|
عايش (مسرحية) 2
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 22:18
المحور:
الادب والفن
جندي1: لم أجد وازعاً لترك مكاننا. جندي2: وأنا أرى ترك هذا المكان ينقذنا من الموت. جندي1: ألم نوقع على تعهدات بالموت من أجل..من أجل..البلاد؟ جندي2: وقعنا على تعهدات من أجل أن نفدي الحكومة(يتقافز راقصاً)بالروح بالدم. جندي1: بقاء الحكومة بقاء البلاد. جندي2: بقاء البلاد يعني بقاءنا. جندي1: بقاءنا يعني الموت عسكرياً. جندي2: وهل تستحق بلادنا أن يموت الواحد من أجلها. جندي1: نعم لا تستحق،ولكن الواجب أن لا نتنازل عن كرامتنا. جندي2: نعم..كرامتنا أغلى من بلادنا. جندي1: أنا أخالفك،ربما كرامتنا أغلى من نظامنا. جندي2: نعم..نعم..هذا ما عنيت بكلامي. جندي1: تكون البلاد كريمة،لو كان الكرماء يقودونها. جندي2: أليس الأجدر بالبلدان غير الكريمة أن تفنى وتعاد بناءها من جديد؟ جندي1: هذا التغيير يحتاج إلى بحر من الدماء. جندي2: أن نعطي بحراً من الدماء أهون من كرامة مباحة. (صوت ضربات داخل الكتلة الصخرية،أصوات طائرات تمرق) جندي1: مرة أخرى يحدث شيء غريب(يشير بأصبعه نحو الكتلة الصخرية)داخلها. جندي2: (يشير بأصبعه إلى سقف الغرفة)آه لو تمكنت من تسلقها،ربما هناك فتحة أو باباً سرياً،ليس من المعقول أن تكون هذه الكتلة من غير منفذ. جندي1: (حائراً)وهل من الممكن هذا القمقم هو غرفة متنقلة تم قلبها لسبب ما؟ جندي2: لا شيء نملك كي نتأكد من هذا الأمر. جندي1: نظامنا يمتلك أعاجيب ساخرة. جندي2: حيرتي تزداد..قل لي ما هذه الفوضى بداخلها؟ جندي1: ربما الجرثوميات تتحسس مروق الطائرات. جندي2: (بتعجب)حقاً ما تقول،كلما تمرق الطائرات تحدث جلبة في الداخل. جندي1: (متذكراً)آه..أليس نظامنا أختطف ناس ـ كويتيين ـ ؟ جندي2: (متذكراً)..آه..نعم..ولكن لم تذكرتهم الآن؟ جندي1: (ينقر رأسه)..إذا لم أكن غبياً،نظامنا حجزهم في هذا القمقم. جندي2 (متعجباً)أكاد أصرخ أنك اكتشفت الحقيقة. جندي1: (فرحاً يدور حول نفسه)نعم..نظامنا خبأهم لغاية كبيرة هنا،وجاءوا بنا لحراستهم. جندي2: أتعرف لم؟ جندي1: حين تضيق الأمور،ستشهرهم سلاحاً للحفاظ على بقاءهم في السلطة. جندي2: وهذا ما وضعته في بالي أنا أيضاً. جندي1: (ما زال يدور فرحاً)،الم أقل نظامنا شيطان لا يشق له غبار أوان الضيق. جندي2: لو لم يكن شيطاناً لما بقى طويلاً على رقابنا. جندي1: والآن بعدما عرفنا سبب تواجدنا وسر هذا القمقم،ما هي خطوتنا التالية؟ جندي2: حتماً هذه الصحراء هي الصحراء الكبرى. جندي1: كيف عرفت؟ جندي2: ألم تر حركة الطائرات المغيرة؟ جندي1: حقاً تملك ذكاءً جغرافياً إضافة إلى ذكائك الميداني؟ جندي2: علينا أن نفكر بجديّة؟ جندي1: عندما تحاصرنا الحرب،يمكننا أن نساوم بهم. جندي2: ومن يؤمن نجاتنا منهم؟ جندي1: سنقول لهم الحقيقة كاملة. جندي2: (حائراً)لا أفهم كلامك. جندي1: هم يقدمون التسهيلات لمن يتعاون معهم. جندي2: هذا يعني أن نتخاذل ونترك بلدنا عرضة للهتك. جندي1: علينا أن نحافظ على أرواحنا أولاً. جندي2: في هكذا حرب لا أحد يعرف كيف يفكر. جندي1: حربهم الماضية ألم تنته بسرعة البرق؟ جندي2: كانت حرب تأديبية. جندي1: وربما هذه ستكون تأديبية أشد من الأولى بدرجة أو درجتين. جندي2: ليت هذا يحصل كي ننجو. (ضربات تأتي من الداخل،يصغي الجنديان،ضربات أقدام،ضربات قلوب، زمجرات،أسنان تصطك،ضربات وعراك وفق موسيقى جنائزية،أصوات التهام وتمزيق وكسر وصراخ بشري يتخافت تدريجياً،الجنديان يجلسان) جندي1: ما الذي يحدث؟ جندي2: علمي علمك. جندي1: (متسائلاً)هل يعقل ذلك؟ جندي2: ما الذي يعقل؟ جندي1: أشم رائحة حياة في الداخل. جندي2: هذا من فرط خوفك. جندي1: (يهز رأسه)بدأت أشعر بالجوع. جندي2: علينا أن نوفر طعامنا ربما ستطول الحرب. جندي1: لم يعد غير الطعام شغلي الشاغل. جندي2: ماذا لو طالت الحرب؟ جندي1: عندما نجوع نتحرك. جندي2: كل ما حولنا صحراء. جندي1: سنطلق النار على الطائرات لتكتشفنا. جندي2: ومن قال أنهم لا يلقون علينا صاروخاً. جندي1: لا أظن أنهم يفعلون ذلك،لأنهم لا يسمعون أصوات بنادقنا. جندي2: بقاء الطعام يطيل فترة بقاءنا. جندي1: دعنا من فكرة نفاده،ما زلنا نحتفظ بالكثير. جندي2: (يتحرك قليلاً إلى الوراء،يتوقف،يتقدم)أسمع..ليلة أمس حلمت. جندي1: (متعجباً)..ماذا؟حلمت..قل لي:أحقاً في الحرب توجد أحلام! جندي2: وما علاقة الحلم بالحرب؟ جندي1: في الحرب تهيمن الكوابيس على الرؤوس. جندي2: لكنني حلمت. جندي1: ماذا حلمت؟ جندي2: أنني أتزوج من جديد. جندي1: (يضحك)أنك ستقتل. جندي2: بل سأنجو من هذه الحرب. جندي1: أحلام الحرب معكوسة. جندي2: أحلامي دائمة التحقيق. جندي1: وما دخلي أنا بزواجك أو نجاتك؟ جندي2: لكنك لم تسمع حلمي إلى النهاية. جندي1: وما النهاية،تزوجت وعشت نوماً سعيداً..وووو...وووو. جندي2: ووو.ووو..ماذا تريد أن تقول؟ جندي1: أردت أن أقول،استفقت ووجدت سروالك مبللاً ببولك وغائطك. جندي2: قد لا تسرك نهاية حلمي. جندي1: أرجو أن لا تقول أنك تزوجت أمي في الحلم. جندي2: لكن الزوجة التي تزوجتها...! جندي1: أختي المعوقة. جندي2: كلا. جندي1: لابد أنك تزوجت أحدى بنات رئيسنا. جندي2: كلا. جندي1: خلصني وقل من تزوجت؟ جندي2: أنت. جندي1: (يصرخ)نعم. جندي2: تلك هي الحقيقة. جندي1: (يفحص نفسه)ماذا؟تزوجتني. جندي2: كنت جميلاً. جندي1: وهل كنت........أعوذ بالله. جندي2: لكنك تحولت إلى فتاة جميلة. جندي1: (يضحك)ألم أقل أنك ستقتل وأنا سأنجو من هذه الحرب. جندي2: آه..ذكرتني بالحرب. جندي1: وأنا شغلي الشاغل الطعام (يشير نحو المكعب)وهذا القمقم. جندي2: هل بوسعنا أن نحدث ثغرة فيه؟ جندي1: كيف؟ جندي2: بصلية رصاص. جندي1: وما يفعل الرصاص بهذا الكونكريت الصلد. جندي2: حسناً..لنستخدم رماناتنا اليدوية. جندي1: لن تنفع فكرتك. جندي2: حسناً..لنهرب. جندي1: وهل تعلم مكاننا كي نهرب. جندي2: نرتدي أسمالنا المدنية ونمشي باتجاه مشرق الشمس. جندي1: نحن في صحراء بلا حدود. جندي2: آه..عليهم اللعنة أتوا بنا ليلاً لكي نجهل جغرافية المكان. جندي1: ألم أقل نظامنا يسيرنا بشيطانية تفوق شيطنة الشيطان عليه اللعنة. جندي2: لدي فكرة. جندي1: أفكارك لا تنتهي. جندي2: لنتتبع آثار المركبة التي أتت بنا. جندي1: (يضحك)يبدو أن حلمك أفقدك عقلك. جندي2: هات ما عندك؟ جندي1: يا مفكر،قل كيف أتوا بنا إلى هنا؟ جندي2: (ينقر رأسه بأنامله)آه..حقاً كيف غاب هذا من بالي. جندي1: كذلك حلمك هراء. جندي2: حقيقة نسيت أنهم أتوا بنا ليلاً وعبر مروحية. (صريخ أسراب طائرات حربية تمرق) جندي1: لابد أنهم دمروا كل شيء. جندي2: قالوا أنهم لا يستهدفون المدنيين. جندي1: سياسة أبوـ ناجي ـ والعم ـ سام ـ . جندي2: ومن هما ناجي وسام؟لم أسمع بهما. جندي1: هما سببا صداع ثلثي العالم. جندي2: الصداع يردعه ـ الباراسيتامول ـ . جندي1: هؤلاء أمراض عالمية مزمنة،لا تنفع معهم العقاقير. جندي2: هم كذبوا..ونظامنا استخدم شيطنته في التعامل معهم. جندي1: شيطنة نظامنا لا تنتهي. جندي2: وهل ينجو بهذا الفعل من شرهم؟ جندي1: حولوا المدارس إلى ثكنات عسكرية،كي يبقى الجيش بمأمن من القصف. جندي2: وهل يسكت العدو على هذا الأمر؟ جندي1: لديهم خيارات مفتوحة،الكرة دائماً أقدامهم. جندي2: حتماً ستدفع الناس ثمن شيطنة نظامنا. جندي1: لا تنسى،نظامنا زج بكل الجيش في الحرب باستثناء الموالين والمقربين. جندي2: ألسنا مقربين؟ جندي1: مقربون مبعدون. جندي2: ولم أبعدونا؟ جندي1: لا يريدنا أن نموت. جندي2: إذا اقتضت الضرورة سيزجنا في المحرقة. جندي1: كلا. جندي2: آه..لابد أنه وضع في باله قلاقل ما بعد الحرب. جندي1: هذا عين الصواب،إذا ثار الشعب سيصبنا ناراً على رؤوسهم. جندي2: هذا ما يجعلني أن أفكر بطريقة نجاة غير مكلفة. جندي1: لكي ننجو علينا أن نكتشف حقيقة ما يجري في البلاد. جندي2: وما أدرانا ما يجري في بلادنا؟ جندي1: هذا ما ينقصنا كي نتحرك،أخبار بلادنا. جندي2: كلما أتذكر أخبار بلادنا أشعر بعصافير بطني تزقزق. جندي1: وأنا كلما تضج ضفادع معدتك،عقلي يخمل،وبطني يغرد موسيقى الجوع. جندي2: حسناً في معدتي ضفادع ولكن في بطنك جرذان وفئران. جندي1: لا..لا..لا..لو كان حقاً كما تقول،حسناً كنت دائماً أسمع نباح كلاب من جوفك. جندي2: وأنا كنت أسمع نهيق حمير يخرج من فمك أوقات الطعام. جندي1: حسناً..لنترك جرذاننا وفئراننا وكلابنا وحميرنا وعصافيرنا..قل لي هل حقاً بلادنا أصبحت في خبر كان. جندي2: وربما في خبر أنّ وأخواتها وأخوالها وأعمامها وجيرانها. جندي1: صه..صه..صه..ألم أقل في جوفك تماسيح الجهل. جندي2: لا تتدخل في شيء أنت غبي عنها. جندي1: وما نفع ما درست..ها أنت مثلي كلب حراسة. جندي2: دعنا من الكلام الفارغ..قل لي ألم تشعر بالجوع. جندي1: أحتاج إلى خلوة كي أعرف إن كانت بطني تقرقر من الجوع أم من المجهول؟ جندي2: قل أنها ترعد من الخوف. جندي1: يبدو أنك تتشجع أوان الخلوة،أنسيت كيف هربت وكيف حشرت نفسك داخل حوضية القمامة في معركتنا السابقة. جندي2: النجاة من الموت بأيّة طريقة كانت قمّة الشجاعة. جندي1: هذا بالنسبة لك. جندي2: كان يجب أن أهرب كي لا ألوّث يدي بدماء..بدماء..بدماااااااا.....! جندي1: قلها..لا تخف..قلها لم ابتلعتها؟ جندي2: هل بوسعك أن تقتل الناس كي تبقى سالماً؟أليست الهزيمة رحمة إلهية؟ جندي1: الهزيمة جبن،أن تقتل من يبغي قتلك قانون. جندي2: (يتحرك قليلا إلى الخلف،يلقي نظرة ويعود)أليس من العقلانية أن نترك كلامنا العقيم ونأكل بعض الشيء. جندي1: ها أنت قئت سمومك خارجاً وعاد عقلك إلى محله. جندي2: دعنا من هذ اللغو..لنأكل شيئاً قد لا نجد فرصة لذلك. جندي1: الآن..الآن..بدأت أشعر بالجوع. (ينهض الجندي1،يذهب إلى الطرف اليمين،يسحب من تحت التراب صندوقاً،يخرج معلبات وقطع بسكويت وعلب عصير،يبدآن بالأكل شيئاً فشيئاً يتم تعتيم المسرح) (ستارة)
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عايش (مسرحية) 1
-
زقنموت (رواية) 32 القسم الأخير
-
زقنموت( رواية) 31
-
زقنموت (رواية) 30
-
زقنموت (رواية) 29
-
زقنموت (رواية) 28
-
زقنموت (رواية) 27
-
زقنموت (رواية) 26
-
زقنموت (رواية) 25
-
زقنموت (رواية) 24
-
زقنموت (رواية) 23
-
زقنموت (رواية) 22
-
زقنموت (رواية) 21
-
زقنموت (رواية) 20
-
زقنموت ( رواية) 19
-
زقنموت (رواية) 18
-
زقنموت (رواية) 17
-
زقنموت (رواية) 16
-
زقنموت ( رواية ) 15
-
زقنموت (رواية) 14
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|