق المواقف وردود الفعل العفوية المختلفة ، وعن طريق لحظ شكل تعامل كل طرف مع أهل بيته ( الوالد ، الوالدة ، الأخت 000 ) وكذلك عن طريق الصحبة والرفاق . ويستحسن هنا الاستنارة في موضوع الاختيار ، برأي شخص ثالث شرط معرفته للطرفين ، وتوفّر الموضوعية والاتزان فيه .

خامساً - نضج الشخصية :

الحب والزواج من عمل الراشدين ، لذلك يستلزم نضج الشخصية . ومن مؤشرات هذا النضج : الاستقلال العاطفي والمادي - الثقة بالنفس - الشعور والقدرة على تحمل المسؤولية - القدرة على التكيف - القدرة على التحكم في الذات وضبطها - القدرة على عطاء الذات وإسعاد الآخر - الاستعداد لقبول الآخر المختلف عنّي والتكيف مع طباعه - تحكيم العقل وعدم الانجراف مع تيار العاطفة .

سادساً - قبـول فكـرة أنّ الاختيـار نقطـة انطـلاق :

يبدأ من بعدها المسير في رحلة بناء البيت الزوجي والحياة الزوجية . إنه البداية في مشروع الارتباط وليس النهاية كما يتخيّل البعض .



#ماريو_أنور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغريب فى القرآن الحلقة الأخيرة
- الغريب فى القرآن الحلقة الثانية
- الغريب فى القرآن
- الحوار بين الأديان: ثقافته ومنطلقاته
- الشرُّ وَالخطيئَة الأصلية
- فى سبيل الحوار بين المسيحيين و المسلمين
- مفهوم الخلق في اللاهوت المسيحي
- دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الخامسة
- بين الإلحاد والإيمان
- دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الرابعة
- حقيقة الإيمَان بالإله الواحِد
- دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الثالثة
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الخامسة
- ثلاثية أبعاد الحب
- دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الثانية .
- دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الأولى
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الرابع
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الثالث
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الثانى
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟


المزيد.....




- إخلاء ركاب طائرة على جناحها بعد اشتعال النيران بمحركها في مط ...
- أحمد الشرع يستقبل -اتحاد علماء المسلمين- المدرج على قوائم ال ...
- النيابة السعودية تصدر قرارا حول مخدر -الشبو-.. إليكم ما يحصل ...
- سوريا.. جدل على مواد الإعلان الدستوري الجديد بعد توقيعه
- الزواج وتأثيره على الوزن.. دراسة تكشف مفاجآت جديدة
- بأدلة علمية وتاريخية.. عالم من ناسا يدحض نظرية -الأرض المسطح ...
- روسيا.. وضع برنامج حاسوبي لتحليل تخطيط القلب الكهربائي
- قضى 43 سنة في سجن صيدنايا.. أردوغان يكرم الطيار السوري رغيد ...
- الولايات المتحدة.. اندلاع حريق بطائرة ركاب بعد هبوطها (فيديو ...
- كيف يستغل ترامب الأوقات العصيبة؟


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماريو أنور - كيف نختار شريك الحياة..؟