|
لقاء مع الشاعر كريم دشتي
زيد محمود علي
(Zaid Mahmud)
الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 20:12
المحور:
الادب والفن
في لقاء مع الشاعر كريم ده شتي التجربة الشعرية تعني تكوين رؤية منفتحة على تجارب عالمية... * أربيل / زيد محمود علي يعدّ الشاعر (كريم ده شتي) من شعراء الكرد البارزين ، فهو يتمتع بتجربة غنية وله بصمات على النخبة الشعرية في كردستان ، وأستطاع ان يصنع لنفسه مكانة متميزة في وجدان النخبة من الشعراء والمثقفين. وهذا اللقاء مع الشاعر كان ضرورة للأجابة عن الكثير من الأسئلة التي تدور في ذهن كل واحد منا ، لأزالة النقاب بجرأة وحرية عن أمور متعددة بحاجة الى معرفتها ، فأثار في حوارنا معه شهيتنا على طرح الكثير من الاسئلة. ا كونك احد رموز الشعراء المعروفين ، كيف تقيم تجربة الشعراء الكرد الشباب...؟ ج/ التجربة الشعرية مفهوم يحمل في طياته معطيات ثقافية فكرية مهمة ، ولا يمكن لأي جيل من الأجيال ، سواء كان الجيل هذا من الشباب أو ممن سبقوهم أن يشكل تجربة شعرية ثرة ما لم يكن مدججاً بالثقافة المعاصرة المتنوعة ، ولهذا يخطأ من يظن عكس ذلك ، لأن التجربة الشعرية تعني تكوين رؤية شعرية منفتحة على تجارب عالمية ومعالم فكرية وثقافية قادرة على أنتاج النص الجيد والمعرفة الجيدة ، ليبقى النص خالداً على مرّ الزمن ، والتجربة الشعرية الشابة لا تزال في طور التكوين والتكامل ، أنها بحاجة الى الصقل ، أي بحاجة الى تنمية ذهنية بأتجاه التحديث والتجديد ، واليوم وبسبب من التطورات التكنولوجية ، هناك ظهور العديد من التقنيات من نوع الأنترنيت وقنوات الاتصال الاجتماعي الفيس بوك ، وتنوع تكنيكات سمعية وبصرية ، نرى الشباب وهم في حالة من الانشغال التام الى حد الادمان مع هذه الابداعات التكنولوجية بحيث أبعدتهم نوعا ما عن التوجه نحو المطالعة الرصينة ومتابعة النتاجات الثقافية المحلية والعالمية ، ولهذا يمكن وصف تجربة الشباب الشعرية بتجربة الانشطار بين هذه التقنيات والكتابة المباشرة ، ولا بد من القول بأنه لايمكن الوصول الى المعالم الشعرية الجيدة لتجربة هؤلاء الشباب هذا فيما اذا وجدت هذه التجربة بمعناها المثقل بالابداع والثقافة ، فهي قليلة تنتشر هنا وهناك ، وهذه القلة غير قادرة على خلق تجربة شعرية شاملة تحمل سمات جيل الشباب.
اما قلته أثار لدينا سؤال ما هي قراءتك للشعر العالمي...؟ ج/ منذ البداية كنت شغوفاً بمتابعة ومطالعة ما التقطتها من القصائد العالمية ، ولي من رصيد القراءة هذه غزارة هائلة من مختلف النتاجات الشعرية العالمية ، وليست بالضرورة أن تكون كل هذه النتاجات في مستوى أستسيغه، وبحكم تجربتي المتواضعة في هذا المجال من قراءة الشعر والقصة والرواية ، تكونت لديّ رؤية تحويلية للتمييز بين الجيد والرديء من هذه النتاجات ، قرأت اكثرية النتاجات الخالدة للشعراء من أمثال [رامبو ، بودلير ، مالارميه وأليوت] والذي أنا اسميهم جيل المعرفة الشعرية الخالصة ، ولحد الان مستمر في المتابعة ، ولاسيما النتاجات الاوربية والعربية واللآتينية (شعراً وقصة ورواية) ، فأنا غير منقطع عن التجارب العالمية ، وبطبيعة الحال فأن أي انقطاع مع النتاجات الانسانية يؤدي في النهاية الى نوع من الهبوط الثقافي والاخفاقات.
ما هي إهتماماتك غير الشعرية...؟ ج/ غير الشعر ، أنا أترجم أيضاً وخاصة عن اللغة الفارسية والعربية وأحياناً عن الانكليزية ، الترجمة ليست من أختصاصي ، وأنما أود أن أنقل الى القراء هذه النتاجات التي أعجب بها أنا ، لعل القارىء يعجب بها ايضاً وهذا من دواعي سروري ، سبق لي أن ترجمت رواية الجذور (لالكسي هيلي) عن الفارسية النص الكامل ورواية ل(هرمان هسه) و (الرحلة الى الشرق) و(الوسوسة الأخيرة للمسيح) لكازانتزاكي ، و(نداء البرية) ل(جاك لندن) ، ومجموعة قصصية بعنوان (الكتاب) يحتوي على قصص لعدد من الكتاب ، هناك سردية شعرية في ترجماتي هذه ، أي انها تحمل لغة شعرية ، ولي من كتابة الروايات القصيرة أي النوفيلتات نصيب ، فكتبت رواية (القيامة) ورواية (خيول في الريح) وكذلك (الضبع).
ا ماذا تقول عن المعاناة...؟ ج/ لكل عمل أدبي معاناته وشجونه ، لكن ما يعانيه الشاعر لايضارعها معاناة أخرى ، الشاعر أصلاً كائن معاناتي ، فالشعراء أكثر حساسية من غيرهم للظواهر الحياتية ، وكذلك أكثرهم رؤية للجمال ، والشاعر يعيش مع معاناته صادقاً منتجاً لقصائد تعبر عن هذه الحالة ، وحتماً معاناة كهذه تنتج نصوصاً إنسانية كبيرة ذات بعد فكري ، أقول هذا وأنا لا أقصد بشكل مطلق ، بل استثني في هذا ما أنا اسميهم المشغولين بكتابة الشعر ويدمرون روح الشعر بأستمرار ، بل أعني المبدعين وحتماً أنهم القلة الرائعة بين هذه الجمهرة الغفيرة الفارغة من أية رؤية شعرية . وأني على يقين بأن الشاعر الجيد لايفقد بريقه أبداً.
ماهو لون شعرك.. وهل هنالك تحولات في قصائدك...؟ ج/ من خلال السنوات الطويلة الحافلة بالأمل والمخاض والمعاناة ، مرت تجربتي الشعرية بتحولات فكرية وثقافية كثيرة ، بدءاً بديوان الأرض والصقر ، وانتهاءً بديواني جمرات تحت الرماد ، ففي ديواني الاول الأرض والصقر تدور قصائدي حول التلاقح بين محبة الارض والوطن ومحبة الآخر ، ولهذا يتسم الديوان هذا بنوع من الفكرة الازلية لدى الانسان حول علاقته بارضه واستحالة الفصل بين الولد والمولد ، بين المحب والمحبوب ، بين العاشق والمعشوق ، ومن ثم كتبت الديوان الثاني (الضباب الابيض للروح) ، حيث الارض دمرت بأفعال شياطين ديستوفسكي ، بتصرفات مظلمة ولهذا يحمل الديوان نوع من النوستاليجيا والعودة لبناء عش النص المفقود ، واستعادة فردوس الطفولة المفقودة ، وتدوين شعر حنيني ، شعر يحمل إنتقاماً جمالياً إيستيتكياً ، حيث القصائد فيها تئن تحت وطأة التراجيديا العارمة والفواجع ، ففي بقية الدواوين فهي أكثر من ستة عشرة ديواناً ، تتحول تجربتي الشعرية من دالة الى دلالات أخرى ، من ثيمة الى ثيم أخرى ، حتى استقرت في الاخير وفي ديواني جمرات تحت الرماد الى نوع من الجمال الصرف ، والتي تفني وبأبعاد تصوفية معاصرة ومعطيات سريالية ووجودية في عالم من البوست موديرنيزم أي ما بعد الحداثة.
طقوسك في الكتابة...؟ ج/ تقترب حدود الكتابة السحرية والشعرية مع حدود الفلتان والقلق الفيزيائي ، أي أن الكتابة لاتعرف الرحمة بشأن الوقت ، كل الاوقات عندي هي المساحة المثالية والزمنية لأكتب فيها ، اكتب في الهدوء بمثل ما أكتب في الضوضاء ، في البيت وفي الخارج ، فوق المياه والضفاف ، في الصعود والهبوط ، أي لا زمن لي ولا مكان لي أثناء الكتابة ، طقوسي في الكتابة كأضرام النار في هشيش الكلمة ، فأنا عندما اكتب أضج بكافة قواي الذهنية والفكرية في ميدان الكلمة ، ولهذا أنا أشبه الريح في هبوبها بين غابات الروح.
ا/ بمن تأثرت...؟ ج/ من خلال قراءتي للنتاجات العالمية والمحلية ، تأثرت بكتب ونصوص وشعراء وكتّاب كثيرين ، ولهذا يصعب عليّ تحديد تأثري بأحد من هؤلاء الكائنات الحقيقية والافتراضية ، سبق وان كنت مولعاً جداً بقراءة (نالي)الشاعر الكردي الكلاسيكي و(جلال الدين الرومي) و(مالارمي) وغيرهم ، والتأثير عادة يأتي من خلال الأندماج الروحي والفكري مع هذه النتاجات الثرة العظيمة ، وأني على يقين بأن الشعراء كلهم متأثرون بشكل أو بآخر بنبع من الينابيع ، حيث في الاخير كلهم الامتداد الطبيعي لهذه العملية ، عملية كتابة الابداع.
ا هل للشعر الغربي تأثيراً على الشعر الكردي...؟ ج/ لايمكن لتراث أي شعب أن يعيش بمعزل عن تراث شعوب أخرى ، ولايدوم مالم يكّون هذه العلاقة التبادلية والتأثرية بينه وبين تراث شعوب أخرى على الارض ، وحتماً هناك تأثيرات غربية على النتاجات الشعرية الكردية ، خاصة النتاجات الشعرية المعاصرة للشعراء الغربيين ، خاصة التيار الشعري الفرنسي المعاصر ، وهناك شعراء كرد متأثرون بهذه النتاجات ، خاصة في ثمانينيات القرن الماضي.
كيف تقرأ مستقبل الثقافة الكردية...؟ ج/ لايمكن للأنسان تحديد مستقبل الثقافة ، وأنما بأمكانه ان يتكلم عنه من خلال الاستنتاج والاستقراء للمعالم الحالية للوضع الثقافي ، أي بأمكانه أن يبشر بالخير لثقافة ما عندما يرى نضوجها اليومي وتطورها المستمر ، فالثقافة الكردية في حالة من النهوض في الوقت الحاضر ، خاصة أمتلأت المدن بالمطابع المتطورة والمكتبات وإقامة الندوات والمسرحيات والمهرجانات الدولية والأفلام ، وحتماً هناك سلبيات كثيرة وكذلك ايجابيات ، ومن خلال تحليلنا لهذه الجوانب لنا أن نقول بأن الثقافة الكردية أيضاً تحاول وبجد ان تشكل مستقبلاً أفضل لنفسها. * شاعر من مواليد (1955) أربيل ، خريج جامعة بغداد / قسم القانون (1980) ، له من الدواوين الشعرية [الارض والصقر ، الضباب الأبيض للروح ، وريقات ، بيانو الشرق ، كتاب الماء ، كتاب الناي ، حديقة السطوع ، حديقة الخفوة ، جمرات تحت الماء].
#زيد_محمود_علي (هاشتاغ)
Zaid_Mahmud#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسرحي والسينمائي الكوميدي (شيرزاد بوليس) حديث عن الهموم ال
...
-
في ختام المهرجان المسرحي الدولي في أربيل حديث مع الفنان الكر
...
-
اصبحت السينما والمسرح عوالم لتجارب انسانية عميقة... زيد محمو
...
-
الى المرحوم ازاد حسن - زيد محمود علي
-
مع المفكر والاديب يعقوب افرام منصور
-
عالم السرد من اقدم الفنون ، والصحافة حولتها الى فن جماهيري .
...
-
سجالات النخبة العراقية .. عن المثقف الغائب زيد محمود
...
-
في الافتتاحية خطاب موجه الى البيشمركة الابطال ... افتتاح ال
...
-
اقد الروائي والمسرحي المصري عاطف عزالدين عبدالفتاح الناقد ين
...
-
لتطوير البنية التحتية في العراق ..... خبراء يطالبون بضرورة ب
...
-
في أربيل .. الصحافة السريانية تحتفل بالذكرى 165 لميلادها
-
-;-ندوة في عنكاوا عن التعددية ومسألة الهوية
...
-
سقوط الحضارة من الزمن الماضي زيد محمود علي – اربيل
-
سقوط الحضارة من الزمن الماضي
-
حوار مع المرحوم الدكتور سعدي المالح – المدير العام للثقافة و
...
-
التعويل على المثقف الواعي بأتجاه محاربة الفساد
-
الأعلام بات اقوى من اية ترسانة عسكرية في العالم زيد محمود عل
...
-
احاديث النخبة في يوم تحرير اربيل
-
المرأة والمسرح
-
مباني العنف والتسامح في امسية الجمعية الثقافية المندائية في
...
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|