أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل كان الصاروخ الذي ادعت داعش اسقاطه للطائرة، أول الأخطاء الأميركية، أم هو آخرها في سلسلة أخطائها خلال 37 عاما؟















المزيد.....


هل كان الصاروخ الذي ادعت داعش اسقاطه للطائرة، أول الأخطاء الأميركية، أم هو آخرها في سلسلة أخطائها خلال 37 عاما؟


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 4672 - 2014 / 12 / 25 - 15:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يجتاحني غضب شديد على اسقاط الطائرة الأردنية في محافظة "الرقة"، ان تأكد اسقاطها وليس سقوطها، وما تبعه من أسر للطيار الشاب الذي كان يحلق بها.
والغضب يجتاحني لسببين، أولهما اسقاط الطائرة ان صح اسقاطها وليس سقوطها، وثانيهما أنني كتبت منذ العشرين من هذا الشهر - كانون أول، دراسة تضمنت تحذيرا من احتمالات ظهور صواريخ حديثة مضادة للطائرات تسقط طائرات التحالف الدولي، وذلك اثر ظهور مفاجىء لصواريخ "تاو" ضد المدرعات استخدمتها جبهة النصرة في معركتها ضد الجيش السوري في معركة"ادلب"، وظهور صواريخ "لاو" المفاجىء في أيدي داعش في العراق، وهي صواريخ محمولة على الكتف تطلق على طائرات الهليكوبتر، والتي ظهرت في وقت متقارب مع ظهور صواريخ "تاو". وقد استخدمت فعلا في اسقاط ثلاث مروحيات عراقية خلال المعركة حول "سامراء". فالتوقع المنطقي عندئذ، كان احتمالات ظهور صواريخ أكثر حداثة في وقت قريب، تعمل على اسقاط طائرات التحالف الدولي.
والواقع أن ما أثار دهشتي عندئذ، ليس مجرد ظهور تلك الأسلحة في أيدي جهتين من المنظمات الموصوفة بالارهابية، رغم التصريحات الأميركية المتكررة المعلنة عن حرصها على عدم وصول مثل هذه الأسلحة الحديثة الى أيدي جهات غير مرغوب فيها تمثل تيار الاسلام السياسي المتشدد كالنصرة وداعش، بل ما أثارها أيضا، عجز طائرات المراقبة الأميركية من "أواكس" وغيرها، اضافة الى أقمار المراقبة الأميركية التي تتجول ليلا نهارا في فضاء هذه المنطقة، عن اكتشاف عملية تزويد هاتين الجهتين بتلك الأسلحة المتطورة.
وبعد تحذيري في دراسة كتبتها في التاسع عشر من كانون أول، من احتمالات ظهور أسلحة مضادة للطائرات أيضا في وقت قريب، قمت بحث دول التحالف على توسيع نشاطها من الاكتفاء بمحاربة الارهاب، الى وجوب محاربة الجهات التي تزود الارهابيين بالأسلحة الحديثة، وتلك الجهات التي تسمح بمرورها عبر حدودها. فأولئك هم الأكثر خطرا من الارهابيين أنفسهم، الذين سيفقدون الكثير من قدراتهم اذا توقف تدفق السلاح عليهم، وخصوصا الحديث والمتطور منه، دون تجاهل دور صانعي تلك الأسلحة، التي كل ما يهمها أن تبيع السلاح (وهو غالبا أميركي) وتجني الأموال، دون أن تقدر بأن الكثير منه يقع في أيدي عدو تقاتله بلادهم.
وما آلمني فعلا، أنني لم أنشر ما كتبته في حينه، لأنني كتبته ضمن دراسة تشكل بحثا من سبع مباحث تضمنه فصل من ستة فصول، يشكلها كتابي الذي انتهيت للتو من وضعه بعنوان "داعش..بين افرازات الطائفية وظلامية الطرح"، وسوف يصدر في الشهر القادم عن دار نشر مصرية هي " المكتب العربي للمعارف".
ولكن لو نشرت هذه الدراسة فور كتابتها، هل كان هناك من يقرأ أو يتعظ بالتحذير الذي ذكرته في تلك الدراسة. فأنا قد كتبت منذ منتصف العام الماضي بل وقبله، سلسلة من المقالات أحذر فيها الولايات المتحدة من مغبة الحرب في سوريا بكونها قد باتت حربا تساعد على تفريخ وتفقيص الارهابيين، وبأن سوريا ستتجه تدريجيا للتحول الى "سوريستان" اذا مضى الأميركيون وحلفاؤهم في سلوكهم الخاطىء. وأنا أرسلت نسخا من عدد من هذه المقالات الى البيت الأبيض، وأحيانا لبعض السفارات الأميركية. لكن أحدا لم يقرأ ولم يسمع ولم يتعظ. ومضى ألأميركيون في غيهم وفي ارتكاب مزيد من الأخطاء تضاف لسلسلة أخطاء ارتكبوها وما زالوا يرتكبونها منذ عام 1976وحتى الآن، نتيجة اعتمادهم على دراسة الأثر المباشر لكل استراتيجية رسموها، دون الأخذ بعين الاعتبار كل الاحتمالات الأخرى اللاحقة التي قد تطرأ، معتمدين دراسة الاحتمال الضعيف قبل القوي، لكونها احتمالات قابلة للتحقق في نهاية المطاف، بنفس القوة التي يتحقق بها الأثر المباشر الذي سعوا الى تحقيقه. أي أن دراسة أي استراتيجبة، ينبغي أن يتضمن دراستها في نهاية مطافها وليس في بداياته فحسب، آخذا يعين الاعتبار كل الاحتمالات الصغير منها قبل الكبير. وهو ما أسميه "استراتيجية نهاية المطاف".
فغض الطرف عن وصول مثل هذه الأسلحة الخطرة والمتطورة الى أيدي الارهابيين، ومنها ما هو مؤكد وصوله كصواريخ "لاو" وصواريخ "تاو" التي عبر تصريح أميركي عن دهشته لوصولها الى النصرة،، لم يكن أول أخطائهم بل آخرها. واذا تأكد وصول صواريخ مضادة للطائرات أيضا، فان البلية ستكون أعظم خصوصا اذا مضت الادارة الأميركية، وفي مقدمتها الطغمة الرأسمالية الحاكمة من وراء الستار كما يقول البعض، ومجموعة أصحاب مصانع المنتجات العسكرية، في أسلوبهم الغامض ذاك ببيع مثل هذه الأسلحة لمن يشاء شراءها، دون ادراك منهم بأنهم انما يعملون الآن ضد مصالح بلادهم، ومصالح الدول الغربية كلها، بل وضد البشرية والحضارة التي تحاول داعش اغتيالها.
وهناك تلميح لوجود "من يزودهم بها"، في ثنايا بيان القوات الأردنية التي حملت مسؤولية حماية الطيار "معاذ الكساسبة"، لتنظيم الدولة الاسلامية و"داعميهم". فالعبارة الأخيرة تشير الى شكوك الدولة الأردنية بوجود من يؤازر الارهابيين ويسلحهم دون أن تسمي جهة ما بالاسم.
ولا أحد يعلم حتى الآن مدى الصحة في البيانات المتضاربة. فهل سقطت الطيارة (ربما نتيجة خلل فني) كما يقول بيان قوات التحالف، أم أسقطت كما تقول الدولة الاسلامية. وأنا لست خبيرا عسكريا أو مطلعا على تفاصيل الأسلحة الحديثة. ولكن ما يعزز الاحتمال الأول، أن طائرات F16 التي استخدمت في هذه الاغارة، مزودة عادة ببالون حراري يطلق تلقائيا لدى توجه صاروخ نحو الطائرة، ليضلل مسيرة الصاروخ. فلماذا لم ينطلق هذا البالون اذا كانت الطائرة قد جابهت صاروخا حراريا أطلق في اتجاهها؟ وفي المقابل هناك بيان "داعش" الذي يدعي اسقاط الطائرة بصاروخ حراري (أي حديث جدا)، وهو الادعاء الذي ربما يعززه ولو بشكل غير مباشر، البيان الغامض الذي نشره المركز السوري لحقوق الانسان حول قضية سقوط أو اسقاط الطائرة، وهو المركز المعروف باصدار بيانات وتقارير فيها شيء من الموضوعية عادة.
الأيام القادمة سوف تكشف الحقيقة، مع بقاء الاحتمال قائما بوصول مثل هذه الصواريخ لداعش في وقت قريب، ان لم تكن قد وصلت فعلا. فمن زودهم بصواريخ "لاو" المحمولة على الكتف وأسقطت ثلاث مروحيات عراقية فعلا، (ومثلها صواريخ "تاو" للنصرة)، هو قادر أيضا على ايصال صواريخ حرارية مضادة للطائرات، عاجلا أو آجلا ان لم تكن قد وصلت فعلا للارهابيين.
لكن ترى ما هي سلسلة الأخطاء الجوهرية والفاصلة التي ارتكبتها الولايات المتحدة على مدى 37 عاما وحتى الآن. سأورد هنا قائمة بها، لنلاحظ بعدها أن احتمال قيام الادارة الأميركية بارتكاب خطأ جوهري آخر، قد لا يكون مستبعدا:
1) في عام 1975 – 1976، أشعلت الولايات المتحدة حربا أهلية في لبنان بهدف مشاغلة الفلسطينيين والحيلولة بينهم وبين احباط مفاوضات كامب ديفيد التي كانت قد بدأت فعلا. لكن النتيجة كانت، أن تلك الحرب أدت الى انشقاق الجيش اللبناني الى عدة فئات، ومنها جيش لبنان العربي، وتحول منظمة التحرير الفلسطينية الى دولة داخل الدولة اللبنانية، في غياب الجيش وسلطة الدولة الرسمية، ووجود اتفاقية القاهرة بين فتح والحكومة اللبنانية. وكان في ذلك ما فيه من أخطارعلى اسرائيل، مما اضطرها للدخول في حرب عام 1982. فاجتاحت الجنوب اللبناني، كما احتلت بيروت الغربية، وانتهى الأمر باتفاقية عقدها الوسيط الدولي "فيليب حبيب"، أدت الى خروج المقاتلين الفلسطينيين الى تونس، وما تبعه، رغم ضمانات فيليب حبيب الدولية بحماية المخيمات الفلسطينية التي لم يعد يحميها مقاتلون، من مذبحة كبرى في مخيمي صبرا وشاتيلا.
2) في عام 1979، قامت الادارة الأميركية بتشجيع وصول "آية الله خميني" الى السلطة، معتقدة بأن توجهاته الدينية، سوف تساعد على قمع المد اليساري وخصوصا الشيوعي المتمثل بحزب "توده" الشيوعي، من الوصول الى السلطة للحلول محل الشاه المريض، اضافة الى امكانية قيام الحكومة الدينية بمشاغلة الشيوعيين السوفيات الذين كان لهم حدودا مشتركة مع ايران. ولكن النتيجة كانت أن "روح الله خميني"، بمجرد أن استقر الأمر له، حتى سمى أميركا الشيطان الأكبر، وقام الطلبة الموالون له باقتحام السفارة الأميركية واتخاذ من كان فيها رهائن. وهذا احتمال لم تأخذه أميركا بعين الاعتبار في حينه.
3) في عام 1979أيضا، سلحت الحكومة الأميركية ودربت مجموعة من المقاتلين الاسلاميين المنتمين لعدة دول اسلامية بما فيهم بعض الأفغان، على مقاتلة السوفيات الذين غزوا أفغانستان، لاعتقادها بأن أفضل وسيلة لمقاتلة السوفيات الشيوعيين، كانت في استخدام الفكر الديني الاسلامي الرافض للفكر الشيوعي. لكن أولئك المقاتلين، سرعان ما انقلبوا على الأميركيين في نهايات عام 1989 بمجرد خروج السوفيات من أفغانستان، معلنين تشكيل منظمة القاعدة التي باتت العدو الأكبر للولايات المتحدة. وكانت داعش من افرازاتها. واحتمالات ظهور القاعدة، كان احتمالا هامشيا لم تأخذه الولايات المتحدة بعين الاعتبار في حينه.
4) في عام 1991، قادت الولايات المتحدة تحالفا دوليا يسعى لطرد العراق من الكويت، ولاحباط مشروعه النووي. وكان في حقيقة الأمر يسعى لاسقاط النظام العراقي بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين. وألحقت قوات التحالف خسائر كبيرة بالقوات العراقية، مما شجع حرس الثورة الايرانية المدعومين من بعض شيعة العراق، على عبور الحدود والتوجه نحو بغداد. وعندما باتوا على بعد أميال قليلة من العاصمة العراقية، اضطر "جورج بوش الأب" الى اعلان مفاجىء لوقف اطلاق النار في 28 شباط، خوفا من سيطرة الايرانيين على مقاليد الأمور في بغداد الذي لم يرغب فيه، بل ولم يشأ أن يحل الايرانيون محل نظام الرئيس صدام. ولما لم يكن راغبا في مقاتلة الايرانيين بقوات أميركية تخوفا من الروح الانتحارية الكربلائية لديهم، عقد صفقة دبلوماسية سرية مع العراق بوساطة سوفياتية، اذنت للعراق باعادة تجميع قواته المتشرذمة، وباستخدام الهليكوبترات العسكرية، بل وباعادة تسليح الجيش العراقي بأسلحة سوفياتية، لتمكينه من مقاتلة الايرانيين الذين باتوا على أبواب بغداد. ويعتقد أن الرئيس الأميركي قد تعهد مقابل ذلك، بعدم التعرض للنظام العراقي مجددا. ويعزز هذا الاحتمال، أن النظام العراقي بقيادة صدام حسين، قد بقي قائما لثلاثة عشر عاما أخرى، عندما أسقطه غزو الولايات المتحدة للعراق مجددا في عام 2003. فاحتمالات التدخل الايراني في تلك الحرب، لم بكن احتمالا واردا لدي تقييم بوش لمخططاته نحو العراق.
5) في عام 2001، قامت الولايات المتحدة بغزو أفغانستان، مركز قيادة تنظيم القاعدة، ردا على قيام منظمة القاعدة بتفجير البرجين في نيويورك وبعض السفارات في أفريقيا. وكان الهدف الأساسي من الحرب، هو اجتثاث منظمة القاعدة. ولكن بعد أربعة عشر عاما من القتال، واقتراب موعد مغادرة قوات التحالف الأميركي لأفغانستنان مع نهايات عام 2014، ورغم مواجهة أميركا لهزة اقتصادية كبرى عصفت بعدد كبير من البنوك، لم تتمكن القوات الأميركية من القضاء على منظمة القاعدة التي ما زالت ناشطة وتنفذ عمليات شبه يومية انتحارية في كابول وغيرها من المدن، اضافة الى انتشارها في قواعد أخرى لها خارج أفغانستان ومنها باكستان، واليمن، والصومال ونيجيريا، بل وفي العراق وفي سوريا أيضا. ولا يستبعد البعض عودة طالبان المتحالفة مع القاعدة لاعادة احتلال كابول بمجرد مغادرة قوات التحالف لها. وهذا الفشل الذريع لم يكن في قائمة الاحتمالات التي طرحها "بوش الابن" لدى اتخاذه قرار غزوه أفغانستان.
6) في عام 2003، قامت القوات الأميركية بتخطيط من جورج بوش الابن، بغزو العراق مرة أخرى. وتسبب ذلك في ازدياد الاضطراب الاقتصادي في أميركا وفي أسواق النفط0واضافة الى كونه كما يرجح البعض، قد نقض تعهدا عراقيا برعاية سوفياتية بعدم التعرض للنظام العراقي، قام بوش الابن بحل الجيش العراقي، وحل حزب البعث، واصدار قانون اجتثاث البعث، واعتقال الرئيس صدام وتنفيذ حكم الاعدام فيه بعد محاكمة وصفها البعض بمحاكمة غير عادلة. وفي وقت انتشرت فيه في العراق توجهات اسلامية لتحل محل الفكر العروبي، اطلقت السلطات الأميركية بشكل مفاجىء من سجن "باكو"، سراح ستة من كبار ضباط الجيش العراقي الذين كانوا محتجزين في ذاك السجن الواقع تحت اشراف مباشر من القوات الأميركية. وقام هؤلاء بعد فترة قصيرة، بتشكيل تنظيم سمي بتنظيم دولة العراق، الذي سرعان ما استبدل اسمه باسم دولة العراق الاسلامية، ليصبح في عام 2013 دولة العراق والشام الاسلامية أي داعش. وكان من أبرز الضباط المطلق سراحهم العميد الركن "محمد الندى الجبوري"، والعميد الركن "سمير عبد محمد" الملقب ب"حاجي بكر" الذي بات نائبا لرئيس أركان داعش الى أن قتل في عام 2014 فحل محله اللواء "أبو مسلم التركماني". فأولئك الضباط المطلق سراحهم، شكلوا نواة الدولة الاسلامية. وانضم اليهم فيما بعد عدد ممن كانوا محتجزين في سجن "غوانتنامو" وأطلق سراحهم. وقد أكد "هيغل" وزير الدفاع الأميركي السابق، وجود بعض من اطلق سراحهم من سجن غوانتنامو في تنظيم الدولة الاسلامية. ومن هنا ثارت الشكوك حول كون جذور داعش قد خرجت من سراديب الاستخبارات الأميركية، كما قال "جاسم محمد" المتخصص في قضايا الارهاب في دراسة له حول داعش. واذا كانت الولايات المتحدة قد قدرت أن اطلاق سراح هؤلاء الضباط واحتمالات تشكيلهم للدولة الاسلامية، سيؤدي الى تغليب الفكر الاسلامي في العراق على الفكر العربي، فهي لم تأخذ بعين الاعتبار الاحتمال الهامشي بأن تتحول الدولة الاسلامية من مجؤرد محاربة الفكر العروبي الى محاربة الولايات المتحدة ذاتها، بل ولمحاربة الدول الغربية أبضا.
7) في عام 2011 أشعلت أميركا حربا في سوريا بالتعاون مع بعض دول الخليجـ، وبتشجيع من تركيا التي فتحت حدودها أمام دخول السلاح والمقاتلين الى القطر السوري. والكثير من هؤلاء كانوا من المرتزقة والبعض من المنتمين لمنظمات ارهابية. وكان الهدف المعلن للحرب، اسقاط نظام الممانعة في سوريا ومععه اسقاط دولة الهلال الشيعي كما اعتقدوا. وفي خضم هذه الحرب التي امتدت في الزمن الى ثلاث سنوات ثم أربعة، ظهرت بوادر تشعر بتنامي التنظيمات الارهابية في صفوف أولئك المقاتلين، وخصوصا بعد الشرخ الذي وقع بين الدولة الاسلامية وجبهة النصرة وأدى لظهور داعش. ولكن الأميركيين تأخروا كثيرا في اتخاذ القرار بمحاربة الارهاب، فلم يتخذوه الا بعد أن بات واضحا لهم أن سوريا قد تحولت فعلا وبشكل واضح، الى ماكينة لتفريغ ارهابيين يهددون دول الجوار ودول أوروبا عاجلا أو آجلا. فهي قد اتخذت القرار باعلان الحرب على الارهاب في نهايات العام الرابع للحرب وبعد فوات الأوان، ووصول الارهاب الى أوروبا واستراليا وكندا. فهذا التلكوء الطويل، كان خطأ استراتيجيا واضحا باتت المنطقة تعاني منه خصوصا بعد وصول داعش الى ليبيا، مع احتمال تواجد خلايا نائمة لداعش في السعودية كشف عنها حصول اشتباكات بين مسلحين ورجال الأمن السعودي لأكثر من مرة، وكان أبرزها ما حصل في "الاحساء" قبل شهر من الزمان. فالولايات المتحدة عندما أشعلت الحرب في سوريا، لم تأخذ قط بعين الاعتبار ذاك الاحتمال الهامشي بأن تتحول تلك الحرب، الى بوتقة لانشاء مزيد من التنظيمات الارهبية كداعش مثلا، التي باتت تتفوق في قوتها وقدراتها التنظيمية على تنظيم القاعدة ذاتها.
8) تلكأت الولايات المتحدة في الدخول الفعلي في معارك ضد داعش، رغم سيطرة الدولة الاسلامية على مساحات واسعة من شمال العراق بعد استيلائها على مواقع أخرى في الأنبار. واشترط الرئيس "أوباما" تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية كان يعلم صعوبة تشكيلها، واحتمال مضي فترة زمنية قبل النجاح في تشكيلها. وتأكيدا لتوجهه ذك، تأخر في تزويد العراق سواء بالهليكوبترات الضرورية، بل وبالطائرات الأكثر ضرورة. وهذا مكن داعش من الاستقواء والانتشار أكثر وأكثر. فالولايات المتحدة لم تشرع بالتدخل الجدي الا عندما تهددت مدينة أربيل، عاصمة اقليم كردستان المتحالف بشكل غامض مع الأميركيين بسبب ما قدم لهم الاقليم من خدمات في حربي عام 1991 و2003. وقد تجلى ذلك بوضوح في معركة الدفاع عن "اربيل"، ثم في معركة "عين العرب – كوباني"، وكذلك في معركة تحرير جبل "سنجار" الأخيرة.
فهذا الحماس الأميركي المتمثل بتكثيف الغارات الجوية بشكل واضح في تلك المعارك الثلاث المتعلقة بالأكراد ، لم يظهر مثيلا له أبدا في المعارك التي خاضها السوريون سواء في "دير الزور" أو في "ادلب"، عندما سقطت قاعدتان عسكريتان هامتان في أيدي "النصرة" نتيجة لاستخدام مقاتليها المفاجىء لصواريخ "تاو" الأميركية حديثة الظهور في أيديهم، وما رافقه من امتناع التحالف الدولي المحارب للارهاب عن التدخل، ربما لكون النصرة في رؤيتهم، ليست هي الارهاب المطلوب محاربته، فالارهاب الحقيقي هو "داعش" لا غير. وتكرر الشيء ذاته قي معارك في "الأنبار" وخصوصا في معركة "الرمادي" وكذلك في المعركة حول "سامراء".
هذه السلسلة من الأخطاء الأميركية الكثيرة والمتكررة خلال السبعة وثلاثين عاما الماضية، سوف تتوج بخطر أكبر وأكثر وضوحا، اذا امتنعت الولايات المتحدة عن توسيع حربها على الارهاب ليشمل حربا على مزودي أولئك بالسلاح، والآذنين لذاك السلاح بالمرور عبر حدوده. فالطرفان، مزودي السلاح، ومستخدمي ذاك السلاح، هما عنصران متحالفان تحالفا عضويا لا ينفصلا عن بعضهما في تحقيق الخطر، لا على سوريا والعراق فحسب، بل على دول الجوار والدول الغربية أيضا. وها هو ذاك الخطر، أخذ يتمثل بعقد تحالف استراتيجي بين دولتين قد يكونان أكبر المساهمين في ظهور خطر الارهاب وتغذيته، والمتمثل الآن بتشكيل "مجلس التعاون الاستراتيجي" بين تركيا وقطر، ليقف على قدم المساواة مع "مجلس التعاون الخليجي" الذي أخذ يبتعد تدريجيا عن المخطط السابق الساعي لاسقاط النظام السوري كأولوية لا بد منها. فذاك، لم يعد من أوليات "مجلس التعاون الخليجي"، والذي استبدله الآن بأولوية محاربة الارهاب.
ولا يستبعد بعض المراقبين، أن مساعي "قطر" للتصالح مع "مصر"، ما هي الا قنبلة دخان وهمية هدفها ابعاد النظرعن التركيز على مخاطر تشكيل "مجلس التعاون الاستراتيجي" الذي قد يكون من أهم أهدافه حماية القوات التركية لقطر من مخاطر تدخل عسكري خليجي فيها، اذا استفحل الخطر كثيرا، ساعيا لرد "قطر" عن الافراط في جنوحها، بل طموحها، نحو التحول الى دولة كبرى رغم صغر حجمها.
وعودة الى قضية الصواريخ الحرارية المضادة للطائرات، كشف بيان للتحالف الدولي الذي نسب سقوط الطائرة الأردنية لخلل فني، عزمه القيام بتحقيق جدي حول أسباب سقوطها، مما يعني وجود بعض الشك لديه في أسباب سقوطها، وهو شك مبرر يعززه ظهور صواريخ "تاو" المفاجىء لدى النصرة، وظهور صواريخ "لاو" المفاجىء أيضا لدى داعش، مما قد يرجح أيضا احتمالات وصول الصواريخ الحرارية المضادة للطائرات الى أيدي داعش. وفي هذا ما فيه من خطر على مستقبل الحملة الجوية الدولية على الارهاب، والتي تؤكد عزوفها عن اشراك قوات برية في حربها تلك. فطائرات التحالف قد تصبح مضطرة عندئذ لقصف الارهابيين من ارتفاع شاهق قد يحول بينها وبين اصابة أهدافها بشكل دقيق. وفي هذا ما فيه من ضعف وتراجع في قدرات التحالف الدولي على تحقيق الأهداف المبتغاة من حربه المعلنة على الارهاب.
ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية (Think Tank).
عضو في مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو في ديوان أصدقاء المغرب.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الأخوة المغربية التونسية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين (الصفحة الرسمية)
عضو في تجمع الأحرار والشرفاء العرب (الناصريون(
عضو في مجموعة مشاهير مصر - عضو في منتدى العروبة
عضو في "اتحاد العرب" (صفحة عراقية)
عضو في شام بوك.
عضو في نصرة المظلوم (ص. سورية (
عضو في منتدى فلسطين للفكر والرأي الحر.
عضو في مجموعات أخرى عديدة.



#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولادة الفكر الارهابي نتيجة متوقعة للفراغ الذي تركه اغتيال ال ...
- لما الاستغراب لوصول الاسلام السياسي الى السلطة في تونس ومصر ...
- أخطار تهدد الخليج، وأخرى تهدد أوروبا، وأخطار تهدد الشرق الأو ...
- كيف تحولت -عين العرب- الى -كوباني-غراد-، وهل سيؤثر ذلك على ا ...
- هل تصبح -كوباني- معركة مصيرية لمستقبل تركيا في حلف -الناتو- ...
- من استدرج من الى حرب سوريا؟ دول الخليج؟ أميركا؟ أم تركيا أرد ...
- هل تصبح -عين العرب- معركة مفصلية تحدد جدية التحالف في محاربة ...
- قصيدة سياسية بمناسبة عيد الأضحى
- الورقة اليمنية وورقة -داعش-، والمتغيرات المتوقعة بسببهما في ...
- هل نقطع رأس داعش أم نقطع رأس المؤامر ة؟
- هل نحارب الفكر السلفي التكفيري بمحاربة العروبة باعتبار بلاد ...
- الأردن وسياسته الضريبية كحل غير مجد لمشاكله الاقتصادية
- من يقطع رأس داعش.. قاطعة الرؤوس؟ ولماذا تتلكأ الولايات المتح ...
- السمات الغريبة التي تميزت بها الحروب في العقد الحالي من القر ...
- الزلزال في غزة، والضحايا من الأطفال الأبرياء، في قصائد الشعر ...
- قراءة في نتائج العدوان على غزة وشعبها الصامد
- من امن المسئول عن الدم الفلسطيني المراق في غزة؟ هل هي اسرائي ...
- هل تصبح غزة غزتين، وهل نكرر أخطاء 1948 و 1967و 2005
- الأكاذيب الاسرائيلية حول معركة غزة، والأخطاء المتواصلة من قب ...
- صوت المعارك في العالم العربي، كما تسجلها قصائد لشعراء محدثين ...


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - هل كان الصاروخ الذي ادعت داعش اسقاطه للطائرة، أول الأخطاء الأميركية، أم هو آخرها في سلسلة أخطائها خلال 37 عاما؟