|
الإنسان والألوان : الأزرق .. لونا ورمزا
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 5 - 14:03
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الإنسان والألوان : الأزرق .. لونا ورمزا للأزرق رمزية مُتناقضة بشكل صارخ ، فعلى طرفي "الرسم البياني" الرمزي للأرزق، يقف على طرفه الأول ، أرستقراطيون غابوا في ثنايا صفحات التاريخ ، وبقايا العائلات من "نبلاء " الحروب ، القمع والإستغلال ، وأبناء عوائل حكمت ممالك وامبراطوريات ،سادت ثم بادت ، وما زالت البقية الباقية من سلالات ، كانت لها أمجاد ، تتغنى وتغتني من الثروات التي جمعها أسلافهم "العظام " الذين إستنزفوا جهد شعوب وحولوها إلى ممتلكات ومقتنيات ، خفيف وزنها وغال ثمنها . يُبعثر هذا "الخلف " "ثروات " خير السلف في نوادي القمار واليخوت ، وصالات الفنادق صحبة نجمات أفل نجمهن أو هُنّ في صعود ، ينثر عليهن الدر والجوهر . إنهم هؤلاء ،مَنْ يجري في عروقهم دم "أزرق " مجازا ، وأحمر في الحقيقة ..!! بينما يقف على الطرف الأخر ، من" الرسم البياني" الرمزي للأزرق ، النقيض المُستنزف ، صاحب الجهد والعرق ، والذي تحولت بلورات العرق على جبينه إلى ماسات تلمع على جيد ذوات الدم "الأزرق " ، والى قطرات من خمرة مُعتقة ، لذة للشاربين في كؤوس من كريستال يرتشفها الأبناء المدللون ، الورثة الكسالى لثراء ، استنزف في جمعه ، ذوو الياقات الزرقاء جهددهم ، عرقهم ودمهم أيضا ، إنهم ذوو الياقات الزرقاء، النقيض للأزرق الأخر على طرف الرسم البياني . فهل هذا الأزرق ، هو نفس ذاك الأزرق ؟؟!! الدماء "الزرقاء" التي تجري في عروق الأرستقراطية ، هل هي نفس اللون الأزرق الغامق الذي تصطبغ به حياة ذوي الياقات الزرقاء ؟؟!! والأزرق السماوي ، هل هو نفس اللون الأزرق الذي تراه عيون ذوي الياقات الزرقاء وعيون ذوي الدم الأزرق ؟؟ هل هي نفس السماء الزرقاء ؟ التي تُخالطُ زرقتها أسراب الطيور المُهاجرة ، السوداء أو البيضاء ، ويستمد منها الفلاح راحة لعينيه المجهدتين ، ومُخاطبا من خلالها مَنْ يسكنُ السموات ، املا بتغيير الأوضاع للأحسن . ليست زرقة هذه السماء شبيهة بزرقة الكدمات في جسد طفلة تبحث عن وجبة طعام بين أكوام القمامة .لا ليستا نفس الأزرق !!
وترتبط الشعوب بلون معين ترى فيه رمزها الخاص ، قامت بإختياره لأسباب تاريخية أو دينية . فالعرب لا تربطهم باللون الأزرق أواصر مودة ، فهم مُرتهنون للأخضر ، الأحمر ، الأسود والأبيض وكلها ألوان حادة بخلاف الأزرق السماوي ، ما عدا الأبيض الذي يلتقي بالأزرق أحيانا . (سنُكرس لها ، للألوان العربية حيزا مستقلا ) .. للأزرق تنوعات وتقسيمات وتموجات ، ومعاني رمزية في بعض اللغات . ففي العبرية هو كناية عن أفلام البورنو (الجنس ) ،فحين تقول بالعبرية ،فيلم أزرق ، فالمعنى هو فيلم جنسي. أما إذا قلت واصفا أحدهم بأنه يملك رأسا زرقاء ، فهذا يعني بأن ذهنه مشغول بالجنس أو أن كل تفسيراته للأمور تحمل بُعدا جنسيا . ويُمكنك أن تقول" فكرة زرقاء" ، "تفكير أزرق " وما إلى ذلك من تعبيرات وكلها تتحدث عن الجنس أو البورنو . أما لماذا رمزت العبرية للجنس باللون الأزرق ؟؟ فهو إستعمال للمصطلح الإنجليزي الذي يُشير إلى كل "نشاط جنسي " ب "بلو " ومنها بلو- موفي ..!! Blue movie لكن ، حينما نُضيف للأزرق اللون الأبيض ، ففي العبرية يرمز إلى صناعة إسرائيلية ..!! فحينما تقول بالعبرية أزرق - أبيض ، وهي ألوان العلم الإسرائيلي ، يفهم السامع بأنك تتحدث عن الصناعة الإسرائيلية، أو نتاج إسرائيلي خيرا كان أم شرا ... . والصناعة من إنتاج أزرق – أبيض كثيرة ومتنوعة ، منها ما يخدم البشرية ويبعث على الفخر ،لكن منها ما يجلب العار على ابناء الشعب في إسرائيل ، كأفعال المستوطنين في الخليل والقدس الشرقية ، الذي لا يسلم من شرهم لا البشر ، لا الحجر ولا الشجر ..!! فليس كل أزرق يرمز إلى الصفاء ولا كل ابيض يرمز إلى النقاء ... عِلما بأن " ثقبا أزرق "، مسؤول عن "إبادة " حضارة المايا كما يقول بعض العُلماء .. لكن لماذا ، وما هي أهمية هذا الكلام ؟ لأن الألوان تُعبُّر عن مزاج فردي وجمعي ... وبدأنا بالأزرق لأنه لون يقع في المركز ويبحث عن الإجماع.
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألحمارُ يحملُ أسفارا ..
-
أيتام صدام ..
-
تحديات أمام زغلول 2015
-
ألنفاق الأمريكي ..
-
اللا مثقف
-
إبن مخيطير وإبنة ناعوت ..والقائمة طويلة .
-
ألثقافة والمُثقف ..
-
الأزهري محمد عمارة بين المستحيل والممنوع ..
-
صورتان وطفولة واحدة..!!
-
وداعا كوبا وداعا للبساطة ..
-
ميلادا مجيدا ..
-
ثبتَ علميا : الرجال ناقصو عقل ..!!
-
على هامش حوار القراء والأستاذ أفنان القاسم ..
-
الإسلام شُجاع ولا يُجاملُ أحدا ..
-
لولا الجحيم ..!!
-
الفوزان يعترف ..!!
-
-شُعلة - من العُنصرية ..
-
ألوحدة أو الإندثار ..!!
-
مؤسسات الدولة الحديثة .
-
ممنوع الدخول
المزيد.....
-
ماكرون يقبل استقالة الحكومة الفرنسية ويدعوها لتصريف الأعمال
...
-
ماذا تعني المشاركة في مسابقة للجمال في الصومال؟
-
وزير خارجية جنوب إفريقيا: حل النزاع في أوكرانيا دون مشاركة ر
...
-
بوروشينكو: سلطات كييف لا تتخذ أي إجراءات لاستعادة توليد الطا
...
-
مقتل 3 أطفال سوريين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
-
الخارجية الأمريكية: لا أحد في أوروبا يهدد روسيا
-
روسيا.. ابتكار مصدر بديل للطاقة من القش
-
لماذا أقر جيش إسرائيل بالنقص بدباباته؟
-
رصد انفجارات للصواريخ الإسرائيلية الاعتراضية في أجواء الحدود
...
-
مصر.. إغلاق ضريح مسجد الحسين.. والأوقاف تنفي ارتباطه بذكرى ع
...
المزيد.....
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|