|
جبال التخلف والخيبات
حمدى السعيد سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4677 - 2014 / 12 / 30 - 03:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التيار المتأسلم يعانى معاناة كبيرة مع فهم الاسلام .... فهم يقومون بعمل كوبى بيست لفترة ما من تاريخ الاسلام لايريدون تجاوزها .... المتأسلمون نسوا أن الإسلام فكرة .... ولكى تستطيع نشر فكرتك لابد أن يكون هناك مرونة لقبول مشاركة الافكار الاخرى .... مع إعطاء مساحة للإجتهاد خارج الفكرة وداخلها أو داخل الفكرة وخارجها ... فمثلا نحن كالببغاوات نردد أن : الاسلام دين الرحمة ....الاسلام دين العدل ..... الاسلام دين الخير .... هذه الكلمات هى سر المصائب التى نحن فيها الآن .... لأن كلمة (الاسلام دين العدل ) تعطى عدة انطباعات سيئة منها : 1- أن الأديان الاخرى هى أديان للظلم ولا يوجد بها عدل ..... 2- وأن الاسلام يمتلك صورة جاهزة لتطبيق العدل ليس موجوده عند غيره من الأديان ..... لأجل ذلك تنطلق على الفور هذه التيارات المتأسلمة الجاهلة إلى التاريخ لترى ماذا فعل النبى والصحابة وتعتبره العدل المطلق الذى لا يستقيم أمامه أى عدل أخر !!!... لماذا لا نقول بدلا من كلمة (الاسلام دين العدل ) كلمة أخرى هى (الإسلام يدعو إلى العدل) فهى أفضل من الأولى من حيث الدلالة وحسن التعبير !!!... فعندما نقول : أن الاسلام يدعو إلى العدل أو الخير أو الرحمة ...الخ قالفعل (يدعو) هنا فعل يبعث على الحركة والبحث الدائم عن الأكثر عدلا .... وإليك هذا المثال التوضيحى كى يتضح المقال : رسالة الاسلام بدأت فى القرن السابع الميلادى حيث كان هناك نظام العبيد سائدا .... فهل لغى الاسلام نظام العبيد والرق وقتها ؟!! المتأسلمون سيردون ويقولون لنا كلام معلب محفوظ لايروى غليل ولا يشفى عليل من شاكلة : ان الرسول لم يكن يستطيع إلغاء نظام الرق والاستعباد وقتها لان النظام الاقتصادى للمجتمع سيختل وتحدث به هزة عنيفة لو حدث ذلك وقتها !!!... لذلك لفت النظر وحض النظر على تحرير البشر من الرق والعبودية ..... اوافقك الرأى ولكن تعال معى لتعرف ما الذى حدث فعليا وقتها .... الرسول ظل 10 سنوات وابو بكر سنتين وعمر 10 وعثمان 12 وعلى 5 وبنى أمية 100 سنة تقريبا .... ألم تكن 142 سنة من الحض والحث على تحرير البشر كافية لتحريرهم من العبودية والرق؟؟!! الصراحة التى يجب ان نعترف بها أن الرق والاستعباد زاد واستفحل أكثر وأكثر !!!... بل اصبح فى العهد العباسى مليطة وزاد الرق والتجارة فى البشر أكثر وأكثر !!!! المفاجأة الكبرى أن الرق والاسترقاق والعبودية وبيع العبيد ألغى بفضل أناس من أديان أخرى غير الإسلام قاوموا الرق والاستعباد فى بعض الدول الاسلامية !!!.. لأن الاسلام فى تلك الدول ( وخير مثال السعودية ونظام الكفيل الذى ماهو الا نظام استرقاق بطرق ملتوية ) ما زال يعيش بفكر القرن السابع الميلادى .... فهم بتمسكهم بأفكار القرن السابع الميلادى وبداية ظهور الاسلام لايستطيعون الاعتراف بأن هناك اجتهادات أخرى أحدث استطاعت التوصل لمفاهيم وممارسات أكثر حسما بشأن تحقيق العدل بين البشر .... قس على ذلك مفهوم الحاكمية والعلاقات مع الاديان الاخرى والمواثيق والمشاركة فى الحكم وتداول السلطة والمواطنة والعلاقات الاخرى ...الخ ... تلك المفاهيم الموجودة اليوم والتى لم تكن موجودة فى القرن السابع الميلادى والتى بالتالى لن تكون موجودة فى المستقبل حيث ستكون هناك مفاهيم أكثر نضجا مما نحن عليه الآن!!!.. المتأسلم يلوى عنق تلك المفاهيم ويبحث عنها فى وسط افكار ومفاهيم القرن السابع الميلادى .... المتأسلم لا يساعد فكرة الاسلام على التطور والتمدد خارج الفكرة أو داخلها حتى يستطيع غير المسلمين التوافق والتعايش مع الاسلام !!... أنا أعلم انهم اصحاب عقول خرائية تكفيرية عقيمة وسيقولون : دولة الخلافة والاسلام دين ودولة واستاذية العالم والعصر الذهبى للاسلام والكلام العبيط اللى لا هيودى ولا هيجيب زى كلام على جمعه حيث قال فى برنامجه : «احذروا، فإسرائيل تتآمر وتزرع الضفة الغربية كلها شجر الغرقد حتى يختبئ خلفه اليهود يوم القيامة حتى لا نستطيع رؤيتهم وقتلهم، شوفوا هما مقتنعين بما يقوله ديننا إزاى واحنا لأ»!!.... كنت أتوقع أن يقول إن حزب الليكود قد دخل الإسلام أفواجاً ما دامت إسرائيل مقتنعة إلى هذه الدرجة بما يقوله المسلمون عن شجر الغرقد وينفذونه بالحرف الواحد بعدما اكتشفوا أن شجر الغرقد القصير الذى لا يرتفع إلى نصف طول قامة رجل متوسط سيتغلب على الساتلايت ويشوش على كل أجهزة الـ«جى بى إس» والملاحة البحرية والبرية والجوية!..... ياعلى جمعة إسرائيل تزرع المعاهد العلمية مثل «وايزمان» و«التخنيون» وغيرهما لكى تُنبت هذه المعاهد علماء يحصدون نوبل فى الفيزياء والكيمياء بالعشرات،.... والمدهش أنهم حتى لو سافروا لأمريكا يعودون لإسرائيل لكى يواصلوا أبحاثهم،... إنهم لا يهتمون بالغرقد ولا بما نروجه عنهم بأنهم أحفاد القردة والخنازير..... إنهم يركزون فى أبحاثهم ومعاملهم غير عابئين بشعوب أدمنت الكسل والخرافة وكرهت العلم والإبداع.... إنهم لا يحتمون بالغرقد، ولكنهم يحتمون بالعلم.... إذا كان اليهود مؤمنين يا دكتور جمعة بأنهم سيختبئون خلف شجر الغرقد، ولذلك يزرعونه فإننا لا بد أن نؤمن أيضاً بأننا إذا ظللنا على هذه الحال من الاجترار وشلل الاجتهاد فسنختبئ خجلاً خلف جبال الجهل والتخلف إلى أن ننقرض....
حمدى السعيد سالم صحافى ومحلل سياسى
#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مدينة محطمة
-
الفرق بين ذكر النحل والذكر المصرى وذكر البط
-
هل تستطيع الجزائر تحقيق حلمها النووى؟
-
محافظ كفرالشيخ وفكر المخبرين والبصاصين
-
من يعيد لمصر آثارها المنهوبة؟
-
الى مشاخخ الازهر : قبل ما تربوا لحاكم ربوا عقولكم
-
لحن حبى
-
الغوغاء هم الذين إذا اجتمعوا ضروا، وإذا تفرقوا نفعوا
-
الحكم عنوان الحقيقة
-
نيران إزعاج
-
عمرو خالد الرجل الحرباء
-
التفاحة الساقطة وفكر المؤامرة على مصر
-
إيران وصناعة التطرف والأزمات فى المنطقة
-
داعش هى الحركة التصحيحية للوهبنه السعودية
-
بلدك بتناديك : اطردوا الفلسطينيين من مصر
-
محمد الدوانسى بطل مصر وافريقيا والعالم فى الفنون القتالية يش
...
-
جندى مصرى
-
متعيطيش بقى يا أمه
-
لا تضعوا السلطة فى أكواب حزب النور السلفى
-
طلقة حبر
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|