|
علاقة أوروبا بتركيا .. تحالف لن يصل إلى إتحاد
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 23:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مروان صباح / ليست جديدة ، لعلها العلاقة بين أوروبا وتركيا اليوم ، تشبه علاقة أوروبا بالإمبراطورية العثمانية سابقاً و قبلهما ، البيزنطية الشرقية بروما الغربية التى شهدت جميعها طابع متوتر في كثير من الأحيان ، ومنذ أن نقل قسطنطين العاصمة نيقوميديا في الأناضول إلى بيزنطة على البوسفور وبالتالي تحولت إلى القسطنطينية ، تعاظم الانقسام وأخذ يجذر نفسه مع مرور الوقت وكما يبدو أنه تشبع إلى درجة لن تعد العلاقة قادرة على الخروج من تاريخ بات يحمل العديدة من العداءات المؤلمة ، عاشت الإمبراطورية البيزنطية أكثر من ألف عام ضمن صراعات وحروب ، على أغلب ، مع محيطها في آسيا ، الفرس والعرب ، وتارة مع أوروبا أي روما الغربية ، ولم يكن في الحقيقة التحدي والصراع بين الجغرافيتين التركية الحالية وأوروبا قد بدأ منذ الدولة العثمانية ، رغم ، أنها تعمقت أكثر الخلافات وشهدت حروب بين الثقافتين أدت إلى قسمة لا تقبل الندية ، بل ، فقط التفوق ، غالباً قامت الحروب على أساس الهوية ، لهذا ، كانت مساعي الأتراك القوميين قد ابتدأت قبل ظهور أردوغان على الساحة التركية ، وهي ، مُخلِصة وحقيقية أظهرها مؤسس الدولة الحديثة للجمهورية التركية اتاتورك من خلال جديته بتغير العلاقة ووضعها على مسار جديد وبنوايا افترض بها أنها ستعكس انفتاحاً وانفراجاً ، حيث ، اعتمد سياسة العودة إلى أول السطر وبشكل جذري يقبل كل التحديات الراسخة والمعقدة إلى أن جازف ، بالطبع بانتقال ، يبدو مساره مغامر ، عندما طرق باب إعادة ترتيب الثقافة الاجتماعية وركنَ الدين جانباً واستبدل اللغة كي يصل بتركيا إلى العضوية الكامل في الإتحاد الأوروبي ، لكن ، جاءت اللحظة الكاشفة لتظهر حقيقة راسخة من الصعب تغيبها أو تجاهلها كون تناقضاتها التاريخية ساطعة بين أوروبا المسحية وتركيا المسلمة ، وبالرغم طبعاً ، من محاولات الكمالية القديمة والمكرورة ، لم تكون للأسف ، الوقائع ، رغم بلاغتها ، دروس مفيدة قد استفاد منها الرئيس أردوغان وفريقه ، وبالتالي ، تقول التجربة ، بأن ، الأولى للأوروبيين أن يمنحوا ذلك الوسام والتقدير بانضمام تركيا للاتحاد ، لرجل لديه سيرة حافلة من الإنجازات التاريخية ، حيث ، فرضت الكمالية ، هي لا سواها ، على المجتمع التركي ثقافة غريبة عنه من أجل أن يتناسب مع المعايير الأوروبية ويواكبها ، إلا أن ، المبررات الأوروبية على الدوام نجحت في تبديد أي مسافات قطعتها المنظومة التركية بهدف تحقيق أهدافها . وبين الماضي والحاضر ولكي لا تنقطع الرؤية عن سلسلة تداعيات ، تركت الحرب في أوائل القرن الماضي ، اثر ونتائج ، بعد ما قضت على الدولة العثمانية ، بل ، خططت أوروبا في لخطة انتصاراتها في المناطق العربية ، باعتبارها فرصة نادرة ، الاستيلاء على آسيا الصغرى ، تركيا ، لكن الأتراك صمدوا بالرغم من الخلل الهائل في ميزان القوى ، أوقفت المقاومة الشعبية الزحف ، لكن ، في المحصلة خسر الأتراك المشرق العربي ولم ينجحوا بالالتحاق في الحلقة الأوروبية . ظلت تركيا دولة محايدة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية وبالرغم أن الجمهورية الحديثة أخذت وقت لتتقبل هزيمة الأوروبيين ، إلا أن ، الاحتياجات الاقتصادية والظروف الجيوسياسية المتحولة دفعت تركيا إلى فتح صفحة جديدة مع أوروبا الغربية ، وشكل التمدد الايدولوجي ، السوفيتي ، تخوفاً حقيقياً من استهدافها ، حيث ، كان السائد حينذاك انقلابات عسكرية سريعة ، لكن ، قيادة الجيش قررت أن تطوي حقبة الحرب العالمية الأولى وتنخرط ، كمقدمة ، لبناء توازن قوي في إطار مساعدات مارشال الاقتصادية وبالانضمام لعضوية الناتو الذي وفر للجيش التركي فوائد كان قد لوحظ أثر حداثتها على الجيش ، لاحقاً ، في تلك الفترة كانت عملية التقسيم بين المنتصرين على ألمانيا في حمى أوجه الاستقطاب الدولي وبتحديد بعد إقامة جدار برلين عام 1961 م تعرضت ألمانيا الغربية إلى نقص في الأيدي العاملة ، وكما فعلت معظم القارة الباردة بدأت بالبحث عن مكونات اجتماعية أقرب إلى ثقافتها ، فلم تجد إلا الاتراك ، حيث ، استضافت ألمانيا أولاً ، وأوروبا ثانياً ، اعداد هائلة من الأتراك كأيدي عاملة مع تحفظ القارة ، عموماً ، لممارسات الشعائر الإسلامية ، ومنذ ذلك اليوم في أواخر الخمسينيات تستمر تركيا دون كلل أو ملل وبشكل لا يليق بمكانتها التاريخية في محاولة الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي ، لكن ، الأوروبيون يحتفظون بذاكرة عصية على النسيان أو لا يرغبون القفز عن تاريخ يعج بالعداء ، خصوصاً ، عندما يتذكرون تفكيكهم حصار فينا عام 1683 م من العثمانيين ، مقابل ، زهايمر يسيطر على العقل التركي عندما يحجب من الطريق جميع الأسباب التى أدت بالقضاء على الإمبراطورية العثمانية . باختصار ، ثمة حقيقة رغم ، خلط الأفكار ، لكن هي ثابتة ، لا تقبل مداخلات عابرة ، بأن ، أوروبا تأسست على المسحية التى تجعلها من المستحيل استيعاب كتلة غالبيتها العظمى من المسلمين ، يُقدر سكانها بحجم سكان ألمانيا ، إن لم تكن أكثر ، الذي من المفترض لو شاء لها الدخول ، حسب التقديرات ، ستحدث تغيير جوهري في المنظومة الاجتماعية بالإضافة إلى العِلل والمبررات التى تستخدمها في كل مفاوضات ، كالديمقراطية الناقصة وحقوق المرأة والتربويات والتقاليد الإسلامية وتأثيرها على المجتمع الغربي والمسألة القبرصية وعلاقة تركيا باليونان ، تاريخياً وحاضراً ، فالخلاصة تقول أن هذه المفاوضات أخذت من الوقت الكثير وكما يبدو ، لن تنتهي أبداً ، وهي ، تكاد أن تشبه المسلسلات التركية ، رغم أنها شهدت صعيد مضاعف منذ تنحي عسكر تركيا جانباً وبدأت عجلة الديمقراطية تتسع بإبعادها مع مجيء حزب العدالة والتنمية ، حيث ، تحولت تركيا ذاتها أكثر أوروبياً بعد جملة تعديلات في بنود الدستور ، وأيضاً ، القوانين والأنظمة وخصوصاً التى تتعلق بالاقتصاد الذي جعل منها أكثر ديمقراطياً وأظهرت بعدُ تسامحي إسلامي وتدرجت بمعالجات مرنة بين القوميات والأقليات ، إلا أن ، يبدو التاريخ قدر محتوم مازال العداء راسخ رسوخ الجبال لا يكترث بجميع التطورات التى سعت جاهدة الحكومات التركية بتنفيذ شروط الإتحاد الأوروبي كي يلتحقوا به ، ابتداءً من تقديم تسهيلات لوجستية ، وأخرى ، انطوت تحت عمليات استخباراتية إلى تطوير صناعات شتى وليس أخيراً ، حماية العملة من التضخم . هناك عشرات العوامل تكفي إلى تجسيد دلالات حول عدم تحقيق الأتراك حلمهم بالانضمام إلى الإتحاد لكن بالتأكيد استفادوا الأتراك حيث تحولوا إلى قوة إقليمية يحسب لها الف حساب ، خصوصاً ، إذ ، تحقق على عجل مشروعهم النووي كما مخطط له ، وطالما ، الطرف الأوروبي مازال يعاني من خلل لفهم الإنسانية ، لأنه ، لا يرى بالإنسان التركي سوى يد عاملة التى بدورها تقوم بما تنأى الأيدي الأوروبية القيام به ، والأمر الأخر والأهم ، أن الناتو يحتفظ بموقع آسيا الصغري كرهينة لرياحه . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكهرباء والماء مسألتا حياة
-
لبنان وصانعاته
-
زياد ،،، واحد من أكثر الأشجار طيبةً
-
تركيا عضو فاعل ،، من الخطأ معاداتها
-
انعكاس عملة داعش على العالم
-
معاني الإقصاء ،، العميقة
-
علاقة الرباط العقائدي والفكري
-
اخفقت النهضة أم عزلة شريك
-
المحنة الكبرى تطرق الأبواب
-
إخفاقاً أوروبياً يرّسخ القطب الأحادي
-
تحالفاً مضاداً يقترب اكتماله
-
هجرة جنّبت المنطقة ويلات
-
تحالف لا يضمن الانتصار وربما يسبب الهزيمة
-
حماس ،،، الاعتبار بما مضى
-
لا مستقبل للعرب دون عودة العراق
-
نقص في الأفراد فائض في القوة
-
فعل المقاومة ،،، استشاط غضب الأنظمة العربية
-
التهنئات للأكفاء
-
سلسلة افتضاحات قادمة
-
محاولة لبننة المجتمع الفلسطيني .. سياسياً
المزيد.....
-
من يقصد ترامب بـ -الجميع- الذين أحبوا خططه في غزة؟
-
ترامب: إسرائيل ستسلمنا قطاع غزة بعد انتهاء القتال ونتنياهو ي
...
-
لبنان: تعثّر تشكيل الحكومة بعد 3 أسابيع من تكليف نواف سلام..
...
-
الدفاع الأوكرانية تعلن استلام مقاتلات -إف-16- من هولندا
-
مصرع طيارين اثنين في تحطم طائرة خفيفة بضواحي موسكو (فيديو)
-
محكمة تركية تصدر أغرب وأطول حكم في التاريخ!
-
هجوم مصري حاد بعد تصريحات -غير مسؤولة- لوزراء في حكومة نتنيا
...
-
إعلام عبري يكشف تفاصيل لأول مرة حول لقاء لم يتم بين السنوار
...
-
التجارة الجزائرية تسحب حلوى على شكل عين بشرية من الأسواق
-
فيديو من الأرشيف السوفيتي.. جهاز المخابرات الخارجية الروسي ي
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|