أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المنصور جعفر - التحليل المعرفي لطبقات التاريخ .. التأثيل: نهاية مرحلة العقل والعلم وإنفتاح رحلة ما بعد الوعي















المزيد.....



التحليل المعرفي لطبقات التاريخ .. التأثيل: نهاية مرحلة العقل والعلم وإنفتاح رحلة ما بعد الوعي


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 4675 - 2014 / 12 / 28 - 10:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    





هذا مقال خفيف هدفه تثبيت مقدمات كشف جديد لتفاعلات ومراحل تاريخ المعرفة وبعض مقدمات تبلور التأثيل منها.



التقسيم الراسخ لمراحل نموء وتطور المعرفة تقسيم ثلاثي الأطوار يبدأها بمرحلة الخرافات والأساطير ويتوسطها بمرحلة المعارف الدينية والفلسفات والإدلوجات ويختمها بمرحلة العقل والعلم. فيضع العقل والعلم مرحلة عليا ونتيجة أخيرة لمحدثات أولى . أما في بناء التأثيل فإن وضع العقل والعلم شمولي في كل المراحل لا ينحصر في جزء واحد مستقل منها. ركوزاً إلى حقيقة قد تبدو جديدة وهي: أن العقل والعلم مع إختلاف شكلهما كانا منذ ما قبل عصور الحضارات جزءاً أصيلاً مزدوجاً ورئيساً في تطور عملية المعرفة ولايحصرهما في جزء منها أن تميز العقل والعلم زاد أخيرا في عهود التنوير ثم الثورة الصناعية وما بعدها أو ان علامات إستقلالهما وسؤددهما زادت قوة أضحى بها العقل والعلم حالة طاغية في المعرفة في المرحلة التاريخية الحاضرة.


لكن مع تفتح العقل والعلم (الحديث) منذ القرن التاسع عشر ظهرت حالات عددا لتآكلهما بأعمال نقض الفلسفة، ونقض العلم البرجوازي إلخ، مما إكتمل في القرن العشرين بنقض النهج ونقض النظرية وقبلهم نقض العقل وصولاً إلى ظواهر التفكيك والتأويل المفتوح بل وحتى ما يسمى (الفكر الخالص). وفي إتجاه موافق لبعض الجذور العلم-مادية والفلسفية لهذه النقضيات لكن بإختلاف في المكونات وفي الهدف وفي القوى الإجتماعية وفي القوة السياسية للفكرة وإقتصادياتها بدأ تكون الكيان الذهني المسمى الوعي مبلوراً خريطة جديدة ذات سمات علمية مادية جدلية تاريخية لإشتغال الذهن وبناء نظم معرفة جديدة الأدوات والعلاقات.


إزاء تكون الوعي - وجدله الذاتي والموضوعي في أصول فكرته ومسألة كينوناته وصيرورتها- بدأ تبلور فكرة التأثيل كأسلوب جديد في المعرفة أو طور حديث لها، يختلف بشموليته وتنوعه عن أساليب ما قبل الوعي. بدأ تبلور التأثيل بنظر قرءآني إلى مثاني المعاني وتضاعف المعارف التي تولد من إنفتاح الحالة القرءانية للمعرفة وتحدد النظر اليها، بتفكر في تطورها وتشكل طبقاتها وأطوارها وسلطان أسماءها والخُلب والسراب في بعضها، ثم تلى ذلك النظر وتفكره إنتباه إلى أن الجدل بين تسام أو لا نهائية الأسلوب القرءآني وموضعية التفكر تمثل جزءاً من جزء وسيط فعال في تاريخ المعرفة.


تاريخ المعرفة في الحضارات القديمة معروف بشهادة آثارها على علومها: خرائطا تعرف من مبانيها، وهندسة آلات نسيج وقوارب وري ومعمار، وفيزياء لوزن الأثقال وحساب تحريكها قبل بدايات البناء وتعدين وبناء أسلحة رامية بقياسات حركية، وكيمياء لعطارة الأدوية ولأصباغ النسيج ولتنقية الذهب والمعادن وتلوينهما، ورياضيات تحسب أراضي الفيض والمحاصيل وتكاثر الأنعام ومواقع النجوم، و(فوق) كل هذا إستخلاص يضع كل هذه الأرصدة ضمن حِكم وفلسفات أقل وأكبر من علاقات الرمز والمعنى بالمادة والوجود. لذا فإن كل هذا التطور وما فيه من معرفة وعلم ينفي الأفكار الحديثة التي تجعل العقل والعلم مرحلة أخيرة في تطور الفكر البشري تفضي إلى الوعي. فتاريخ الإنجازات البشرية منذ قديم الزمان يوضح أن العقل والعلم كانا أدوات وعمليات ذهنية أصيلة قارة متحركة العناصر في المخ ترتب وتنَظم فيه المعلومات التي تلتقطها حواس إنسانه.


وفي تاريخ نظم المعلومات وترتيبها في الذهن بشكل يوافق تخديمها لفتح رؤية أو لحل مشكلة يختلف كيان الوعي عن ما سبقه من أدوات وأطوار التفكير والمعرفة والعقل والعلم وطبيعتهم الخطية والمركزية، بل يتأثر ببعض منها فقط ثم يتفارق وينقطع عن معرفتهم تفارق وإنقطاع الجديد وعوامله الجديدة عن القديم. فالمعروف في الطبيعة أن تكون الأشياء يتم بشكل وئيد من تآلف عناصر صغرى تتفاعل وتتواشج وتكبر على حجم رحمها مما ينتهي إلى ولادتها ككيان جديد مستقل بقفزة كبرى. وهكذا يتكون الوعي والتأثيل بتفاعل بعض عناصر وأركان التفكير القديم مع بعض كيانات ذهنية آخرى جديدة لم تزل علومها تتبلور وتشع في نفس الآن، لكن هناك إختلاف نسبي في نوعية المولود نتيجة أن تكون الوعي والتأثيل في الذهن مواشج لمعارف وعلوم جديدة في عناصرها وأشكالها وعلاقاتها وتفاعلاتها.


إستواء الوعي والتأثيل بتشابكات جديدة في عالم المعرفة تتفتح بها المحددات ((العلمية)) وتتواشج التفاكير((الفلسفية)) المنفصلة يشير إلى أن أسلوب المعرفة القديم المبني بآلة العقل ونظام العلم التجريبي الجزئي المحدود يشارف نهايته كطور من أطوار التفكير ينظم المعرفة، وإن العقل والعلم والوعي ليسوا نهاية التاريخ في عالم المعرفة ولا نهاية المعرفة في عالم التاريخ.


وإن كان النظم المألوف للمعرفة بأسلوب العقل والعلم إعتمد على وسائط وخبرات ومقدمات كبرى للوصول إلى نتائج محددة غالبا ما تكون صلبة أو متباعدة عن بعضها يصعب تفاعلها فإن تكون الوعي والتأثيل ومنتجاتهم المعرفية الجديدة يستند إلى المعارف التي تم إنتاجها وتلخيصها في شكل علوم طبيعية وإجتماعية وفي شكل فلسفات وما بعد فلسفات بل فنون وآداب تموسق أو تلون الشكل والمعنى بتركز وبتنوع متفاعل تُدخل فيه الخطوط والحدود الأفقية والرأسية البسيطة إلى عالم الأبعاد وفنونها ورقمياتها وحواسيبها وهوليغراماتها الفلسفية الرياضية والتي بدورها تشكل خطوط تميز وتشابكات جديدة ذات جهد موزون بعلاقة تاريخية إجتماعية للفاعلية.


هذا الكيان الجديد ومرحلته المعرفية يسمى التأثيل (من شجر الُأثل الطيع الذي تصنع منه بالنار أقداح صلبة) وعلاقة جذور حروف الإسم الأفريقي العربي نفسها فيها أثل وتأثيل: فحرف الآء للسمو والإرتفاع، وحرف التاء أو الثاء للحركة والعصارة، واللام للجمع واللم وللفرز. وإن جاء الإسم أولاً من تاريخ شكله العربي، كون أن في التأثيل تلدين للإصطلاحات القطعية الصلبة يجعلها طيعة وقابلة للتشابك [إلى حين تكون معارف جديدة] ضمن كيانات وتجمعات قابلة لرفعها لأطوار أعلى من التفاعل والتوالد، فهو حال معرفة جدلية ذات بنيات وتشكلات مركزية – ولامركزية: (أ) متشابكة من التفكيرين التفكير التفاعلي والتفكير التحديدي و(ب) منفتحة بهما في تاريخ إصطلاحات التاريخ والمعرفة والعلوم الإجتماعية والإقتصادية السياسية على التغايرات الإجتماعية للزمن السياسي وعلى التغايرات السياسية للزمن الإجتماعي، ضمن الكينونات المتحركة للطبيعة في ذاتها، ولكينونة الطبيعة كتاريخ تتنوع تقديراته في الذهن.


من المهم لإيضاح وبيان طبيعة التأثيل تحقيق خروج إبراهيمي وموسوي من بؤس الحالة الواحدية والمركزية للمفاضلة السجالية بين نهجين أصيلين في المعرفة والعلم وهما: (أ) نهج قراءة علاقات وتفاصيل التراكيب الكبرى، (ب) نهج إستنباط الخطوط الرئيسة من العناصر والعلاقات الصغرى.


خروج الأذهان والمجتمع البشري من حالة المعرفة التقليدية المتمحورة حول عنصر أو عامل رئيس وكيان مركزي في كتلة الشيء أو الكيان المدروس أو المراد معرفته خروج منعقد بتفعيل جديد للنهجين المألوفين لتحقيق المعرفة وهما النهج الإستقرائي والنهح الإستنباطي وتخديمهما في تبين تشابك الكيانات الكبرى والكيانات الصغرى المحيطة بوجود وحركة العناصر والعلاقات المادية للطبيعة والمؤثرة بالتالي في طبيعة تغير المجتمعات والثقافات والأفكار وفي إختلاف مراحل تاريخها. هذا الفهم الدقيق والواسع لتغيرات الطبيعة والمجتمع وعلاقتها بإمكانات المعرفة وطبيعة إنتاجها في كل مرحلة تاريخية فهم قد يزيد في الزمن الحاضر والمستقبل الإمكانات الفلسفية والعلومية لمضاعفة المعرفة.


الهدف العام لهذا الخروج من الأسلوب القديم في المعرفة والإتجاه إلى تفعيل جديد لنهجي المعرفة ليس إحداث قراءة تاريخية جديدة النوع لأطوار المجتمع ومراحل المعرفة فحسب بل وأيضاً الوصول إلى تركيب أسلوب معرفة جديد للمستقبل يفتتحها تأثيل إصطلاحات وتقاسيم المعرفة القديمة بنظر جديد إلى البناءات الكبرى والصغرى التي همشها أسلوب المعرفة القديم وعملية العقل في التفكير.


تعدد وتشابك شكلي التأثيل الجدليين الشكل الحديد والشكل المفتوح في عملية النظر إلى أطوار أو طبقات بناء المعرفة قد يمكن الإنسان من تحقيق فهم تاريخي متقدم للتناسب بين قوى وعلاقات إنتاج المعرفة وطبيعة تحقق هذا التناسب أو مواته, لكنه ككل يبين وضع التأثيل في التاريخ الخطي للمعرفة كنقطة تحول وقطيعة معرفية مع الأساليب والنظم الواحدية والمركزية التي سادت عملية المعرفة منذ بداية تاريخ الحضارات، وهو قطع يبدأ في التأثيل نفسه بمعرفة خصائص كل طور معرفي قديم ومعرفة الأزمات التي أدت لإضمحلاله ومواته.


هذا النظر الجديد يزيد إمكانات فهم الجدل المادي للطبيعة والتاريخ ودورهما في تفاعلات التفكير والخبرة والمعرفة والعلم والوعي وجمعهم ككائنات ذهنية وعملية في مشروعات وكتل تفاعل أقل أو أكثر تناسباً مع إستواء الإنسان على المعرفة وإستواء المعرفة على الإنسان.



نقاط في مراحل المعرفة :

1- منذ بدايات معرفة الناس لعناصر الطبيعة حولهم بدأ تفكيرهم عملية معرفة أخرى لأنفسهم بأسئلة عن طرق معرفتهم للأشياء والأحداث وكنه تصنيفهم إياها بإسم محدد أو بمعنى معين، فبإكتشافاتهم الأولى للجوع والشبع، والكثرة والقلة، والحر والظل والبرودة، والكهف والطريق، وبمعرفتهم بعض خواص الضوء والظل والماء والنبات والحجر والهواء وفهمهم دور العين والحواس وإنتباههم بالحكاوى إلى الذاكرة والمعرفة والسؤآل قامت جماعات البشر القديمة بعمليات الالتقاط والصيد والجمع والخزن والترتيب ودخلت بكل هذه الكشوف الكبرى مرحلة الكشوف الهائلة الأولى: إكتشاف الخبرة، وإكتشاف الرمز، وإكتشاف العدد، وإكتشاف النار، وإكتشاف إستئناس الحيوان، ثم إكتشاف الزراعة.


في خضم هذه الكشوف الهائلة والتدريب على تكرار أعمالها بدأ تبلور وإكتشاف المعرفة المنظمة، بتنظيم وحفظ تعامل الكائن البشري مع جزء من بيئته وتسجيلها بنظام معين شفاهي وعملي تحول إلى حكم وأماثيل وإلى تعليم منظوم لنقل الخبرة الفعالة. وقاد تراكم وتفاعل بعض الخبرات الى تبلور خبرات أكبر إنتظمت بأشكال مختلفة سميت فيما بعد معرفة وعلما وحكمة، وبإستمرار تراكمها وجدلها وإنتخاب البيئة لبعض إنتصاراتها بلغ الناس في العصر الحاضر مرحلة فلق الذرة القريبة وإختراق الفضاء البعيد مما يعد الآن إزاء الماضي عبقرية كبرى. أما الى جهة المستقبل فالحاضر مزدحم بإمكانات هائلة لتخديم أوليات المواد في توليد أو توصيل الطاقة والإفادة بها في مجالات الحياة.



2- في العلاقة بين أشكال المعرفة وأطوارها: واشج تطور المعرفة حركة التفكير وإرتقاءه من المستوى البسيط والعدد القليل للمعلومات إلى كيان معقد كثيف بينما جمع العقل هذه الكيانات الكثيفة المعلومات ونظمها في أشكال أحدية جامعة بسيطة سماها معرفة وعلما. مثال هذا ما تحت إسم علم الطب أو تحت إسم علم الإقتصاد من كيانات ومعارف وعلوم أولى كثيرة أقل وأصغر بالنسبة إلى وضعها داخل تشكيلة العلم المعين وإن زادت عليه في تشكيل آخر خاص بها أو عام. وفي كل كانت زيادة المعرفة وكثافة المعلومات وتنظيمها أس لإرتقاء الفكر يواشج عمليتين معرفيتين أصيلتين هما:

(أ) عملية ربط الأشياء موضوع المعرفة بصفات محددة ووضعها في كتلة إسمية ذهنية معينة،

(ب) عملية ترتيب ووضع هذه الكتل إزاء بعضها وإزاء كتل أخرى.

أدت معرفة تكرار الأسباب والنتائج في شيء ما إلى تتقنن المعرفة والخبرة قوانينا وأطر ذهنية لنَظم المعلومات وترتيبها في الدماغ بصورة محددة تظهر في الأذهان مع تكرار أو توقع حدوث السبب والنتيجة، ومن هذا الرتل والتتابع كان ظهور القانون العلمي كشكل عام تقريبي لفهم تكرار سبب ونتيجة ما في أحوال معينة متشابهة أو مختلفة.



3- إرتبط تبلور العلم -ولم يزل- بحفظ وتجديد معادلات أو قوانين أسباب ونتائج تفاعل الأشياء، وبتطورعمليات الإفادة بها، وواشج هذا التبلور والتطور إرتقاء المعرفة والتفكير وإنتظامهما في تراكيب تهدف لتحديد أمر ما بتركيزها على بعض ظواهره وخواصه. وإذ تجعل موضوعاً معيناً مركزاً لإهتمامها فإنها تنظر لتشكلاته ضمن خط تسلسلي لنشوء وتفاعل وتطور وإرتقاء عناصره وكتلته العامة لكن إن كان النظر إلى الظاهرة إنتقادياً فإنه يراها خطاً لضعف وتعرج ومركزاً لتشتت وموات.


بيد ان طبيعة وجود عنصري قوة وحياة التفكير العلمي أي "الخطية" و"المركزية" بشكل مفتوح مع أو ضد أي تفكير، أو فكرة علمية جعلهما سببا أو شكلاً لتصادم كثير من الأفكار العلمية ومواتها لإختلاف في جهة النظر والمصلحة المحركة، فما يراه بعض العلماء حياة وجمال وخير في نظام ما يراه علماء آخرون بنفس أدوات التفكير ومناهجه مواتاً وقبحاً. وبينً التضادين تضيع القيمة الإنسانية للمعرفة الإجتماعية وتتبدد القيمة العلمية للكشف الإجتماعي.



4- في المعرفة وأزمة المعرفة وعلاماتها: جاء الإسم العربي للمعرفة من العُرف وهو أعلى الأشياء تعرف به ويعرف بها، وفي اليونان من Cogn وقد تعادل عند العرب مفردة كنه ومن الاصل اليوناني عبر لغات ولدت الإنجليزية Knowledge ، كلها علامات قاموسية تؤشر لإدراك شكل ومضمون شيء. وإذ تأزمت المعرفة فمن تضاد بعض المعارف وبعض الأطر الفكرية والعملية أو لتركيز المعرفة على جانب معين شكلي أو داخلي في الكيانات التي تدرسها وإهمال آخر أو للعناية المتعرفين بأسلوب معين في المعرفة دون آخر، فمن هذه الحالات وغيرها ظهرت أزمة العلامة المركزية أو المحورية اللازمة لتحقق معرفة معينة ، وهي أزمة تتصل بطبيعة تكوين ووضع العلامة وتفسيرها بشكل معين وفق هذه الخبرة أو تلك.


كانت أزمة العلامة التعريفية ولم تزل أزمة مركزية في نظام المعرفة والعلم الحديث، فتناقضها السلبي وأد كثير من الأفكار الجميلات العبقرية في مهدها، لكن في جهة موجبة فإن نفس التناقض في فهم وضع العلامة الواصلة أو الفاصلة بين مفهومين أو شيئين، أدى أيضاً إلى القفزات العلمية الشهيرة على القوانين العلمية المألوفة. وهي قفزات حققت إنجازات عبقرية نسبت أيضاً للعلم رغم إختلافها عن الأساليب والثقافة السائدة في إنتاج العلم ومؤسسات المعرفة برفضها الرتابة الأكاديمية، وبثورتها على إلفة البحوث الإجترارية وتأمينها الوضع المهني لقائمين عليها بعيدا عن إرتباط إختلاف النظرات بصراعات المصالح.


إختلاف ثقاة أمر ما في معرفة أو فهم "علامة" وتباينهم في تفسير وضعها داخل نسق معين كون في التاريخ علامة دالة إلى أزمة أكبر في عملية تأسيس وحركة المعرفة بعضها أزمة أسلوب إنتاج المعرفة وأختصرها إلى أزمة المعرفة. وهي أزمة قديمة تتجدد بعوامل عددا منها:- 1- فاعلية أو موات ثقافة المعرفة والحاجة إليها في المجتمع، -2- طييعة إنتاج المعرفة ومدى تناسب مؤسساتها وقواها وأدواتها وأهدافها، -3- ظروف البحث العلمي الثقافية والسياسية والمادية، -4- فاعلية أو موات كيانات الثقافة والعلم وعناصرها وأطرها، -5- كيفية التعامل العام مع علاقة الحياة أو الموات في هذه الأمور وبيئتها -6- وضع عناصر وعلاقات وكليات المعرفة في ثقافة المجتمع، وفي سياسة الدولة وضمن التقسيم الرأسمالي العالمي للأعمال بين الدول.



5- في خضم تفاعلات الإنسان والبيئة ونشاط الباحثين عن حلول المشكلات يحدث تركيم لمعارف جديدة وإنحسار لمعارف قديمة كذلك تتجدد المعارف بتجدد وقائع الحياة وظهور أزمات ومشكلات تحتاج الى حل فتظهر الحاجة إلى المعرفة وإلى فهم طبيعتها الجديدة.


في هذا السياق تبدو أهمية الإقتصاد السياسي لإجتماعية المعرفة، لا بالمعنى الضيق للجامعات الشركات أو لحوسبة المبيعات وبيع الحواسيب، بل كنظم ذهني-عملي لعناصر حياة إقتصادية سياسية مفيدة لتواشج المجتمع وقيم العدل الإجتماعي والبيئي بعلوم ودراسات الظرف الإقتصادي السياسي لمعرفة دوائر المجتمع لتاريخه وحاضره ومستقبله، ونشاطه لسد نواقصها وتواشج هذا الأسلوب للنظم الإجتماعي الإقتصادي للحياة والتعامل مع البيئة بالعلوم الطبيعية والرياضيات في بنية ذهنية جديدة.


وتحقيقاً لهذا التواصل والتفاعل بين العلوم والفلسفات الإجتماعية والعلميات الرياضية في بعض مؤسسات المعرفة وبعض مؤسسات المجتمع في آن، يمكن الحديث عن بلورة ثقافة جديدة تنسق النشاط المعرفي وإجتماعياته وعن تحققها بشكل يقلل التحيزات الرئيسة في المجتمع والمعرفة أي التحيزات الرأسمالية التأسيس والشكل: الطبقية والإقليمية والعنصرية العرقية والجنسانية والدينية ليصبح توجيه التداخل والتشابك الجدلي بين عناصر المعارف والأحوال الإجتماعية مكوناً أصيلاً متعددا لأسلوب معرفي جديد.



6 - لتجاوز أزمة تركيبة المعرفة الحديثة الحاضرة يلزم تحديد بعض التناقضات التاريخية القديمة في عالم المعرفة التي نشأت مع تشابك وتعقد ظروف الحياة بزيادة عدد الناس وحاجاتهم مع توسع أفكار الإختصاص بموارد الحياة والإنفراد بها، ثم نموء المجتمعات والإقتصادات والدول ومتطلباتهم وبالتالي زيادة الحاجة لحل صعوبات أكثر أي لمعرفة أكثر بينما أضحى تواتر التكالب والإعاقة في عمليات الحياة والمعرفة أشد من تواتر التعاون والإثمار وفي إطار هذا التناقض بين الإفساح والقبض زادت الإختلافات والتناقضات في كيانات كل معرفة وعلم وظهرت بالمدارس والمذاهب المختلفة وفي الإطار الثقافي لكل مرحلة. ومن هذه التناقضات وأزماتها:


6- 1- أزمة عالم الرموز في حياة وادي النيل والخلافات بين معلمي الحرف وبين المتصوفة والكهنة ثم بين الآمونيين والآتونيين حول أصول الحِرف والمهن وبواطن ومظاهر خيراتها، وحول ترميز طبيعة العلاقة أو العلاقات بين عالم السماء وعالم الأرض، وبين طبيعة تنظيم الإعتقاد وطبيعة تنظيم الحياة .


6-2- أزمات منطق تناسب وإختلاف الحجج في اليونان ذات التعلم الأفريقي المصري حيث ظهرت أزمة الفيثاغورسيين بانهيار تصورهم لتناسق معادلات الطبيعة وأن تناسب الأعداد رمز لهذا التناسق. لكن بظهور الرقم الثائر اللامنتمي إنهار تناسق الطبيعة الظاهر لهم. هذه الأزمة الرقمية مثلت صراعاً ميتافيزيقياً داخل العقل الفيزيقي وصراعاً فيزيقياً داخل الميتافيزيقيا، أي صراع تمثل الرمز داخل العقل الناظر إلى الطبيعة كما يراها، وصراع تمثل الطبيعة داخل العقل الناظر إلى ما وراء الأشياء ((اي العقل الناظر إلى الأبعاد والعلاقات والحركة)) وهي صراعات تعود - فيزيقيا وميتافيزيقياً- إلى إختلافات أقدم بعضها في بلاد خِمتKhemet (السودان ومصر) حول طبيعة عناصر وحركة الرموز وعلاقاتها وأبعادها.


تواصلت تمايزات الإدراك والحياة والفهم ورمزياتهم وماوراءياتهم وتفاقمت صراعاتهم في أطر العقل المعرفية والإجتماعية وتجددت بصور مختلفة في تاريخ الفلسفة وقد تناولها التاريخ الأوربي الحديث للمعرفة وإختلاف كيفية تحديد الحقيقة أو صونها.


كانت أشهر صور تلك الصراعات صورة النزاع القديم بين الديمقراط والتكنوقراط في اثينا حيث توافق زعماء الديمقراط على أن عدد الناس والإتجاه العام لتفكيرهم يحدد ((الحقيقة)) ويوضحها! بينما إرتكز التكنوقراط إلى أن الخبراء والاختصاصين في شيء أو موضوع ما أفضل من العامة وغير الخبراء في تقرير شؤونه ونظم أموره، أيما كان عدد أصحاب هذ الرأي أو ذاك بشأنه. وقد أفل الشكل السياسي القديم لهذا الصراع الفكري والإقتصادي بثورة الديمقراط الدموية البشعة على الحكم التكنوقراطي لأهل الخبرة ومن ثم قام الإختصاصيون الديمقراط في القانون بمحاكمة وإعدام خصمهم سقراط علم التكنوقراط وشيخ القول بفضل العلم والإختصاص. وقد تبلور حكم الخصوم المختصين ضد غريمهم لسببين: السبب الأول إختلاف معرفة سقراط وتعاليمه عن رأيهم وهو إختلاف أسهبت الاقلام في تكرار حكايته إلى يومنا هذا، والسبب الثاني عدم وجود نظام معرفي يستوعب إختلاف جهات النظر وطبيعته.


6-3- أزمة الفلسفة: تحت تأثير صراع الديمقراط الدموي ضد التكنوقراط أولى ألباب معرفة نُظم المعيشة والدولة المهيمنين على الأعمال العامة والحرف فيها وتأثير محاكمة وإعدام الأستاذ سقراط أسس تابعهم أفلاطون تلميذ رماد الفلسفة النوبية، الأكاديمية الاولى في أوربا (388-348 ق م) وشرع في تعليم تلاميذها المثل وقبسات التفكير المؤدية إلى إرتقاء الشعور والملكات وارتباطها بالمعرفة (= الفلسفة) فتتالت في دروسه وفي الأكاديمية أزمات المعرفة أو بالأدق أزمات فلسفة المثال والقيم المطلقة التي شكلت آنذاك لب ألباب العقل والمعرفة.


تبلورت أزمة تلك الفلسفة في الدروس الكبرى الثلاثة لأكاديمية أفلاطون وهي 1- الحوار والجدل، و2- المدينة (الدولة) الفاضلة الجمهورية، و3- القوانين. فصيغة الحوارات بين السائل والمجيب (التي كانت ميسم الحياة التعليمية في الأكاديمية) كانت صيغة دائرية تكرارية تعود لمنطلقاتها بتحكم الأستاذ المجيب ورغبته، وكان الجدل فيها سطحياً جزئياً معزولاً عن تشابكات عناصر الحياة ينتهي بحكاية أومثال أختير إنتقاءاً وإفتراضاً من خبرة خاصة بالأستاذ المعلم لا يعرف أحد طبيعة تكوينها. أما تصورات الجمهورية أو المدينة الدولة الفاضلة في هذه الحوارات فكانت أملاً وحلما بكيان (يوتوبيا) بلا طريق لتحقيقها، وكذلك تأزمت دروس القوانين بتباين أدوار القداسة، الفلسفة، الجمال، والذكاء، في عملية وضع القوانين والإفادة منها. وبشكل عام كان إعتداد أفلاطون واكاديميته بالفكر والقيم شديدا وعلى حساب الهيئات المادية لوجود الأفكار وتفاعلها.


هذه التعارضات الجزئية في الفلسفة (الأولى) دفعت تلميذ الأكاديمية المتمرد أرسطو لإلتزام أسلوب أبيه الطبيب في التشريح مرتباً عناصر وهيئات ونظم الطبيعة التي يراها أو ينظرها، خارجاً بهذه المعرفة على دلهمية عموميات أفلاطون ومثاليات التفكير في حقيقة الفكرة والتفكير وتيه الكلمات وتناقض الأمثال وإنبهام الأفكار، فقاد أرسطو العقل إلى التحول من تناقض وإنبهام كل هذه المعارف إلى تقسيم جديد محدد للمعرفة.


كان تقسيم مجالات المعرفة وتمييزها المنسوب إلى أرسطو تمييزاً ثنويا إلى طبيعة و طبيعة عليا (فيزيقيا وميتافيزيقيا) وهو تمييز واشج تحول أرسطو برفاقه وتلاميذه وما نسبوه إلي إسمه من مؤلفاتهم تحولاً معرفيا عن أزمات أسلوب المثال الأفلاطوني حيث إتجه أرسطو ورفاقه وتلاميذه إلى أخذ الأصول السودانية للمعرفة من كل مكتبات مصر لا من مكتبة السيرابيوم في الإسكندرية فحسب.


بالجهد الأرسطي لتمييز المعرفة حسب عناصر الطبيعة والحواس التي تتعرف عليها، ولتمييز الطبيعة العليا بمعرفة علاقات رموزها إتصلت البداية اليونانية للفلسفة وأزماتها بجذور معرفية وسياسية عسكرية لأزمات نهايات المعارف القديمة في السودان ولإنطفاء خلاصات الثقافة السودانية في مصر ومواتها بغلبة بعض اليونان عليها لعل لذلك الإنطفاء والحشويات التي تبعته صعبت صياغة وترجمة أعمال أرسطو وتنقيح ما كتبه وما نسب إليه.



6- 4 - لم تتوقف أزمات المعرفة والعقل المدبر للمعرفة بالصراع الثقافي القومي لفهم الطبيعة والحياة وخير المعيشة في مناطق السودان ومصر واليونان وفارس ولم تنتهي بتفتح العقل العسكري السياسي والإداري في روما أو بصراع جنرالاتها وديكتاتورييها مع أكاسرة الدستور ونظم الفنون والقانون الفارسي بل تطورت ضد ذلك:

فمع فاعل بعض المعارف القديمة وومضات التصوف الغنوصية والحنيفية وأزمات فرقهم، ظهرت أزمات المعرفة الدينية للعالم ومنها: أزمات اليهود بين الكهنة والقضاة والمثقفين والأنبياء الكذبة منهم والصادقين، وأزمات الفهم المسيحي والإيروسي للتعدد والواحدية في صفات الإله، ولعلاقة المسيحية بكيانات الكنيسة وكيانات الدولة والتجارة وسعر الفائدة. كما ظهرت أزمات المعرفة الإسلامية للترميز والتجسيد في مسآئل تفسير الكتاب أو المصحف؟، وقضايا ماهية الدولة وسلطات الخليفة والشورى؟ وطبيعة الزكاة والفيء بالنسبة لمجتمعات المسلمين؟ وتفاوت الخلافة والامامة؟، وفهم اللاء وكيفية الإستواء؟، والمنزلة بين المنزلتين؟، وتناسق أو تنافر العدل مع القضاء والقدر والعقاب؟، وقضايا قِدم الكتاب أو خلق معاصرته بأسلوب الناسخ والمنسوخ؟، وصحة الأحاديث؟، وشوكة الحاكم والتباين في إلزام الشورى وطاعته أو الخروج عليه؟ إلخ من هذه المسائل ولدت إمبراطوريات الأمويين والعباسيين والفاطميين التي رغم جهود مستشاريها ووزراءها العلماء اليهود إنطفات واحدة تلو الأخرى وآلت الى الاتراك العثمانيين الذين إشتهروا بعقل الحريم.


وإذ عمرت أزمات الفهم الديني ستة ألف عام في تاريخ المعرفة والعلم، فقد بدأ أفول مرحلة المعرفة الدينية بفعل تنازعاتها الداخلية في كل الملل والنحل وبتبلور بعض مقدمات العقلانية العلمية في عصر النهضة والخروج الى العلم والعالم الحديث مع إنهيار الممالك العربية في الأندلس وتنازع الممالك الأوربية بعدها حتى ميثاق ويستفاليا وبداية نهاية نظم الإقطاع. ورغم قيام العرب الأفارقة والعرب الشوام ومواليهم من ترك وفرس بهزيمة حملات أوربا الرومانية الصليبية على كل شمال أفريقيا والشام وطردوها كلها إلا قليلاً إلا أن الأوربيين تحت راية الصليب نجحوا في تحرير بلاد إيبيريا من إستعمار العرب واليهود الإستوطاني وإخضاع هذه الجزيرة الأوربية الجغرافيا والأفريقية التاريخ إلى تحكم أوربي صرف مدوه إلى أميركا. ومنذ ذلك الحين وبنشاط الطباعة وتفتح الكشوف بدأ في العلماء والقادة والناس وعي بالعالم ككل متكون من قارات ودول وقوى ومصالح وبدا هذا الوعي في تأسيس جديد للمعارف الإجتماعية والسياسية يختلف عن كتاب سياسة نامة.


كل هذه الحروب وكل فنون وكتابات عصر النهضة الذي تواشجت معه لم تنهي أزمات المعرفة: فبينما إستمر العقل الملكي في إحتكار أمور التنظيم والتفسير إلى سلطته إستمر القطب الصوفي ثم الإجتماعي المزعوم في صراعات التدين القديمة ليأخذ في المرحلة الجديدة لأفول الإقطاع شكلاً عقلانياً عمليا وعلميا (علمانياً) ذو وجهين وجه سلمي إرتبط بنمو الحرف والجمعيات والجامعات ومعارفها ووجه وحشي ثوري محارب ضد تصنيم الدولة والكنيسة لمعرفة الكتاب المقدس. وإستمرت بين قطبي وشكلي الصراع والتفكير أزمة المعرفة وتفاقم الصراع بين شكلي العقل لينفجر بتراكماته الإقتصادية الإجتماعية السياسية في شكل صدامات وثورات دموية عمت هولاند وانجلترا وأميركا وفرنسا وألمانيا.


مع تحولات أشكال الحكم والإقتصاد والتوسع الإستعماري خارج الحدود المألوفة وإحتياجه إلى آلات وإضافته خامات وأسواق جديدة إشتدت نزعات علمية وحياتية (علمانية) ضد بنية الثقافة والفكر الديني لنظام الإقطاع رافضة عنصريته ضد البؤساء والأغراب. وتفاقمت الأزمات القديمة بين العقل الديني والعقل العملي في العقل العام: فمع إنتشار الفقر والجهل والأوبئة إنتشرت أفكار النهضة داخل ممالك الإقطاع وسطعت فيها كما المسيح المخلص.


كانت الحالة العامة لإنتشار أفكار النهضة مواشجة لفشل التفكير الديني في تقليل البؤس والأوبئة والجهل وإنغلاق إمكاناته ونجاح التفكير العملي في تقليل رزايا الاقطاع وإنفتاح قدراته في تحسين معيشة وحياة الناس. لهذا الانغلاق والانفتاح قصة طويلة من ثلاثة فقرات هي:

1- مع حاجات وخسائر الحروب الصليبية، والتضاعف في الحِرف، والتقلب في الزراعة، ثم زيادة الحروب الطائفية، والزحام في المدن، زاد البؤساء في كل الملل والنحل المسيحية المتحاربة وفي كيانات اليهود، ومع زيادة البؤس تضاعفت نقمة الملعونين المنبوذين من رحمة هذه الكنيسة أو تلك على الأشكال الدينية للحياة التي ألقت بهم في حالات الحرمان من (حقوق) الإقامة والزراعة والسكن، فنشأت بالحاجات الجسدية حاجات ثقافية وسياسية للعدل في المجتمع.

2- إزاء إنتشار الفقر والأوبئة والجهل في ممالك أوربا بفقر العقل الديني وطغيان مؤسساته كان النشاط الماسوني للحرف وتركزها الكبير في بعض مدن إيطاليا وتجارتها الدولية مع عوالم المسلمين الأندلسية والعثمانية موئلاً لتفتح جمهوريات المدن في إيكاليا نفسها وفي وسط وغرب وشمال أوربا ولإزدهار (العلمانية) وطوائف حرفها وإيلافاتها المالية ومكاسبها التجارية والثقافية وإشعاع أخبارها وأعمالها في أنحاء الإقطاعيات القديمة المنغلقة على العمل الرتيب والتدين القشري الحامي لصنوف الإستغلال.

3- بالتفتح العملي شعت وإتقدت أفكار النهضة وإهتمامها بالعقلانية وتنظيم ونشر المعرفة غير الدينية وفلسفتها التاريخ والسياسة في أشكال عملية بدأت تكوينا جديداً للدول والحكومات بتنظيم وإنتخاب أعمال الحرف والمدن بصور تسد التفاوت في قدرات وحاجات الناس في رقي بلغ بعقلها بفضل الثورات الهولاندية والالمانية والانجليزية مرحلة التنوير ثم بالثورات الاميركية والفرنسية مرحلة الحداثة.



6-5- بين نمو المعارف التي واكبت عصر النهضة والحاجة إلى معرفة أنجع تحقق العدل والسلام، ظهرت تفاعلات عقلانيي فرق وجماعات الصوفيـة المسيحية وأشهرهم (الاخوة الفرانشسكيان) و(الاخوة الدومينكان) و(فرسان المعبد) و(الاخوة الجزويت) ونشاطاتهم العملية لتحسين سبل الحياة والمعرفة والحرف.


ثم بإنتشار الحِرف والصنائع وتبلور المدن ونشاطاتها العملية والتجارية والمالية وتفوق مكانتها على الزراعة زاد نشاط كيانات الرفاق والاخاء العمالي وجمعيات الصداقة مع توسع جماعات المهن وطوائف الحرف وإزدهار نشاط معلميها وروادها وبعض أساتذة جامعات التعليم في جمعيات وجماعات ماسونية نشطوا بها ثقافة وعملاً للإعمار المادي والسياسي لأوربا والعالم. صار أهل العمل وأولى ألبابه من الماسون والماسونيين الأحرار بمثابة الحزب الرائد آنذاك للتجديد الإعماري والإجتماعي السياسي ومهندسي انتظام حياة أوربا حولوا عوالمها من حالة الموات إلى حال حيوية في العمران والإقتصاد والسياسة والثقافة.


ضمن هذه التحولات الماسونية العظمى نحو العمران المادي والعقلي ظهرت أزمات جديدة مستمرة الى الآن في القرن الواحد والعشرون فمع تحقق الثورات الهولاندية والإنجليزية والأمريكية والفرنسية ونصف الألمانية ضد نظم الإقطاع أستولت طبقة البرجوازعلى قيادة تلك الثورات وفرضت سيطرتها الرأسمالية القاسية على موارد الحياة والتعامل فيها فتباينت من هذه السيطرة المالية داخل تلك (الثورات) حالات تحقيق الحرية.


إختلف وجود وفهم الناس في أوربا لمفردة الحرية إختلافات شتى عن معناها المألوف كإنعتاق للناس من القيود الإقتصادية والسياسية وتشاركهم سواسية بتعاضد وإخاء في تنظيم موارد مجتمعـ(ـهم)! ففي نظرة أدت سيطرة البرجواز على مقاليد الأمور لإنحدار معنى الحرية من إنشراح عموميتها لكل الناس إلى مزية لأثرياء يتملكون موارد المجتمع ويسخرونه لتحقيق أهدافهم. وفي نظرة أخرى أرتقى معنى الحرية وتحقيقها من خيالات مثالاتها وفلسفاتها لعملية منظمة لمضاعفة المال بصور حرة من سيطرة الاقطاع. وفي واقع الحياة العالمية إختلط تحقيق الحرية بحالة رأسمالية -بنوكية وتجارية وصناعية- ضيقة ربطت معارف وفهوم النهضة والتنوير وقيم الحرية والإخاء والمساواة بحالات الإستعباد والإستعمار والإستعمار الحديث.


6-6- مع هذه الموجبات وإلإلتباسات المتنوعة في التاريخ وعالم المعرفة تأسست أو تجددت أزمات مسائل التحديد والفرز: كتحديد طبيعة الميتافيزيقيا وسلامة الرمز، ماهية الهوية، طبيعة المنطق، وكيفية وضع الأوليات، طبيعة الفهم والحقوق وذاكرة الجماعة، وقد واشج هذا التأزم تناقضات شتى في تعريف العلم والمادة وفي تعريف الفلسفة والتفكير، وقد حُلت بعض هذه التناقضات في القرن التاسع عشر بإقتران الأسلوب العلمي لدراسة وفهم العناصر المادية في الطبيعة وأحوالها مع دراسة العناصر المادية للإقتصاد في تاريخ المجتمع، فنشأ من توادد الخبرة والمعرفة والثورة في بعض العلوم تزاوج مفيد بين دراسات العلم والتاريخ بعد قرون طويلة من الفصل العقلي الشديد بينهما.


إرتبط الجزء (الأخير) لتواشج وإمتزاج العلم والتاريخ بتنظيرات شتى منها تنظير إنجلز لجدل الطبيعة وتأصيله تاريخ كيانات المجتمع (العائلة والدولة والتملك) كأجزاء إجتماعية من الطبيعة، وبنقض ماركس لبرجوازية الإعتقاد العام والإعتقاد الذاتي وبرجوازية الحرية من أيهما على حدة. كذلك تمازج العلم والتاريخ بنقض ماركس للفلسفة كتصورات فكرية مجردة، وبدحضه عناصر وعلاقات علم (الإقتصاد السياسي) الذي كان أحدث علوم ذلك الزمن وأرقى معارف التاريخ آنذاك. وقوبل هذا الجهد بصراخ الإنكار والرفض وبتوكيد القديم.



7- وسط هذه التقلصات والالام الفكرية لنهاية الأسلوب القديم للمعرفة بدأت ولادة فكرة "الوعي" بامتزاج إشارات علوم الطبيعة وإشارات علوم التاريخ والمجتمع، وتشكلهما نظراً وعملاً بأحوال كيانات الطبيعة في شكليها المادي والإنساني، بداية من تاريخ أصولها وليس نهاية بحاضرها ومستقبلها. لكن رغم كل هذا التقدم الهائل في عقلية البشر وإنتقال الإنسان من المعرفة البدائية إلى بدايات إكتشاف الوعي بصيغته العقلية العلمية الشمولية المتفردة، إلا أن هذا الإنتقال إلى الوعي لم يحد من ظهور وتراكم الأخطاء في العلوم والنشاطات العقلية الإجتماعية ولم يمنع تكون "الوعي الزيف".


العلامات الأشهر لهذا التلابس في تاريخ المعرفة بين التنوير والظلم ظهرت في فترة التنوير نفسها فيما سمي جزافا من بعض التقدميين بنشاط الثورة المضادة. كان بعض من تلك الثورة الضد أكثر تقدمية مما وصلت اليه انتفاضات التنوير إذ يطالب بحقوق الكادحين ضد شراهة الرأسمالية الوليدة، وكان بعض تلك الثورة الضد رجعيا عن سلطان العقل الجديد وتبديله خصوص المعرفة والإيمان بتعاليم عامة مسيطرة.


من هذه الإختلافات تفاوتت الأفكار بين التيارين التقدمي والرجعي مع الصراع في داخل كل منهما جهة الإهتمام بمجالات الفكر أو بمجالات الحياة! وإنتهى هذا التباين والصراع إلى صراع جديد النوع -تاريخي السمة- بين الفلسفة والعلوم الحديثة، ظهر منه طغيان علم الإقتصاد السياسي البرجوازي كعلم مفتاحي لتقدم وترتيب الحياة بينما كان في ظروف تأسسه وجهل التقويم التاريخي والإجتماعي للعمل علماً للإستغلال.


مع تراكم وتفاقم كل هذه الأزمات وتطور المعارف وعناصرها وتشابكاتها وإختلافاتها تراكمت الأزمات الإقتصادية ووصلت لحالة الحروب وموات القيم الفكرية الإنسانية المرتقية بفهوم العلم والمعرفة وموات العلوم والمعارف المرتقية بالفكر الإنساني واحتراقها بالحروب العالمية الاولى والعالمية الثانية والعالمية الثالثة التي تدار قطعة قطعة داخل بعض كيانات العالم.


بدأ هذا الموات - مع الصخب السياسي والإعلامي والعسكري في أوربا لتوكيده أو لنفيه- بداية كبرى بإستيلاء البرجوازية عام 1588 على الثورة الهولاندية، وفي عام 1689 على مقاليد الثورة الإنجليزية، وفي عام 1792 على الثورة الفرنسية، وتزعم نابليون وحروبه لإدارتها حتى نهايتهم، وبين الثورات الإنجليزية والفرنسية تطورت خديعة فيلادلفيا الدستورية في أمريكا، وزاد موات عصر التنوير بماسي الاستعباد والاستعمار والثورة الصناعية ثم جاءت إنتفاضات 1840 وصدور البيان الشيوعي عام 1848 http://www.marxists.org/arabic/archive/marx/1848-cm كإشهار طبقي عمالي فصيح لفشل الفكر والنَظم الرأسمالي لموارد وجهود المجتمعات وتربحه بالظلم الطبقي والدولي، فكان البيان دعوة للكادحين والشعوب المستضعفة لإقامة تنظيم جديد لأمور العمل والحياة والتفكير المرتبط بهم.


جزء كبير من أزمة النهضة وعلاقاتها الملتبسة مع الاقطاع وأزمة التنوير وعلاقاته مع البرجوزاية وتناقضاتهما كان نتيجة من قصور أسلوب المعرفة القديم والتفاقم الوئيد أو الشديد لتناقضاتها التاريخية القديمة في علاقات التعيين والترميز حيث نبتت الحروب ونمت معها أزمات فهم قيم أو تحديد إصطلاحات: الحرية، والتقدم، الإنسان، الحق، المجتمع، الدولة، التاريخ، كما تناقض الفهمان الرئيسان في المعرفة: فهم طبيعة المادة وفهم طبيعة المجتمع خاصة في مسائل التطور والفيزياء الإجتماعية لحركة الناس الإقتصادية وتطورهم السياسي، وإختلط التفارق والتكامل بين القوانين العامة والنسبية في مجالات الفيزياء ومجالات الهوية، وفي مجالات طبيعة الدولة، طبيعة رأس المال، العائلة، التملك ، والفرد والمجتمع .


نتيجة من توالى وتراكم وتفاقم مثل هذه الأزمات ولتسهل الطباعة بدأت منذ عصر النهضة ظهور كتابات النقد الشديد وإنتشر أدب الهرطقة، ومع تطور الحرف وأحوال الحياة والعلوم تطورت تلك الكتابات البدائية ضد الظالم والمفعمة بالشوق الى العدل وتحولت إلى كتابات نقض مباشر ضد العوالم والكيانات الفكرية التي ساد الإعتقاد برسوخها فظهرت كتابات من نوع جديد: نقض الجدل المثالي، نقض الإقتصاد السياسي، نقض الفلسفة، نقض النظرية، نقض برنامج جوتا...وبعدها ظهرت كتابات الإحتضار والنهاية: نهاية الفلسفة، نهاية النظرية، موت الشعر، وبعدها كتابات الما بعد: ما بعد الصناعة، ما بعد الحداثة،.. إلخ.


كل هذه الأزمات العملية والنظرية لم تؤخرها كتابات بعث القديم في ثوب جديد كالميتافيزيقيا الجديدة والماركسية الجديدة والليبرالية الجديدة والمحافظة الجديدة ولم يحفظها تبديل هيكليات الفلسفة بحجج السفسطة والتفكيك، فبقيت التناقضات والتجديدات رغم قوتها سطحية متفاقمة وممتدة من أزمات الإقتصاد الرأسمالي العالمي لأوربا وأميركا إلى حروب اليمن والسودان والعراق وليبيا وسوريا معلنة بوضوح أزمة الكيان الذهني المسمى العقل وازمة الكيان الذهني المسمى المعنى ، وكاشفة بالتالي لب الأزمة البنيوية القديمة للتفكير والمعرفة.


8- منذ إكتشاف الطبيعة المثالية للفلسفة التقليدية والطبيعة الإستغلالية في الإقتصاد السياسي وتبين الخواء والظلم الإجتماعي للثورة الصناعية في نهايات القرن التاسع عشر وصلت الازمة الفكرية والحياتية المعاصرة في بعض مجالات العلم والفلسفة الي حالة تناقض شديد رافق توالي أزمات وحروب الرأسمالية العالمية بشكلين فكريين متناقضين:


الشكل الأول سلبي إرتبط بقيام مؤسسات الإعلام والمعرفة المرسملة بتنشيط مذهب التفكيك حرباً باردة في مجال الفلسفة. التفكيك كشكل حديث للسفسطة القديمة يقوض تعالي الخطابات أو النصوص، يخرب إتساق نقاطها وبنياتها بقطعه تسلسل النقاط وبفصله إتصال الخطوط، يقوم بذلك إما بمناقضة الأحداث بالقيم، أو بتفتيت القيم بالأحداث، تشقلباً بين عام وخاص وتبديل للتقاويم والعيارات الموضوعية يسبغ به (الصحة) على موضوع يضمره المفكك يبثه قوة يصطنعها بإضعاف النص الآخر.


لكن مع إضعاف التفكيك تماسك النصوص بكشفه بؤس علاقاتها وتغاير منطقها فإنه يكشف إيضاً تناقض ذاته وآلياته الناقدة، وبايضاحه عشواء أو أدلوجية ما في أسباب أو نتائج موضوع ومحدودية نظمه بشكل خطي في كيان مركزي فإن التفكيك يُظهر نسبية الفهم (العقلاني) وقيامه على (تصورات). بكشف هذا القصور وتصوراته يتضح أنه منتشر في المركزين والهامشين: مركز وهامش الخطاب أوالنَص المنتقد، ومركز وهامش الخطاب أو النَص التفكيكي الناقد.


في كلا الحالتين حطم التفكيك جزءاً من تعالي آلة الذهن والتفكير والمعرفة المسماة العقل بكشفه زيف التناسق في نصوصها التكوينية ومن حيث لايقصد في نصوصهـ....ا التفكيكية، مسهلاً لحركة المعرفة تجاوز نظام العقل بفعل تطور أهدافها وآلاتها، ولتجاوز التناقض بين جهود المعرفة المألوفة وتحدد نتائجها بطبقية عنصرية ودولية تضاد تنوع وزيادة الحاجات البشرية. فمن حاجة المعرفة للتعمق والزيادة تأتي أهمية تجاوزها العقل لتقديم حلول للأزمات أكثر عمقاً وتنوعا وشمولاً وإستدامة.


تأتي ضرورة تجاوز المعرفة للعقل في القرن الواحد والعشرون رغم ان العقل كان أساسا في تكوين كل طبقات المعرفة والعلم القديمة منذ بداية عصر تنظيم الأفكار العامة بواسطة الدين وصولاً الي طبقة العلم ذات التنظيم المستدام للخبرات والمعارف وحتى طبقة الإدراك والفهم الحديثة جداً المسماة الوعي أي كيان النظم العام للتفكير والمعرفة في ما بعد الرأسمالية.


أما الشكل الثاني لتناقض المعرفة الحديثة فشكل موجب قوامه نمو فلسفة وعلوم معرفة النظم المتغيرة العناصر والمواقع المتحركة بتنوع شديد وصور متقلبة لا خطية ولا مركزية مختلف تواترها وتشكلها وهو ما كان سبباً لتسمية هذه المعارف والعلوم وفلسفتها بإسمين التعقيدات Complexity والفوضى Choas. وقد نمت معارفهما بنمو إمكانات الحواسيب ونجاحها في نظم وزيادة الرصد الدقيق لهذه (((الظواهر))) ذات العناصر والتحولات الكثيفة الصغيرة جداً كما في دقائق عناصر الذرات أو في بروتينات الصبغة الحيوية أو الكبيرة الهائلة جداً كما في تغيرات السحب أو في تغابر وتوالد عوالم المجرات.


بدأ إنتظام علوم الفوضى والتعقيدات بتحليل معلومات إحصائية كثيفة متناثرة وتطور رصد وقياس التنوع الشديد فإنتظم علوماً وفلسفة مستوياً ككيان فكري جديد بتعامله مع الكينونات والظواهر الفوضى. وتستحق علوم وفلسفة الظواهر اللاخطية الفوضوية الحركة وصفها بالموجبية لقفزها على رتابة إنكفاء وإكتفاء الدراسات الحديثة منذ القرن السابع عشر والي اليوم بحساب بعض العناصر والتحولات الظاهرة، وما هي إلا أشكال إنتقالية بين عناصر وتحولات أصغر وعناصر وتحولات أكبر.


فمن توسع إمكانات وأعمال الرصد والقياس والحسابات الكمية في التاريخ وفي العلوم .. تبلورت منذ ثمانينيات القرن العشرين (((فلسفة))) وعلوم الحسابات الكبرى للظواهر ذات الأعداد المهولة في عناصرها وتحولاتها، ففي سياق لتباين مركزية التفكيك، ولامركزية حركة عناصر الظواهر الكبرى كبلازما الكون أو المناخ، أو تغيرات الإقتصاد، إتخذت معارف الفوضى شكلا خطيا مركزياً تمثل بعضه في علم التعقيدات بمعنى التعقد والتشابك الجامع في ظواهره، حيث يتشابك عدد هائل من العناصر والتفاعلات الصغرى والكبرى التي تتداخل بحركات انقباض وإنبثاق وتقطع وإتصال دقيقة جداً أو كبرى، قد يقاربها إصطلاح "الإشكالية".


في خضم التناقضات القائمة في حسابات المعرفة وفلسفاتها بين الخطي والجسمي، وبين المركزي واللامركزي، وطبيعة أطياف الأبعاد والسرعات، وتباين التحولات والتغيرات، يبدو ان الحالة الرقمية الكثيفة لأشكال وعلوم التعقيدات لم تمنع البساطة والوضوح في فلسفتها كإجمال أو كتفصيل لقوانين الجدل وتطبيقها على الكيانات اللاخطية واللامركزية الصغيرة جداً أوالهائلة تعرف المجهول فيها من خلال حساب التغيرات والأثار في الظاهر المعلوم.


كانت بداية معارف الفوضى في علم المناخ حيث حساب الكثافات الكبرى والتحولات العظيمة الأعداد لدقائق السحب وحركتها ولتتال موجات البحار وتبدلات النشاط الشمسي ومعدلات البخر أو تسلسل دقائق الأشعات، ومن تعقدات المناخ بكثرة تقلب عناصره وصل إنتظام معرفة الفوضى وعلومها لحال إستواء أو توسط المعرفة في الحياة اليومية: سواء بحساب تحولات دقائق الكهرباء في داخل الموصلات أو بحساب تغير معدلات إنتاج وإستهلاك الطاقة في مجموعة دول مع تغيرات التجارة وحركات الأموال ومعدلات التصنيع وقدرات التمويل وإعادة التمويل وإرتفاع الأسعار بالنسبة لسلع وخدمات مترابطة لفئات شتى في مجتمعات ومناطق مختلفة. كذلك حساب التكاليف أو الدخول الجانبية لعمل ما.


مع تقدم العلم والمعرفة والإمكانات الرئيسة في الحياة البشرية وإنتقال البشر من أزمات نقص الإنتاج إلى أزمات سوء توزيع الموارد نجد ان توالي حدوث الثورات والحروب والتدخلات العسكرية وفظائعها وتفاقماتها، وتناقضات الاقتصاد والمجتمع قد وضح إزدواج العيارات الفكرية الحاكمة للتقنيات والمعرفة. إذ إلتبس الحال وتضاد: فإزاء كل دراسة أو كتاب أو مشروعات تم إعتبارها نتيجة عليا لتطورالمعرفة والمعلم تظهر دراسة أو كتاب أو مشروع ضد.


كذلك بينت تناقضات الحياة الإقتصادية وتناقضات المعرفة المواشجة لها ان الأليات السياسية العالمية الكبرى المجسدة لتطور الاقتصاد والمعرفة عبر التاريخ تشتغل بإمكانات القوة المباشرة أكثر من إشتغالها بإمكانات وآفاق المعرفة، وانها آليات تنحاز إلى الجهة الأقوى لا للجهة الأكثر إستدامة في حل أزمة المجتمع. فمنذ سبعينيات القرن العشرين أدى توالي الأزمات الإقتصادية والمالية الى كشف تنوع وجسامة فشل الإقتصاد الرأسمالي رغم إرتدائه ثياب الحرية، المعرفة، العولمة، حرية السوق، المجتمع المدني، وهي أزمات كأزمات القلب وأزمات المخ في الجسم البشري يؤدي تراكمها الي موات.



9- منذ بداياته التاريخية الأولى حقق أسلوب التفكير الجزئي لمعرفة تفاصيل الأشياء نجاحاً يصعب بيانه في مقال واحد، أما أسلوب التأثيل في تحديد التناقضات بنظر إلى طبيعة النظام العام للتفكير والمعرفة والعلم فيسهل تعريف حقائقها للناس.


بين الحاجة والإشباع والقديم والجديد تبلور العقل في قلب عمليات التفكير والمعرفة والعلم منتظماً كأسلوب تفكير يرتب المعرفة وخبراتها مكوناً بها معارفاً جديدة يشغلها لتحقيق أنفع تعامل لأصحابه. ضمن هذه التعاملات الذهنية والعملية وتغذيتها العقلوالمعرفة بخبرات جديدة، تطور كآلة قائدة للتفكير والمعرفة بالإمكان ترتيبها في مراحل لتاريخ المعرفة وهي:


1- نظام الأسماء: نظام بدائي أولي كان محوره تسمية الأشياء ببعض صفاتها، وقد واشجته بعد قرون طويلة فكرة رد جميع الأسماء وخصائصها إلى شخص واحد أو كتاب، حتى أن القصص الكبرى نسبت المعارف الأولى و(الكتاب الأول) الى شخصيات كأمونحوتيب وإدريس وإينوخ وهرمز واشجت فيهم التنبوء بمصيرالعالم بمعرفتهم تاريخ وجود الطبيعة وموتها.


2- نظام الصفاء: تصفية الأسماء-المعاني عقلاً لمعرفة علاقات الأسماء-الصفات بنفوذ الى لب الصور وسبر للعلاقات ومعرفة للطائف وفهم للخفايا وما ورائيات الأجسام الظاهرة وترميزها بصور شكلية أو عددية..صفيا وإستخلاصاً لمعنى باطن، صوفية.


3- نظام الدين: عقل قديم للمعرفة ولحركة الناس ينظمهما بمعرفة أو بكينونة (أعلى) تحدد للناس تفكيرهم وتعاملاتهم في العالم الحاضر بتصور معين لعالم السماء وصولاً إلى العالم الآخر، توجهم للمنظم الأكبر لتخفيف غضبه وطلب رحمته. وكانت قمة التدين هي الكهانة أي معرفة كنه الأشياء والعلاقات وتوجيه الناس حتى تواشج كيان الحاكم وكيان الكاهن الاعظم، وتفرق خط سير علماء المهن عن خط علماء الدين وهاماناته في أحيان عدداً.


4- نظام الحُجة أوالسفسطة: نظم عقلي لحصحصة الأفكار وتحويل الخبرات إلى حجة تسند موقفاً سواء بعدد أو بشكل أو بعقد مقدمات ونتائج أو بأسلوب وبيان إلخ، فكيان الحجة بيان بمعرفة عناصر أو طبيعة موقف ما للقيام بعمل ما أو رفضه.


5- نظام الفلسفة: نظم معين للتفكير يجمع أسئلة رئيسة عن فكرة ما بتحليل منظوم لإجابات عنها توضحها وتحْسِن التعامل معها. من أشكال الفلسفة: (أ) فلسفة المُثل وتبحث طبيعة إعتقاد ما ومدى صحته. (ب) فلسفة العلم همها علاقات الاشياء وتفاعلاتها وكيفيات تصنيفها ووسائل وأهداف التعامل معها. (ت) فلسفات التجريد: تهتم بعلاقات الإسم والمعنى بالرموز، وبحساب العلاقات، (ث) الفلسفة المادية الجدلية وتدرس تعينات وتفارقات الطبيعة والمجتمعات بقوانين المادة وجدلياتها التاريخية، (الفهم المادي-التاريخي لتكون وحركة الطبيعة والطبيعة الإجتماعية).


6- نظام العلم: نظم وترتيب معارف وأعمال بجمع مرتب لمعارف وخبرات محددة بصفات معينة، ينظمها عقلاً لمعرفة شيء أو لتكوين تعامل ما، حلاً لمشكلة معينة. وفي العلم تخصص: علوم تدرس الطبيعة، علوم تدرس المجتمع، علوم تجريدية تدرس العلاقات بالعدد والنِسب حسابا ورياضيات. أما كيان العلم فبحث منظوم عن حل لمشكلة ما برصد وحساب وتاريخ لظواهرها وظروفها، وبتزمين لتراتب عناصرها وتفاعلاتها، وصولاً لأسباب وإمكانات تغيير بعضها لحل هذه المشكلة .


7- نظام الوعي: تبين لحاضرالطبيعة والمجتمع ومستقبلهما وهو نتيجة تلاقح معارف وفلسفات العلوم والتاريخ. تبلور الوعي كشكل ثوري مشترك للمعرفة الفسلفية والحياة الاجتماعية. بدأ تميز الوعي وإستقلاله كمعرفة تاريخية- مستقبلية شاملة وفوق سياسية بكتابات ماركس وانجلز ولينين ثم ملخصات المادية الجدلية والمادية التاريخية، وقد فنه منظرين شيوعيين من طراز سياسي كلينين وإستالين ولوكاتس، جرامسي، ألتوسير وبولازنتيس، مهدي عامل، كابرال، وولتر رودني، و أوجستينو نيتو.


8- التأثيل: شكل وطور جديد لعملية المعرفة، لكن سمته النبض والإنفتاح، لا واحد الخط ولا واحد المركز، بل متنوع متعدد شمولي يهتم نظراً وعملاَ بالعلاقات الكلية لأجزاء مكونات الحياة العامة، وخاصة المتعلقة بأساليب الخطاب وبإشكالات الإقتصاد السياسي في اللغة، وتكوين الإصطلاحات العامة للسياسة والإقتصاد والإجتماع وجدلياتها الثقافية بتزمين يقرأ تاريخها بالحاضر ويقرأ حاضرها ومستقبلها من صيرورة التاريخ في أبعاد إجتماعية متنوعة.


التأثيل لطائف وومضات أقرب شكلاً إلى جغرافيا بلازما المجرات والكون، ولشجرة الموصلات العصبية في الدماغ، ولنظام السحاب Cloud في الكمبيوترات. وهو جدل لتفاعلات التاريخ واللغة في بحث طبيعة المعرفة والاصطلاح وتاريخ عناصرها وتركيبها وتنوع دالاتها. وجدل لتفاعلات المعرفة والاصطلاحات في بحث تفاعلات اللغة والتاريخ.


بعدد من جهودي قمت بإستنبات التأثيل إستنباتاً إصطناعيا أخرجه كلمته من المعنى المحدود لتأصيل المفردات والكلمات، وكان ذلك الإستنبات بتعلم من مجادلات نظم المعرفة والفهم السابقة ومعرفة تناجشها، ومحاولة تجنب سلبياتها وجمع مزياتها. كان ذلك الإستنبات ضمن عملية تفكر وتدقيق في الجدل بين فلسفات الأسماء والعقل والمعنى وفلسفات التاريخ، وإدراك بعض الماورائيات في النصوص المادية التاريخية ولمح الماديات التاريخية في فلسفات المُثل والماورائيات. وفي تعثرات البداية نصبت التأثيل كإطار آيديولوجي توضع فيه التفاعلات والصراعات الحاضرة بين أساليب التفكير وفلسفاته العامة لكن بشكل وئيد أدركت أن فاعليته أكبر من حصرها في إستوعاب أو تصنيف الصراعات الفكرية الكبرى الحاضرة فقط، بل أن طبيعته الشمولية أو المتنوعة تسهم في تشكيل تفكير جديد في العالم: ما بعد العقل وما بعد الوعي .


في تراكم مراحل المعرفة ونشاط تفاعلاتها نهض كيان التأثيل صائغاً متفرداً لمعرفة جديدة تتميز بأنها معرفة جامعة لعناصر التصوير وعناصر الإبداع وإشتراكهما إشتراكية علمية في حركة المعرفة وتحريكها. أهم خصائص جمع وإشتراك هذه العناصر هي إلغاءان إلغاء جزئي وإلغاء كلي: الغاء تمييز العقل وفصله بين حالتين متشابكتين: حالة تصور إنضباط كيانات التاريخ وحالة تنوع القيم وإبداع المعاني. أما الإلغاء الكلي فإلغاء لعملية العقل نفسها بإعتبار أن خطية أسلوبها ومركزية موضوعاتها وبحوثها أضحت عائقاً أمام تقدم المعرفة، فهو إلغاء وإنتقال تقدمي من أساليب العقل والعلم والوعي بتشكيل كيان فكري جديد لإنفتاح بعض النظرات المادية التاريخية على آفاق فلسفات القيم والمُثل ولضبط كيانات القيم والمثل بالفلسفة المادية التاريخية. وفي الحالين فإن التاثيل بإنفتاحه المنتقِد تحجير القواعد وبنشاطه لتقعيد وإيضاح المعاني المبهمة يسهم إسهاماً أولياً ومستقبلياً متقدماً في حل أزمة المعرفة العقلية الحاضرة متخلصاً من محدودياتها وتناقضاتها، ومن تنافرات ثباتها مع تقلب الظروف حولها. مفتتحاً بصباحه الكيانات الذهنية لما بعد الوعي.



----------------------------------------------------




رواكز لموضوع المقال:



The Consciousness
http://plato.stanford.edu/entries/consciousness/


Peter Carruthers
The Evolution of Consciousness
http://faculty.philosophy.umd.edu/pcarruthers/Evolution-of-consciousness.htm


Peter King & Stewart Shapiro
The History of Logic
the Oxford Companion to Philosophy, Oxford University Press 1995
http://individual.utoronto.ca/pking/miscellaneous/history-of-logic.pdf


History of Western Philosophy
http://www.philosophypages.com/hy/


George James
Stolen Legacy
University of Arkansas, Pine Bluff
http://www.jpanafrican.com/ebooks/eBook%20Stolen%20Legacy.pdf
http://www.sacred-texts.com/afr/stle/stle05.htm


Library of Alexandria
http://www.eternalegypt.org/EternalEgyptWebsiteWeb/HomeServlet?ee_ _id=10000184


Dani Nabudere
Afrikology, Philosophy and Wholeness: An Epistemology
African Books Collective, 2011


George Novack
Major Theories of History from the Greeks to Marxism
https://www.marxists.org/archive/novack/works/history/ch04.htm


Richard.Buxton
From Myth to Reason?: Studies in the Development of Greek Thought
Oxford University Press, 1999


Stella Villarmea
The Revolution of Thought: From Mythology to Hellenistic Science
American UniversityMadrid, Instituto Universitario de Estudios Norteamericanos, UAH, 2001
https://www.academia.edu/526612/The_revolution_of_thought_from_mythology_to_Hellenistic_science
http://dspace.uah.es/dspace/bitstream/handle/10017/7633/Revolution%20%20thought.pdf?sequence=1.



Greek Thought: From Myth to Reason
http://college.cengage.com/history/west/perry/western_civilization/9e/chapters/chapter4.html


Karl Marx
The Difference between the Democritean and Epicurean Philosophy of Nature
Jyna University, Ph.D thises, March 1841
http://www.marxists.org/archive/marx/works/1841/dr-theses/


Phythogras
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8 8%AB%D8%A7%D8%BA%D9%88%D8%B1%D8%B3



Bread Rodgers
AHistory of Real Numbers and First Crises of Western Knowledge
http://www.math.ucla.edu/~brodgers/realnumberhistory.pdf


Willam Blake Tyrrell
The Sacrifice of Socrates
Michigan State University Press, 2012


Christopher Long
Crisis of Community: The Topology of Socratic Politics in the Protagoras
Pennsylvania State University Epoché, Vol. 15, No. 02, Spring 2011
https://scholarsphere.psu.edu/downloads/vt150j31m


Plato s Debt to Ancient Egypt
http://college-ethics.blogspot.com/2010/01/plato-and-ancient-egypt.html


Martyn Shuttleworth
Renaissance Science:The Path to Enlightenment
https://explorable.com/-print-/renaissance-science


Hachette Livre
- Science and the Religion
http://www.memo.fr/en/article.aspx?ID=THE_SCI_005
- The Progressive Accumulation of Knowledge
http://www.memo.fr/en/article.aspx?ID=THE_SCI_002


The Idea of Progress
http://plato.stanford.edu/entries/progress/
http://en.wikipedia.org/wiki/Idea_of_Progress


John Draper
History of the Conflict between Religion and Science
D. Appleton & Co, 1875
https://archive.org/details/historyofconflic1875drap
https://ia601409.us.archive.org/22/items/historyofconflic1875drap/historyofconflic1875drap.pdf
E.Book no.1185, 1998 >>> 2013, http://www.gutenberg.org/files/1185/1185-h/1185-h.htm


Joel Mokyr
Knowledge, Technology, and Economic Growth during the Industrial Revolution
Northwestern University, Dec. 1999
http://faculty.wcas.northwestern.edu/~jmokyr/Groningen.pdf


Christian Thorne
The Dialectic of Counter-Enlightenment
Harvard University Press, 2010

Karin Knorr Cetina
Epistemic Cultures: How the Sciences Make Knowledge
Harvard University Press, 2009


A. Spirkin
Philosophy and Science
In Dialectical Materialism Ch1. Philosophy as a World-View and a Methodology
https://www.marxists.org/reference/archive/spirkin/works/dialectical-materialism/ch01-s04.html


Sebastian de Haro
Science and Philosophy: A Love-Hate Relationship
University of Amsterdam, Institute for Theoretical Physics
Amsterdam University College,Talk delivered at the conference Rethinking Liberal Education
https://www.unav.es/cryf/sciencephilosophyrelationship.pdf and http://arxiv.org/abs/1307.1244 , 2013


Francis Heylighen
Epistemology
Brussel Vrije University, Leo Apostel Center, 1993
http://pespmc1.vub.ac.be/epistemi.html


Evolutionary Epistemology
http://www.iep.utm.edu/evo-epis/


Alexander Bird
Scientific Progress as Accumulation of Knowledge
http://seis.bris.ac.uk/~plajb/research/papers/Reply_to_Rowbottom.pdf



Hans Lee
Obstacles to the Accumulation of Knowledge in the Social Sciences
Synthese, Vol. 24, No.: 03-04 , Sep/Oct 1972


- Timothy Williamson
Knowledge and Its-limit-s
Oxford: Oxford University Press, 2000
- Keith de Rose’ review of Timothy Williamson’s Knowledge and its-limit-s
http://fitelson.org/williamson/derose_review.pdf
- Gilbert Harman
Refl-;-ections on Knowledge and its-limit-s
Princeton University, 2003
http://www.princeton.edu/~harman/Papers/Williamson.pdf


George Novack
Major Theories of History from the Greeks to Marxism
https://www.marxists.org/archive/novack/works/history/ch04.htm


Religious and Intellectual Life in the High Middle AgesIntellectual life: Rediscovering the Classics
http://facstaff.bloomu.edu/hickey/High%20Middle%20Ages%20religious_and_intellectual_life.htm


Stephan Epstein
-Transferring Technical Knowledge and Innovating in Europe (1200-1800)
Working Papers on The Nature of Evidence: How Well Do ‘Facts’ Travel, No. 01/05
London School of Economics, Dept of Economic History, 2005
http://www.lse.ac.uk/economichistory/pdf/factspdf/facts1-epstein.pdf
- Apprenticeship, and Technological Change in Preindustrial Europe
Cambridge University’ Journal of Economic History, Vol. 58, No. 03, Sep. 1998
http://www.lse.ac.uk/economichistory/pdf/epstein%20documents/19%20-%20craft%20guilds%20apprenticeship%20and%20technological%20change.pdf?origin=publication_detail


Paul Hazard, J. Lewis May, Anthony Grafton
The Crisis of the European Mind (1680-1715)
http://jcpdf.infobaseit.com/the-crisis-of-the-european-mind-paul-26109565.pdf


J. B. Bury
The Idea of Progress: An Inquiry into Its Origin and Growth
MacMillan & Co. 1920
The Project Gutenberg’ EBook no.4557, 2010 http://www.gutenberg.org/files/4557/4557-h/4557-h.htm


The Idea of Progress
http://en.wikipedia.org/wiki/Idea_of_Progress
http://plato.stanford.edu/entries/progress/


Claudia Moscovici
Double Dialectics: Between Universalism and Relativism in Enlightment and Postmodern Thought
Rowman & Littlefield, 2002



Thomas Kuhn
- Historical Structure of Scientific Discovery
The Science magazine, 136, 1st of June 1962
http://www.compilerpress.ca/Competitiveness/Anno/Anno%20Kuhn%20History%20of%20Discovery.htm
- The Structure of Scientific Revolutions
Universirty of Chicago Press, 1962>>>2012
https://www.lri.fr/~mbl/Stanford/CS477/papers/Kuhn-SSR-2ndEd.pdf
See-;- Frank Pajares, Outline and Study Guideprepared, Emory University, http://www.uky.edu/~eushe2/Pajares/Kuhn.html


محمد أبوالقاسم حاج حمد
المعرفة الكونية
دار الهادي، 2004


Marlene Scardamalia and Carl Bereiter
A Brief History of Knowledge Building
University of Toronto, 2014
http://files.eric.ed.gov/fulltext/EJ910451.pdf


History of Epistemology
http://home.mira.net/~andy/works/history.htm


Deconstruction
http://www.iep.utm.edu/deconst/


Michel Foucault
The Archæ-;-ology of Knowledge
1969 >>>Routledge, 1972
https://www.marxists.org/reference/subject/philosophy/works/fr/foucaul2.htm


Bradd Shore
Culture in Mind: Cognition, Culture, and the Problem of Meaning
Oxford University Press, 1996


المنصور جعفر
القطيعة المعرفية في التقدم الفكري
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=413085


Scientific Revolutions
http://plato.stanford.edu/entries/scientific-revolutions/


Chaos
http://plato.stanford.edu/entries/chaos/


Information
http://plato.stanford.edu/entries/information/


Complex Systems
http://necsi.edu/guide/
http://en.wikipedia.org/wiki/Complex_systems

Complexity Science in Brief
http://www.uvic.ca/research/groups/cphfri/assets/docs/Complexity_Science_in_Brief.pdf


Creating Synthetic Knowledge for Complex Systems
http://www.iiasa.ac.at/web/home/research/researchProjects/Model-Integration.en.html


Dialectical and Historical Materialism
https://www.marxists.org/reference/archive/stalin/works/1938/09.htm


J. Barkley Rosser
Apects of Dialectics and Nonlinear Dynamics
James Madison University
Cambridge Journal of Economics, Vol. 24, No. 03, May 2000
http://cob.jmu.edu/rosserjb/dianonl.dyn.doc.


Klaus Mainzer
Thinking in Complexity: The Computational Dynamics of Matter, Mind, and Mankind
Springer, 2007


Michel Alhadeff-Jones
Scientific Mind, Critical Mind and Complexity: Learning from a Scientist s Life History
Columbia University, University of Paris 8: Building The Scientific Mind Colloquium 2007
http://www.learndev.org/dl/BtSM2007/MichelAlhadeffJones.pdf


Anthony Mansueto
Dialectic, Systems, and Organization: The Philosophical Implications of the New Science
Foundation for Social Progress, http://pespmc1.vub.ac.be/Einmag_Abstr/AMansueto.html


Stavros Stavrinides, Santo Banerjee, Suleyman Caglar, Mehmet Ozer
Chaos and Complex Systems
Proceedings of the 4th International Interdisciplinary Chaos Symposium
Springer, 2013


Dialectics and Systems Theory
http://www.marxmail.org/archives/October98/dialectics.htm


Complexity and Dialectical Materialism
https://www.marxists.org/reference/archive/hegel/txt/complexi.htm


Jodi O’brien
Sociology as an Epistemology of Contradiction
Seattle University
https://www.academia.edu/attachments/31428640/download_file?st=mtqxotcynte4ncwync41ljq3ljizoswxmjq0ndgzoq%3d%3d&s=swp-toolbar&ct=mtqxotcynte5mswxnde5nzi1mjazldeyndq0odm5


Vladimir Arshinov & Christian Fuchs
Causality, Emergence, Self-Organisation
http://cartoon.iguw.tuwien.ac.at/christian/causalityemergenceselforganisation.pdf


Julyan Cartwright & Alan Mackay
Beyond Crystals: The Dialectic of Materials and Information
Universidad de Granada, Instituto Andaluz de Ciencias de la Tierra, and University of London, Birkbeck College,
Royal Society, Philosophical Transactions, A. 2012
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3367679/pdf/rsta20120106.pdf
http://arxiv.org/abs/1207.3997


Robert Denemark
World-System History: The Social Science of Long-Term Change
http://abuss.narod.ru/Biblio/WS/ws-history_intro.htm , 2000


Sergey Tsirel (Saint-Petersburg State Mining Institute)
Accumulation of Knowledge in Theoretical History
A Review Essay on Historical Macrosociology, Methodology and Methods by Nikolai Rozov of Novosibirsk State University 2009
University of California at Riverside, Cliodynamics: The Journal of Quantitative History and Cultural Evolution, Vol. 01, No.01, 2010
https://escholarship.org/uc/item/5dm5m7wt.pdf


Christopher Chase-Dunn
World-Systems Theorizing
University of California at Riverside
http://www.irows.ucr.edu/cd/theory/wst1.htm


A. Khoshkish
The Socio–Political Complex: An Interdisciplinary Approach to Political Life
Elsevier, 2013


Hans Sluga
Politics and the Search for the Common Good
Cambridge University Press, 2014


International Social Science Council
World Social Science Report
UNISCO, 2010
http://unesdoc.unesco.org/images/0018/001883/188395e.pdf


Karin Knorr Cetina & A.V. Cicourel
Advances in Social Theory and Methodology: Toward an Integration of Micro- and Macro-Sociologies
Routledge, 2014


المنصور جعفر
التأثيل (1)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=%20209243
التأثيل .. لمحة مستقبلية من التاريخ السياسي لتراكم وتطور المعرفة، ولتجاوز جدل العقل-الوعي
http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?aid=420302
أهمية التأثيل للخروج الإشتراكي من الصراع الدموي بين أفكار التدين السياسي وأفكار التنظيم العقلاني لموارد المجتمع‎
http://ahewar.org/rate/bindex.asp?yid=8367



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ((التأثيل)).. لمحة مستقبلية من التاريخ السياسي لتراكم وتطور ...
- القطيعة المعرفية في التقدم الفكري
- مصر بين عشرتين
- محجوب شريف مناضل شيوعي شديد الكفاح
- الديمقراطية والتكنقراطية في أعمال القانون والمحكمة الدستورية
- لمحة من الإعتقادات في مصر القديمة وعهودها الرومانية المسيحية ...
- أهمية التأثيل للخروج الإشتراكي من حالة الصراع الدموي بين أفك ...
- الأستاذة سعاد أبراهيم أحمد
- معالم الخطاب البرجوازي الهمام في وسائط الإعلام
- يا تاج السر معذرة. .. نحن في مرحلة إنهيار الدولة الرأسمالية ...
- الملخص العام في تكون وتفكك دول الإسلام
- مصر بين رأسمالية إنتاج الفساد والأسلمة والإنهيار.. وضرورة ال ...
- مسدس تضخم الحركة الإسلامية... الإزدواج في السياسة وفي التأجي ...
- .... في مصر
- في مصر
- نقطة في ديالكتيك قيادة الحزب الشيوعي
- إلغاء الليبرالية لتحقيق حرية النساء
- الشيوعية طريقاً لتحرير الإسلام
- المسيحية في السودان (3)
- المسيحية في السودان (2)


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - المنصور جعفر - التحليل المعرفي لطبقات التاريخ .. التأثيل: نهاية مرحلة العقل والعلم وإنفتاح رحلة ما بعد الوعي