محمد أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 1309 - 2005 / 9 / 6 - 11:25
المحور:
الادب والفن
خاطرة
حين يعطش البحر ويظمأ الغيم
بقلم : د . محمد أيوب
هل يعطش البحر ، وهل يظمأ الغيم ، وهل تستطيع الغيمة أية غيمة أن تبخل على الأرض التي تنتظرها بكل الشوق ، هل تستطيع أن تحرمها المطر ، من المستحيل أن يحدث ذلك لأن العطاء طبع متأصل في كل الغيوم الخيرة التي لا تستطيع ولا تقبل أن تحرم الأرض المطر ، وقد عبر عن ذلك الشاعر راشد حسين في ديوانه الموسوم ب " أنا الأرض لا تحرميني المطر " .
يصعب على كل ذي قلب ينبض بالحب والحياة أن يرى غيمة ظمآنة ولا يفكر في ريها ، ومهما ألم العطش بالغيمة فإنها تظل بشير خير تنبئ بقرب المطر ، حتى يحصل من ينتظرها ، على أحر من الجمر ، على مجرد قطره علها تروي ظمأه فيتحول إلى بحر يمد هذه الغيمة بالبخار الذي يسكن جوفها حتى تقوم بتلقيح أرضنا بالمطر وتمدنا بكل أسباب الحياة ، لن تظل غيمتي ظميانة مهما عاندتها الظروف ومهما أصرت غيمتي الحبيبة على أن تظل ظميانة ، أنت ياغيمتي الغالية مصدر السعادة لكل من يرتجي منك قطرة صغيرة ويأمل في الحصول على محصول وافر وموسم رائع ، لعل الغيمة تلتقي بالأرض التي هي أكثر عطشا وظمأ منها ، ترجو مجرد قطرة وكفى حتى تتندى وتنبعث منها رائحة الحياة بعبقها وشذاها ، فالأرض بعد المطر أشبه بالمرأة الطازجة التي تفيض عذوبة وجمالا فتضفي السعادة على كل الكون من حولها وليس فقط على إنسان بعينه .
ما أحوجنا إلى البحر وماء المطر ، بهما تكتمل دورة الحياة ودورة الماء في الطبيعة ، ومن خلالهما يتبدل المناخ فتصفو الدنيا وترق للبشر ، وقد يتعكر الجو فيلمس الإنسان من الطبيعة ما لا يشكل طبعا متأصلا فيها ، فالبحر والغيم رمز لعطاء متجدد لا ينقطع ، وإن غضب علينا البحر أو غضب منا تكون غضبته سحابة صيف ، وكذلك الغيوم ، لن تغضب منا ، وإن غضبت فإنها تعطينا الخير وهي في قمة غضبها ، ما أروع ما نجده في الكون من كرم ومن قدرة على التأثير في النفس البشرية وإعطائها بعضا من صفات هذا الكون الجميل والرائع في كل حالاته من هدوء وثورة ، أو من غضب ورضا .
#محمد_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟